الأولى

بقلم
فيصل العش
هل تسكت مغتصبة؟ في الذكرى الـ52 لجريمة إحراق المسجد الأقصى ...
 (1)
 «القدس عروس عروبتكم ... فلماذا أدخلتم كل زناة اللّيل إلى حجرتها ؟؟
ووقفتم تستمعون وراء الباب لصرخات بكارتها... وسحبتم كلّ خناجركم
وتنافختم شرفا ... وصرختم فيها أن تسكت صونا للعرض...» (1)
هذه أبيات من قصيدة للشّاعر العراقي الكبير «مظفّر نواب» كتبها منذ عقود، لكنّ كلماتها بقيت تعبّر عن الواقع المأسوي التي تعيشه القدس والمقدسيّون وكأنّها كتبت للتوّ.. إنّها صرخة عربيّ مجروح يشاهد بأمّ عينه أولى القبلتين وثالث الحرمين الشّريفين، ومسرى ومعراج النّبي محمد ﷺ، تعاني من  الأعمال الإجراميّة الصّهيونيّة في كلّ وقت وحين، ولا ترى في الأفق أملا لقدوم صلاح الدّين من جديد، فكلّ الحكّام العرب والمسلمين منشغلون إمّا بالنّوم في أحضان الأعداء أوقمع شعوبهم حفاظا على سلطة من دون سلطة، أو هم منهمكون في تدمير ما تبقّى من العالم العربي بأيادٍ مرتزقة تموّل بسخاء على قدر أعمالها الإجراميّة والتّخريبيّة من أجل دور في المنطقة لا يتجاوز دور «البيدق» على رقعة الشّطرنج.
(2)
ما تعيشه مدينة القدس المحتلة منذ مدّة من انتهاكات صهيونيّة ممنهجة شبه يوميّة للمسجد الأقصى ومحاولات متكرّرة لتدنيسه، وحالة التّضييق غير المسبوق على المقدسيّين  ليس بالأمر الهيّن، وهو جريمة جديدة تضاف إلى سجّل الكيان الأسود. وليس هناك أدنى شكّ في أنّ اختيار الصّهاينة لهذا التّوقيت لم يكن صدفة وإنّما عن دراية بما يحدث في المنطقة، فالوقت أصبح أكثر من مناسب لتنفيذ فصل جديد من مخطّطهم الإجرامي خاصّة وأنّ العالم كلّه أصبح منشغلا بالوضع الوبائي العالمي جرّاء انتشار فيروس كورونا وبالوضع الاقليمي المضطرب والحروب المشتعلة في العديد من الدّول العربيّة، حروب توجّهت فيها فوهات المدافع والرّشاشات نحو صدور أبناء الوطن الواحد في عمليّة إبادة عربيّة-عربيّة برعاية أجنبيّة.
إنّ ما يحدث في الفترة الأخيرة في مدينة القدس ليس استغلالا للفرصة فقط من طرف الكيان الصّهيوني الغاصب بل يدخل ضمن مخطّط قديم جديد للقضاء على انتمائها العربي الاسلامي، انطلق بتقسيمها إلى شرقيّة وغربيّة في حرب النّكبة 1948، ثم احتلال الجزء الشّرقي بالكامل إثر حرب 1967 وإعلان القدس عاصمة موحّدة أبديّة للدّولة اليهوديّة «إسرائيل» في 30 جويلية 1980 واستثنائها من أي عمليّة تفاوضيّة مع الفلسطينيّين ضمن ما سُمّي جورا «السّلام الفلسطينيّ - الإسرائيلي»، ووصولا إلى فتح السّفارة الأمريكيّة في القدس (ماي 2018)، ومخطّطات التّهجير والتّرحيل في حي الشيخ جراح (ماي 2021)،وأحداث باب العمود (أفريل 2021).
