في العمق

بقلم
فيصل العش
وأد للديمقراطية... أم ايذان بولادة ديمقراطية جديدة

 مقدّمة

في الرابع من جويلية 2013 سقطت الديمقراطية المغشوشة مرّة أخرى بعد أن سقطت من قبل في السودان في السادس من أفريل سنة 1985 على يد العميد (عمر حسن أحمد البشير) أحد كوادر الجبهة الإسلامية القومية بالجيش السوداني، مطيحا بذلك الحكومة الديمقراطية المنتخبة والتي كان يترأس مجلس وزرائها السيد الصادق المهدي، ويترأس مجلس رأس الدولة السيد أحمد الميرغني. وفي الجزائر، في الحادي عشر من جانفي 1992، بعد أن انقلب العسكر على الرئيس الشاذلي بن جديد وأقاله على إثر الفوز الكاسح للجبهة الاسلامية للإنقاذ في أول إنتخابات ديمقراطية عاشتها الجزائر، مما أدى بهذا البلد إلى الدخول في دوامة عنف أدت بحياة أكثر من 200 ألف جزائري. وفي فلسطين،  تكرر السيناريو مرّة أخرى بعد فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية في مطلع عام 2006، ونشوء أزمة سياسية إرتبطت بعراقيل جمّة للانتقال السلمي للسلطة داخلية وخارجية. وقد قوبلت آن ذاك الحكومة المنتخبة بتمرّد داخلي  قادته أجهزة السلطة الفلسطينة التي كانت تتحكم فيها حركة فتح وحصار خارجي وعدم اعتراف القوى الخارجية والدولية بشرعية من جاء به الصندوق.

لا يهمّ من كان وراء هذه الانقلابات، فالألوان متعددة والهدف واحد: أن لا يحكم الشعب، لأن في حكم الشعب خطر على أصحاب النفوذ المتسترين وراء الاستبداد والتخلف ولأن في حكم الشعب بناء للأمّة على أسس صحيحة وهو ما يمثّل خطرا على أعدائها من قوى استعمارية وامبريالية وعلى رأسها أمريكا والكيان الصهيوني الغاشم.

إذا، ما حدث لم يكن جديدا لكنّ أهميّته تكمن في حصوله بعد سلسلة الثورات العربية التي بدأت من تونس لتشمل في ما بعد مصر وليبيا واليمن وسورية. فقد استبشر الجميع بنجاح الثورة في تونس وفي مصر بطريقة سلميّة، وحلم الجميع بانتقال ديمقراطي بالبلدين خاصّة بعد نجاح الانتخابات التي شهد العالم كلّه بشفافيتها ونزاهتها، لكن ذلك لم يكن كافيا لتستقر الأمور بالبلدين فقد ورث الحكام الجدد واقعا اقتصاديا متعفّنا نخره الفساد ولوثته المحسوبية والرشوة ووضع اجتماعي سيئ طغى فيه الفقر على جزء كبير من الشعب واستفحلت فيه الفوارق الاجتماعية .ولم يكن الحكام الجدد بقادرين على إيجاد حلول  ناجعة في أسرع الأوقات الممكنة للمشاكل المتفاقمة للمواطنين فالبطالة قد ازداد حجمها بين فئة الشباب، والأسعار قد شهدت ارتفاعا كبيرا غير مسبوق، ساهم بدرجة كبيرة في تهرئة المقدرة الشرائيّة للمواطن، و ازداد الوضع الاقتصادي سوءا على سوء في ظل أوضاع أمنية متردية. كل ذلك نتيجة عدم خبرة حكومات ما بعد الثورة في تسيير دواليب الحكم وعدم  اعتماد منوال تنموي يتماشى مع الواقع الذي وجدوه، وسياسات حازمة إزاء سوء التصرف والفساد المالي المستشرى في سائر دواليب الدولة، والتهرّب الضريبي الذي اكتسح غالب الشركات والمؤسسات الاقتصادية، كما لم تتخذ سيّاسات إصلاحية إدارية عاجلة، تكرّس الشفافية، وتجعل المواطن مطّلعا  على ما يحدث .

