الأولى

بقلم
فيصل العش
الشباب العربي... احتقان وغضب
 يمثّل الشباب في كل المجتمعات القديمة والحديثة شريحة ذات أهميّة كبرى لاعتبارات ثلاثة، الأول أنّها وإن كانت تمثّل جزءا من الحاضر ولها دور فعّال في تشكيل ملامحه، فهي المستقبل كلّه بما أنّها هي الرّصيد الاستراتيجي والثروة الحقيقية وهي التي ستقود المجتمع في المستقبل. والثاني أنها الشريحة الأكثر حيويّة وقدرة على العمل والانتاج أمّا الثالث فلأنّها الأكثر عاطفة ومزاجيّة وبالتالي قد تتحوّل إلى قوّة مدمّرة إن أسيء التعامل معها وتأطيرها. ولهذا فإنّ الأمم والشّعوب التي تحسن التّعامل مع شريحة الشّباب فتفقه خصوصياتها وتتفهّم مشاغلها وطبيعة أزمتها وتنجح في إعدادها إعدادا سليما في مختلف جوانبه النفسية والاجتماعيّة والاقتصاديّة والتعليميّة هي التي تكون قادرة على الفعل الحضاري وعلى كسب رهانات المستقبل وتحدّياته. 
والحديث عن نهوض الأمّة من كبوتها وخروجها من محيط التخلّف والانحطاط وتوجيه دفّة مسارها نحو استعادة كرامتها، وبناء مشروعها الحضاري لا يستقيم من دون الحديث عن شبابها، تلك الثروة المهدورة والطاقة المقهورة، لأنّ نهوض الأمّة من نهوض شبابها ولا ينهض شبابها إلاّ إذا عُولجت أزمته الخانقة وعُرفت أسبابها وهي معالجة صعبة تتطلّب قبل كلّ شيء قراءة الواقع في جميع جوانبه ومعرفة أسباب هذه الأزمة في مختلف تجلّياتها. 
من الضروري التنبيه في البداية بأنّ الشّباب العربي ليس مجموعة متجانسة إذ تتباين أوضاعهم الاجتماعيّة  والاقتصاديّة والديمغرافيّة والجغرافيّة على نطاق واسع بين الدّول العربيّة وداخل الدّولة الواحدة نفسها. لكن رُغمَ هذه التبايُنات، فإنّ هناك مجالا واسعا للحديث عن «الشّباب العربي» كوحدة نتيجة الاشتراك في العديد من الهموم والأوضاع والمشاغل، فشريحة الشّباب في الوطن العربي عموما لها خصائص وهموم مشتركة أهمّها الاشتراك في وحدة المصير وبالتّالي يمكن تقديم تحليل يوفّر فهما أوسع لملامح تنمية هذا الشّباب ليكون عماد الأمّة وعنصر توحيدها وسلاحها الذي تعتمده في صراعها المصيري ضدّ تخلّفها، فيكون هو الحلّ عوض أن يكون المشكلة.
 الشباب العربي غاضب
لا يخفى على أحد أنّ الجيل الحالي من الشّباب العربي يعيش حالة من الاحتقان والغضب الشّديد وقد تجلّى هذا الغضب في التّحرّكات الحاشدة والعنيفة في بعض الأحيان التي قادها الشّباب في مناطق عدّة من الوطن العربي بلغت ذروتها في ما سمّي تارة بثورات الكرامة وتارة أخرى بالرّبيع العربي والتي أدّت إلى انهيار بعض الدكتاتوريات. ولكنّ حالة الاحتقان هذه لم تخفّ حدّتها بعد تغيير أنظمة الحكم بل ازدادت ولم تنطفئ شعلة الغضب بل ازداد لهيبها. 
وأنت تتحدّث إليهم، تكتشف أن غضب الشّباب لا حدود له، فهم غاضبون من الأجيال التي سبقتهم ومن المجتمع الذي يشعرون بأنّه لفظهم، وهم متخاصمون مع الواقع الذي يعيشون فيه مكرهين غير راغبين في البقاء فيه، لأنّه واقع مزيّف ومخادع يزداد شعورهم فيه بالتّهميش يوما بعد يوم. ويبرز غضب هؤلاء الشّباب من خلال احتجاجاتهم المتكرّرة وخطاباتهم المتشنّجة المليئة بالشكّ واليأس والقنوط وتصرّفاتهم التي تختلف من فئة إلى فئة ومن حالة إلى أخرى لكنّها تحمل نفس المضمون المعبّر عن تصدّع أحلامهم وتلاشيها. 
