الأولى

بقلم
فيصل العش
ثقافة المأسسة ... الطريق إلى الإصلاح
 إنّ التصدّي إلى البحث في الأزمة الثقافية التي تعيشها الأمّة ليس بالأمر الهيّن والعمل في سبيل الخروج من هذه الأزمة وتحقيق إصلاح ثقافي شامل ليس بالعمل السهل في ظلّ واقع يتميّز باختلال موازين القوى لغير صالحنا ولحظة تاريخيّة تهيمن فيها ثقافات يمتلك أصحابها كلّ الأسلحة المتاحة للسيطرة ووأد كلّ محاولة تحررية تحدث هنا أو هناك. ففي حين يأخذ الآخرون بزمام الثورة الرقميّة الهائلة والتطوّرات المتتالية في ميدان التكنولوجيا  ويوضّفونها بشكل علمي ومدروس لتحقيق أهدافهم في الهيمنة على العالم، ترزح الشعوب العربيّة والإسلاميّة تحت وطأة التخلّف في غيابات جبّ ثقافة الاستبداد والتفرقة والتناحر.
في ظلّ هذا الواقع المرير يأمل بعض  المثقفين إنجاز إصلاح ثقافي يعيد الحياة إلى روح الأمّة ويضع قطارها على سكّة الحضارة ويغيّر الواقع إلى أفضل حال. فتعددت ومازالت تتعدد المبادرات لكنّ النتائج لم تغيّر في الأمر شيئا وذلك لأن روح تلك المبادرات لم تتشبّع في إحدى جوانبها بـ «ثقافة المأسسة»(1) وبقيت أغلبها محكومة بـ «ثقافة الفرد» وكلّنا يعلم أنّ المبادرات الفرديّة لا تصنع مشروعا متكاملا للإصلاح قادرا على الصمود.
 هما شرطان أساسيّان لابدّ من توفّرهما في أي عمليّة إصلاحيّة، استيعاب مخرجات الثورة الرقميّة العالميّة وركوب قطار التكنولوجيا الحديثة وهو يسير بسرعته الجنونيّة من ناحية، وتوحيد الجهود ضمن استراتيجيّة واحدة وأهداف واضحة من ناحية ثانية. ولا يتمّ ذلك إلاّ إذا تشبّع المثقفون أوّلا والمجتمع ثانيا بثقافة المأسسة وغرسوها في كلّ منشط. 
فهل يقدر هؤلاء على تحقيق شيء من ذلك في مجتمع تنعدم فيه تقاليد العمل المؤسساتي؟
داء قديم جديد
لعلّ من بين أكثر الشعارات تداولا في عالمنا العربي قبل الثورة وبعدها، شعار «دولة القانون والمؤسّسات». إلاّ أن هذا الشعار لم يجد طريقه للتفعيل والتنفيذ ميدانيّا في مختلف القطاعات والجوانب الحياتية. والواقع الثقافي العربي يشهد على أنّ المؤسّسات الثقافية الموجودة في السّاحة لا تعدو أن تكون دكاكين لا تعرف معنى المأسسة إلاّ في البرامج والخطط التي ترقن وتطبع بشكل جميل وجذّاب لكنها لا تراوح مكانها على رفوف المسؤولين وأصحاب القرار. فثقافة المأسسة مفقودة بشكل جليّ لهذا فإنّ المؤسسات في حقيقة أمرها هياكل بلا روح وتنظيم إداري من غير صلوحيّة حيث تسير الأمور - إن سارت- وفق قرارات فرديّة مرتبطة بهوى المسؤول أو صاحب الجاه والسلطان. وكلّما تغيّر المسؤول بمسؤول جديد إلاّ وتغيّرت طريقة تسيير الأمور وتغيّرت البرامج والخطط إذ بمجرّد تولّي  المسؤول الجديد (القائد) دفة القيادة يقوم بتوجيهها إلى وجهة أخرى مختلفة عن سابقتها وربّما يعود بها في الكثير من الأحيان إلى نقطة الصفر بتعلّة التطوير والتجديد.