 في ظلّ هذا التأزم المجتمعي وفي وضع يتطلب تكاثف جهود كل ابناء الوطن، لم ينجح الحكام الجدد في إيجاد أرضية مشتركة مع المعارضة لإنجاح الانتقال الديمقراطي الوليد، نتيجة تمسكهم بالشرعية الانتخابية واختيارهم الحكم بعيدا عن التوافق السياسي مع بقية التيارات (خاصّة بالنسبة للإخوان المسلمين في مصر) ومما زاد الطين بلّة، رفض جزء كبير من المعارضة التفاعل الإيجابي معهم وإعلانهم الحرب عليهم منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات. فتتالت مسيرات الاحتجاج والاعتصمات إلى أن وصل الوضع إلى مستوى من الاحتقان استغلته  «الدولة المصرية العميقة»(1) أحسن استغلال لترتيب بيتها من جديد وقيادة عمليّة إقصاء الإخوان من الحكم.

وأد للديمقراطية أم ايذان بولادة ديمقراطية جديدة؟

المتابع للحالة المصريّة، يمكنه أن يلاحظ بوضوح أن معارضة الرئيس مرسي برغم قوّة تمثيليتها الشعبيّة، أعطت إشارات إيجابية لفائدة الجيش المصري للتدخل وحسم المعركة. ولهذا رفض عمرو موسى، رئيس حزب المؤتمر وأحد مؤسسى جبهة الإنقاذ الوطني، وصف ما يحدث فى مصر بأنه «انقلاب عسكري» بل اعتبره «انتفاضة شعبية عارمة»، مشيرًا إلى أن الجيش المصري لم يتحرك إلا في مرحلة معينة» وهي خروج التظاهرات المليونية الغاضبة في كل أنحاء البلاد، وبدأ الجيش فى التدخل بعد رفضه تهديد وترويع المواطنين لمنع البلاد من الدخول فى حرب أهلية (2) وذهب أكثر السياسيين المناوئين لحكم الإخوان إلى اعتبار ما حصل ثورة شعبيّة جديدة و« أن قرار عزل الرئيس محمد مرسي الصادر عن القوات المسلحة المصرية “عملية إنقاذ للوطن”، وما جرى ليس انقلاباً عسكرياً، لأن الجيش ببساطة لم يستول على السلطة في البلاد انما تحرّك احتكاما لعقيدته الجديدة التي استقرت في وجدان القوات المسلحة المصرية وهي أن الجيش هو الحامي للتجربة الديمقراطية، وأنه المظلّة التي تجمع تحتها الحركة السياسة في البلاد» (3).

صحيح أن جحافل من الشباب المعارض قد ملأت الساحات يوم 30 جوان رافعة شعار «ارحل» في وجه مرسي، وكان بإمكانها مواصلة الضغط على الإخوان لتعديل المسار والبحث عن طرق توافقية في العديد من المسائل الخلافيّة، وهو ما يمكن اعتباره « ممارسة الشعب لحقه في الرقابة وتعديل أوتار الحكام» وهذا من أهم المكاسب التي جاءت بها الثورات العربية ، لكن ما أتاه العسكر لا يمكن أن يكون إلا انقلابا عسكريا فقد عزل رئيسا وعيّن آخر وأوقف العمل بالدستور الجديد الذي وافق عليه ثلثي الناخبين ثمّ اسرع بإعتقال قيادات الإخوان ومن بينهم الرئيس المنتخب وأغلق عددا من القنوات التلفزية الموالية للإخوان في محاولة لحجب المعلومة عن المواطنين واعتقل عدد من الصحافيين واعتدى عليهم وفيهم من قتل برصاص العسكر (4). ولقد أسفر الانقلاب العسكري عن وجهه القبيح بعد ستة أيام فقط من إطاحته بمرسي وبعد تقييد حرية الإعلام وحصار الأحزاب واعتقال السياسيين وتضليل الإعلام المتواصل وذلك بارتكاب مجزرة شنيعة في حق المعتصمين السلميين من مؤيدي الرئيس المخلوع. (5)

إن «المجزرة التي وقعت امام مقر الحرس الجمهوري في القاهرة وراح ضحيتها اكثر من خمسين انسانا ومئات الجرحى، مشروع فتنة يتحمل مسؤوليتها الجيش المصري الذي من المفترض ان يكون اكثر انضباطا وأشد حرصا على دماء أبناء الشعب المصري.. يتحمل مسؤوليتها ايضا لانه الحاكم الفعلي حاليا للبلاد، وحماية أرواح المصريين من اهم مسؤولياته»(6). و«القول بأن هناك مجموعة ارهابية كانت مندسّة بين المعتصمين من الصعب ان يقنع الكثيرين، فمهما كانت هذه المجموعة خطرة أو مسلحة، فإن قتل خمسين انسانا وإصابة المئات ، نسبة كبيرة منهم جروحهم خطيرة، يؤكد أن هناك نية مبيتة للقتل والاستخدام المفرط للقوة» (7).