(3)
وفي خضمّ الأحداث المتتالية التي هزّت العالم العربي ومازالت سواء في المشرق أو في المغرب، وخاصّة في سوريا الجريحة التي دمّرتها حرب دامية أتت على الأخضر واليابس أو في اليمن أين يقتل العربي أخاه العربي بدم بارد وبدون أدنى شفقة، أو في العراق، وما يحدث في ليبيا وما يخطّط له من محاولات لتكرار السّيناريو المصري في تونس، وفي وضع يهيمن عليه الخوف نتيجة انتشار رائحة الموت من جرّاء فيروس كورونا اللعين. في مثل هذه الأوضاع يهتم أغلب العرب والمسلمين ومن تعاطف معهم بكلّ صغيرة وكبيرة تتعلق بهذه الأحداث ويخصّصون جزءا كبيرا من أوقاتهم لمتابعة ما تظهره وسائل الإعلام وتعلن عنه من أحداث وتحاليل ممّا يجعلهم يضيّعون قضيتهم المركزيّة وجوهر صراعهم مع الكيان الصّهيوني المزروع في قلب الأمّة. وينسون قضيّتهم الأساسيّة ألا وهي تحرير فلسطين والقضاء على هذا الكيان الغاصب الذي لا يشكّ ذو عقل في دوره الخبيث وتخطيطه لما يحدث من مشاكل وأزمات في البلدان العربية ومحاولاته المتكرّرة بالتّواطؤ مع بعض الحكام العرب الذين يعملون لصالحه لإدخال هذه الشّعوب في أتون الصّراعات الدّاخلية حتّى يتسنى له تحقيق مآربه التي تأسّس من أجلها والمتمثلة في القضاء على فلسطين وبناء دولة إسرائيل الكبرى من النّيل إلى الفرات. ولكي لا تضيع البوصلة، فإنّنا سنحاول من خلال هذا المقال البسيط تذكير القرّاء الكرام بأحد أكبر جرائم الكيان الصّهيوني في حقّ هذه الأمّة المتمثّلة في محاولة حرق المسجد الأقصى التي يقترن إصدار هذا العدد بالذّكرى 52 لتاريخ تنفيذها.
(4)
مدينة القدس التي يرجع تاريخها إلى أكثر من خمسة آلاف سنة هي مهد الدّيانات السّماويّة، وتحتل موقعا مميّزا لدى المسلمين لما لها من رمزيّة وما تحمله من دلالات وما تختزنه من تاريخ. فهي المدينة التي تحضن المسجد الأقصى أوّل القبلتين، صلّى إليه النّبي محمد ﷺ والمسلمون سبعة عشر شهراً قبل أن يُؤمروا بالتّحوّل شطر المسجد الحرام(2)، كما أنّه ثالث الحرمين بعد المسجد الحرام بمكّة المكرّمة والمسجد النّبوي بالمدينة المنوّرة(3). وهو المسجد الذي إليه أسري بالنّبي محمد ﷺ وفيه صلّى إماما بالأنبياء قبل أن يعرج به إلى السّماء(4). وقد ظلّ هذا المسجد على مدى قرون طويلة مركزا مهمّا لتدريس العلوم ومعارف الحضارة الإسلاميّة.
ونتيجة لهذه الرّمزيّة ، تحتلّ مدينة القدس عامّة والمسجد الأقصى خاصّة مركز النّزاع التّاريخي بين المسلمين والصّهاينة. ولهذا عملت الحركات الصّهيونيّة ومن ورائها الكيان الصهيوني على ضمّ القدس واعتبارها عاصمتهم الأبديّة وعملت على تهجير العائلات الفلسطينيّة المسلمة من المدينة وتدمير كلّ المعالم الإسلاميّة الموجودة بها وعلى رأسها المسجد الأقصى. 
ابتدع الكيان الصّهيوني عدّة أساليب وطرق من أجل تحقيق طموحاته بتقسيم المسجد الأقصى، كخطوة على طريق التخلّص منه، فزعم وجود معبد يهودي أسفل منه (الهيكل المزعوم)؛ واستعان بفتاوى حاخاميّة ونصوصًا دينيّة صمّمت خصّيصًا لربط يهود العالم بأرض ليس لتاريخهم الحقيقي صلة بها. من هنا جاءت فكرة إعادة بناء الهيكل حيث يدّعي الصّهاينة أنّ الهيكل الثّاني كان مقاما مكان المسجد الأقصى وقد دُمّر في 21 أوت سنة 70 للميلاد، ويمثّل هذا التّاريخ ذكرى حزينة عندهم، ولذلك لديهم الدّافع لارتكاب اعتداءات ضدّ المسلمين وضدّ المسجد الأقصى بالذّات للإسراع في بناء الهيكل الثّالث المزعوم، ولهذا يلاحظ أنّ الاعتداءات اليهوديّة عادة ما تزداد في شهر أوت من كلّ عام منذ احتلالهم لأرض فلسطين. وفي هذا الإطار جاء حريق المسجد الأقصى الذي نفذه اليهودي المتطرّف دينيس مايكل روهان في الحادي والعشرين من أوت سنة 1969 بدعم من العصابات اليهوديّة المغتصبة (5).
