الافتتاحية

بقلم
فيصل العش
افتتاحيّة العدد 37

 فعلها «السيسي» وكان متوقعا أن يفعلها وقتل أبناء شعبه بدم بارد في الرابع عشر من أوت 2013 . لا يهم عدد الشهداء الذين ماتوا وهم يحتضنون مصاحفهم ويعلنون للعالم أنهم لن يتراجعوا عن مطالبتهم بحقوقهم المسلوبة قهرا من طرف العسكر. لا يهم إن كانوا كما أعلنت وزارة الصحّة في حدود 500 أو أن عددهم تجاوز الألفين حسب مصادر الإخوان فلا يزال الوقت مبكرا لمعرفة عدد الضحايا. المهم أن التاريخ سيكتب أن يدي «السيسي» قد تلطخت بالدماء وأنه نفذ في المصريين ما عجزت عن تنفيذه إسرائيل. سيقترن اسم «السيسي» باسم «هتلر» في قائمة المجرمين في حق الإنسانية الذين نفذوا جرائم «إبادة جماعية» ضد المدنيين ، لكنه سيكتب أن «هتلر» قتل اليهود من أجل شعبه ووطنه بينما «السيسي» قتل شعبه من أجل اليهود الصهاينة. 

وسيكتب التاريخ للأجيال القادمة أن دعاة الحداثة والديمقراطية في مصر وفي تونس وفي أوروبا وأمريكا الذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها وملؤوها صراخا وأسالوا الحبر أنهارا للتنديد بمقتل سبعة أشخاص فى مواجهات إيران التى وقعت بعد انتخابات عام 2005 فى ظل ما سمى بالثورة الخضراء ثم عندما قتل خمسة أشخاص فى المواجهات التى حدثت فى تركيا مؤخرا بسبب أحداث ميدان التقسيم ،هؤلاء الحداثيون والديمقراطيون جدّا انقسموا إلى قسمين لا خير فيهما البتّة قسم التزم الصمت الرهيب وكأنه أصيب بداء «البكم» و «العمى» واتخذ موقفا مائعا إزاء سقوط مئات القتلى من المصريين في ميداني رابعة والنهضة بالقاهرة وكأن شيئا لم يحدث وقسم آخر انبرى يدافع عن الجريمة ويرى أن ما حصل ليس إلا لاسترجاع  الديمقراطية التي اغتصبها الإخوان وأن ذلك يدخل في خانة تطبيق القانون بل أن بعضهم شيطن الإخوان وأزال عنهم صفتهم الإنسانية واعتبر أن دماءهم ملوّثة ونجسة ومن ثم فلا حرمة ولا كرامة لهم وأن قتلهم وحرقهم لا يعدو أن يكون تنظيفا لمصر والمصريين.
سيكتب التاريخ أيضا أن هؤلاء الحداثيين والليبراليين والديمقراطيين ومن تخندق معهم من رجال الدين والإسلامويين الذين صنعتهم الأنظمة الخليجية والمخابرات الصهيونية، هم شركاء «السيسي» في جريمته البشعة بل هم أشد جرما ممن نفّذ وخطط . سيبقى ما حدث في مصر يوم 14 أوت لعنة تطارد إلى يوم الدين كل من نفّذ وموّل وخطط وساند وبارك وحتى من وقف في خانة المتفرج السلبي ...
وسيواصل أصحاب الحق الدفاع عن حقوقهم وستستمر ملحمة الحرية في ربوع مصر والبلاد العربية ولتعلم الأنظمة الفاشية التي تصوّب فوهات أسلحتها إلى صدور شعوبها وتمطرهم رصاصا أنها ساقطة لا محالة ولو بعد حين وأن هذه الأمّة قد عرفت طريقها نحو الحرية واسترجاع مجدها ولن تتوقف مسيرتها نحو تحقيق الهدف المنشود ولو سالت الدماء الطاهرة أنهارا وهي مؤمنة أن طريق الحرية وعر جدّا وأن المجد لا يكتب إلا بدماء الشهداء وبعبارة الشاعر مظفر النواب :« وطني علمني أن حروف التاريخ مزورة حين تكون بدون دماء»