شخصيات الإصلاح

بقلم
التحرير الإصلاح
عبدالجبار الرفاعي
الدكتورعبد الجبار الرفاعي، مفكر عراقي وأستاذ فلسفة إسلامية، يعدّ من المفكرين البارزين في العراق والعالم العربي بعد أكثر من أربعة عقود على الاشتغال في حقل التّجديد الفكري والدّيني. وهو مدير  «مركز دراسات فلسفة الدّين» في بغداد، ومستشار تحرير لمجلات ودوريات متعدّدة. 
ولد الرفاعي في العام 1954م بمحافظة ذي قار بالعراق. وبعد أن أنهى تعليمه الأكاديمي في تخصّص الزّراعة (1975)، انخرط لدراسة علوم الدين في الحوزة العلميّة في «النّجف الأشرف» سنة 1978، ونتيجة لاضطراب الأحوال الأمنية والسياسية في العراق اضطرّ إلى الهجرة إلى إيران؛ ليلتحق بالحوزة العلميّة في «قم»، ويتحصّل على البكالوريوس في الدراسات الإسلامية(1988)، ثمّ الماجستير في علم الكلام(1990)، فالدكتوراه في الفلسفة الإسلاميّة، بتقدير امتياز(2005)، وحصل على لقب الأستاذيّة سنة 2012، ناقش وأشرف على أكثر من 70 أطروحة دكتوراه ورسالة ماجستير في الفلسفة وعلم الكلام والدراسات الإسلامية. وتجاوزت آثاره المطبوعة حتى اليوم 50 عنوانًا، من بينها «الاجتهاد الكلامي»، و«مقاصد الشّريعة» و«فلسفة الفقه» و«فلسفة الدّين» و«علم الكلام الجديد»و«إنقاذ النّزعة الإنسانيّة في الدّين»أمضى الدكتور الرفاعي أكثر من 40 سنة تلميذًا وأستاذًا في الحوزة، وكان شغله الشّاغل محاولة تغيير واقع الحوزة الذي يعيش في بعض جوانبه حالة من الفقر الثّقافي وغياب التّواصل مع المشهد الثّقافي المحيط بها، سواء العربي أو الإيراني؛ فبدأ يفكّر بضرورة التّحديث؛ وإعادة بناء النّظام التّعليمي في الحوزة، مع ضرورة الانفتاح على العصر، فأصدر مجلة قضايا إسلاميّة، وهي مجلة فكريّة نصف سنويّة تعنى بتجديد الفكر الدّيني، ورأس تحريرها للسّنوات 1994-1998، وقت توقّفت سنة 1998. وأصدر مجلة قضايا إسلاميّة معاصرة سنة 1997 ورأس تحريرها، وهي مجلة محكّمة متخصّصة بفلسفة الدّين وعلم الكلام الجديد، يصدرها مركز دراسات فلسفة الدّين في بغداد – بيروت. صدر منها 76 عددًا، ومازالت تصدر منذ 25 عامًا. ثمّ أصدر بجوار هذه المجلة سلسلة كتب ورأس تحريرها أحدها بعنوان:«سلسلة كتاب قضايا إسلاميّة معاصرة»(صدر منها أكثر من مائة كتاب في بيروت)، وثانية بعنوان«فلسفة الدّين وعلم الكلام الجديد»(صدر منها ثلاثون كتابًا مرجعيًّا في بيروت). وثالثة بعنوان:«ثقافة التسامح»(صدر منها عشرون كتابًا في بغداد). ورابعة بعنوان: «فلسفة وتصوف»  (صدر منها عشرة كتب في بيروت).وخامسة بعنوان: «تحديث التفكير الديني»(صدر منها خمسة عشر كتابًا في بيروت).يرى صاحب كتاب «فلسفة الفقه ومقاصد الشّريعة» أنّ «فهم الدّين يتطور تبعًا لتطوّر فهم الإنسان لنفسه، وتفسيره للطّبيعة واكتشافه لقوانينها وتسخيره لها؛ على اعتبار أنّه كلّما تقدّم العلم بحقيقة الإنسان، وتمّ اكتشاف المزيد من قوانين الطّبيعة، وتراكمت المعارف كيفًا وكمًا، فلا بدّ أن يتطوّرَ بموازاتها فهم الدّين، وتحيين المعنى الدّيني، بالمستوى الذي يستجيب للواقع الجديد الذي تنتجه العلوم والمعارف والتّقنيات الجديدة».ويذكر الرفاعي في كتابه «علم الكلام الجديد وفلسفة الدين» أنّ «المعنى الدّيني الذي ينتجه علمُ الكلام القديم لا يمكنه إرساءُ أسسٍ للعيش المشترَك بين مختلف الأديان والثّقافات، وبناءُ علاقات دوليّة سلميّة تحقّق المصالح المشتركة بين الشّعوب؛ على اعتبار أنّ المقولات الكلاميّة الموروثة لا تصلح منطلَقًا للحوار الصّادق المنتج بين الأديان، الذي لا يمكن أن يؤتي ثماره إلاّ بالإيمان بالحقّ في الاختلاف، وتبنّيه أصلًا في أيّ حوار وتفاهم ونقاش مع المختلِف في الدّين، والعمل على اكتشاف ما هو جوهري في كلّ دين».هكذا يصل الرفاعي إلى أنّ «علم الكلام القديم انتهت صلاحيّته، وأنّ ذلك ما يدعو للعمل على بناء «علم كلام جديد»، واقترح معيارًا يمكن على أساسه تصنيف مفكر بأنّه «متكلّم جديد»، هو تعريفُه للوحي خارج مفهومه في علم الكلام القديم؛ بوصف الوحي المفهومَ المحوري الذي تتفرع عنه مختلف المسائل الكلامية».ويقول الرفاعي في كتابه «مقدّمة في علم الكلام الجديد»:«أمّا المسلم اليوم يحتاجُ  لعلم الكلام الجديد كي يُشبعَ حاجته للمعنى الذي يمنحه الدين للحياة، ويتحرّرَ من الشعور بالتفوق على المختلِف، ويقبلَ المساواةَ في المجتمع الواحد على أساس إنسانية الإنسان، ويحترمَ التكافؤَ في الحقوق والحريات في وطنٍ واحد على أساس المواطنة» وفي كتابه «الدّين والكرامة الإنسانيّة»، يرى «أن تجديدَ فهم الدّين يتطلّب: إعادةَ تعريف الإنسان، وإعادةَ تعريف الدّين، وإعادةَ قراءة نصوصه في أفق العصر، وإعادةَ تحديد وظيفته في الحياة، والكشفَ عمّا يمكن أن يقدّمَه الدّينُ للإنسان من احتياجاتٍ روحيّة وأخلاقيّة وجماليّة، وما يترقبّه الإنسانُ من عواطفٍ ورفقٍ وشفقة ورحمة يمنحها الدّينُ للحياة، وما يُلهِمَه للرّوح من سكينة، وللقلب من طمأنينة»