شذرات

بقلم
د.محمد عمر الفقيه
الأكثريّة والأقليّة من منظور قرآني
من السّنن الكونيّة التي كشفت عنها الآيات القرآنيّة والتي تتناول اتجاهات النّاس واصطفافهم مع الإيمان والحقّ والخير والإيمان والتّدبّر والتّعقّل وغيرها من الصّفات التي دعا إليها الحقّ سُنة إتّباع أكثر النّاس للباطل وكراهيتهم للحقّ واختيارهم للضّلال والانحراف والكفر، وذلك بمحض اختيارهم وإرادتهم، وقد وصف الحقّ سبحانه وتعالى أكثر النّاس بالأوصاف الآتية :

1 - أكثر النّاس لا يؤمنون. قال تعالى : ﴿إن السَّاعَةَ لآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ﴾(1).2 - أكثر النّاس لا يعقلون . قال تعالى : ﴿إن الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ﴾(2). ومن الآيات التي دلّت على المعنى نفسه الأية 103 من سورة المائدة  والآية 63 من سورة العنكبوت.3 - الكثير من النّاس فاسقون . قال تعالى : ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾(3).4 - أكثر النّاس لا يعلمون . قال تعالى : ﴿ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾(4). وقال أيضا:﴿وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُون﴾(5).5 - أكثر النّاس للحقّ كارهون . قال تعالى :﴿أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾(6). وقال أيضا : ﴿لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾(7).6 - الكثير من النّاس كافرون . قال تعالى :﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ﴾(8).7 - الكثير من النّاس غافلون . قال تعالى: ﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾(9).8 - أكثر النّاس مشركون. قال تعالى: ﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ﴾(10). وقال أيضا: ﴿وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾(11).9 - أكثر النّاس لا يشكرون . قال تعالى :﴿اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إن اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ﴾(12).10 - أكثر الناس يجهلون . قال تعالى :﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمْ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمْ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلا أن يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ﴾(13).11 - أكثر النّاس لا يسمعون . قال تعالى :﴿فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ﴾(14). وقال ايضا:﴿أَمْ تَحْسَبُ إن أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إن هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً﴾(15).12 - أكثر النّاس يتبعون الظن . قال تعالى : ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إن يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُون﴾(16) .وقال أيضا : ﴿وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلا ظَنًّا إن الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا إن اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ﴾(17).13 - أكثر النّاس معرضون . قال تعالى: ﴿أَمْ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِي وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾(18).14 - أكثر النّاس ضالون . قال تعالى : ﴿وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الأَوَّلِينَ﴾(19).ومن هنا يتضح تماما أن أكثر النّاس اتبعوا طريق إبليس الذي حذّرهم اللّه منه في مواقع كثيرة من كتابه العزيز، ولكنّ نبوءة إبليس قد تحقّقت في ذريّة آدم عليه السّلام، فقال اللّه تعالى على لسانه: ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِين﴾(20). وقال تعالى على لسانه كذلك : ﴿قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلا قَلِيلاً﴾(21).ولقد أكّد الحـقّ سبحانـه ذلك بقولــه: ﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيـسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُـوهُ إِلا فَرِيقًـا مِنْ الْمُؤْمِنِين﴾(22) وقال أيضا :﴿وَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ﴾(23).  وقال تعالى: ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُور﴾(24).ومن خلال ما سبق من ثبات هذه السّنّة الكونيّة التي كشف عنها الحقّ جلّ وعلا، يستطيع كلّ ذي عقل أن يفهم أنّ الوصول إلى الحقّ والخير والفضيلة لا يمكن بحال من الأحوال بلوغه من خلال إتباع أكثر النّاس؛ لأنّ أكثر النّاس دهماء توجّههم أهواؤهم وشهواتهم، وبالتّالي لا مناص لكلّ من يبحث عن الحقيقة من التّأمّل والتّدبّر والتّفكّر، واتخاذ قراره بناء على ما توصّل إليه من نتائج، وأنّ ما تتّبعه الأكثريّة ليس فيه أيّ مؤشر على الصّواب، بل على العكس من ذلك تماما.الهوامش(1) سورة غافر - الآية 59(2) سورة  الحجرات - الآية 4(3) سورة الحديد - الآية 2(4) سورة الروم - الآية 30(5) سورة الطور - الآية 47(6) سورة المؤمنون - الآية 70(7) سورة الزخرف - الآية 78(8) سورة الروم - الآية 8(9) سورة يونس - الآية 92(10) سورة الروم - الآية 42(11) سورة يوسف - الآية 106(12) سورة غافر - الآية 61(13) سورة الأنعام - الآية 111(14) سورة فصلت - الآية 4(15) سورة الفرقان - الآية 44(16) سورة الأنعام - الآية 116(17) سورة يونس - الآية 36(18) سورة الأنبياء - الآية 24(19) سورة الصافات - الآية 71(20) سورة ص - الآيتان 82 و83(21) سورة الإسراء - الآية 62(22) سورة سبأ - الآية 20(23) سورة ص - الآية 24(24) سورة سبأ - الآية 13