الأولى

بقلم
فيصل العش
إصلاح المنظومة التربويّة... المشروع المؤجّل
 (أ)
بالرغم من ارتفاع حمّى الانتخابات الرئاسيّة السابقة لأوانها وانشغال أغلب التونسيّين بالبحث عن رئيس جديد لجمهوريتهم، وبالرّغم من احتدام الصّراع بين المترشّحين لهذا المنصب والاهتمام المتزايد لوسائل الاعلام المختلفة بهذا الحدث الهامّ في تاريخ البلاد لما له من انعكاسات كبيرة على مستقبل انتقالها الديمقراطي، بالرغم من كلّ ذلك، فإنّ مسألة «إصلاح المنظومة التربويّة» تبقى إحدى المسائل الهامّة التي تطرح نفسها بإلحاح في نقاشات العامّة والخاصّة ويشتغل بها جزء لابأس به من المهتمّين بالشأن العام سواء كانوا من العاملين في قطاع التربية والتعليم أو من الباحثين في مجال التنمية أو السياسيين أو الحاملين لهموم هذا الوطن الساعين إلى تأسيس مشروع حضاريّ يخرجه من ظلمات التخلّف إلى أنوار الحضارة والتقدّم. ذلك أنّ كل المشاريع الحضارية تقوم بالضّرورة على أسس تربويّة. ‎ 
ولأنّ المنظومة التربويّة في بلادنا تعيش أزمة حادّة موغلة في القدم لها انعكاسات خطيرة على المجتمع وتكرّس غيبوبته المعرفيّة، فإنّ إصلاحها يعدّ ضرورة ملحّة وركيزة أساسيّة في أي عمليّة تغيير اجتماعي واقتصادي، فصلاح حال هذا الشّعب وتحقيق تنميته ‏الشّاملة لا يمكن  انجازهما إلاّ بإطلاق ثورة حقيقيّة في البرامج والمناهج التربويّة والتعليميّة ‏تقطع مع الماضي وتجاربه العبثيّة المسقطة. لهذا خيّرت أن أخوض ضمن الخائضين في هذه المسألة وأخصّص مقالي في هذا العدد الجديد من مجلّة الإصلاح للحديث عن ماهية هذا الإصلاح المنشود منطلقا من استقراء تاريخنا لمعرفة أسباب فشل محاولات الإصلاح المتكرّرة والانتهاء باقتراح نقاط للنقاش أقدّر أن النقاش فيها يعدّ مسلكا إلى إيضاح الرّؤية بالنسبة للإصلاح المنشود. 
 (ب)
 ‏ليست الأزمة التي تعيشها المنظومة التربويّة وليدة سنوات ما بعد الرّبيع العربي بل هي موغلة في التّاريخ، ولها ‏جذورها منذ انتكاس الحضارة العربيّة الإسلاميّة وأفول نجمها مقابل صعود الحضارة ‏الغربيّة وما صاحبها من استعمار مباشر في مرحلة أولى ثمّ استعمار غير مباشر إلى أن ‏بلغنا مرحلة الهيمنة الاقتصاديّة والسّياسيّة والثّقافيّة الشّاملة أو ما اصطلح بتسميته بـ ‏‏«العولمة». ولقد مُنِيت المنظومة التّربوية في بلادنا بفشل ذريع في إخراج المجتمع من ‏دائرة الذّيليّة والتخلّف إلى دائرة التّحضر والتّقدم وتحقيق التنمية المرجوّة بالرّغم من المبادرات والمشاريع العديدة ‏لإصلاحها. فبعد إرهاصات الإصلاح الأولى في القرن التّاسع عشر(1)، حضرت مسألة إصلاح التّعليم بقوّة في نضالات الحركة الوطنيّة منذ نشأتها واستمرّ ‏هذا الموضوع مطروحا مع نشأة الدّولة الوطنيّة بعد الاستقلال، فبعد تسلّم الحبيب بورقيبة مقاليد الحكم أعلن عزمه ‏على إصلاح المنظومة التربويّة باعتباره التحدّي الأكبر والرّهان الأساسي في بناء الدّولة ‏وتدعيم النّظام الجمهوري(2) وانطلق في تنفيذ مشروع لإصلاح التّعليم استمرّ نحو عشر ‏سنوات وعرف اختصارا بإصلاح المسعدي نسبة إلى الأستاذ محمود المسعدي كاتب الدولة ‏للتربية آنذاك، لكنّه في الحقيقة كان مشروعا أجنبيّا أعدّه الفرنسي «جان دوبياس»(3) لم ‏ينبع من طبيعة المجتمع وقيمه ولم يأخذ بعين الاعتبار السياق الاجتماعي والثقافي الذي ‏تنزّل فيه ولذلك ولدت المنظومة التّربويّة للنظام البرقيبي عرجاء، لكنّها حقّقت بعض الأهداف كارتفاع نسبة التّمدرس وانخفاض نسبة الأميّة وتخريج جيل كفل ‏تَوْنَسَة المؤسّسات والإدارات والمنشآت العموميّة. 
