الافتتاحية

بقلم
فيصل العش
افتتاحية العدد 164
 بهذا العدد نكون قد أغلقنا السّنة التاسعة من عمر مجلّة الإصلاح،ومع العدد القادم لشهر أفريل ننطلق بحول اللّه في سلسلة جديدة على أمل أن نواصل المسيرة التي بدأناها معا منذ أفريل 2012، بعد أن فتحت لنا الثّورة المباركة نافذة على الحرّية، ومهّدت لنا الطّريق للتّفكير في حالنا وواقع أمّتنا، باحثين عن جذور أزمتنا وأسباب تخلّفنا.
لم نكن لنحقّق ما حقّقناه لولا رعاية اللّه وتشجيع بعض الأصدقاء من هنا وهناك، ولم تكن مجلّة الإصلاح لتحافظ على نسقها ومواعيد صدورها لولا مساهمات الأخوة والأخوات من داخل تونس وخارجها في تأثيث أعدادها.
قد يقول البعض وماذا حقّقتم في تسع سنوات غير التّعب والإرهاق؟ فمن ذا الذي يقرأ ما تكتبون؟ وماذا يمثّل عدد قرّائكم في إحصائيّات الشعوب؟ وكم من شاب يقوم بتحميل الأعداد باستمرار ويطالع ما فيها من مقالات وأفكار؟
صحيح أنّ عدد القرّاء ليس بالكثير، فهو في أغلب الحالات يحوم حول الألف أو يزيد بقليل. لكنّنا سعداء بهؤلاء القرّاء، لأنّنا نعرف جيّدا طبيعة السّاحة التي نتحرّك فيها وخصائص الواقع الثّقافي والاجتماعي والسّياسي الذي نعيش فيه. فلم يعد من السّهل العمل في ساحة ثقافيّة فكريّة هيمنت عليها الرّداءة وسيطر عليها الابتذال وهجرها العقلاء ليرقص فيها أشباه المثقّفين على أنغام عولمة كاذبة ومدنيّة مزوّرة، هدفها الأساسي عدم تمكين الشّعوب العربيّة الإسلاميّة من فرصة لبناء ذاتها على أسس صحيحة توازن بين هويتها ومتطلّبات العصر.
لم يعد من السّهل إقناع أبناء هذه الشّعوب وخاصّة الشّباب بأهمّية القراءة ومناقشة الأفكار والتّصالح مع الهويّة والحال أنّ الوضع لا يسمح لا بالقراءة ولا بالتّفكير، الكلّ منهك ومتعب وخائف يترقّب مصيرا مجهولا أمام وضع اقتصادي وسياسي إلى الانهيار يسير.
لم يعد من السّهل أن تبيّن لأحدهم أنّ القراءة هي غذاء للرّوح وللعقل، والحال أنّه لا يجد غذاء لبطنه ولمعدته. كيف تطلب من شباب أنهكته البطالة وأرهقه الفقر وحاصرته المشاكل والمصائب من كل جانب أن يقرأ ويفكّر؟
ولأنّنا لا نخشى السّير بين الألغام، ونعشق مناطحة الصّعوبات، فإّننا صامدون وعازمون على مواصلة المسيرة ومضاعفة الجهد، عاملون على مقارعة الأفكار الهدّامة التي تدفع شبابنا إلى الموت إمّا غرقا خلال هجرة سريّة أو قتلا خلال هجرة إلى تنظيم إرهابيّ أوعصابة مافيا أو تهريب.
سنبقى بحول اللّه متشبّثين برسالتنا الثّقافيّة الفكريّة المدافعة عن هويّتنا العربيّة الإسلاميّة، المتفتّحة على العصر بعين ناقدة وعقل يرتكز على الإبداع وليس الاتّباع ، آملين أن ننجح ذات يوم في تغيير ما بأنفسنا، عسى اللّه أن يغيّر حالنا إلى أحسن حال.
لقد حاولنا طيلة تسع سنوات الاستفادة من التكنولوجيّات الحديثة في مجال الاتّصال لتصل المجلّة إلى أكبر عدد ممكن من القراء، لكنّ الطريق مازال طويلا،ومازالت رائحة أزهارها العطرة ضعيفة حتّى تتغلّب على روائح الرّداءة المهيمنة على السّاحة الثقافيّة والفكريّة ومازال أمامنا عمل كبير وعلينا بذل جهد أكبر من أجل توفير المضمون الجيّد المفيد وتحقيق ما نحلم به وأهمّه إرضاء قرائنا الأعزّاء.
نأمل أن يساعدنا الجميع، كلّ بما يستطيع، سواء بالكلمة الطيّبة والنّقد البناء أو بالمشاركة بمقال هادف يرنو إلى البناء أو بمساعدة على النشر الالكتروني للمجلّة لتصل إلى أكثر عدد من القرّاء.
وفي الختام استسمح القراء الكرام لأوجّه شكرى وامتناني بصفتي رئيسا لتحرير المجلّة إلى الأستاذين «علي عبيد » و «فيصل الرّباعي » لما يقومان به، تطوّعا، من جهد مستمرّ في مراجعة محتويات المجلّة من النّاحية اللّغويّة قبل نشرها ... فشكرا وألف شكر...
ننتظر ملاحظات القرّاء ونقدهم وتفاعلهم مع ما يصدر على أعمدة المجلّة ...
العنوان الالكتروني الوحيد لقبول ملاحظاتكم : Alislah.mag@gmail.com