فقه المعاملات

بقلم
الهادي بريك
من فقه المعاملات المالية في الإسلام الحلقة 10 : التّأمين بين المحرّم والمباح
 مقدّمة عامّة
التّأمين من حيث معناه اللّغويّ والإسلاميّ العامّ هو عمل صالح. إذ هو نشدان أسباب الأمن الذي يحفظ الإنسان في دينه وحياته وعقله وماله. وما به يكون مكرّما محرّما. وقد إمتنّ سبحانه على عباده بذلك ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾(قريش:3-4). ولكنّ المشكلة في صوره التّنزيليّة التي يمكن أن تنحرف عن المقصد التّأمينيّ المطلوب لتصبح عدوانا على أموال النّاس بالباطل. 
التّأمين في الأصل هو تكافل وتضامن وتعاون على الخير، إذ يعسر على الإنسان أن يجترح أسباب ذلك بنفسه. والإنسان مدنيّ بطبعه كما قرّر ذلك علماء الإجتماع. كان التّأمين في العهد النّبويّ عملا في الأكثر تطوّعيّا عطائيّا بغير مقابل. كما مدح ﷺ الأشعريين الذين «إذا أرملوا في الحرب جمعوا ما عندهم فاقتسموه بينهم بالسّوية. فأنا منهم وهم منّي». بل ظهر شكل آخر من أشكال التّأمين التّعاونيّ في الجاهلية وأقره الإسلام وخاصّة قبل نزول تشريعات التّوريث. إذ كان الرّجل يتّخذ له ولاء من فلان أو من القبيلة الفلانيّة. وهو عقد ينصر بمقتضاه كلّ منهما الآخر عندما يحتاج إلى ذلك. وهو الذي أمر اللّه سبحانه بإمضائه حتّى في التّوارث بين أهل الولاء في قوله سبحانه ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾(النساء:33). وبمثل ذلك تأمّنه ﷺ مرّات عند بعض المشركين الشّرفاء من مثل (مطعم بن عدّي). 
وصور التّأمين كثيرة، ولكنّ الصّور المعاصرة ظهرت أوّل مرّة في القرن الرّابع عشر ميلاديّة في بريطانيا لتأمين الملاحة البحريّة، ثمّ تطوّرت الصّور مع دخول عصر الصّناعات وتجهيز الأرض والبحر والملاحة الجوّية ببنية تحتيّة متشابكة ومتينة. ولكنّ كلّ تلك الصّور كان التّأمين فيها تجاريّا بسبب هيمنة النّموذج الرّأسماليّ وغلبته وقيامه على الجشع والقهر والشّره والإسترقاق. كما ظهرت صور شبيهة لذلك في المجتمعات الإسلاميّة منذ قرون وعالجها الفقهاء بما يناسبها، وضمّت مراجع فقهيّة مذهبيّة مثل ذلك، من مثل حاشية بن عابدين الحنفيّة وغيرها. 
وبعد ضمور الفقه الماليّ في حياتنا لأسباب معروفة وقع الحديث عنها في بداية هذه السّلسلة وبدايات إهتمام بعض الفقهاء بالقضيّة الإقتصاديّة عامّة والقضيّة التّأمينيّة خاصّة ظهرت إجتهادات جديدة. وإستقرّ الأمر فقهيّا اليوم على أنّ التّأمين المعاصر له صورتان لا ثالث لهما تقريبا : التّأمين التّجاريّ القائم على قهر المؤمّن للمستأمن (وفي أحيان كثيرة يكون العقد بينهما بغير التّراضي أصلا، وإنّما تفرضه سلطة أو قانون) وعلى الإستثمار في الحقل التّأمينيّ من الشّركات التّأمينيّة ليكون التّعاقد بين الطّرفين مبيّنا على التّربّح غير المحدود والإستئثار من لدن الشّركة المؤمّنة. وقد أجمع على عدم شرعيّة هذا لأسباب يأتي بعض التّفصيل فيها لاحقا إن شاء اللّه. والتّأمين التّكافليّ (أو التّضامنيّ) وهو الذي يقوم على قواعد الشّريعة الإسلاميّة ومنها ما يفصّل كذلك لاحقا إن شاء اللّه
تعريف التّأمين
هو عقد بين طرفين لتحقيق مصلحة نظير مقابل، وأركانه هي : المؤمّن والمستأمن وموضوع التّعاقد والمقابلات الماليّة أو المادّية التي على كلّ طرف من أطراف التّعاقد أداؤها. وهو عقد لا مناص فيه من التّراضي ـ ككلّ عقد مطلقا ـ وهو كذلك عقد معاوضة ملزمة ومؤقتّة بزمن محدّد، ويمكن بعد إنقضاء ذلك الزّمن أن يتجدّد أو أن ينهى. 