وبعد الانقلاب على بورقيبة في نوفمبر ‏‏1987، شهدت هذه المنظومة عمليات تدمير ممنهج على مدى 23 سنة كاملة تحت ‏مسمّيات الإصلاح التّربوي انطلاقا من مشروع «محمد الشّرفي» سنة 1991 فإرساء التعليم الأساسي سنة 1993 ووصولا إلى  مشروع «منصر الرويسي» والقانون عدد 80 لسنة 2002 المؤرخ في 23 جويلية وهو القانون المعروف باسم «القانون التوجيهي للتّربية والتّعليم المدرسي». ولم يكن الهدف من هذه القوانين إصلاحا حقيقيّا للمنظومة التربويّة بقدر ما كان توظيفا لتصفية حسابات ‏سياسيّة وأيديولوجيّة ومحاولة لتركيع الشّعب واستحماره.‎ ‎
لقد كشفت الثّورة التّونسيّة عن سوْءة سياسة «بن علي» وفضحت جرائمه في حقّ النظام التربوي وحجم الخراب الذي أصاب المدرسة بصفتها منظومة فرعيّة هامّة من هذا النظام التربوي، إذ تراجع مستواها إلى حدّ مفزع واهترأت منظومتها التربويّة، فانتشر الفساد في ‏جلّ المؤسسات التربوية في البلاد وتعكّر مناخها وتفاقمت فيها ظاهرة الانحطاط القيمي، ‏ممّا تسبّب في تراجع مكانة المربّي الاجتماعيّة وتفشّي مظاهر العنف واللاّمبالاة داخلها. ولو لا الحرص الذاتيّ من أغلب الأولياء على إنجاح أبنائهم، وجهد نفر من رجال التعليم ونسائه،  لكانت النتائج أكثر سوءا. 
(ج)
كانت المنظومة التربويّة من أبرز المجالات المنتظر معالجتها واصلاحها ضمن أولويات الثورة واستحقاقاتها، لكنّ الحكومات المؤقتة التي انبثقت عن انتخابات 2011 لم تولّ مسألة «إصلاح التعليم» الأهميّة التي تستحق ولم ‏تجعلها في يوم من الأيام من أولويّاتها الأساسيّة بتعلّة أنّ المرحلة الانتقاليّة لها أولويّاتها ولا ‏تتيح مراجعة جذريّة وإصلاحات عميقة للمنظومة التّربويّة ممّا زاد الوضع التعليمي سوءا ‏وعمّق أزمته. ويمكن القول أن المنظومة التربوية ‏حافظت خلال الفترة الانتقاليّة على شكلها العام من حيث المناهج على الأقل، وكان أكبر «إنجاز تربوي» حققته ‏الحكومات المؤقتة هو حذف صور بن علي وزوجته وكل ما يتعلق بـ 7 نوفمبر واقتلاع ‏الحشو الحزبي الذي كان مبطناً في الكتب المدرسيّة.‎ وحتّى المحاولات المحتشمة التي قام بها آخر وزير «مؤقت» للتّربية الأستاذ « ‏فتحي الجرّاي» فقد تمّ وأدها بمجرّد خروجه من مكتبه بالوزارة. ‎
الوزير الذي كُلّف في حكومة الصّيد (2014) بملف التعليم والتّربية رفع شعار الإصلاح ودعا في 23 أفريل 2015 إلى حوار سمّاه وطنيّا من أجل إصلاح المنظومة التّربوية لكنّه لم يكن كذلك بالمرّة حيث تعمّد اقصاء العديد من الجمعيات ‏التّربويّة والمنظمات التي لها علاقة بموضوع التّربية والتّعليم (4) وتمّ تشكيل ‏هيئة لإدارة الحوار في مختلف مراحله يرى البعض أنّها «لجنة بلون واحد» تفوح ‏منها رائحة انتماء إيديولوجي معروف(5)
وبالرغم من صدور ما سمّي بالكتاب الأبيض، فإنّ الأزمة إزدادت مع الأيام استفحالا وباء مشروع الوزير بالفشل. فشل سببه أوّلا: التسرّع والإرتجال، فالمدّة التي خصّصت لهذا الحوار ‏كانت قصيرة جدّا (شهران فقط) وهي فترة لا تكفي حتّى لجمع الأطراف التي لها علاقة بهذا ‏الملف. فهل يعقل أن يُنجز حوار يخصّ المنظومة التربويّة وإصلاحها في شهرين؟ وثانيا: بروز عقلية الإقصاء وسيطرة روح الوصاية، وثالثا: غياب السند المادّي حيث لم تُخصّص الميزانيّة القادرة على تلبية متطلبات مثل هذا الحوار والنتائج المرتقبة منه.