جاء في تقرير التّنمية الانسانيّة العربيّة لسنة 2016 بأنّ هناك شعورا عاما بالاستبعاد وانعدام الفرص يسود معظم أنحاء المنطقة العربيّة . وأنّ الشّباب يواجه فيها عقباتٍ هائلةً في تنميتهم الشّخصية عبرَ أوسعِ نطاقٍ ممكن من المؤسّسات، من الثّقافية إلى الاجتماعيّة إلى الاقتصاديّة إلى السّياسية. وفي أغلب الأحيان، تتّسم حياةُ الشّباب بالإحباط، والتّهميش والانسلاخ عن المؤسّساتٍ، وعن التّحوّلات الضروريّة لبدء حياة البالِغين بطريقةٍ مُرضية[1] 
من المسؤول؟
نحن إذا أمام شباب غاضب حتّى على نفسه، ناقم على الزّمان والمكان الذي يعيش فيه، لأنّه ببساطة يعيش أزمة حادّة الكلّ في الوطن يجمع بوجودها لدى هذا الجيل ويقرّ بها، والكلّ يستطيع بيسر، خاصّة بعد الانتفاضات العربيّة الأخيرة، الشعور بمظاهرها ويعترف بأنّ هذه الأزمة تتعدّى في تأثيرها جيل الشّباب لتضرب في الصّميم كلّ أمل في نهوض الأمّة ورقيّها. ولكن هذا الإجماع يتلاشى حين نريد تحديد المسؤوليات وحين نريد الإجابة عن سؤال: من المتسبب في هذه الأزمة؟.
فهناك من يذهب إلى تحميل الشّباب المسؤوليّة كاملة عن الوضع الذي تردىّ فيه ويعتبره في نفس الوقت الجاني والضّحيّة وهناك من يرى أنّ المسؤوليّة تقع على عاتق الأنظمة والحكومات منذ نهاية الاستعمار إلى وقتنا الحاضر وعلى مختلف المؤسّسات المسؤولة عن الشّباب لعدم كفايتها في توفير ظروف ملائمة لإشباع حاجاته وتربيته تربية سليمة يكون بها قادرا على تحمّل مسؤولياته الاجتماعية وتشمل هذه المؤسسات العائلة والمدرسة والمسجد ومختلف الجمعيّات المهتمّة بالشّباب ...الخ. وهناك من يحمّل القوى الخارجيّة العظمى المهيمنة على قدرات الشّعوب العربيّة ومن لفّ لفها من منظمات صهيونيّة وماسونيّة تعمل ليلا نهارا بالتّعاون مع قوى رجعيّة داخل الدّيار على تدمير  قدرات الشّباب العربي وتلهيته خشية أن يتحوّل إلى قاطرة لتنمية المجتمعات العربيّة ونقلها من التخلّف إلى التقدّم ويقود بالتالي إلى تحريرها من هيمنة الآخرين. وهناك من يقرّ بوجود بعض من هذه وبعض من تلك لكنّه يذهب إلى ما ذهب إليه الدكتور«عزّة حجازي» في أنّ مسؤولية أزمة الشّباب «ترجع إلى طبيعة بنية اﻟﻤﺠتمعات العربيّة وتخلّف نظام الإنتاج والعلاقات الاجتماعية وقصور أسلوب العمل العام فيها»[2] 
الشباب وحاجياته
قبل أن نحدّد المسؤوليّات ونغوص في البحث عن الحلول المناسبة التي من شأنها مساعدة الشّباب العربي على الخروج من أزمته، نستعرض ولو بصفة مقتضبة الاحتياجات الأساسيّة للشّباب بصفة عامّة والتي اتفق الباحثون والمختصّون في المجال على أنّها مشتركة بين جميع فئات الشّباب مهما تباينت أوضاعها وانتماءاتها  ومهما اختلفت مواقعها ووضعها في المجتمع الذي تنحدر منه [3]. 