وهو عقد إحتماليّ، أي يحتمل الغرر، له أقسام كثيرة تختلف بإختلاف زاوية النّظر. فمنه تأمين خاصّ على حصول ضرر محتمل أو ما يكون في حكمه، ومنه ما يكون عامّا، أي إجتماعيا، من مثل التّأمين على المعاشات وخاصّة من بعد التّقاعد وعلى الصّحة العامّة وعلى الحياة وغير ذلك. كما يكون تأمينا على الأشخاص وعلى الأمتعة. 
ولا يكون التّأمين في العادة إلاّ بإحتمال حصول ضرر على المستأمن، فهو يسعى للتّخفيف منه أو تلافيه بالكلّية. وقد يكون التّأمين على ضرر معيّن محدّد، وقد يكون مطلقا عامّا على كلّ ما يمكن أن يطرأ من سوء. وأنواع أخرى كثيرة تختلف بإختلاف زاوية النّظر وخاصّة في حياتنا المتشابكة بالغة التّعقيد التي يهمين عليها القهر والإكراه وتعمّد الظّلم والجشع والشّره والإستزادة من متع الدّنيا ولذّاتها بغير حساب.
التّأمين التّجاريّ
كما يسمّى التّأمين بالقسط والتّقسيط، وذلك لخضوع العقود فيه إلى أقساط ماليّة (عادة ما تكون ثابتة قارّة) يلتزم بها المستأمن في علاقته مع المؤمّن الذي عادة ما يكون في زماننا مؤسّسة تأمينيّة رأسماليّة كبرى ذات إرتباطات ربويّة وحكوميّة ودوليّة. كما سمّي تجاريّا بسبب قيامه على أنّ ذلك الأخطبوط التّأمينيّ العابر للقارّات يقوم بقهر المستأمنين (ومنهم كثيرون مقهورون على العمليّة التّأمينيّة بقوانين دوليّة أو حكوميّة محلّية)، فهو يجمع أموالهم ويتّجر بها في مشاريع أخرى تدرّ عليه أموالا طائلة، ولا ينال منها المستأمن المسكين شيئا.
أدّلة المنع والجواز في التّأمين التّجاريّ
من أدلّة المانعين أنّ هذه العلاقة أشبه ما تكون بمقامرة ومراهنة، بل هي لا تخلو من معاني الرّبا سواء كان «ربا نسيئة» وهو المجمع على تحريمه قطعا بسبب إحتوائه في ذاته على علّة التّحريم فهو محرّم لذاته وليس لغيره، أو «ربا فضل» وقد جرى التّفصيل بينهما فيما أنف من حلقات من هذه السّلسلة. ولعلّ أبرز دليل هنا أنّ التّأمين التّجاريّ هو صورة من صور أكل أموال النّاس بالباطل، وهو العنوان الأكبر الذي ما فتئ القرآن الكريم يبدئ به ويعيد. وفيه من الفروع  والجزئيّات والتّفاصيل ما لا يعدّ ولا يحصى. أمّا المبيحون فقد إعتمدوا أصلا تشريعيّا كبيرا عنوانه أنّ الأصل في العقود الإباحة، قياسا على عقد الولاء قبل الإسلام.
