حديقة الشعراء

بقلم
الشاذلي دمق
أسرار تحت الوسادة
  (باغَتَها ... ثم خاتَلَها ، وسحب القصيدة من تحت الوسادة ) .
هذا الرّجل يستحوذني .. يلتهمني .. يَزْدَرِدُنِي بلا هضم .. و يبتلعني كالعادة كيف أنجو منه؟ أينما ولّيْت ألْفيْته قِبلتي ، حتى عبير حلمه ، ينساه فوق الوسادة بصماتُه.. وَشْمُها ، فوق أساوري ... على الخاتم .. على الأقراط .. على القلادة .. رسْم بنانه ، على دُملجي على الشّال الوردي .. و الفستان المِزهري .. نَفَسُه المُتَلَظِّي ، .. على قميصي القرمزي والمنديل البنفسجي .. هذا الرّجل ثَوَّارٌ أبدا ، على "حصان طروادة " عيناه ، مَشْنوقتان خلف ظهري على المرايا .. نظراته ، مَرْشوقتان على ضفائري و أمشاطي .. حتى عطوراتي ، أسيرة أحكامه .. دعاؤه ، في مَسْمعي يتذلّل على السّجّادة .. غَضوب ، حِمَمُه تسري في عظامي .. رؤوم ، ذِمَمُه تجري في أوردتي .. و زيادة . أحلامه ، تخترقني .. تتسلّق على جدران بيتي .. تزحف على السّتائر ، بلا هَوادة نبضات قلبه ، تسبقه طَرْقا على الباب عِيادَة آماله ، نٌشوقُها في حِبره ، تَقضم الأوراق ، مثل أرَضة .. مثل جَرادة .. هذا الرّجل ، لا زال نَهِمًا يأكل عقلي .. يشرب عمري.. يحتسي ظنّي ... رجولتُه ، نسْجُ جنوني .. فُحولتُه ، مصائد مُجوني.. هذا الغازي العَنتري ، فاتحٌ بربريّ لأقفالي المعلّقة على صَوّان التّقاليد ، و العادة .. هذا الرّجل ، يُمارس عليّ طقوس المَجوس فيُسَبِّح بِحَمْدي ثم يرميني في النّار ، و يَذروني رَمادَا هذا الرّجل بِعُنفه الغَشوم ، و قسوتِهْ .. بمراسيمه العَليّة ، و سَطوتِهْ .. يملكُني حَوْزَتَهُ ... و يُعيدني لزمن العبيد و ما قبل الولادة .. تُرى ، هل شَعْري هذا ؟ أم ليله الطّويل عليّ وِفادة أحمرُ الشّفاه هذا ؟ أم دمُه المسفوحُ عليّ شهادة ؟ . شراييني هذه ؟ أم مشانق المَسَد ، علّقها في جسمي للإبادة ؟ أحلامي هذه ؟ أم أحلامه هو ، تلاحقني بلا هَوادة ؟ .. عقلي هذا ؟ أم تلك رُؤاه ؟ شادها فوق حِجايَ فنِعْم التشييد ، أو بئس الإشادة أين أنا من ذاتي ؟ و وجودي ؟ أين كُنْهي ؟ أين كياني ؟ هل تحللّتُ أنا ؟ اضْمحلَلْتُ ؟ هل ذُوِّبْتُ فيه كأس عبادة ؟ هذا الرّجل ، سَباني ... شرّدني عن روحي .. سلخني من نفسي .. نَثَرني .. بَعْثرني .. سَلَب المُحال و المُمكن منّي ، و تركني بلا إرادة كيف أخرُج منه ؟ كيف أتسلّل و أستقيل ؟ وقد سلّمتُ له زِمامي و مَنَحته على البياض صكّ الرّيادة و برج القيادة ! في الأخير ، أحبّكَ يا رجلا ، قتلتني شقاء ، و قتلتني سعادة ... ./ . ( قرأها .. ثم سجّل في أسفل القصيدة : " سيّدتي ، الآن وهبتك كلّ مقاليد السّيادة " و قبل أن يغادر ، عادَ .. و دسّ الورقة تحت غطاء الوسادة)