بالإضافة إلى ذلك قام الصّهاينة بتنفيذ الحفريّات تحت المسجد الأقصى منذ عام 1967 ومازالت متواصلة، وقد أثّرت سلبا على المباني الأثريّة التّاريخيّة المهمّة المحيطة به وهي مبان هُدم العديد منها والخطط مستمرة لهدم ما تبقّى، حيث تمّ تدمير 138 عمارة في حي المغاربة تحتوي على المدارس التّاريخيّة والمقامات والمساجد إضافة الى تدمير المنطقة الجنوبيّة للمسجد المبارك بما فيها من قصور أمويّة. ومقابل ذلك قام الصهاينة بمنع  إعمار وإصلاح المسجد الأقصى.
ومن أهمّ الأعمال الإجراميّة الصهيونيّة محاولات الإقتحام اليومي للمسجد الاقصى من طرف الجماعات اليهوديّة المتطرّفة، بتسهيلات كبيرة من شرطة الكيان خاصّة بعد منع ظاهرة المرابطين والمرابطات التّابعين للحركة الإسلامية بزعامة الشّيخ رائد صلاح، على إثر صدور قرار يعتبر تلك الحركة خارج القانون في 2015. وتقوم الشرطة في كلّ مرّة بغلق المناطق المؤدّية إلى المسجد الأقصى وخاصّة منطقة «باب العامود» وتنتشر فيها بأعداد هائلة لتأمين مسيرات المتطرفين اليهود ومحاولاتهم اقتحام ساحة الأقصى. وقد شهدت السّنوات الأخيرة تناميا للجمعيّات اليهوديّة الاستيطانيّة(6) التي تضع على رأس أجندتها استهداف القدس والمسجد الأقصى، من خلال الرّعاية الحكوميّة الكاملة لها، وزاد انتشارها مع زيادة مستوى المنسوب اليميني المتطرف في الكتل البرلمانية. فقد «زاد عدد اليهود الذين اقتحموا الحرم القدسي في 2020 عن ثلاثين ألفا، وهو ضعف العدد الخاصّ لعام 2016، وخمسة أضعاف عمّا كان عليه الحال في 2009» (7).
(5)
لقد سعى الصّهاينة إلى تهويد القدس من خلال ثلاثة مسارات: الدّيمغرافي والثّقافي والاقتصادي. فخصَّص من جهة أغلب أراضيها لبناء المستوطنات وتوطين اليهود المهاجرين مع منع السّكان الأصليّين من التّعمير والبناء داخلها، ودفعهم نحو الانتقال للسّكنى خارج حدود البلديّة في بلدات الضّفة الغربيّة المجاورة(8)، وعمد من جهة أخرى إلى عزل القدس الشّرقيّة عن مجالها الفلسطيني ببناء جدارعازلٍ بطول 168 كم فصل عنها عددا لاباس به من تجمعات فلسطينيّة مكتظّة بالسّكان، وهو ما يعني حرمان ما يقارب 50 ألف نسمة من حملة هويّة القدس من الوصول والإقامة بالمدينة. بالإضافة إلى ذلك، تعمّدت السّلطات الإسرائيليّة في الرّفع من وتيرة بناء المستوطنات على حدود مدينة القدس من كلّ جانب، وضمّها إليها ضمن مسمّى (القدس الكبرى). والهدف من هذه الخطّة خلخلة البنية السّكانيّة للمدينة بمضاعفة عدد المستوطنين وخلق اللاّتوازن الدّيمغرافي لفائدة اليهود على حساب الفلسطينيّين(9).  
كما عمل الكيان على إبقاء فلسطينيّ مدينة القدس وضواحيها في حالة خوف ورعب، معزولين عن شعبهم ووطنهم بشكل دائم، من خلال الاعتداءات المتكرّرة عليهم من قبل المستوطنين المدجّجين بالسّلاح والمحميّين من قبل قوات الشّرطة الإسرائيليّة في محاولة مستمرّة لإجبارهم على مغادرة المدينة، وبالتالي فقدان الهويّة المقدسيّة، وهو هدف يشتغل عليه الكيان للضّغط على النّمو الدّيمغرافي الفلسطيني وبالتّالي التّقليل من نسبة الفلسطينيّين في القدس.