إن الإنسان منذ خروجه من مرحلة الطفولة التي تتميّز بالتبعيّة للوالدين بصفة خاصّة والأسرة الموسّعة بصفة عامّة ينطلق في البحث عن ثلاث توافقات ممكنة تحقّق له التّوازن والاستقرار وهي التوافق مع الذّات (الهوية والإرضاءالعضوي والجسمي والجنسي وضبط الانفعالات واﻟﻤﺨاوف) والتوافق مع الآخر من جيل الكبار سواء في الأسرة أوفي مختلف المؤسسات التي يتعامل ويتفاعل معها وأخيرا التوافق مع مقتضيات واقعه الجديد (واقع الرّاشدين) في الدّراسة والعمل والزّواج وغيرها. لهذا فإنّ «حاجات» الشّاب لا تخرج عن أربع فئات تصبّ في البحث عن التّوافقات الثلاثة المذكروة آنفا وهي:
(1) الحاجات الفسيولوجية: وهي الحاجات الخاصّة بالمحافظة على التّوازن الفسيولوجي الضّروري للشّاب. ومنها حاجات الجسم من مأكل ومشرب وحاجات متعلّقة بالنّشاط الجنسي وهوما يتطلّب توفير رعاية صحيّة من شأنها أن تجعل من نموه نمواً متوازناً وثقافة صحيّة تمكّنه من فهم التّغيرات الجسديّة التي تحدث له في مرحلة ما بعد الطفولة والطريقة الأنسب للعيش معها في تناغم، بالإضافة إلى تمكينه من ثقافة جنسيّة غير مشوّهة توفّر له الحماية من الانحراف وخلق الأطر الكفيلة لتحقيق هذه الحاجة.«فمع بداية مرحلة الشّباب يأتي النّضج الجنسي بالعديد من الحاجات والإشكالات، يتعلّق بعضها بفهم الشّاب لما يجرى في كيانه، ويتّصل بعضها بقبول ما يحدث، ويرتبط بعض ثالث بضرورة العثور على متنفّس للطّاقة الجيّاشة الجديدة. وعلى الرّغم ممّا يبديه بعض الشّباب إزاء النّضج الجنسي والحاجات التي تدفعها فيهم من هدوء أو عدم التفات، فإنّهم في حقيقة الأمر يستنفدون جزءا كبيرا من طاقاتهم الجسميّة والذّهنيّة وما لديهم من وقت في التّفكير فيها والانشغال بالبحث عن حلّ لمشكلاتها. ويستلزم النّضج الجنسي نوعا من التّكيف مع مشكلات الجنس: فهمها والتوصّل إلى مدخل سليم أو صحّي لحلّها» [4] يقتضي تكوين ميول نحو الجنس الآخر وربط علاقة به لتحقيق الإشباع الجنسي. وإذا كان هذا الارتباط في الفترة الأولى من الشّباب ذا طابع عذريّ غارق في المثاليّة والرّومانسيّة، إنّه يتحوّل إلى رغبات جنسيّة صريحة إذ تتطور نظرة الشّاب إلى الجنس ويتّجه تدريجيّا الى اختيار شريكه حسب مقاييس تقترب من مقاييس «الكبار».
(2) الحاجات النفسيّة : ومنها الحاجة إلى حلّ «أزمة الهويّة» وفهم الذّات وتقبّلها ومن ثمّ تأكيدها بعد التغيّرات الجسديّة والعقليّة وبزوغ مظاهر الجنس وما يترتّب عليها من حاجات وأحاسيس ومخاوف جديدة خاصّة في المرحلة الأولى من فترة الشّباب وهو ما يتطلّب استجابة من «الكبار» لهذه التّحولات تنطوي على تقدير كاف لأهميتها وتساعد الشّباب على فهمها. 
