همسة

بقلم
هبيري محمد أمين
الرسول الخاتم
 بُعث النّبي محمّد ﷺ في مكة، موقع جيوسياسي مهم في علاقته مع قطبي العالم آنذلك الامبراطورية الرومانية المسيحيّة غربا والامبراطوريّة البيزنطية الزّرادتشية ثمّ ظهر على أنقاضها الامبراطوريّة الفارسيّة الدّاعمة للدّين اليهودي، وقد كُلّف بوظيفتين أساسيتين، 
أمّا الأولى فهي في قوله تعالى: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا»(1) لتكون وظيفته ﷺ غير قوميّة أي أنّها لا تريد علوّا للقوميّة العربيّة فضلا عن القوميّة القرشيّة.
أمّا الثّانية فهي في قوله تعالى «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ»(2) وهو تأكيد من اللّه على أنّ رسالة النّبي ﷺ إنّما هي للعالمين، تتجاوز حدود التّعامل مع البشر لتصل إلى اللاّحدود الكوني بما في ذلك إرساء قيم للتّعامل مع الحيوانات والمناخ والبيئة وغيرها، إذ أنّ أدنى تصرّف منه ﷺ لابدّ له من قيمة الرّحمة فيه لكونه «أسوة حسنة» قبل أن يكون قائدا سياسيّا أو عسكريّا.
فتفاعل العناصر الثّلاثة ؛ الرّسالة الخاتمة (معيار معنوي) وللنّاس كافّة ورحمة للعالمين (معيار مادّي) عجنت في اللاّوعي النّبوي وفي شخصيته حتّى أصبح ﷺ أعظم قائد في التّاريخ وفضله ليس لكونه رسولا بل لكون الرّحمة المعجونة في شخصيّته، إذ أنّ جميع القادة السّوابق واللّواحق لم يكونـــوا
 رحماء في سياساتهم علاوة عن غزواتهم الدّامية والمدمّرة، إلاّ أنّه أرسى قيما في الحرب قبل السّلم
 ممّا أدى إلى فتح مكّة من دون إسالة قطرة دم واحدة.
الهوامش
(1) سورة سبأ - الآية 28
(2) سورة الأنبياء - الآية 107