أمّا في المسار الثّقافي، فقد انتهج الكيان مخطّطا لمحو الهويّة العربيّة الإسلاميّة التّاريخيّة عن مدينة القدس وفرض الطّابع اليهودي عليها وذلك عبر إلغاء البرامج التّعليميّة الأردنيّة التي كانت مطبّقة سابقاً في مدارس المدينة وإبدالها بالبرنامج التّعليمي الإسرائيلي، واصدار قوانين تسمح للسّلطات الإسرائيليّة بالإشراف الكامل على جميع المدارس بما فيها المدارس الخاصّة بالطّوائف الدّينية إضافة إلى المدارس الأهليّة الخاصّة.(10) 
كما عمل الكيان على تزوير التّراث الحضاري للقدس، فقام بتدمير حارات تاريخيّة بأكملها كحارة المغاربة وعدد كبير من المساجد التّاريخيّة والمقابر، وعمد إلى تغيير أسماء بوابات القدس التّاريخيّة، وأسماء الأحياء والبلدات والشّوارع التي حوّلها إلى أسماء عبريّة ذات مدلولات يهوديّة، بالإضافة إلى ضمّ معالم إسلاميّة إلى قائمة التّراث اليهودي (11).
أمّا على المستوى الإقتصادي، فإنّ الممارسات العنصرية التي تتبعها سلطات الاحتلال للتّضييق على المقدسيين تسببت في ارتفاع نسبة الفقر في صفوف الأسر العربية التي أصبحت تزيد بأكثر من ثلاثة أضعاف مقارنة بالأسر الإسرائيلية، إذ يعيش نحو 84 %  من الأطفال العرب في مدينة القدس المحتلة تحت خط الفقر. 
ونتيجة للسّياسات الإسرائيليّة غدا الاقتصاد الفلسطيني في القدس الشّرقية معزولا  يعيش في عالم منفصل تمامًا عن الإقتصاد الفلسطيني والإقتصاد الإسرائيلي، لأنّه غير مدمج في أيّ منهما بالرّغم من ارتباطه بهما.‏ ونتيجة للقيود المتزايدة على المستثمرين المقدسيّين فقد فَقَدَ اقتصاد القدس نصف حجمه منذ اتفاقيات أوسلو عام 1993 حيث تقلّصت نسبته إلى نحو 7 % فقط من الاقتصاد الفلسطيني بعد أن كانت 15 % قبل التّوقيع بالإضافة إلى التّأثير السّلبي للجدار العنصري الذي يتسبب في خسارة فرص التّجارة والعمالة ويؤدي إلى خسائر سنوية تقدر بنحو 200 مليون دولار(12).‏
(6)
إنّ ذكرى حادثة إحراق المسجد الأقصى ستبقى تدقّ ناقوس الخطر في الذّاكرة العربيّة والإسلاميّة الفرديّة والشّعبيّة والرّسميّة، وعلى المؤمنين بقضيّة فلسطين أن ينبّهوا الشّعوب والحكومات بأنّ الكيان الصهيوني مصرّ على المضيّ قدماً في نهجه العدواني التّوسّعي الاستعماري وتدمير المقدّسات الإسلاميّة والعربيّة في الأراضي المحتلّة وإقامة الدّولة اليهوديّة من النّيل إلى الفرات. 
وأمام الوضع الخطير الذي تمرّ به مدينة القدس ومسجدها المبارك، لا يسعنا إلاّ أن نتساءل عن كيفية مدّ العون لأخوتنا المقدسيّين؟ هل نكتفي ببعض الشّعارات نرفعها هنا وهناك ثمّ نعود إلى حياتنا العادية وكأنّ شيئا لم يحدث في انتظار جريمة جديدة تحرّك فينا الوجع فنهبّ للصّراخ من جديد؟ أم يجب علينا أن نفكّر بهدوء في المسألة؟ لقد بات معروفا هدف الكيان وافتضح مخططه،وعلينا أن نواجه هذا المخطط بمخطط مضاد وفاعل على أساس مسلّمتين، الأولى اعتبار القضيّة الفلسطينيّة قضيّة مركزيّة ذات أولويّة على جميع القضايا الأخرى، والثّانية رفض السّلام المزعوم مع إسرائيل ودعم المقاومة المسلّحة والانتفاضة الشّعبية في فلسطين؟.
