حديقة الشعراء

بقلم
الشاذلي دمق
الشاعر والكتابة
 سألتْني :  ماذا تكتب؟
قُلْتُ :
أكتب مكاتيب القدر على الأجْبِنة
وأضع التّزكية على الأقْضِية
فلا اعتراضَ ولا شكاةْ
ولا ثناءَ ولا صلاةْ
سألتني :  لمن تكتب؟
قُلْتُ :
أكتبُ
للرّيح.. للهواء ..
للسُّدى .. للمدى .. 
للسّراب .. للهباء.. 
أكتبُ
للصّمت الأصمْ .. 
أكتبُ
لزمن لا أعرِفُهُ ، 
لا أرْقُبُهُ..
قد يأتي ، وأنا خلف بوّابته
وقد لا يأتي أبدا
فيستوي ما كتبتُ والعدمْ . 
سألتني : ولماذا تكتب؟
قُلْتُ :
أكتب لأنّ الكتابة لسانُ اللّهَب
بها، يتمّ إذواءُ شمعي
أكتب لأنّ الكتابة كنار الحطب
فيها، يذوب جليدُ دمعي
وأنا
أريد أن أُذْوَى مثل الشّمع
وأحبّ أن أُذاب مثل الدّمع
لأرتوي.. وأنتشي..
فأهتري.. وأنتهي..
سألتني : ومتى تكتب؟
قُلْتُ :
حين تَسقط رُموشي على المآقي
من وَهَج الدّمع الحَرون..
حين يَزكُم أنفي
بدخان الكبد  الحَرور ..
حين يجفّ اللّسان في أغوار صمتي
من صَهَد النَّفَس الأَتون..
حينها، أخنق قلمي المحموم
وأكتب وأكتب وأكتب..
كالمجنون
سألتني :كيف تكتب؟
قُلْتُ :
أغْرِزُ القلمَ دِسَارًا في فؤادي
أدُقُّه إسْفِينًا في أغواري
ثم أُنْجِدُهُ كالغريق
مُبلّلا بدمائي
مُشبَعا بنبضي
مُرتوِيًا بمُهَجي
مُنْتشيًا بأحزاني
مُسْكَرًا  بأوجاعي
فأحفر في الورق أخاديد
فيها أحلام صَرْعى
وأمانٍ هَلْكى
ومَطامحَ مَوْتَى
وأظلّ أكتبُ.. وأكتبُ.. وأكتبُ.. 
إلى حيث لا حتّى..
وتستنبِئُني : متى تترك الكتابة؟
فأقُول لها :
 إذا رأيتُ الكلمة دمعة اليَحْمُور مِدرارة
 والحروفَ أمامي أفْلاذا وأكبادا حَيارى
والأسطُرَ مَلاحِم نَفْسٍ مُثارة
تَصير القصيدة مِشرطا لِلمَحارة
والقلمُ بين البَنان يؤولُ
حِمَّةً من حِجارة 
حينها، فقط
 أُشفق على نفسي
وأُخاتِل طِرْسي
وأجتثُّ من القلم أَصْبُعي
وأهْجُر الكتابة
ويَنْآى الكلامُ جُلُّه في أضْلُعي