شخصيات الإصلاح

بقلم
التحرير الإصلاح
فاطمة قريم
 فاطمة غريم، المولودة «هيلجا ليلي وولف» بتاريخ 25 جوان 1934 في ميونيخ بألمانيا هي ابنة «كارل وولف» ، رئيس أركان الحرب في هاينريش هيملر. 
اعتنقت الإسلام في عام 1960 ،ثمّ انتقلت بعد عامين إلى تشيكوسلوفاكيا مع زوجها آنذاك عمر عبد العزيز، وهو مسلم تشيكي. بعد ثلاث سنوات ، عادت مع زوجها إلى ألمانيا، حيث شاركت في بلدية ميونيخ. طلاق جريم وزوجها في عام 1983. في 1 أفريل 1984 ، تزوجت مرّة أخرى من الألماني المسلم «عبد الكريم غريم» (1933-2009) وانتقلت معه إلى هامبورج ومنه جاء لقبها.
عملت غريم كصحفيّة بمجلّة «الإسلام»، ثمّ مسؤولة عنها وكرّست نفسها بشكل رئيسي لقضايا مثل التّعليم ودور المرأة في الإسلام. وكانت تدير مجلّة موجّهة للأطفال «أنت والإسلام» 
كتبت العديد من الكتب عن الاسرة المسلمة والإسلام نذكر منها على سبيل المثال كتاب «المرأة في الإسلام» (1976) وكتاب «الحياة الأسرية في الإسلام (1976) وكتاب «الصوم» (1982) وكتاب «الزكاة» (1978) وكتاب«محمد»(1983) وعملت لما يقرب من 16 عامًا في ترجمة 24 كتيبًا عن الإسلام من بينها كتاب « الإيمان والحياة في الإسلام» و«الحياة الإسلاميّة» لابي الأعلى المودودي 
كما عملت على الترجمة الألمانية للقرآن صحبة مجموعة معظمهنّ من النساء كحليمة فريلز  وإيفا ماريا الشباسي. وقد ارتكزت المجموعة على الترجمة الإنجليزية للقرآن التي أنجزها عبد الله يوسف علي. وتعدّ هذه الترجمة الأولى للقرآن إلى الألمانية. وتضمنت هذه الترجمة تعليقات مفصّلة لعبد الله يوسف علي، ومحمد أسعد، والقرطبي، وسيد قطب، وعبدالمجيد داريبادي، وابن كثير، والمودودي، والسيوطي، وعبد الحميد صديقي، تم تبنيها بالإضافة إلى تعليقات من الصوفيين أو الشيعة. 
ومنذ أفريل 1999، أصبحت غريم عضوًا فخريًا في المجلس الاستشاري بالإضافة إلى ذلك أصبحت هي وزوجها عبد الكريم أعضاء بمجلس الرابطة الألمانية الإسلامية بهامبورغ ، وكانت أيضا عضوًا في الاتحاد الإسلامي الليبرالي.
برزت فاطمة غريم بسبب محاضرة ألقتها لأول مرة في عام 1975 ، والتي تمّ نشرها في عام 1995 تحت عنوان «تعليم أطفالنا»  يتميز هذا «المنشور المثير للجدل لفاطمة جريم» بأن وضع الاصبع على الدّاء حيث بيّنت أنّ النقص في التعليم الإسلامي، يتسبب في نمو الأطفال ككتلة من القوميين نصف المتعلمين أو الشيوعيين أو الإنسانيين لاغير. 
عندما انتهت الحرب العالمية الثانية في عام 1945م كانت فاطمة طالبة في الحادية عشرة من عمرها، حيث تبعثرت أحلام الأُمَّة الألمانية، وتبدَّدت كافَّة المُثل التي كانت تبذل الأرواح من أجلها. فقد كانت القومية خلال السّنوات التي سبقت الحرب وفي أثنائها وسيلة ممتازة لدفع الألمان وتشجيعهم إلى بذل أقصى الجهود, فكان الهمُّ الوحيد هو بذل كل شيء من أجل الوطن الأم. وكان لهذه القومية أثر على فكرة وجود الله؛ حيث كان الله بالنسبة إلى المجتمع الألماني هو القدرة التي وضعت سنن الطبيعة منذ ملايين السنين، وهذه القوانين أوجدت بدورها الكائنات البشرية بمحض الصدفة في أغلب الظنِّ.