أمّا حكومة الشّاهد، فقد استعانت بآخر وزير للتّربية في العهد البائد ليحمل مشعل الإصلاح! وهي بذلك أتّمت غلق دائرة الأزمة ودقّت مسمارا جديدا في نعش إصلاح المنظومة التربويّة . 
(د)
إن الاستمرار في العمل بالمنظومة الحالية سيعود بالوبال على الأجيال الحاضرة ‏والقادمة وستكون نتائجها وخيمة على المسار التنموي الذي تطمح إليه البلاد. ‏ولهذا وجب على القوى الوطنيّة التي تطمح إلى التغيير وتدعو إلى تأسيس حكم جديد قوامه الحرّية والمواطنة والعدالة، أن تولّي ‏مسألة «إصلاح المنظومة التّربويّة» الأهميّة التي تستحق وتجعلها من أبرز الأولويّات التي ‏يجب الخوض فيها وجعلها عنصرا أساسيّا في برامجها الانتخابيّة خاصّة ونحن على أبواب انتخابات تشريعيّة. أمّا إهمال الخوض في هذه ‏المسألة والتّركيز على مسائل أخرى أقلّ أهميّة منها فذلك دليل على عجزٍ في إيجاد حلولٍ ‏لقضايانا المصيريّة ورغبة في المزيد من تعفين الوضع التّربوي في البلاد‎.‎ فما هي أهمّ النقاط التي يجب التركيز عليها لضمان نجاح المشروع الإصلاحي المرتقب؟
(ه)
لست خبيرا تربويّا ولا أدّعي امتلاك مشروع إصلاحيّ للمنظومة التربويّة ولكنّني سأشير ببعض الإيجاز إلى نقاط أعتبر الخوض فيها ومناقشتها مسلكا قد يؤدّي إلى إيضاح الرؤية ويفتح نافذة على الإصلاح المنشود: 
• يعتبر مبدأ «التشاركيّة» روح كلّ إصلاح ثقافي وتربوي، لذلك فإنّ الإصلاح الحقيقي للمنظومة التربويّة يجب أن يكون مشروعا مجتمعيّا تشاركيّا يساهم في رسم ‏مقوّماته ومراحله وأهدافه كلُّ أعضاء المؤسسة التربويّة، تعاضدهم في ذلك المنظّمات ‏وجمعيّات المجتمع المدني ومختلف الأطراف المتداخلة والمؤثرة في المنظومة التّربويّة، وبالتالي فإنّ الواجب هو التّخلي عن حصره ضمن دوائر ضيّقة تقتصر ‏على التكنوقراط والمختصّين لينفتح على كلّ المتدخّلين الميدانيين لضمان عمقه واستمراريته. والمشاركة ليست اختيارية ‏بل هي واجب وحقّ، وهي شرط نجاعة كل إصلاح، وهي إحساس من ‏قبل الأفراد والفاعلين بإيجابيتهم ومساهماتهم. 
