الأولى

بقلم
فيصل العش
كوارث الطقس والتغيّرات المناخيّة: هل من أمل للحدّ منها؟
 (1) 
ما حدث خلال شهري جويليّة وأوت المنقضيين من كوارث نتيجة الأحوال الجوّية، أغلق نهائيّا قوس الشكّ في حقيقة التّغيّرات المناخيّة وما تمثّله من مخاطر على سلامة الإنسان وممتلكاته سواء كان غنيّا أو فقيرا، ينتمي إلى دولة فقيرة أو غنيّة، متقدّمة أو متأخرة.
فبعد أن كان مصطلح «الجفاف» غريبا عن الأوروبيين تحوّل خلال الأسابيع القليلة الماضية إلى واقع معيش بعد تراجع منسوب المياه في الأنهار الكبرى في القارة العجوز، وتحوّلت المساحات الخضراء إلى أراضٍ جرداء نتيجة قلّة الأمطار والارتفاع الكبير في درجات الحرارة. فالجفاف الذي تعيشه أوروبا هذه الأيام غير مسبوق وهو الأسوأ منذ 500 سنة، وفق إعلان مركز الأبحاث المشترك التّابع للمفوضيّة الأوروبيّة. وحسب المصدر نفسه، فإنّ «الجفاف الحادّ» أصاب 47 % من القارّة الأوروبيّة، وبات ثلثا مساحة القارة المتبقية مهدّدين بالجفاف. وفي المجر، تشهد البلاد فترة من الجفاف المستمرّ هي الأطول منذ عام 1901 وهو ما أدّى إلى انخفاض منسوب المياه بنهر الدّانوب بنسبة 25 %. كما سجلت بحيرة غاردا -كبرى بحيرات إيطاليا- رقمًا قياسيًّا بعد وصول المياه إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، بسبب أسوأ موجة جفاف تشهدها البلاد منذ عقود.
وكانت درجات الحرارة قد بلغت أرقاما غير عادية خلال الفترة الماضية حيث تجاوزت الأربعين(1). وهو ما أدّى إلى وفاة ما يزيد على ألف شخص في البرتغال وإسبانيا بسبب الحرّ، واندلاع حرائق ضخمة دمّرت مساحات شاسعة من الأراضي(2) وتسبّبت في اخلاء مناطق بأكملها حفاظا على سلامة سكّانها. وفي شمال إفريقيّا، تضرّرت المغرب والجزائر وتونس أيضا من جرّاء الارتفاع الكبير في درجات الحرارة (3) الذي أدّى إلى اندلاع حرائق كبيرة ممّا تسبّب في أضرار جسيمة وخسائر في العباد والعتاد (4). 
وفي الوقت الذي اجتاحت فيه الحرائق وموجات الحرّ مناطق عدّة في أوروبا وشمال إفريقيا، ضربت السّيول والفيضانات عددا من دول الخليج وإيران وباكستان والقرن الإفريقي تسببت في سقوط ضحايا، كما ألحقت أضرارا بالغة بالطّرق والمباني السّكنية(5). ونادرا ما تشهد منطقة الخليج تساقط الأمطار خلال شهور الصّيف شديدة الحرارة. 
(2)
أهمّ مظهر من مظاهر التّغيّرات المناخيّة ازدياد شدّة حالات الطّقس المتطرّفة وتواترها، حيث تكون التّساقطات أو الرّياح أو الأعاصير أو موجات الحرّ والجفاف أو موجات البرد عند حدوثها فجئيّة وعنيفة وذات مخاطر كبيرة وتتكرّر بوتيرة أكبر(6)، بالإضافة إلى حدوث اضطرابات كبيرة في الظّواهر المناخيّة المعتادة كالأمطار الموسميّة في مناطق المحيط الهندي(7) وتساقط الثّلوج في المناطق القطبيّة والشّماليّة لأوروبا وتشوّهات في العناصر الأساسيّة التي تؤثّر في المناخ وتحدّد طبيعته كالتّيارات النّفّاثة «Jet-stream»ا (8). وهي اضطرابات لها عواقب كبيرة ليس على دول تلك المناطق فقط بل على الأرض بأكملها. فانخفاض نسبة التّساقطات الثّلجيّة خلال فصل الشّتاء بالمناطق القطبيّة يؤدّي إلى تقلّص كبير في حجم المياه المتدفّقة إلى الأنهار وانحسارها(9) ونقص في حجم الغطاء الثّلجي للقطبين والذي له دور كبير في توزيع الطّاقة على مستوى الكوكب. كما أنّ ذوبان أنهار الجليد وجبال الثّلج مبكرا عن موعدها المعتاد نتيجة ارتفاع الحرارة قد يكون ايذانا باختفاء المياه عندما يحتاج إليها ملايين البشر خلال فصل الصّيف وقت تراجع سقوط الأمطار(10). ومن المخاطر الكبيرة للاحترار المناخي إرتفاع منسوب مياه البحر، من جرّاء ارتفاع نسق ذوبات ثلوج القطبين وانهيار الصّفائح الجليديّة خاصّة في الأنتاركتيكا، ممّا قد ينجرّ عنه اختفاء العديد من الجزر وزعزعة استقرار مدن كبيرة مثل نيويورك وشانغهاي وطوكيو وكالكوتا وإغراق سواحلها. بالإضافة إلى اختفاء عدد كبير من الكائنات البحريّة التي تتأثر بملوحة الماء. 