التّأمين التّعاونيّ التّضامنيّ التّكافليّ
له صورتان : صورة وكالة بدون أجر، أي قيام مؤسّسة توكل لها مهمّة التّأمين وفق قواعد الشّريعة ـ وقوامها الأعظم الإشتراك من لدن أطراف التّأمين في أيّ نتيجة عمل سواء بالتّربّح الجماعيّ لها معا أو بتحمّل الخسارة ـ ولكن بدون أجر، وهذه صورة لا وجود لها اليوم. 
الصّورة الثّانية هي وكالة بأجر معلوم محدّد، المقصود من ذلك ألاّ تكون المؤسّسة التّأمينيّة طرفا في العقد التّأمينيّ، إنّما هي وكيل بأجر محدّد معلوم، وأن تقوم حساباتها الماليّة التي تمسكها على عدم الخلط بين أموال المستأمنين التي يمكن أن تستثمر بإذنهم في مشاريع ربحيّة غير متعارضة مع الشّريعة والتي تعود فوائدها في حال الرّبح عليهم جميعا بحسب قيمة مساهمة كلّ واحد منهم، إلاّ أن يتواضعوا على غير ذلك فلهم ذلك، إذ العقد شريعة المتعاقدين. وعدم الخلط بينها وبين حساباتها الدّاخليّة من مثل أجور الموظّفين والعملة وأجور التّأجير وغير ذلك.
من الأقيسة الأصوليّة والشّرعيّة التي إستند عليها الفقهاء
المؤسّسة التّأمينيّة ـ تكافليّا وليس تجاريّا ـ هي عمل مقيس على نظام العاقلة المعمول به قبل الإسلام، وأخذ به الإسلام. وقوامه تكافل القبيلة على دفع ديّة لقبيلة القتيل، سيما إذا كان القاتل غير عامد. معنى العقل هنا إمّا حبس القاتل عمدا أن يقتل ظلما لأنّه يعلم أنّ قبيلته لا تؤدّي عنه لو قتل عمدا واضحا جليّا لا غبار عليه. كما أنّ العقل هنا محمول على أنّ القبيلة تمنع القاتل غير العامد من أن يقع تسليمه إلى قبيلة القتيل فيقتصّ منه، ولكنّها تعوّضها عن ذلك مالا. 
هو نظام تكافليّ تضامنيّ أخذ به الإسلام لأنّه ينسجم كلّ إنسجام مع مقاصده التّحريريّة للإنسان المكفول من أخيه الإنسان. كما أنف معنا أنّ التّأمين التّكافليّ مقيس كذلك على نظام الولاء أو الموالاة المذكور في القرآن الكريم، عدا أنّ الإسلام نسخ جانب الميراث منه، إذ لا يرث الهالك عدا رحمه سواء كانوا أصولا مهما علوا أو فروعا مهما سفلوا وكذلك أجنحته. 
كما قيس التّأمين التّضامنيّ على ما سمّي قديما في الفقه ـ وحتّى قبل الفقه في تدوينه ـ نظام النّهد أو التّناهد. وهو نظام وجد قبل الإسلام وأقره الإسلام كذلك. وفيه حديث لسيّد التّابعين الحسن البصريّ. وقوام نظام التّناهد هو تعاون الجماعة المرتبطة برباط إجتماعيّ ما على رفع السّوء الذي حلّ بواحد منهم. كما أنّ بعضهم لجأ إلى آليّة أصوليّة معروفة إسمها الإستحسان (عمل بها الأحناف كثيرا) وذلك عندما يكون العمل بالقواعد الشّرعيّة العامّة في بعض الحالات غير نافذ إلى تحقيق المصلحة المرجوّة شرعا، وعندها يستحسن إستثناء بعض منها لمصلحة تلك الحالة المعينّة المحدّدة. المعنى المقصود هنا هو أنّ كلّ إمرئ مسؤول عمّا يقع له من أضرار يعالجها وأسواء يجبرها. ذلك هو الأصل، ولكن إستثناء وإستحسانا ـ بلغة الأصوليّين ـ يمكن عضل تلك القاعدة جزئيّا في حالة محدّدة لا يمكن فيها للمتضرّر من جبر ضرره بنفسه.
