الافتتاحية

بقلم
فيصل العش
افتتاحية العدد الثالث عشر

 بسم الله الذي علّم بالقلم ، علّم الإنسان ما لم يعلم والصلاة والسلام على النبي المعلّم..

يٌعدّ إصلاح المنظومة التربوية الركيزة الأساسية للتغيير الاجتماعي والاقتصادي الذي تسعى إليه كل القوى الحيّة في البلاد بعد الثورة.  فصلاح حال هذا الشعب وتحقيق تنمية الشاملة لا يمكن  انجازهما إلاّ بإطلاق ثورة حقيقيّة في البرامج والمناهج التعليميّة تقطع مع الماضي وتجاربه العبثيّة المسقطة وتؤسس لمنظومة جديدة، متأصّلة في خصوصيّتنا الثقافيّة ومتشبّعة بقيمنا الإسلامية والعربيّة ومتفاعلة إيجابيا مع القيم الإنسانية. منظومة لتربية عصريّة تواكب التحوّلات التقنية، ملائمة لأولوياتنا الاقتصادية، تُعدّ الناشئة لحياة المواطنة والمشاركة الديمقراطية وتدعّم قيم الحرية والعدالة والتسامح وتنمّي شخصية المتعلّم من جوانبها المتعدّدة. منظومة تهدف إلى خلق جيل متوازن ثقافيّا وفكريا وعلميّا قادر على بناء بلده وافتكاك مكانه في سوق الشغل وطنيّا وعالميّا.

 

 وبمناسبة العودة المدرسية، ارتأينا أن نخصص الجزء الكبير من العدد 13 من مجلتنا ”الإصلاح“ للتطرق إلى ملف المنظومة التربوية من زوايا عديدة ودعونا أهل الاختصاص للمساهمة بأفكارهم ومقترحاتهم. فكتب الدكتور مصدق الجليدي في مقاله ”الآجل والعاجل في إصلاح المنظومة التربوية التونسية“ عن مظاهر الإعضال فيها ليستعرض فيما بعد خطوات الإصلاح التربوي المنتظر والملفات العاجلة المطروحة على وزارة التربية ليطرح في آخر مقاله مقترحا لإصلاح التقويم المدرسي ”على سبيل لفت الانتباه والتحسيس لا على سبيل التفصيل والحسم“. وقدّم لنا الدكتور مصباح الشيباني بحثه حول ”مدرسة الغد وتحديات الجودة“ ضمن دراسة سنقدّمها للقراء في جزءين بعنوان ”رهانات مدرسة المستقبل ومشاكلها الرّاهنة: بحث تربوي في معيقات اندماج المتعلم في مرحلتي التعليم الإعدادي والثانوي“. كما كتب الباحث محرز الدريسي في مقاله ”حقّنا في الاصلاح التربوي، حقنا في الثورة“عن أسباب تعطّل مشاريع الإصلاح التربوي وخلص إلى أن المنظومة التربوية ”تحتاج إلى مناخ من الحريات العامة تتغذى منه وفيه مما يجعل الإصلاحات تتم بدفع ذاتي وباحتياجات داخلية حقيقية“. أمّا الدكتور  محمد كشكار فقد تساءل في مقاله ”هل التعليم في تونس هرم مقلوب؟“ ليحلل من خلال نظرته كمربّي مكامن الخلل في المنظمة التربوية ويقترح بعض الحلول.

تلك مساهمة من أسرة تحرير المجلة في ملف شائك ينتظر الطرح والتفكيك من مجمل جوانبه حتّى نفتح الطريق أمام الطاقات الوطنية لتأسيس منظومة تربوية تستبطن روح الثورة وتعمل على تحقيق أهدافها.