ونتيجة للاحتباس الحراري وارتفاع معدّل درجات حرارة الأرض، تحدث تشوهات في التّيارات النّفاثة، حيث تتمدّد بشكل أكثر من المعتاد وتصبح ضعيفة، إضافة إلى إصابتها بانبعاجات (11) كثيرة، وهو ما ينعكس بشكل واضح على توزيع الضّغط الجويّ، وتغيّرات كبيرة في طبيعة الكتل الهوائيّة وتنقّلاتها وما ينجرّ عن ذلك من اضطراب في العناصر الجوّية خاصّة الأمطار(12).
(3)
إذن لم يعد هناك مجال للشّكّ في أنّ مناخ الأرض تغيّر وأنّ الاحتباس الحراري واقع ملموس، ولكن ماذا عن أسباب هذا التّغيّر؟ وهل بمقدور إنسان القرن الواحد والعشرين أن يعيد الأمور إلى نصابها ليتمكّن الجنس البشري من البقاء؟ أم سيزيد في قدرة البشريّة على إنهاء نفسها بتعميق جراح المناخ العالمي عبر دفع الاحتباس الحراري من خلال أنشطة الإنسان المضرّة بالطّبيعة إلى مستويات تصبح معها الحياة على وجه الأرض مستحيلة؟ هل سنكون فعلا مع نهاية حزينة لتاريخ البشريّة على وجه الأرض؟.
بالرغم من وجود نظريّة تقلّل من دور الإنسان في التغيّرات المناخيّة وتُرجع أسبابها إلى طبيعة النّشاط الشّمسي المضطرب(13)، فإنّ نسبة كبيرة من علماء المناخ في العالم يؤكّدون أنّ الإنسان هو المتسبّب الرّئيسي في التّغيرات المناخيّة وبالتّالي في كوارث الطّقس التي ما فتئت تضرّ بالإنسان وتهدّده وتنغّص عليه حياته، وذلك نتيجة للاستغلال المفرط للطّاقة الأحفوريّة (14) من قبل الدّول الصّناعيّة الذي انطلق مع الثّورة الصّناعية في القرنين الثّامن عشر والتّاسع عشر، الأمر الذي تسبّب في التّزايد المستمر لنسبة تركيز الغازات الدّفيئة (15) في الغلاف الجوّي وخاصّة ثاني أكسيد الكربون الذي بلغ أعلى مستوياته منذ 800 ألف عام. وقد بلغت تلك النّسبة حدّا تسبّب حسب عدد كبير من خبراء المناخ في الارتفاع الهام لمعدّل درجة حرارة الغلاف الجوّي الأمر الذي نتجت عنه التغيّرات المناخيّة ومن ثّم ما نعيشه من «إرهاب مناخي». وتشير الأرقام إلى أنّ عددا من الدول من بينها الولايات المتحدة الأمريكيّة  لا تمثّل إلاّ  13.5 % من سكّان العالم، مسؤولة عن أكثر من ثلثي انبعاثات الغازات المتسبّبة في الانحباس الحراري وعلى رأسها غاز ثاني أكسيد الكربون(16). 