ومنها الحاجة إلى الشّعور بالاستقلال في إطار الأسرة كمقدّمة لبناء شخصيّته المستقلة، وتأهيلها لأخذ قراراتها المصيرية في الحياة والعمل والانتماء، ومنها أيضا الحاجة إلى نشاط يميل إليه الشّاب [5] يفرّغ فيه طاقاته الهائلة لأنّ عدم تفريغها في أنشطة مرغوب فيها يجعله يعيش فراغا مميتا ويزيد من حالة الاضطراب والملل والتوتّر لديه. وأخيرا الحاجة إلى التّرفيه والتّرويح عن النّفس، فحياة الشّاب ليست كلّها عمل ونشاط جدّي وهذا يتطلّب توفير أماكن للترويح ومراكز ترفيهية متعدّدة كدور السينيما والمسارح والمنتزهات ..الخ
(3) الحاجات المعرفيّة والعلميّة: ومنها الحاجة إلى تعليم جيّد ومتكامل وفعّال يهدف من ناحية إلى التّنمية الكاملة لشخصيّة الشّاب عبر تطوير ملكاته ومداركه العقليّة وإمكاناته العضويّة والنّفسيّة والاجتماعيّة، وينسجم مع حاجات المجتمع ويلبّي طموحات الشّباب ويواكب المتغيّرات والتطورات العالميّة من ناحية أخرى. فالتعليم الذي يحتاجه الشّاب هو الذي يمنحه القدرات والمهارات التي تسمح له أن يكون كفءًا للقيام بأشياء تنفعه وتنفع المجتمع أي أن تكون المعارف قابلة للتّحويل الميداني بالتفكير والتّحليل والتأويل في الوضعيات المعقّدة التي يواجهها الشّباب خارج المؤسّسة التعليميّة وهو أمر لا يتحقّق إلاّ إذا اعتبر التّعليم مسألة استراتيجيّة غير ثانويّة وقاطرة للبناء والتّشييد ووسيلة لا غنى عنها من أجل التّقدم والرّقي، الأمر الذي يؤدّي إلى الاختيار الأنسب لمناهج تربويّة تجعل من العمليّة التربويّة عمليّة غير «ببّغائيّة» قائمة على الحفظ والتلقين يخضع إليها الشّاب بغية الحصول على التقييم والشهادة وإنّما عمليّة تشاركيّة مبنيّة على الرّغبة وليس الإجبار وعلى التّوجيه وليس التّلقين ممّا يجعل التعلّم مبنيّا على اكتساب الكفاءات وليس على تحقيق الأهداف، على بناء القدرات المعرفيّة للشّاب ليربط بين المعارف العلميّة المكتسبة والواقع الميداني وليس على تراكم المعارف فحسب. 
إنّ الحاجة إلى التّعليم حقّ من حقوق الإنسان[6] في مختلف مراحل الحياة ويتعاظم هذا الحقّ بالنّسبة لمرحلة الشّباب لأنّها المرحلة الحسّاسة التي يتمّ فيها إعداد الشّاب ليكون فاعلا اجتماعيّا واقتصاديّا وسياسيّا ويمكن توصيف الحقّ في التعليم أيضا بأنّه «حقّ في التّمكين». لأنّه يوفّر للشّاب مزيدا من التّحكم في حياته ويؤهله للتّمتع بمزايا الحقوق الأخرى[7]. 
(4) الحاجات الاجتماعيّة : ومنها الحاجة إلى الحصول على اعتراف بتخطّي مرحلة الطّفولة والانتماء إلى جماعات الرّاشدين من ثمّ تشجيعه على الاختيار الحرّ الواعي والتدرّب على تحمّل المسؤوليّة بالتّدرج، ومنها أيضا الحاجة إلى تطبيع اجتماعي سلس بدون تصادم مع خصائصه ونعني بذلك تمكين الشّاب من تعلّم واستيعاب القيم والمعايير والرّموز الثقافيّة الخاصّة بمجتمعه والتشبّع بها حتّى لا يكون في قطيعة تامّة أو تناقض صارخ مع الجماعة التي ينتمي إليها سواء كانت تلك الجماعة أسرة أو جمعيّة أو حزبا سياسيّا أو غير ذلك من المؤسّسات الاجتماعيّة. ومن الحاجات الاجتماعيّة الملحّة للشّباب الحاجة إلى شغل يتماشى مع مؤهّلاته يوفّر له الاستقرار الاقتصادي من ناحية ويؤهّله من ناحية أخرى لاحتلال مكانة وموقع ضمن البناء المجتمعي بشكل سليم ومفيد ويجعله يشعر بأنّ له دورا ذا معنى في الحياة العامّة وأخيرا الحاجة إلى الزّواج وتكوين أسرة جديدة.
