الإفتتاحية

بقلم
فيصل العش
الإفتتاحية
 نفتتح هذا العدد بتقديم أحرّ التهاني وأجمل الأمنيات إلى القراء الأعزّاء وعائلاتهم وأقاربهم وإلى كافّة الشعب التونسي والشعوب العربية والإسلامية قاطبة بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك وهو أعظم عيد لدى المسلمين في جميع أصقاع الأرض، راجين من الله العلي القدير أن يجعل أيام هذا العيد أيام يمـــن وبركة خاصّة على المستضعفيـــن والفقراء والمساكين ويؤلف بين قلوب من يسكن هذه الأرض الطيّبة فيتوجّهون إلى الحوار والتوافق والتآزر وينبذون العنف والكراهية والتقاتل والخصام. 
إن العيد مناسبة للتوادّ والتراحم بين الناس يستغلّها الجميع (إلا من كان في قلبه مرض) للتصالح والتناصح والتنافس في عمل الخير وهي بالتالي فرصة ليجدّد المجتمع وحدته ويشحن ماكينته الاجتماعية ليتحرك المجتمع سالكا طريق العمل والبناء في تناسق وتكامل بين مختلف مكوناته وهو ما تفتقده بلادنا هذه الأيام بعد سبع سنوات من قيام ثورتها وطرد الطاغية. 
ويرتبط عيد الأضحى بحدث آخر لا يقلّ عنه أهميّة وهو الحج إلى بيت الله الحرام تنفيذا للركن الخامس من أركان الإسلام. ففي الأيام الأولى من شهر ذي الحجة من كلّ عام تشدّ الرّحال إلى بيت الله وتتجه أنظار المسلمين كافة  نحوه، ملبّين دعوة أبيهم إبراهيم عليه السلام «وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ » (سورة الحجّ - 27). هي مناسبة تذكّر بواجب وحدة المسلمين وتعزّز المساواة بينهم. فظهور هم بمظهر موحد في الزمان والمكان والعمل والهيئة، سواء كانوا أغنياء أم فقراء،عربا أو عجما، يعزّز المساواة بين المسلمين ويحقّق مشهد الوحدة بينهم،ويعوّدهم على الصبر، ويعلّمهم النظام والترتيب.
مناسبة أخرى تميّز هذا الشهر هي العودة المدرسيّة ومعها يطفو على الساحة ككل مرّة، الحوار حول معالجة منظومتنا التربوية المهترئة التي شهدت عمليات تدمير ممنهج طيلة 23 سنة كاملة تحت مسميات الاصلاح التربوي الذي لم يكن في حقيقة الأمر سوى توظيفا لتصفية حسابات سياسية وأيديولوجية ومحاولة لتركيع الشعب واستحماره. الجميع متفق على أن الاستمرار في العمل بالمنظومة الحالية سيعود بالوبال على الأجيال الحاضرة والقادمة وستكون نتائجها وخيمة على المسار التنموي للبلاد. ولهذا فإن إعادة النظر في هذه المنظومة يعتبر أمرا حيويّا واستراتيجيا وبناء منظومة جديدة من الأولويات التي يجب علينا جميعا العمل على تحقيقه. إن مهمّة مثل هذه تتطلب تكاتف جهود كلُّ المتدخّلين في الميدان التربوي والتعليمي لتنفيذ استشارة وطنيّة لا وصاية عليها تختلف عن الاستشارة الفاشلة التي قام بها الوزير السابق، ينبثق عنها مجلس أعلى للتربية مهمّته بلورة مشروع تربويّ بديل متأصّل في خصوصيّتنا الثقافيّة ومتشبّع بقيمنا الإسلامية والعربيّة ومتفاعل إيجابيا مع القيم الإنسانية، مشروع يقطع مع المنظومة السابقة التي تكرس الاستبداد والاستلاب الحضاري.