(4)
سيتساءل البعض عن فائدة المؤتمرات العديدة التي تمّ تنظيمها من أجل الحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراري والاتفاقيّات الدّوليّة التي انبثقت عنها(17)، الجواب أنّ تلك المؤتمرات والقمم تشبه إلى حدّ كبير المؤتمرات والقمم السّياسيّة والأمنيّة التي تعقدها الأمم المتّحدة، فلا فائدة ترجى من ورائها ما دامت الدّول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتّحدة الأمريكيّة والصّين والشّركات العظمى متعدّدة الجنسيّات المهيمنة اقتصاديّا على العالم، لا تلتزم بمخرجاتها، وهي لا تفكّر إلاّ في الرّبح والهيمنة وإن كان على حساب الشّعوب الضّعيفة والفقيرة الأكثر تضرّرا من التغيّرات المناخيّة وتطرّف الطّقس. فلن يكون باستطاعة أحد فرض قراراته على الدّول الكبرى، وهي لن توافق على تنفيذ التّوصيات إلاّ إذا خدمت مصالحها السّياسيّة والاقتصاديّة؛ أمّا الدّول الفقيرة والضّعيفة، فإنّها ستبقى على هامش الأمر، تتحمّل تبعات أخطاء الدّول الكبرى والمنظّمات الدّوليّة المهيمنة عليها، وتعاني أكثر من غيرها من «إرهاب المناخ» في انتظار صحوة حقيقيّة للضّمير الإنساني التي قد تأتي وقد لا تأتي قبل قيام السّاعة. 
لن أكون متشائما أكثر من «أنطونيو غوتيريش» الأمين العام للأمم المتّحدة الذي قال : «العالم يخسر السّباق، لأنّ تقرير المنظّمة العالميّة للأرصاد الجوّية (WMO) يخلص إلى أنّه حتّى لو حقّقت جميع البلدان الأهداف التي حدّدتها اتفاقيّة باريس لعام 2015، فإنّ حرارة كوكبنا سترتفع بمقدار 2.9 إلى 3.4 درجة مئوية. وللنّجاح في الحدّ من ظاهرة الاحتباس الحراري وإبقائها في حدود 1.5 درجة مئوية، يجب ببساطة مضاعفة مستويات الطّموح بخمسة!»(18) وهو أمر من قبيل الخيال، حتّى وإن تحوّل أصحاب القرار في الدّول الكبرى والشّركات العملاقة إلى ملائكة!!!.
لم يبق لدينا سوى محاولة التأقلم مع التّغيّرات المناخيّة وتحمّل الخسائر البشريّة والمادّية النّاتجة عن تكرار الظّواهر الجوّية المتطرّفة. آملين أن يرحمنا اللّه فلا يؤاخذنا بما فعله السّفهاء من جنس البشر.
الهوامش
(1) الأرقام كثيرة يمكن أن نذكر منها بفرنسا (42 بنانت يوم 18 جويليّة) واسبانيا (45.1 بالكانتاريا و 42.4 بمدريد يوم 15 جويليّة) والبرتغال (44.4 بإيفورا يوم 13 جويلية) وإيطاليا (40.2 باسترانا يوم 23 جويلية) وأنقلترا(40.2 بلندن يوم 19 جويلية) في حين بلغت 48.8 درجة مائوية بصقليّة (10/8/2022).
(2) سجّلت إسبانيا أكبر مساحة من الأراضي المحروقة (245 ألفا و278 هكتارا) جراء الحرائق، تليها رومانيا (150 ألفا و528 هكتارا)، والبرتغال (75 ألفا و277 هكتارا)، وفرنسا (61 ألفا و289 هكتارا)
(3) على سبيل المثال، أعلن المعهد الوطني للرصد الجوي في تونس خلال شهر أوت من السنة المنقضية تسجيل «خمس درجات قياسية للحرارة يوم 11 أوت 2021، أعلاها بالقيروان (وسط)، وهي أعلى درجة حرارة مسجلة في تاريخ البلاد». وأضاف المعهد،  أن «القيروان جاءت في المركز الثاني عالميا والأول إفريقيّا في ترتيب المناطق الأشد في درجات الحرارة، حيث بلغت 50.3». وأوضح أن «هذه الدرجة تعتبر الأعلى، متجاوزة الرقم القياسي السابق المسجل عام 1968». ولفت إلى أن «المناطق الأكثر ارتفاعا في درجات الحرارة المسجلة بالقارة الإفريقية في ذلك اليوم كانت في تونس والجزائر». وتم تسجيل رقم قياسي ثانٍ بسيدي بوزيد (الوسط)، بلغ 47.4. ووفق البيان، تم تسجيل رقم قياسي ثالث بصفاقس (جنوب)، بلغ 45.8. والرّقم القياسي الرابع جرى تسجيله في مدينة قليبية (شرق)، وبلغ 43.5. أما الرقم الخامس، فتم تسجيله بمدينة نابل، وبلغ 46.3 درجة. وفي هذه السّنة تواصلت الإطاحة بالأرقام القياسيّة في درجات الحرارة حيث بلغت الحرارة في الظلّ 48 درجة بقابس مطماطة و 48.3 بمدنين (الجنوب) و 46.5 بجزيرة جربة (الجنوب الشرقي) و 47.1 بالمنستير (الساحل) وذلك يوم 18 أوت الماضي.
