الافتتاحية

بقلم
فيصل العش
افتتاحيّة العدد 160
 يصدر العدد 160 من مجلّة «الإصلاح» والعالم كلّه في صراع مرير مع فيروس كورونا اللّعين، الذي ما إن هدأت موجته الأولى، حتّى فاجأنا بموجة جديدة أكثر شراسة. وإن كان هذا الكائن المجهري قد فقد بعض قوّته،حسب بعض الأطباء والملاحظين، فإنّ خسائره كانت ولازالت مؤلمة جدّا، إذ غادرنا في هذه الموجة الثّانية عدّة أحبّة وأصدقاء، صارعوا الفيروس فصرعهم، وارتعدت فرائصنا خوفا على إخوة وأحبّة آخرين، أصابهم الفيروس، لكنّهم والحمد للّه استطاعوا التغلّب عليه، فاسترجعنا أنفاسنا وسعدنا لشفائهم، لكنّنا لازلنا خائفين لا ندري ما سيحصل اليوم وغدا، وقد عجزت مكونات الجيش الأبيض من أطبّاء وعلماء وصيادلة عن إيجاد التّرياق ضدّ هذا العدوّ الغامض، الذي فتك بالانسانيّة جمعاء ولم يميّز بين كبير وصغير وبين غنيّ وفقير وبين مسلم وغير مسلم.
الألم يتضاعف عندما نستحضر المستضعفين من النّاس الذين، بالإضافة إلى فقرهم وحاجتهم، يتسلّل إلى أجسادهم الفيروس اللّعين، فلا يجدون سبيلا إلى مقاومته غير الصبر وانتظار الأجل المحتوم، فهم لا يملكون تكاليف التّحاليل، ولا يستطيعون شراء الأدوية باهظة الثّمن، ولا يقدرون على القيام بما يسمّى بالعزل الفردي، إمّا لضيق مساكنهم أو لأنّهم لا يملكون مسكنا أصلا.
 الألم كبير، لكنّ الأمل يبقى قائما مادام في الكون ربٌّ رحمانٌ رحيمٌ، وعدنا باليسر بعد العسر، ودعانا إلى التوكّل عليه والصبر عند الابتلاء، فلا فائدة ترجى من الخوف والهلع، لماذا نخاف من الموت وهو قدر كلّ إنسان على وجه الأرض؟، ولماذا نعشق الحياة وهي ليست سوى معركة خاسرة ضدّ الموت؟ يقول تعالى :«كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ، وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً،وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ». أليس من الأجدر بنا أن نحرّر أنفسنا من الخوف من الموت عبر حسن الاستعداد له بالعمل الصّالح والتّقرّب إلى اللّه؟ أليس الأمر من قبل ومن بعد للّه ربّ العالمين؟