الافتتاحية

بقلم
فيصل العش
افتتاحيّة العدد 35

أُعِدَّ هذا العدد من مجلة الاصلاح قبل أن ينزل علينا خبر اغتيال الشهيد محمد البراهمي المنسق العام للتيار الشعبي والمناضل العروبي وعضو المجلس الوطني التأسيسي، نزول الصاعقة. فارتأينا أن نغيّر الإفتتاحية من دون المساس بمحتوى العدد ونخصصها لهذا الحدث الجلل.

إننا إذ ندين بشدّة هذه الجريمة البشعة ونترحم على روح الشهيد محمد الابراهمي ونرفع التعازي الحارة لأهله وأصدقائه وعائلته الفكرية والسياسية وكل التونسيين، فإننا نعتبر أن هذه الجريمة التي اختار مخططوها ذكرى عيد الجمهورية موعدا لتنفيذها، بعد أقل من ستة أشهر من اغتيال الفقيد شكري بلعيد وفي أجواء تجاذب سياسي ومحاولة البحث عن أوسع توافق وطني، وفي وقت أوشك فيه المجلس الوطني التأسيسي على تركيز هيئة الانتخابات وبالتالي توضيح رزنامة نهاية المرحلة الانتقالية الحالية، وفي وقت تشهد فيه بعض الدول الشقيقة تحولات دموية بعد ايقاف العملية الديمقراطية، نعتبرها خطوة متقدمة في استهداف الثورة والالتفاف على أهدافها ومحاولة اغتيال الجمهورية وإدخال البلاد في الفراغ والفوضى بما يخدم مصالح القوى المضادة للثورة ويؤكد بما لا يدع مجالا للشك الأهداف الحقيقية لمخططي وممولي ومنفذي هذا الاغتيال البشع. 

إن رصاصات الغدر التي أطلقت على الشهيد محمد الابراهمي لم تكن تستهدفه في ذاته فقط، بل تستهدف الوحدة الوطنية والمسار الديمقراطي الانتقالي وكرامة التونسيين بإهانتهم وترهيبهم وهم يحتفلون بعيد وطني مجيد . لقد قصدت هذه الرصاصات إغتيال الثورة والامل المتبقي لدى التونسيين وايقاع البلاد في جحيم الفتنة. 

نرجو أن لا يقع التونسيون في الفخ الذي أراد من خلاله المجرمون الايقاع بهم جميعا وإحلال التناحر والعنف محل الوفاق الوطني والتطور السلمي. ونهيب بالقوى السياسية في مواقع الحكم أو خارجه ان تحسن قراءة رسالة المجرمين الواقفين وراء الاغتيالات السياسية والمنفذين لها، وتغلّب المصلحة الوطنية العليا وتتعاون في ما بينها على استكمال مسار الانتقال الديمقراطي وإقرار الدستور بأوسع توافق وإنجاز الانتخابات في أقرب الآجال بما يُحبط مساعي من يستهدفون استقرار تونس ومصالحها.

ان الاغتيال السياسي عمل إرهابي غاشم وغريب عن ثقافة التونسيين وما عرفوا به من سماحة ووسطية واعتدال ومن قتل محمد البراهمي لا يريد خيرا لهذا الوطن وانما يريد أن يدخل البلاد في الفوضى وعدم الاستقرار. وإنه حتما من  قوى الفساد العميقة، التي  تتربص بمستقبلنا، وإن أكبر ضربة يمكن أن توجه إليها وإلى مخططاتها هي بقاؤنا متحدين في وجه كل ما يستهدف استقرارنا وأمننا جميعا.

رحم الله نائب الشعب محمد البراهمي وكل شهداء الوطن وحمى تونس من كل الفتن.