(4) اندلعت حرائق غابات في بؤر عدّة شمال المغرب، تسببت بمقتل أربعة أشخاص في جويليّة. وأتت هذه الحرائق، على ما يقارب 10300 هكتار من غابات شمال البلاد. وفي الجزائر كانت حصيلة ضحايا الحرائق التي اندلعت (الاربعاء 17 أوت 2022) شمالي البلاد وشرقها (14 ولاية) أكثر من 41 قتيلا و161 مصابا. وصرّح وزير داخلية الجزائر أنه منذ بداية شهر أوت اندلع 106 حريقا، دمر أكثر من 800 هكتار (الهكتار يساوي 10 آلاف متر مربع) من الغابات، وما يزيد على 1300 هكتار من الأحراش.
(5) حدوث فيضانات عارمة اجتاحت 100 بلدة و300 قرية في 18 إقليما من أصل 31 في إيران يوم 29/7/2022 خلّفت 53 قتيلا على الأقل وسبعة في الإمارات. وفي السودان (19 أوت 2022) بلغت ‏حصيلة ضحايا الأمطار والسّيول 79 قتيلاً وتدمير 40 ألف منزل. وفي باكستان كانت الفيضانات أكثر كارثيّة من غيرها حيث طالت أضرارها أكثر من 33 مليون شخص، أي واحدا من كل سبعة باكستانيين، في حين تجاوزت حصيلة القتلى 1135 شخصا.
(6) بالبحث في سجّلات سلطنة عُمان على سبيل المثال نكتشف أنّ السّلطنة قد تعرّضت من قبل إلى حدوث أعاصير، وبالتالي فإن وجود إعصار لا يعني بالضّرورة أنّ ذلك بسبب التّغير المناخي، لكنّ عندما نلاحظ أنّ عُمان تعرّضت لعشرة أعاصير خلال آخر عشر سنوات فإن ذلك يعني ازدياد تواتر حدوث الأعاصير بالمنطقة، وهو ما يعني أن هناك تغيّر مناخي. فالتغير يحسب وفقا لفترة زمنية معينة وليس وفقا لحالة واحدة. 
(7) تغيرت أنماط الرّياح الموسميّة في جنوب آسيا في العقود الأخيرة ممّا أدّى إلى تسجيل أمطار غير عاديّة تجاوزت المعدّل العادي بشكل كبير ببنقلداش والهند وباكستان (سجلت مدينة باديدان في مقاطعة السّند على سبيل المثال  595 ملم في 48 ساعة حتى 20 أوت 2022) .
 ممّا أدّى إلى مقتل ما يقرب من 700 شخص في باكستان ، وتضرر أكثر من 1.5 مليون شخص كما نفق أكثر من 500 ألف رأس ماشية نتيجة للفيضانات ولا سيما في بلوشستان. 
(8) التيارات النفّاثة، بالفرنسيّة «courant-Jet»  تيارات من الهواء سريع الحركة يبلغ طولها وعرضها عدّة آلاف من الأميال. توجد في المستويات العليا من الغلاف الجوي للأرض عند التروبوبوز - الحدود بين طبقة التروبوسفير والستراتوسفير . وهي تلعب دورا مهمّا في توازن الطّقس ودرجات الحرارة في جميع أنحاء العالم. 
(9) نسبة تساقط الثلوج خلال فصل الشتاء 2022 كان أقل بنسبة 70 % عن متوسط معدّلها العام
(10) وهو ما حدث هذا العام بالعديد من دول أوروبا.
