باختصار شديد

بقلم
د.علي مدني رضوان الخطيب
طوبى لك غزة
 سلام اللّه عليك ياغزّة، سلامٌ عليك ياأرض الرّباط، سلامٌ عليك في الخالدين، سلامٌ على شهدائك، على رجالك ونسائك وأطفالك، فقد سطّرتِ اليوم ملحمة جديدة من الصّمود والعزّة والفخار وبعث الأمل في عروق أجيال متعاقبة تبحث لهاعن رصيد تفاخر به، ليوجّه بوصلتها، فكنت قطب الرّحى وعصب الحكاية ومدار الزّمان. لم تنكسروا لعدوّكم، أفشلتم مكائده وأحبطتم مكره، فقد أرادها نكبة وخياماً لكنّكم _رغم جراحكم_ أقمتم فوق الرّكام والأشلاء، رغم القصف والنّار الذي يحيط بكم في اللّيل والنّهار، ضمّدتم جراحكم ودفنتم أبناءكم وحبستم دمعتكم وصبرتم على الكريهة والشّديدة، فلم يشمت عدوّكم بكم، كم أرادوا أن يبيدوا خضراءكم ويستأصلوا شأفتكم بمنع الطّعام والشّراب والوقود والدّواء فضلا عن القصف والدّمار والحصار، فما لانت قناتكم وما وهنت عزائمكم، وما تعلّلتم، وما أسأتم حفظ الود لمقاومتكم.
علّمتمونا أبجديّات الحروف ومعانى الكلمات وسرد الحكايات وفقه الأولويّات، فعرفنا أنّ بناء الإنسان فوق كلّ اعتبار. 
ياغزّة العزّة ياصاحبة الكرامة: رجعت بنا بالذّاكرة سنوات خلت وأنت تحمين المقدّسات وتصونين الحرمات وتحرّرين الأسيرات، لنشتمّ عبق التّاريخ التّليد من جديد ونجترّ البطولات من حمراء الأسد واليمامة واليرموك والقادسيّة والزلاقة وملاذ كرد وحطين وعين جالوت والعاشر من رمضان. الآن فقط  نعي كيف نتدبّر سور الأنفال والأحزاب،وحقّ لأمّة أنجبتكم أن تفاخر بكم وقد وقفت معكم بالسّياسة والإغاثة والدّعم والإسناد. 
أخيرا شكرا لك غزّة، شكرا لمن أعدّ الكتائب وهيّأ الرّكائب وللملثم صوت مجلجل يدوّي في الدّيار، ينتظره الصّغار والكبار، يجلّي غبار المعارك وغمار الملاحم، فنهدأ ونستريح، ﴿فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾ (محمد: 35) ﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ (آل عمران: 139)