قصة قصيرة

بقلم
عبدالقادر رالة
العصفور والصقر
 كان الرجل جالساً فوق الكرسي يتقاسم خبزه مع جروين صغيرين، أحدهما أبيض والآخر أرقط ، بينما كانت زوجته في المطبخ تحضر الغداء ...
كان يتندر على أبنه الصغير الذي كان يتناهى اليه صوته وهو يلعبُ خارج البيت، فكان يحكي للجروين، وبين الفينة والأخرى ينفجر مقهقها...
- كان لابني عصفور صغير ربّاه منذ أن كان فرخاً، واشتريتُ قفصاً جميلاً لأجله. كان يُطعمه ويسقيه بالماء، وفي أحد الأيّام تأثّر بكلام معلمته عن الطّيور، وأنّ سعادتها في أن تكون حرّة! فزقزقتها في الأقفاص ما هي إلاّ تعبير عن الحزن والحنين الى أفنان الشّجر والورود زاهية الألوان، الطّبيعة هي فرحة الطّيور وليست الأقفاص!
حمل القفص وابتعد قليلاً، عند أطراف مدينتنا الصّغيرة، ثمّ فتح باب القفص الصّغير، فخرج العصفور وحلّق عالياً، وما إن ابتعد قليلاً حتّى انقض عليه صقر كان يحوم في الأجواء ...
نظر الرّجل الى الجروين المنهمكين في التهام فتات الخبز، وقال مجدداً :
- موقف ابني ذكرني بطفولتي، حينما كنتُ صغيرا ، وكان والدي اللّه يرحمه يأتيني بالصّيصان من السّوق الأسبوعيّة، وكان ثمنها زهيداً، فكانت تدخلُ السّرور الى قلبي ..
غير أنّ القطّ كان يلتهمها الصوص تلو الأخر، وكثيرة هي المرّات التي كنت أسمع فيها أمّي يرحمها اللّه تتشاجر معه، وتنتقد تبذيره للنّقود على صيصان يأكلها القطّ، فلا أنا ألهو بها، ولا القطّ ينشطُ في اصطياد الفئران ...
صمت الرّجل ... و ما هي إلاّ لحظات حتّى أقبل ابنه وقد أنهكه الرّكض...