(11) انْبَعَجَ : اتَّسع وانْفَرَجَتْ جَوَانبُهُ، انبعجتِ الأرضُ أو البطنُ أو غيرُهما: تشوّهتْ وتغيَّر شكلُها بصورة غير منتظمة لوجود بروز أو تجويف بها (معجم المعاني الجامع)
(12) أدى ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى ارتفاع درجة الحرارة في القطب الشّمالي، ممّا أدى إلى ضعف التّيار النفاث في الجزء الشّمالي من الكرة الأرضيّة «Jest-stream polaire» . وبعد ضعفه، انقسم هذا التّيار النّفّاث إلى قسمين، فأدّى إلى دفع المزيد من الهواء السّاخن من شمال القارّة الأفريقيّة إلى أوروبا والمساهمة في المزيد من رفع درجات الحرارة، ونتيجة لذلك بدأ ظهور الحرائق في إسبانيا وامتدت حتّى البرتغال وضرب الجفاف بريطانياودول أوروبيّة عدّة. وفي شتاء 2022 تسبب تشّوه التيار النفاث في انحدار الهواء القطبي المتجمّد من العروض العليا إلى العروض الوسطى ووصل لأوّل مرّة إلى مناطق غير معتادة لهذا كان الشتاء قاسيا في الخليج وفي مناطق شمال إفريقيا.
(13) ترجع هذه النّظريّة أسباب التّطرّف المناخي إلى النّشاط الشّمسي الذي يختلف من دورة إلى أخرى حيث تنقسم إلى دورات شمسيّة ذات نشاط قوي، وأخرى ذات نشاط ضعيف. وخلال فترات الضّعف الشّمسي يحدث تمدّد للمجال المغناطيسي المحيط بالأرض وهو ما يعمل على تسرّب الأشعة الكونيّة إلى الغلاف الجوي للأرض، فتتفاعل مع غازاته ممّا يؤدي إلى تشكّل سحب عميقة ومنخفضة يصاحبها هطول غزير جدّا للأمطار على حيز ضيّق من الأرض وهو ما ينتج عنه تشكّل الفيضانات والسّيول الجارفة». ويطرح أصحاب هذه النظريّة أمثلة عما حدث قبل أشهر قليلة في إقليم ليغوريا شمال غرب إيطاليا، والذي شهد تساقط أمطار غزيرة جدا قاربت 900 مم خلال 24 ساعة فقط، وما حدث الصّيف الماضي في ألمانيا وبلجيكا حيث بلغت كمّيات الأمطار 600 مم في أقل من 24 ساعة.
ويرى مناصرو هذه النّظريّة أنّ ضعف النّشاط الشّمسي الحالي الذي جاء أضعف ممّا كان عليه خلال الدّورة الشّمسية رقم 24 بنسبة تصل إلى 30 % تقريبا، نتج عنه حدوث تشوّهات في التّيار النّفاث، حيث تمدّد بشكل أكثر من المعتاد وأصبح ضعيفا،وهو ما انعكس بشكل واضح على توزيع الضّغط الجوّي على مستوى الكوكب. ويرى هؤلاء أنّ التّطرّف المناخي ما زال متواصلا و أنّ فترات التّغيّر المناخي ستزداد حتّى العام 2026، يعقبها بدايات عصر جليدي مصغّر قد يصل ذروته خلال الفترة من عام 2030 إلى عام 2040. وقد تتشابه الفترة المقبلة مع  الفترة التي امتدت من عام 1790 إلى عام 1840، وتخللها تجمد هائل في معظم دول نصف الكرة الشّمالي.
(14) الطاقة الأحفورية هي ذاك النوع من الطاقة المحصل عليه عن طريق استغلال الوقود الأحفوري المستخرج من باطن الأرض، وخاصّة الفحم الحجري والنفط .
(15) الغازات الدفيئة هي غازات توجد في الغلاف الجوي تتميز بقدرتها على امتصاص الاشعة التي تفقدها الأرض (الاشعة تحت الحمراء) فتقلل ضياع الحرارة من الأرض إلى الفضاء، مما يساعد على تسخين جو الأرض وبالتالي تساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري والاحترار العالمي.
(16) المصدر : وكالة التقييم البيئي الهولندية Trends in global CO2 and total greenhouse gas emissions: 2020 Report, وقد جاء فيه أنّ مساهمة الصّين تبلغ 26 % والولايات المتحدة 13 % ، والاتحاد الأوروبي 9 % والهند 7 % ،وروسيا 5 % 
(17) من بينها قمة الأرض الذي عقدت في ريو دي جانيرو في البرازيل(1992)، واتفاقية كيوتو (2009) واتفاقية باريس (2015).
(18) من مقال لـ «Nathalie Mayer» صادر بموقع «www.futura-sciences.com» يوم 28/9/2019 :