الافتتاحية

بقلم
فيصل العش
افتتاحيّة العدد 155
 «عيد بأية حال عدت يا عيد ...بما مضى أم بأمر فيك تجديد»... نتذكر هذا البيت الشعري للمتنبي كلّما حلّ علينا العيد ونتساءل في كلّ مرّة كما تساءل المتنبي هل من جديد؟ لكنّ الجواب  الذي  يأتي عادة بالنّفي يتغيّر هذه المرّة... فما فعلته «كورونا» في المسلمين وغير المسلمين سواء في شهر رمضان أو قبله أمر لم يكن في الحسبان. حدث يؤشّر بأنّ هناك جديد وأنّ العالم بأكمله قادم على مرحلة جديدة لن تستفيد منها إلاّ الأمم الذكيّة القادرة على استيعاب ما يحصل والتي لديها الاستعداد للفعل في ما قد يحصل في المستقبل القريب والبعيد. 
ما حدث زلزال سيغيّر صورة العالم في العاجل قبل الآجل، فالفيروس الخطير مافتئ يفتك بالبشريّة وخاصّة في الدّول التي تصنّف بأنّها قويّة ومتطوّرة ممّا سيؤثر سلبا على الاقتصاد العالمي وسيؤدّي حتما إلى اضطرابات اجتماعيّة حادّة ستمسّ الدّول الكبيرة قبل الصّغيرة. 
وعلى الصعيد الثقافي والفكري سيشهد العالم بروز أفكار وتعبيرات ثقافيّة جديدة كردّة فعل على الأزمة الخانقة التي يعيشها الإنسان من جرّاء فشل «العولمة» في الإجابة على تساؤلاته الجديدة وحاجيّاته الثّقافيّة. وستسعى هذه التّعبيرات إلى تقديم أجوبة عن الوجود والإنسان وترفع القناع عن الوجه الحقيقي للحداثة التي أسقطت من اعتباراتها الجانب الرّوحي للإنسان. في ظلّ كلّ هذا، نتساءل عن دورنا كعرب ومسلمين في المساهمة في إنقاذ البشريّة وتوجيهها إلى أقوم السّبل التي تعيد إليها إنسانيتها، ويعيد المعنى إلى القيم العليا التي تميّز بها الانسان عن سائر المخلوقات كالعدل والمساواة والتعاون والسّلام. المؤشّرات الأوّلية تشير إلى أنّنا مازلنا بعيدين كلّ البعد عن لعب هذا الدّور الذي يتطلّب تغيير ما بأنفسنا قبل كلّ شيء وتجديد ثقافتنا وتحرير ديننا من الشّوائب التي تعلّقت به فحبسته في فهم «طائفي» ضيّق ومنعته من أن يكون كما أراده اللّه «رحمة للعالمين».