أمّا إذا بقينا كعرب صامتين، حكّاما ومحكومين، نتذلّل أمام هذا الكيان الغاصب، نطرق بابه للتّطبيع، فإنّ القدس لن تسكت، فكيف تسكت مغتصبة؟ وكيف تسكت وفيها رجال ونساء صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه؟ وكيف تسكت واللّه غالب على أمره وهو من ورائهم محيط؟
الهوامش
(1)  للاطلاع على القصيدة كاملة يمكن الرجوع إلى ديوان الشاعر أو على موقع https://www.adab.com/post/view_post/988(2) «قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ» (سورة البقرة - الآية 144) . (3) يقول النبي ﷺ: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا».رواه البخاري ومسلم(4) يقول اللّه تعالى : «سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ» (سورة الإسراء الآية 1)(5) قام المجرم «دينيس مايكيل» بإشعال النّيران في المسجد الأقصى، فأتت ألسنة اللّهب المتصاعدة على أثاث المسجد المبارك وجدرانه ومنبر صلاح الدّين الايوبي، كما أتت النّيران الملتهبة في ذلك الوقت على مسجد عمر بن الخطاب ومحراب زكريا ومقام الأربعين وثلاثة أروقة ممتدّة من الجنوب شمالا داخل المسجد الأقصى.بلغت المساحة المحترقة من المسجد الأقصى أكثر من ثلث مساحته الإجماليّة، حيث احترق ما يزيد عن 1500م2 من المساحة الأصليّة البالغة 4400م2 وأحدثت النّيران ضررا كبيرا في بنائه وأعمدته وأقواسه وزخرفته القديمة، وسقط سقف المسجد على الأرض نتيجة الاحتراق وسقط عمودان رئيسان مع القوس الحامل للقبّة كما تضرّرت أجزاء من القبّة الدّاخليّة المزخرفة والمحراب والجدران الجنوبيّة وتحطّم 48 شبّاكا من شبابيك المسجد المصنوعة من الجبص والزّجاج الملوّن، واحترق السّجّاد وكثير من الزّخارف والآيات القرآنيّة.(6) تجاوز عدد هذه الجمعيّات 63 جمعيّة تتفق كلّها على تهويد القدس وهدم المسجد الأقصى وطرد الفلسطينيين من ديارهم وأراضيهم. لمزيد التوسّع يرجى الاطلاع على مقال تحت عنوان «المنظمات والحركات والجماعات المتطرفة في إسرائيل» صدر بموقع وفاء (وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينيّة)  : https://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=5032 (7) قراءة في المخطّطات الإسرائيليّة لتهويد القدس والأقصى، د. عدنان أبو عامر  - المعهد المصري للدّراسات 7 جويليّة 2021(8) آخر الجرائم وليست الأخيرة، إخلاء عائلات فلسطينيّة من حي الشّيخ جرّاح في القدس الشّرقيّة، بعد أن أصدرت محاكم إسرائيلية قرارت بأحقّية مجموعة مستوطنين في المنازل التي بنيت على أراض كان يملكها يهود قبل حرب 1948 حسب ادّعائها .وكانت هذه الجريمة سببا في اندلاع الاضطرابات التي تشهدها القدس الشرقية في أواخر شهر رمضان المنقضي. (9) عملياً وعلى سبيل المثال، فإنّ ضمّ مستوطنة «معاليه أدوميم» وهي من كبرى المستوطنات بالضّفة الغربية، تأسّست على أراضي بلدتي أبو ديس والعيزريّة، في العام 1975 إلى حدود بلديّة القدس، أضاف 40 ألف مستوطن إلى عدد المستوطنين الموجودين في الحزام الإستيطاني حول القدس، وبذلك أصبح أكثر من 210 ألف مستوطن يسكنون داخل حدود البلديّة، يضاف إليهم نحو 30 ألفاً يعيشون داخل حدود المدينة القديمة، بدون احتساب المستوطنات التي تضاعف العدد فيها إلى 400 ألف يهودي في القدس الغربيّة.(10) لم يطبق هذا الاجراء التعسفي على باقي مدن الضفة الغربية المحتلة، حيث تمّ الإبقاء فيها على البرامج والمناهج والكتب التعليميّة الأردنيّة بعد فرض تعديلات على كتب التّربية الإسلاميّة والتّاريخ والجغرافيا، وهذا إشارة واضحة على تعمّد سلطات الاحتلال تفرقة مدينة القدس عن باقي مدن الضّفة الغربيّة.(11) من أهم هذه المعالم المسجد الأقصى الذي أصدرت محكمة العدل العليا الإسرائيليّة قراراً في عام 1993م يقضي باعتباره أرضاً إسرائيليّة ووضعه تحت وصاية منظمة أمناء جبل الهيكل الصّهيونيّة. ومن أمثلة تغيير أسماء المعالم التاريخيّة نذكر «باب المغاربة» الذي أصبح اسمه: شاغر هأشفا (النفايات).(12) الأرقام مأخوذة من التقرير السنوي لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أنكتاد تحت عنوان : «الاقتصاد الفلسطيني في القدس الشرقية: الصمود في وجـه الضم والعزل والتفكُّك» - منشورات الأمم المتحدة 2013.