باختصار شديد

بقلم
عبدالقادر رالة
أرلوند توينبي وابن خلدون.
 «أرنولد جوزيف توينبي»،مؤرّخ بريطاني أهمّ أعماله موسوعة دراسة للتّاريخ، وهو من أشهر المؤرّخين في القرن العشرين، وتأثيره تجاوز أوروبا وانجلترا الى جميع دول العالم.
اعتبر «توينبي»  ابن خلدون  آخر الفلاسفة الكبار في الحضارة العربيّة الإسلاميّة...
وهو عبقرية عربيّة، استطاعت أن تحقّق في فترة هدوء، استمرّت أقلّ من أربعة أعوام، من أربعة وخمسين عاما من حياة ناضجة عاملة «عمل الحياة»، في صورة قطعة من الأدب.
وهو عبقريّ جاء في وقت متأخّر، بداية عصر الانحطاط في العالم العربي والإسلامي...
الميدان الذي كتب فيه وتخصّص فيه وتوسّع في دراسته لم يستوحه من أحد سبقه، ولا اقتبسه من آخر عاصره...
تعتبر «المقدّمة» أعظم عمل من نوعه، صاغ فيه فلسفة جديدة في التّاريخ لم تكن معهودة لا في الشّرق ولا في الغرب.
تأثّر ابن خلدون بعظم الفرق بين الحاضر (تفكّك الخلافة) والماضي ( قوّة الخلافة في بغداد، وفي قرطبة أو حتّى في القاهرة الفاطميّة )، واقتنع أنّ الأمور تسير نحو الأسوأ ، وعزا ابن خلدون ذلك السّوء والخراب الى الأعراب البدو من بني هلال وبني سليم...
وابن خلدون يفرّق جيّدا بين هؤلاء الأعراب القادمين للتّخريب، وبين أولئك العرب الذين وفدوا الى الأندلس قبل ثلاثة قرون، فقد جاؤوا للتّعمير...
رحلات ابن خلدون السّياسي الطّموح وتنقّله من بلاط الى بلاط في نظر المؤرخ الغربي «توينبي» تشبه حياة سياسيّ صينيّ أي حياة مضطربة !..
تعتبر الأربعة أعوام التي قضاها في عزلته بقلعة بني سلامة بالغرب الجزائري، الحادثة الوحيدة من نوعها في حياته الطويلة كلّها !..
وفيما كتبه «توينبي» عن ابن خلدون، فإنّه يقارنه تارة بـ«مكيافيللي» وتارة بالمؤرّخ والسّياسي الانجليزي «كلاراندون»....