تراثنا

بقلم
سامي الفقيه أحمد
جامع «التوامة» بالمهدية، من نفائس المعمار العثماني
 يعتبر جامع «التَوامَةْ» («التوأم» باللّغة العامّية التونسيّة)، من أقدم الجوامع التي حافظت على طابعها المعماري الأصلي بشبه جزيرة «برج الراس»، يرجع تأسيسه لسنة 1146 هـ/1733 م على يد الأخوين التّوأم علي ( أولداشي) ومصطفى، إبني المرحوم نور اللّه الحنفي. يتميّز هذا المعلم بموقعه  الإستراتيجي،  فهو يتوسّط داخل المدينة  العتيقة   الفضائين  السّكني شرقا، والتّجاري غربا.
الجامع هو عبارة عن بيت صلاة مستطيلة بعض الشيء، طولها وعرضها 6×6.6 متر، تجاورها شرقا ميضأة، الإثنان يفتحان على الطّريق العام (بطحاء).
بيت الصّلاة  «قِبليّة» حسنة  الإضاءة نهارا، بها نافذتان، تحوي في وسطها أربعة أعمدة إسطوانيّة مجلوبة من أحد العمائر القديمة ترفع على أكتافها أربعة تيجان عتيقة وغير متجانسة. يتّسم المحراب ببساطته وينقسم باطنه إلى جانب علوي جاء على شكل نصف قبّة ملساء ترتكز بدورها على قسم سفلي (نصف البرميل) خال من جميع مظاهر الزّخرف يصل ارتفاعه إلى 1.20 م.
الميضأة  الحاليّة  حديثة  العهد تعود إلى عام 1922م ،إذ أزيلت القديمة التي كانت قُبالة بيت الصّلاة  بغرض توسيع  الطريق.
يعتبر هذا الجامع  الحنفي من آثار التّواجد العثماني والانكشاريين بالمهدية. كان هذا المعلم يمتلك سابقا عددا كبيرا  من الأحباس، وذلك يرجع إلى الحظوة التي كان يكسبها  لدى الأهالي وخاصّة  العسكريين منهم.  
يعد المذهب الحنفي أول المذاهب السّنيّة انتشارا  في إفريقية، فقد كان الإفتاء في العهدين العباسي والأغلبي على مذهب أبي حنيفة النعمان (ت150ه). تذكر المصادر التّاريخيّة أنّ عبد الله بن فروخ (ت 175 ه / 792 م ) وعبد الله بن المغيرة الكوفي هما من أوائل الذين أدخلوا آراء أبي حنيفة إلى إفريقيّة ونشروها.
عُين إبن  فروخ على قضاء إفريقيّة، ثم خلفه إبن غانم (ت 190 ه/805م) سنة 171 هجري، ثم خلفه أبو محرز محمد بن عبد الله سنة 191 ه ، وشاركه المنصب أسد بن الفرات من 203ه إلى 213ه،  ثم خلفه إبنه أحمد من 214 ه إلى 216 ه ، وكلّ هؤلاء  كانوا على المذهب الحنفي.
من أشهر الأحناف في تاريخ المهديّة نذكر :
* أبو عبد اللّه  محمد بن إبراهيم بن عثمان الزناتي الحنفي، من شعراء المهدية وأعيانها في العهد الحفصي، ارتحل إلى دمشق والموصل لتلقي العلم، توفي سنة 655 ه.
* محمد بدر الدين الزناتي المهدوي، قاضي القيروان  في سنة 969 ه /  1561 ـــ 1562 م.
المصادر والمراجع:
(1) صندوق أوقاف جامع التوامة، الأرشيف الوطني
(2) الخشني ،أبو عبد الله محمد حارث بن أسد: طبقات علماء إفريقية
(3) الهنتاتي، نجم الدين: المذهب المالكي بالمغرب الإسلامي
(4) التيجاني : الرحلة.                  (5) أجوبة عظوم، ج1