الخاتمة
هذه جملة من الحاجيات الأساسيّة التي يتطلّبها كل إنسان خلال فترة شبابه مهما كان انتماؤه الاجتماعي أو العرقي أو الدّيني وبدونها لا يتحقّق بناء شخصيّة الشابّ المتوازن الذي يعتمد عليه كقوّة فاعلة في البناء والتنمية وضامن لاستمرارية المجتمع ومكانته الحضاريّة. فهل توفّرت هذه الحاجيّات لشبابنا العربيّ؟ وما هي علاقة الأزمة التي يعيشها هذا الشّباب وغضبه العارم الذي يعبّر عنه في كلّ المناسبات بمدى توفّر هذه الحاجيّات أو فقدانها؟ سؤال يتطلّب تحليلا دقيقا لواقع هذا الشّباب العربي يعتمد المؤشّرات والأرقام المتوفّرة حول مدى تحقيق حاجياته وأسباب ذلك والبحث عن مكامن الخلل والضّعف التي حالت دون تحقيق ذلك... وهذا ما سنتطرق إليه في العدد القادم إن شاء الله ... للحديث بقيّة. 
الهوامش
[1] تقرير التنمية الانسانية العربية لسنة 2016 - ص 28 
[2] حجازي، عزّت - الشباب العربي ومشكلاته - سلسلة عالم المعرفة العدد 6 - فيفري 1985 - ص219
[3] مع الإشارة إلى أن مفهوم الحاجات مفهوم نسبي يختلف من مجتمع إلى آخر تبعاً لطبيعته وخصوصياته ومستوى تطوره الاجتماعي والاقتصادي.
[4] د. حجازي - المرجع السّابق - ص 83 - بتصرّف
[5] نتحدّث هنا عن الأنشطة خارج مجال العمل كالانشطة الرياضيّة والثقافيّة والسياسيّة وجمعيات المجتمع المدني الخ...
[6] حقّ التعلم مضمن في المادة رقم 13و 14من العهد الدولي الخاصّ بالحقوق الإقتصاديّة والإجتماعيّة والثقافية والمادة رقم 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفيها جاء: «لكل شخص الحق في التعلم، ويجب أن يكون التعليم في مراحله الأولى والأساسيّة على الأقل بالمجان، وأن يكون التعليم الأولي إلزامياً وينبغي أن يعمم التعليم الفني والمهني، وأن ييسر القبول للتعليم العالي على قدم المساواة التامة للجميع وعلى أساس الكفاءة. يجب أن تهدف التربية إلى إنماء شخصية الإنسان إنماء كاملاً، وإلى تعزيز احترام الإنسان والحريات الأساسية وتنمية التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الشعوب والجماعات العنصرية أو الدينية، وإلى زيادة مجهود الأمم المتّحدة لحفظ السّلام».
[7] إن التمتع بالكثير من الحقوق المدنيّة والسّياسية كحرية استقاء المعلومات وحرية التعبير وحرية التصويت والترشيح والكثير من الحقوق الأخرى، كل ذلك يتوقف على اقل تقدير على الحد الأدنى من التعليم. وبالمثل ثمة عدد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية كالحق في اختيار العمل والحصول على أجر متساو إذا تساوى العمل والتمتع بفوائد التقدم العلمي والتكنولوجي والحصول على التعليم العالي على أساس القدرة، لا يمكن ممارستها بطريقة مجدية إلاّ بعد الحصول على أدنى مستوى من التعليم. وهذا ينسحب أيضا على الحقّ في المشاركة في الحياة الثقافيّة وفيما يتعلق بالأقليات العرقية واللغوية، يشكل الحق في التعليم وسيلة أساسية لصون هويتها الثقافية وتعزيزها.