الافتتاحية

بقلم
فيصل العش
افتتاحية العدد الثاني

 بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله...

 على إثر صدور العدد الأول من "الإصلاح" حاولنا تقصّي ردود أفعال القراء الأعزّاء في ما يتعلّق بالفكرة والشكل والمضمون . وقد توزّعت الردود بين مؤيّد للفكرة متحمّس لها ومُشجع، وآخر لا يرى فيها سوى رقم جديد في عدد المجلات والصحف الصادرة بعد الثورة، معلّلا موقفه بعدم جدوى هذا النوع من الوسائل الإعلاميّة والثقافية التي لم تعد تستهو المثقفين، بالإضافة إلى أن قراءة مجلّة إلكترونية أمر غير يسير مقارنة بالمجلة الورقيّة . وإذا علمنا أن المجلاّت الورقية تعاني من هجر التونسيين والتونسيات ولا تستقطب غير اليسير منهم فما بالك بالمجلات الالكترونية .

بعض التعليقات الواردة من الاصدقاء تساءلت عن اللون السياسي لمجلة "الإصلاح" وعن خطّها التحريري، وانتقدت غياب الجانب الإخباري فيها وعدم مواكبتها للأحداث على الساحة الوطنية. ولهؤلاء نذكّر بأن المجلّة لا تنطق باسم حزب من الاحزاب وإن كانت قريبة من "حزب الإصلاح والتنمية" بحكم الانتماء السياسي لبعض القائمين عليها . كما أن المجلّة ليست إخبارية، فهذا الصنف متوفّر بكثرة، ولذلك نريدها جامعة  بين السياسة والثقافة والفكر من حيث المضمون، وبين الحوار والمقال والخاطرة، وغيرها من حيث الشكل.

فبعد التصحّر الفكري والكبت الديني الذي عشناه أكثر من نصف قرن، كان من البديهي ان تظهر بعد الثورة أفكار متعددة ومتباينة  في أغلب الأحيان، وما لازمها من تجاذبات  عديدة انعكست في صراعات داخل الساحة الفكرية وخارجها  تجاوزت احيانا حدود نقد الفكرة بالفكرة  وقرع الحجّة بالحجة،  لتحول إلى محاولات إقصاء طرف لآخر.  وهو ما لا يخدم  مسار التغيير من سلطة الإستبداد إلى سلطة الشعب  ومن الخط الواحد إلى التعدد والتنوع  ومن رفض الآخر إلى قبوله و التواصل معه بل والاستفادة منه.

في ظل هذا الوضع جاءت فكرة المجلّة .. نريد من خلالها المشاركة في بلورة فكرة وسطيّة  تتفاعل مع محيطها وتقترح عليه الحلول لمختلف مشاكله الفكرية والسياسية والإجتماعيّة. نريدها حاضنة لأفكار ورؤى  تناضل من أجل بناء دولة فلسفتها خدمة المواطن،  ومجتمع مبني على التعاون والتآزر والعيش المشترك في كنف الحريّة والمساواة . نريدها منبرا للتحليل واقتراح البديل من دون تشنّج إيديولوجي  ولا تعصّب لفئة دون أخرى.  نحلم أن نواصل ما بدأه المصلحون،   دون تقديس لهم  أواجترار لأفكارهم،  منطلقين من  الواقع  الذي نعيش فيه، متمسكين بهويتنا العربية الاسلامية ومنفتحين على العصر وعلى كل فكرة أو مشروع يؤدّي إلى الإصلاح .

 نشكر كل من تفاعل معنا إيجابيا أو سلبيا، ونؤكّد عزمنا على مواصلة المسيرة حسب الإمكانيات المتوفرة لا نريد جزاء ولا شكورا. قد تكون البداية متواضعة، لكننا واثقون بعون الله تعالى من النجاح، لما لدينا  من عزم على المواصلة  والذهاب بعيدا. ولما رسمناه لأنفسنا من أهداف نريد تحقيقها، وما يحدونا من إيمان قاطع بأن المشروع الذي ينبني على فكرة صادقة تهدف إلى ما ينفع الناس، لا يمكن أن يفشل. ” وأمّا الزبد فيذهب جفاء وأمّا ما ينفع الناس فيمكث في الأرض“.