التّأمين على الحياة
موضوع التّأمين على الحياة قديم، وليس هو جديد من حيث الأصل. ولكن مع ظهور الرّأسمالية الطاغية والعولمة وما بسطتاه من جشع وشره إزداد الطّلب على التّأمين على الحياة. 
من حيث المبدأ والأصل فإنّ التّأمين على الحياة لا يصطدم مع العقيدة الإسلاميّة، ذلك أنّ بعض التّشريعات الإسلاميّة هي ضرب من ضروب التّأمين على الحياة، من مثل نظام التّوريث الذي يؤمّن للورثة نظاما معيشيّا يحفظ حياتهم، ومثله الوصيّة سواء كانت واجبة أو تطوّعية، ومن ذلك كذلك حصره ﷺ الوصيّة بسقف الثّلث، وعلّل ذلك لخاله سعد بعدم ترك ورثته فقراء يتكفّفون النّاس. أليس ذلك ضرب من ضروب التّأمين على الحياة؟ عدا أنّ صياغة (التّأمين على الحياة) إتّخذت لها ـ تكافلا بين شره الرّأسماليّة من جهة وجهل كثير من المتديّنين من جهة أخرى- معنى غير عقائديّ قوامه الكفر بالقدر، على معنى أنّ المؤمّن على حياته كأنّه يطلب تطويل حياته أو ضمان عدم موته. وهذا لا يقول به حتّى الملحد فكيف بالمسلم؟ 
ومن معاني التّأمين على الحياة ما فعله الفاروق عمر عليه الرّضوان، وذلك عندما إجتهد إجتهاده الأعظم في حياته السّلطانيّة فلم يقسّم أرض العراق على الفاتحين كما جاء في آية التّخميس المعروفة، وإنّما أخضع الأرض للخراج. وعلّل ذلك بعدم حرمان الأجيال القادمة التي ستحرم من أعظم عامل من عوامل الإنتاج وهي الأرض عندما تقسّم أرض العراق المفتوحة على الفاتحين فحسب. يعني أنّه أمّن ما إستطاع من المعيشة لأجيال قادمة لم يولد كثير منهم في حياته هو أصلا. بل قاس الفقهاء التّأمين على الحياة في مشروعيته على ما يعرف في الفقه بإسمي (العمرى والرّقبى). أي منح إنسان لآخر شيئا ـ عادة ما يكون قيمة غير منقولة ـ (ولكن يصحّ في القيم المنقولة) لينتفع بغلّتها مدى حياته ولذلك سمّيت عمرى، أي طول عمره. أو بمعنى الرّقبى، أي ينتفع بها رقبة، ومنها ما تقوم به التّشريعات المعاصرة من تأمين على الشّيخوخة وعلى الحياة بعد التّقاعد ومثلها التّأمينات الصّحية. 
التّأمين على الحياة إذن مشكلته ربّما في صياغته التّحريريّة التي يخلط فيها أنصاف المتديّنين فيتوهّمون أنّها اعتراض على قدر اللّه سبحانه. بل إنّ بعض تلك التّشريعات الإجتماعيّة التّأمينية المعاصرة ـ كما هو معروف ـ كان قد اجترحها الفاروق عمر، إذ أقرّ من بيت المال راتبا قارّا لبعض أهل الذمّة الذين قعدوا عن الكسب، كما أقرّ من بيت المال راتبا منتظما لكلّ مولود جديد.
من خلاصات الموضوع
أكبر خلاصة هنا هي أنّ التّأمين من حيث هو قيمة وفكرة هو قيمة إسلاميّة قحّة، لا غبار عليها في دين يعدّ عدم الحضّ على طعام المسكين ـ وليس عدم الإنفاق عليه فحسب ـ كفيلا بقود صاحبه إلى النّار. 