• لا أمل في نجاح مشروع للإصلاح التربوي إذا اختصر على معالجة ما ‏هو بارز دون الغوص في الجذور وملامسة عمق المأزق واكتفى  بترميم القديم والبحث عن المسكّنات دون النفاذ إلى المشاكل الحقيقية.  لذا وجب الاتجاه نحو وضع أسس جديدة للمنظومة التّربوية بعد مراجعة نقديّة عميقة للأسس القديمة مع تحديد ‏الآفاق المرجوّة. فكل منظومة تربويّة يجب أن تكون لها أسس ومناهج وأهداف ورهانات وكلّ ‏إصلاح تربوي لا قيمة له دون أسس صحيحة ولا قيمة له دون أفق إنساني قيمي ‏مشروعي (ضمن مشروع حضاري). لذا وجب البحث عن إجابات لأسئلة مثل : «أي منظومة ‏نريد: تربوية،أم تعليميّة، أم تكوينيّة ؟ و لأيّ نمط مجتمعي نؤسّس؟ وما هي صورة الإنسان ‏التي ينبغي للنّظام التّربويّ أن يعمل على إنشائها وفق قيمنا وإمكاناتنا وواقعنا وآفاقنا؟ وما ‏هي المنظومة التّربوية التي تضمن الانتقال من تكديس المعارف إلى إنتاجها، ومن التّعليم ‏الكمّي إلى تعليم يدرّبنا على كيفيّة التّفكير والإبداع؟.‎ 
• لا توجد منظومة تربويّة ناجحة من دون مرجعيّة ثقافيّة ‏وحضاريّة تؤطّرها وتوجّهها‎، لذا وجب النظر إلى مسألة «الإصلاح التربوي» وفق رؤية حضاريّة شموليّة هدفها الاستراتيجي انتاج إنسان مؤمن بقيمه، فخور بهويته، منفتح على القيم الكونيّة تبادلا وتثاقفا دون اتباع أو اجترار‎. والأصل في التّربية هو بناء الإنسان الحرّ، لهذا من الضروري ‏إعتماد منهج تربويّ يرتكز على تفجير ما في الإنسان من طاقات خلاّقة وإبداعيّة ‏ويساعده على التحرّر من جميع أنواع الاستبداد والقمع سواء ‏كان سياسيّا أو ثقافيّا أو دينيّا، وقوّة تزيد من فعاليته ليتمكّن من ترميم شبكة علاقاته ‏الاجتماعيّة ويطوّرها في اتجاه خدمة مجتمعه بصفة خاصّة والأمّة بصفة عامّة. كما ينبغي  ‏إعتماد منهج تربويّ قادر على تنمية القيم الفكريّة والرّوحية لدى الأجيال على حساب القيم ‏الشّيئيّة، فالغاية من التربية ليست حشو الأدمغة بالعلوم أو إعداد جحافل من المتحصلّين على ‏شهائد ليتسلّموا وظائفهم ومراكزهم المهنية بل إعداد أفراد حاملين لرسالة، قادرين على ‏الولوج بالأمّة في دورة حضاريّة جديدة‎.
• من الضرورة بمكان التأكيد على أهميّة المدرسة كمؤسّسة تربوية أساسيّة وبالتالي لابدّ من العمل على أن ‏تستعيد حرّيتها وتقوم بدورها الفعلي من دون احتكار للمسألة التربويّة حتّى لا يتمّ إلغاء دور ‏المؤسسات الأخرى كالأسرة والمسجد والمسرح والنوادي ... الخ. وهذا لا يتمّ إلاّ عبر تحديد ‏وظيفة المدرسة بصفتها فضاء معرفيّا، عمليّا وتربويّا يساهم في إعدادّ المتمدرسين ‏للحياة الإجتماعيّة ضمن ثلاثة أبعاد، أولها رمزيّ (التكوين اللّغوي والأخلاقي وكلّ ما يجب ‏أن يلتزم به الفرد إجتماعيّا) وثانيها إبداعيّ ( حيث تساعد على اكتشاف المواهب) وثالثها تقني ( إتقان المهن والتمكّن من التكنولوجيّات ...)‏‎
• لابدّ من التفكير جيّدا في مقترح«مجلس ‏أعلى للتّربية» يتمتّع بالاستقلاليّة الإدارية والماليّة عن السّلطة التنفيذيّة، يقع تركيزه ضمن ‏المؤسّسات الدّستورية  ليكون المصدر الوطني الرئيسيّ لمقترحات الإصلاح والتّطوير ‏التربوي(6) ليتم فكّ الارتباط بين التّربية والسياسة.
إنّ إنشاء هذا المجلس لن يحلّ مشكلة المنظومة التّربوية في البلاد لكنّ من شأنه أن ينير ‏بداية الطّريق نحو إصلاح حقيقيّ للتّربية والتّعليم، تتجسّد نتائجه في منظومة تربويّة متكاملة ‏ومتوازنة تغرس في التّونسي إرادةَ المعرفة وحبَّ العمل والإبداع وتؤصّل في وجدانه ‏الوعيَ بالمثل العليا للإنسانيّة والمواطنة وتجلّ رجل التعليم والتربية وتبوّءه المكانة التي ‏يستحق. 
