الافتتاحية

بقلم
فيصل العش
افتتاحية العدد 163
 يصدر العدد 163 من مجلّة «الإصلاح» واللّيبيّون وكثير من اشقّائهم العرب - ونحن منهم- يحتفلون بذكرى عزيزة على قلوبهم، هي الذكرى العاشرة لاندلاع ثورة فبراير. ففي منتصف مثل هذا الشّهر من سنة 2011، اندلعت شرارة تمرّد اللّيبيين من بنغازي على العقيد المستبد معمّر القذافي لتشمل فيما بعد الرقدالين والجميل والعجيلات في غرب البلاد، ثمّ مدينة البيضاء التي شهدت سقوط أوّل الشّهداء، كما خرجت مظاهرات عارمة في مدن جبل نفوسه الزنتان ويفرن ونالوت والرّجبان. على غرار الثّورتين التّونسيّة والمصريّة، قاد الثّورة اللّيبيّة شبّان طالبوا بإصلاحات سياسيّة واقتصاديّة واجتماعيّة عبر مظاهرات واحتجاجات سلميّة، لكنّ استخدام كتائب نظام القذافي الأسلحة النّاريّة الثّقيلة والقصف الجوّي لقمع المتظاهرين العزّل، حوّل الاحتجاجات إلى ثورة مسلّحة أطاحت -بإعانة القوى الدّوليّة- بمعمر القذافي وأعلنت الجمهوريّة الليبيّة بديلا عن جماهيريّة القذافي. 
بعد مرور عشريّة كاملة على سقوط القذّافي، لا يزال الجرح اللّيبي غائرا ومتعفّنا، ولا تزال ليبيا غارقة في أزمة سياسيّة متداخلة الأطراف، وانفلاتا أمنيّا رهيبا وأزمة اقتصاديّة حادّة، وسط محاولات دوليّة عديدة لحلحلة الوضع والاتجاه بالبلاد إلى برّ الأمان.
وإذ نهنئ إخوتنا اللّيبيين بذكرى ثورتهم، فإنّنا نهمس في آذان من يسمع منهم،  أنّ إيجاد حلّ لأزمتهم مرتبط بمدى قدرتهم على تجاوز خلافاتهم وتقريب وجهات النّظر، ولن يتمّ أيّ شيء ما لم يقرّر اللّيبيّون أنفسهم بأنّه آن الأوان لطيّ صفحة الفوضى وانعدام الدّولة وهشاشة السّلطة المركزيّة، والانطلاق في بناء دولة شرعيّة واحدة، مؤسّساتها موحّدة. 
على اللّيبيّن إذا ما أرادوا العيش في سلام وأمان أن يسلكوا طريق الحوار والدّيمقراطيّة وتفويض الشّعب ليختار من يحكمه. أمّا الدّبابة والبندقيّة فلا تؤدّي إلاّ إلى التهلكة واستمرار الفوضى.