واتجهت فاطمة بعد فشل مشروع بلادها القومي حضاريًّا وإيمانيًّا إلى النّصرانية؛ لعلَّها تعثر على الطريق إلى الله, لكنّها لم تشعر بالقرب من الله ولم تحقّق السلام الذي كانت تبحث عنه.
كانت فاطمة هيرين تتطلع إلى أن تُؤمن بمبدأ كامل تعتصم به، صراط مستقيم تضبط عليه كل حياتها؛ لذلك لم تستطع أن تقترب من الله حتى في وقت ركوعها في الكنيسة.
تقول «فاطمة غريم»: لم أجد لذة الإيمان عندما كنت أؤدّي الطقوس الدينيّة في الكنيسة ، لكن ومنذ اعتناقي للإسلام شعرت بأنّ تعاليمه الدينيّة ، ولا سيّما الصلاة تخلق علاقة قويّة بيني وبين الخالق العظيم ، وهذا ممّا جعلني أشعر باطمئنان نفسي كما كان منطق الإسلام الواضح مقابل التعصّب المسيحي فيما يخصّ التثليث مثلاً ونبوّة عيسى(عليه السلام)والخطيئة الأولى، هو الذي جذبني إلى هذا الدين.
كما أنّ الروعة العميقة في الآيات القرآنيّة الكريمة بعثت في أعماقي انتعاشاً روحيّاً دفعتني للصمود أمام جميع مصاعب هذه الحياة ; لأنّني شعرت بأنّ هذا الدين يمنحني القوّة ويأخذ بيدي إلى الحياة الطيّبة التي كنت أحلم بها فيما سبق . 
رفضت «فاطمة غريم» أن يظلَّ الدّين مجرَّد زاوية محدودة في حياتها كما كان من قبل وقرَّرتْ أن يُصبح الإسلام منهجًا كاملاً في حياتها، حتى لو اضطرَّها ذلك إلى أن تُهاجر.
وتعلَّمت حبّ النّبي محمد صلّى الله عليه وسلم وصحابته من خلال قراءتها لكتب الحديث النبوي الشريف؛ و أصبحوا في نظرها شخصيات بشرية حيَّة لا مجرَّد نماذج تاريخية مدهشة.
وقد راحت فاطمة تُدافع عن الإسلام وتُبَيِّن عظمة الشريعة الإسلامية ونقاءها, وتكشف في الوقت ذاته زيف العقائد الأخرى وضلالها، 
التزمت فاطمة بواجباتها الدّينيّة بعد اعتناقها للإسلام، وواصلت أداء الصلاة اليوميّة الواجبة ، وصوم شهر رمضان ، ولكنّها واجهت صعوبة كبيرة في كيفيّة توضيح الإسلام للآخرين، خاصّة أنّها كانت حديثة العهد بالإسلام، فاتجهت إلى طلب العلم ومعرفة ما يمنحها الصّمود أمام التيّار الاجتماعي الممانع لالتزامها بالتّعاليم التي اقتنعت بها. وتمّكنت في وقت وجيز الرفع من مستواها العلمي والتزامها بالأخلاق الإسلاميّة ممّا مكّنها من جذب الكثير من الفتيات إلى البحث حول الإسلام، وتصحيح الكثير من المفاهيم الخاطئة التي كانوا يحملونها عن الإسلام.
ولغريم الأمّ ابنة متوفاة في طفولتها وابنًا من زواجها الأول وثلاثة أطفال من زواجها الثاني. توفيت في هامبورغ مساء السادس من ماي عام 2013 بعد مرض طويل .