• إن إصلاح حقيقي للمنظومة التّربويّة يفرض تخصيص ميزانيّة محترمة قادرة على تلبية متطلّباته وهو ما ‏يعني بالنّسبة للمجموعة الوطنيّة تضحيات جسام وتأجيلِ بعض المطالب من أجل الاستثمار ‏في الأجيال القادمة. فهل يستطيع من سيرفعه صندوق الانتخابات القادمة إلى سدّة الحكم أن ‏يسير في هذا الاتّجاه ويراهن على التّربية أم سيبقى «الإصلاح» مجرد شعارات ترفع بين الحين والآخر وخاصّة أثناء الحملات الانتخابيّة من دون تحقيق فعلي لها؟‎ ‎
(ج)
هذه بعض النّقاط التي رأيت التّذكير بها في هذا المقال لعلّها تكون مقدّمة لنقاش جادّ وتشاركي بين كلّ الأطراف للبحث في مسألة «إصلاح المنظومة التربويّة» على أمل إنجاز «ثورة تربويّة» تؤسّس لمنظومة جديدة، متأصّلة في خصوصيّتنا الثقافيّة ومتشبّعة بقيمنا الإسلاميّة ‏والعربيّة ومتفاعلة إيجابيا مع القيم الإنسانية. منظومة لتربية عصريّة تواكب التحوّلات ‏التقنية، ملائمة لأولوياتنا الاقتصادية، تُعدّ الناشئة لحياة المواطنة والمشاركة ‏الديمقراطية وتدعّم قيم الحرّية والعدالة والتّسامح وتنمّي شخصيّة المتعلّم من جوانبها ‏المتعدّدة. منظومة تهدف إلى خلق جيل متوازن ثقافيّا وفكريّا وعلميّا، قادر على بناء بلده ‏وافتكاك مكانه في سوق الشّغل وطنيّا وعالميّا. إنّ هذا الأمل مشروع، غير أنّ تحقيقه على أرض الواقع في الوضع الراهن أمر صعب المنال إن لم يكن مستحيلا.
الهوامش
(1) كمحاولات إصلاح التعليم وتجديده مع أحمد باشا باي ( 1837_1855) الذي أسس المدرسة الحربية بباردو عام 1840 وخير الدين التونسي الذي جعل من المدرسة الصادقية سندا لتحديث التعليم الديني حتى يكون مواكبا للعصر وما حدث من نهضة وتطور في أوروبا.
(2) «يجب ان يكيف التعلم بما يمكننا من ملاحقة ركب الحضارة و تدارك ما فاتنا من مراحل , و نحن عازمون على ذلك مهما كانت التكاليف والاعتراف بالواقع مدعاة لتهيئة الأسباب لتغييره» ( من بيان الحبيب بورقيبة الأسبوعي 25جوان 1985).
(3) ‎انظر كتاب دراسات في تاريخ التعليم بالبلاد التونسية في الفترة المعاصرة للدكتور ‏علي الزيدي- منشورات منتدى الفارابي للدراسات والبدائل صفاقس 2014‏‎.‎
(4) ‎‎نذكر على سبيل المثال لا الحصر منتدى الفارابي للدراسات والبدائل الذي لديه ما ‏يقدّم في هذا الملف الشائك وهو الذي بادر من قبل بتنظيم ندوة وطنيّة حول الموضوع ‏تحت عنوان «الثورة و المسألة التربوية: إشكاليات وبدائل» وأصدر كتابين في ‏الموضوع، والائتلاف المدني لإصلاح المنظومة التربويّة الذي يضمّ عددا لابأس به من ‏الجمعيات والإطارات التربوية الكفأة
(5)  ضمّت اللجنة الاتحاد العام التونسي للشغل والمعهد العربي ‏لحقوق الإنسان والهيئة الوطنية للمحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ‏والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وفرع ‏تونس لمنظمة العفو الدولية وجمعية القضاة التونسيين والشبكة الأوروبية المتوسطية ‏لحقوق الإنسان، وهي منظمات تقودها شخصيات لا يشكّ إثنان في الطبيعة اليسارية ‏لانتمائها الايديولوجي.
(6)  أنظر على سبيل المثال مقال الدكتور مصدّق الجليدي بعنوان «المجلس الوطني الأعلى ‏للتربية تصور وظيفي وهيكلي»، العدد 18 من مجلّة الإصلاح  بتاريخ 30/11/2012‏