في ظلال آية

بقلم
ابراهيم بلكيلاني
كن سويّا تكن من محمّد..
 يقول الحقّ تبارك وتعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ (1)
عندما نعيش نسمات ربيع الأوّل، وأنوار المصطفى ﷺ، في النّفس الكثير ممّا يجب أن يُقال. ولكن من أين نبدأ؟.
وكأنّ بأمّة محمّد، لا تعرف محمّدا!. نتذكّر محمّدا عندما يُعتدى على مقامه، كما حدث ويحدث بانتظام، وكأنّ الأمر مخطّط له بإحكام. إنّهم يعرفون ما يريدون من حضور محمّد، ولا نعرف نحن ما نريد ولا ما يريده محمّد، تلك مصيبتنا نحن .
آه كم فرّطنا في محمّد!!.
محمّد الإنسان جعله اللّه معيارا لنا نقيس عليه أفعالنا، ولكنّنا غصنا أكثر في محمّد النّبي، في الجوانب التي حُجبت عنّا لأنّه نبي. وأهملنا محمّدا الإنسان، وفي الجوانب التي هي منّا وهي نحن. فهو التيه في منهجنا تجاه محمّد.
محمّد الذي يحبّ ويكره، يفرح ويحزن، يمرض ويتعافى، ينتصر ويتعثّر. محمّد الوفي لبشريّته، لأهله وعشيرته، لقومه وأمّته. محمّد الزّوج، والأب، والجدّ. محمّد القائد والجندي..
ولم تعطَ أمّة مثل ما أُعطيت أمّة محمّد محمّدا. ولم تفرّط أمّة مثلما فرّطت أمّة محمد في محمّد!.
أُعطينا الكتاب ومحمّد، لنتوسّل بهما حياة مليئة بالسّلم الدّاخلي، فتُهنا في الطّريق، ولم نغنم كنوز ما أُعطينا.
نتذكّره وكأنّنا نردّ دينا أثقل كاهلنا، ونريد التخلّص منه سريعا. وبمجرّد قيامنا ببعض طقوس الاحتفال، أو الغضب والحنق على من تعدّى على مقامه ﷺ، تُلامسنا راحة داخليّة، يحرّكها التّيه المنهجي. وبعدها نرتّد على أعقابنا فنهجر محمّدا الإنسان، المعيار، ونعود إلى النّظر إليه من بعيد وكأنّه بُعث إلى غيرنا، وعلاقتنا به علاقة استفزاز الآخر لنا. فنُخرج أحلك ما فينا، لندافع عن أنقى ما فينا. مفارقة عجيبة حقيقة..كم فرّطنا في محمّد..
أيّها المؤمن بمحمّد، كن في داخلك محمّدا. فلا يضيره إلاّ ما يضير أخلاقك وسلوكك السّوي. فمحمّد هو الصّورة الأمثل للإنسان السّوي. فكن سويا تكن من محمّد.. فقد وصفه ربه ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾، وأرسله رحمة للعالمين: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ (2)
فإذا لم نبذل أقصى الجهد لنتأسّى به، ونقترب من خُلقه، وندعو بخُلقه، ونعيش بها، ما فقهنا رسالته، ولا غايته، وذاك ما يجب بذل الجهد فيه.
فهو الذي قال :
1. إنَّما بُعِثْتُ لأُتممَ مكارم الأخلاقِ
2. ما مِن شيءٍ أثقلُ في الميزانِ من حُسنِ الخُلُقِ.
3. أحَبُّ عبادِ اللّهِ إلى اللّهِ أحسَنُهُمْ خُلُقًا.
4. إنّ اللّه لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم، ولكن إلى قلوبكم وأعمالكم.
5. حُرِّم على النّار: كل هيّن ليّن سهل، قريب من النّاس.
6. الرّاحمون يرحمهم الرّحمان تبارك وتعالى. ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السّماء. 
7. ليس منّا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف شرف كبيرنا.
8. إذا أراد اللّه بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرّفق.
9. ما كان الرّفق في شيء إلاّ زانه، ولا نزع من شيء إلا ّشانه.
الهوامش
(1)   سورة القلم - الآية 4.
(2)   سورة الأنبياء - الآية 107.