إنه لا يمكن غض الطرف عن أخطاء مرسي وجماعته في الحكم، ولكن درجة التعامل معها لا يمكن أن تصل إلى الانقلاب على الشرعية، بل يجب الرجوع إلى صناديق ألاقتراع فهي الكفيلة بمعاقبة كل من أخل بالعهود والالتزامات أمام الشعب. والمسألة لا تتعلق بالدفاع عن مرسي ومشروع الإخوان، بل بالدفاع عن الشرعية وعن قيم التعايش السلمي والمنافسة الديمقراطية والتي ضحّى من أجلها الشعب بالغالي والرخيص.

إن ما أتاه العسكر في مصر هو وأد لأول تجربة ديمقراطية للمصريين وتدمير المكسب الوحيد للشعب المصري من ثورته وهو أن يختار رئيسه بكل حريّة عبر صندوق الاقتراع. فالعسكر قد سلب حق الشعب في تقرير مصيره بيده ولا يمكن أن ينتج ديمقراطية جديدة كما يدّعي فلا يمكن أن تؤسس الديمقراطية تحت مظلّة الجيش.

المكاسب والسلبيات

سيكون لما حدث في مصر تداعيات جمّة على المنطقة العربية والإسلامية لما لمصر من وزن استراتيجي في المنطقة ودور ريادي في العالم العربي والإسلامي وسيكون لهذا الحدث نتائج إيجابية وأخرى سلبية سنستعرضها في ما يلي :

فأمّا الإيجابيّة فتتمثل في :

* سقوط أقنعة جزء كبير من النخب السياسية بيسارها ويمينها... والتي كانت تدكّ آذاننا وآذان الشعوب العربية بالدعوة إلى الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان فاتضح أن الديمقراطية بالنسبة إليها «آلهة من حلوى يعبدونها طوال النهار ويأكلونها آخر الليل». يتشدقون بمدنيّة الدولة لكنهم سرعان ما يرتمون في أحضان العسكر يناشدونه القضاء على خصم سياسي فشلوا في هزمه عبر الصندوق وعجزوا عن مواجهته.  هؤلاء سقطت عنهم ورقة التوت في مصر وفي تونس وفقدوا ذرّات المصداقية التي كان الناس يعتقدون أنها فيهم ولن يصدقهم بعد اليوم أحد. وأصبح من كانوا يوصفون بالرجعيّة وبأعداء الديمقراطية وحدهم -تقريباً- في موقف التشبّث بالديمقراطية والدستور و «من مفارقات اللحظة المصرية الراهنة، أن يأتي خطاب «الجماعة الإسلامية» (حزب البناء والتنمية) أكثر تماسكاً في الانتصار لمفاهيم الدولة المدنية والوفاء لآلياتها الديمقراطية والتشبّث بسلمية التعبير، من صفوف حليقي الأذقان الملتفين حول الضباط ومنظومة الأمن، ممّن تدثروا طويلاً بمقولات غربية المنشأ»(8)

* استفاقة قوى الثورة الحقيقية من وهمهم  بأن النصر قد تحقق مع طرد الدكتاتور أو سجنه وأن الطريق نحو الحرية والكرامة أصبحت معبّدة. فقد اكتشفت هذه القوى أن التغيير ليس بالأمر الهيّن وأن الانتخابات الحرة لوحدها ليست كافية لكي يصبح بلد ما ديمقراطياً: فثقافة المؤسسات السياسية والخدمات المدنية فيه، يجب أن تتغير أيضاً، وهي نقلة ثقافية يصعب تحقيقها خاصة في الدول التي إعتادت تاريخياً أن يكون انتقال السلطة فيها عبر العنف. فالتحول الديمقراطي ليس بالأمر الهيّن في مجتمعات عاشت عشرات السنين تحت وطأة الاستبداد والدكتاتورية وهو يتطلب مواصلة المسار الثوري إلى نهايته. ومن الغباء أن نعتقد أن ارتقاء مساجين الأمس سدّة الحكم في أكثر من بلد عربي هو نهاية الثورة بل هو بدايتها. لذلك فإن ما حصل في مصر قد يعيد الوعي في أذهان جزء كبير من الطبقة السياسية الوطنية ليلتحموا بالجماهير ولا يلتفتوا إلى كرسي السلطة لأن مقولة «إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن» قد سيئ فهمها واعتمدت في غير محلّها فحصل ما حصل . ما حدث في مصر يؤكّد أن معركة التغيير متواصلة وأن الثورة مازالت في بداياتها لا تتوقف عن الحركة وهي تتحقق بتراكم التجارب والاستفادة من الأخطاء.