وثاني أكبر خلاصة هي أنّ التّأمين التّكافليّ إسلاميّ الهوى شكلا ومعنى، وقوامه الإشتراك بين طرفي التّعاقد التّأمينيّ في الرّبح والخسارة معا، بخلاف التّأمين التّجاريّ الذي يكون فيه المؤمّن في حالة ربح دوما والمستأمن في حالة خسارة في الأغلب. 
قانون التّأمين هنا لا يبتعد كثيرا عن قانون المضاربة الذي يجعل الإشتراك بين رأس المال والعمل إسلاميّا متى اشترك الطّرفان في الرّبح والخسارة. بخلاف العقد الرّبويّ الذي يجعل القويّ هو الرّابح دوما. ومعلوم أنّ التأمين الإسلاميّ (التّكافليّ) لا يباح سوى في كلّ ما يباح تملّكه وتأجيره واستخدامه (كلّ ما جاز بيعه وامتلاكه وتأجيره يصلح لأن يكون عقد تأمينيّا تكافليّا). كما يستحسن وجود هيئة شرعيّة تراقب عمل المؤسّسة التّأمينيّة على غرار الهيئات الشّرعيّة في المصارف الإسلاميّة لضمان حقوق المستأمنين ولتقسيم الأرباح بينهم بحسب العقد في حالة تحقيق المؤسّسة بأموالهم التّأمينيّة لأرباح في مجالات إستثماريّة مباحة. 
المؤسّسة التّأمينية وكيل عن المستأمنين تدير أموالهم وتجبر كسورهم، وليست هي طرفا في العقد أو ركنا فيه. ولها أن تأخذ عن عملها ذلك أجرا سواء بنسبة محدّدة أو بقيمة. ولا بدّ من مسك حسابات خاصّة بأموال المستأمنين فلا يختلط كتاب المؤسّسة لإدارة شؤونها الدّاخليّة مع كتاب أموال المستأمنين في حال الإستثمار خاصّة. 
روح التّأمين التّكافليّ هو التّعاون والتّضامن على جبر الأضرار وتقاسم الأدواء والأسواء للتّخفيف من وطأتها، وليس هو فرصة للتّربّح بأموال النّاس بدون إذنهم أو الإستئثار بعائداتها دونهم. كما أنّ تلك الأموال فيها زكاة بالشّروط المعروفة للزّكاة، أي حولان حول وغير ذلك. ويشترك في ذلك العمل كلّ من أراد من دون عائق عقديّ أو دينيّ أو غيره لأنّه عقد مدنيّ، ككلّ عقد مدنيّ لا يشترط فيه الدّين إنّما الأمانة. ومن أكبر التّأصيلات على مشروعيّة التّأمين التكافليّ قوله ﷺ: «لا ضرر ولا ضرار» والذي عدّ أصلا تشريعيّا عظيما يحتضن أكثر العقود.
كلمة أخيرة
كما قامت تجربة المصارف الإسلاميّة التي مازالت تتخبّط بين نجاحات واخفاقات لأسباب وقعت معالجتها في مقال سابق من هذه السّلسلة فإنّه على المسلمين مجتمعين ومتكافلين القيام بإنشاء شركات تأمينيّة تكافليّة تضامنيّة وفق الشّريعة الإسلاميّة غلى غرار تلك المصارف. ولن يحالفها بإذن اللّه عدا النّجاح والفوز، وبذلك نتقدّم خطوة أخرى على درب توسيع دوائر الخير والتّعاون عليه وتضييق الشّر والتّكافل على دحره. لسنا فقراء البتّة، إنّما نحن متفرّقون. وعندها يطمئنّ صاحب السّيارة على تأمين سيّارته، وصاحب الطّائرة وصاحب الدّراجة وصاحب السّفينة وصاحب المعمل وصاحب المصنع وصاحب المتجر، إذ يثق بالتّجربة أنّها تعود عليه بعائدات أمواله، وليس يستأثر بها المؤمّن الرّبويّ التّجاريّ سواء أصابه ضرر أم لم يصبه، والله أعلم.