* « لو هدأت الأمور في أقطار الربيع العربي لنجحت خطة أعداء الثورة العربية. لكن الله خير الماكرين. فالأعداء وعملاؤهم أخطؤوا الحساب فغاب عن مكرهم السيء ترك دول الربيع العربي تغرق في تسيير الدولة القطرية شبه الناجحة بأن جعلوا نجاحها حتى النسبي أي القريب مما كان موجودا قبل الثورة في أنظمة الفساد والاستبداد جعلوه مستحيلا: أي إنهم فرضوا على أقطار الربيع العربي أن يجذروا الثورة ولو بمنطق علي وعلى أعدائي. وكان من الطبيعي ألا يظهر هذا الخطأ بجلاء إلا في قلب الوطن العربـــي أعني مصــــر» (9).فما حـــدث في مصر وحّــــد الأمة من جديد فلم يعد العربي المسلـــم يفكّر في واقعه القطـري اليومـــي إلا من خلال ما يحدث في مصـــر بل أن المعركـــة في مصر أصبحت معركة كل الأحرار في الوطن العربي والإسلامي.

وأمّا النتائج السلبية فتتمثل في :

*  ارتفاع أسهم الحركات الدينيّة التي تكفر بالديمقراطية بعد ان خانها  الدعاة إليها بمجرد وصول الاسلاميين إلى السلطة عبر الصندوق وهو ما يهدد السلم الاجتماعي في البلاد. لقد تطلّب اقناع الإسلاميين بنبذ العمل السرّي وترك العنف والقبول باللعبة الديمقراطية والعمل السياسي السلمي جهدا كبيرا. غير أن ما حدث في مصر خاصّة بعد مجزرة محيط الحرس الجمهوري بالقاهرة والتي راح ضحيّتها مصلّون وأطفال ونساء بعث برسالة خطيرة للشباب ذي الميولات الاسلامية في مصر والعالم العربي تدعوهم لعدم الثقة مجددا في المسار الديمقراطية وتعيدهم لمربع «العنف والعنف المضاد» وهو ما يغذّي دعوات الحركات الجهاديّة لحمل السلاح ولن يقدر أحد أن يعترض على ردود أفعال الإسلاميين طالما أغلقت أمامهم أبواب العمل السياسي السلمي.

* فقدان المصطلحات المعبّرة عن القيم الانسانية بريقها كالحرية والكرامة والعدالة والثورة ولن يكون لكلمات كالديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات الأساسية والدولة المدنية والحديثة والعقد الاجتماعي ودولة القانون والمؤسسات ومبدأ التعددية، معنى واضح وصدى قوي لدى الناس. وما حدث سيتسبب في انتشارفوضى المصطلحات لأن الضحية أصبح مجرما والقاتل صار مناضلا وطنيّا وغدا الراكب على الدّبابة مدافعا عن الديمقراطية وناشرا لحقوق الإنسان.

* إن دخول العسكر على الخط هو إشارة واضحة إلى أن العسكر هو القوّة الضاربة وأنه يمكن أن يعود في أي وقت يختاره وهو بذلك  يقطع الطريق أمام الوعي العربي للتشبع بمفاهيم المواطنة والديمقراطية وآلياتها وما يؤدّي إلى العودة إلى الوراء لتصير المسافة كبيرة بين الشعوب العربية والنظام الديمقراطي ويصبح حلم العيش في دولة مدنية قوامها المواطن وعنوانها القانون ، حلما بعيد المنال.

الدروس والعبر

* لقد أثبتت تجارب الثورات العربية أن التحوّل من النظام الدكتاتوري إلى نظام ديمقراطي عمليّة صعبة وهشّة في نفس الوقت إذ لا يكفي إسقاط الدكتاتور لينعم الشعب بالحرية والكرامة والتنمية بل يمكن أن نقول أن إسقاط الدكتاتور أمر هيّن أمام الولوج إلى عالم الديمقراطية والدولة المدنية. هذا الولوج يتطلب ثورة ثقافية وقيمية شاملة لا تقتصر على طبقة السياسيين والمثقفين بل تشمل كافّة أفراد الشعب ولن يحصل ذلك بسلاسة مادامت قوى الثورة المضادّة والدولة العميقة تتحرك بحريّة وتسيطر على وسائل الإعلام والمؤسسات الأمنية من شرطة وعسكر.

* إن فترة التحول الديمقراطي يجب أن تبنى بعيدا عن الصراعات الايديولوجية والحزبية، في جوّ من التوافق على أساس المصلحة الوطنيّة وليس الحزبية وأن الإنتخابات ليست هدفا في حدّ ذاته بل هي وسيلة للتداول على السلطة مع اعتبار أن السلطة الحقيقية لن تكون إلا في يد شعب يقض ومتحفز للدفاع عن ثورته . وعلى الحكام الجدد أن لا يعتمدوا على شرعية الصندوق فحسب وأن لا يعتبروا وصولهم إلى السلطة يخوّل لهم إتخاذ القرارات واتباع السياسات التي يختارون، بل عليهم أن يعودوا في كل مرّة إلى شعوبهم ليصارحوهم بحقيقة الأمور ويستمعوا إلى مقترحاتهم بالشكل الذي يرونه مناسبا حتّى ينخرط الناس في تحقيق أهداف ثورتهم .

* إن زلزال مصر سواء أدّى إلى غلبة العسكر أو عودة الإخوان إلى الحكم، يجب ان يكون عبرة للطبقة السياسية في تونس وخاصّة من بيدهم مقاليد الحكم المؤقت ( الترويكا). وبرغم الاختلافات الموجودة بين الواقع التونسي والمصري إلا أنه عليهم أن يستخلصوا الدروس مما حدث ويعملوا على تصحيح مسار الثورة بدعوتهم إلى تأسيس ائتلاف وطني واسع يجمع كل القوى الحيّة المؤمنة بالمشروع المدني للدولة أو الإلتحاق به في حالة تكوينه من أطراف خارج الترويكا.

* أما من يعتقد بأن ما حدث في مصر فرصة سانحة للحسم نهائيّا مع حكم الإسلاميين وابعادهم إلى الأبد فهم واهمون لأن «الاسلاميين» لم يأتوا من المرّيخ بل هم أبناء هذا الوطن ولهم نظرتهم ورؤيتهم وهم متجذّر ون  في هذا المجتمع. ولنا في تاريخ تونس ومصر أدلّة وبراهين. كما أن مباركتهم لما قام به العسكر في مصر والدعوة إليه في تونس لن يكسبهم شيئا وسيكونون عاجلا أم آجلا الضحية التالية للعسكر ولهم في قصّة بن علي خير عبرة ...

فهل من معتبر؟؟؟..

الهوامش

(1) تتجسد الدولة العميقة في الإدارة والجيش والقضاء والأزهر والكنيسة وفلول النظام السابق

(2) عمر موسى - في مقابلة خاصة مع قناة «روسيا اليوم» بثت يوم 8 جويلية وصدر فى صحيفة  «المصريون» ليوم  9 جويلية2013.

(3) محمد حسنين هيكل خلال حواره مع الإعلامية لميس الحديدي على فضائية CBC يوم 3 جويلية 2013 - نشر في عدّة مواقع وصحف من بينها الصريح التونسية ليوم السبت 6 جويلية.

(4) من بينهم أحمد سمير عاصم، المصور الصحفى بجريدة الحرية والعدالة، الذى ارتقى شهيدا بعد فجر يوم الاثنين 8 جويلية 2013 برصاصات الغدر، وهو يصور الحملة الهمجية بالرصاص الحى على المعتصمين أمام دار الحرس الجمهورى.وقد أصيب بطلق نارى حى وهو يصور عملية قنص المتظاهرين، مما أدى إلى قنصه هو واستشهاده على الفور. وقد عثر على كاميرته ملطخة بدمائه على الأرض، وبها تسجيلات فيديو وصور لعملية الهجوم البربرى.

(5) فجر اليوم الإثنين 8 جويلية 2013  أمام دار الحرس الجمهوري وأثناء صلاة الفجر  تفاجأ المصلون في الركعة الثانية بوابل من الرصاص الحي وقنابل الغاز تنهمر على المصلين والنساء والأطفال وسقط منا أثناء الصلاة عشرات الشهداء ومئات المصابين، منهم ثلاثة أطفال شهداء.

(6) عبدالباري عطوان : مجزرة مصر مشروع فتنة جريدة القدس العربي 8 جويلية 2013

(7) نفس المصدر

(8) حسام شاكر : «تفاعلات الوعي الزائف في مصر» الجزيرة.نات الجمعة 5 جويلية 2013.

(9) البروفيسور أبو يعرب المرزوقي - إلى أين نحن ذاهبون ؟ نشره بصفحته الرسمية يوم 6 جويلية 2013