إنّ نظرة سريعة إلى «مؤسساتنا» سواء كانت جمعيّات أو أحزاب أو إدارات تكشف أن أغلبها تتبنى الفكر القيادي العتيق المتمثل في «أسطورة الرجل الفريد» ذي الشخصية البراقة وتغيب فكرة «القيادة الجماعيّة» ، رغم أن الكثيرين ينادون بذلك، لذا فإن أنشطتها هي في الغالب فرديّة وموغلة في الشخصانيّة تتمحور جلّها حول رئيس الهيكل سواءًا كان رئيس جمعيّة أو زعيم حزب أو مدير إدارة، فإذا رحل عنها بسبب أو بآخر توقفت عن الحركة والإنتاج. 
ويعــود السبب فـــي ذلك إلى داء قديم جديــد لايزال ينتشر في جسم الأمّة وهو داء «الاختزاليّة» علــى حــدّ تعبيـــر  الأستـــــاذ «محمـد محفـوظ»(2)، «إذ أنّنا مهووســون جميعا باختزال حياتنا بثرائها المتعدد، ضمــن أطر ضيّقة قــد لا تتعدّى في بعض الأحيان شخصـــا واحــــدا، يمســك بجميع عناصر الحياة، ففي حياتنا الاجتماعيّة، نختزل الأسرة كمؤسسة إجتماعية في شخص ربّ الأسرة (...) وفي حياتنا الثقافية والفكرية، يتّضح داء الاختزال، في تحويل السّاحة إلى مجموعة من الرموز الفكرية فاختزلنا حياتنا الثقافيّة في أشخاص. كما أنّ حياتنا السّياسية في كثير من جوانبها وأبعادها قد اختزلناها في مجموعة من الزّعامات، بحيث أنّنا لا نرى الحياة السّياسية إلاّ من خلالها» (3).
الخطير في المسألة أن «الاختزالية» تحوّلت بمرور الأيام إلى ثقافة وأصبحت إحدى العناصر الأساسيّة المتحكمة في الوعي الجمعي لدى الشعوب العربية الإسلاميّة، وقد زاد في تكريسها الفهم المغلوط والتأويلات الخاطئة لبعض العناصر التراثية مشفوعاً بسنوات متواصلة من التغييب القسري عن المشاركة في صنع القرار الذي مارسته السّلط الدكتاتوريّة تجسيدا لفكرة «الزعيم الأوحد» تارة و«قائد الثورة» تارة أخرى. 
لكل داء دواء
«إذا عرف الدّاء سهل البحث عن الدّواء» ودواء «ثقافة الفرد» و«الاختزالية» هو مأسسة الثقافة واعتماد العمل المؤسساتي كنظام أساسي لإدارة الأمور في كلّ المجالات حتّى يحدث الانتقال من واقع قائم على الفرديّة إلى واقع مؤسّسي بحيث تصير المؤسسة وقوانينها هي التي تدير أمورنا في مختلف الحقول والجوانب. فماذا نقصد بالمأسسة وما هو العمل المؤسساتي؟ 
ليس المقصود بمأسسة الثقافة تنظيم العمل الثقافي ضمن مؤسّسات بذاتها فقط فقد انتشرت المؤسسات الثقافيّة منذ مدّة لاباس بها في عالمنا العربي الاسلامي كهياكل تشرف على العمل الثقافي أو تنتجه وأُنفقت أموال طائلة وبُذلت جهود كبيرة ، من أجل إنشاء المؤسّسات، وكم أُجريت من دراسات، وعُقدت من جلسات وحُرّرت من وثائق وأدبيات، لكنّ ذلك لم يشفع بتجاوز التخلّف والفشل في تحقيق النهوض المرجو. وإنّما المقصود بالمأسسة تغيير نمط الفعل داخل الهيكل لينتقل من الفرديّة إلى الجماعيّة ومن العفويّة إلى التخطيط، ومن الغموض إلى الوضوح، ومن محدودية الموارد سواء كانت مادّية أو بشرية إلى تعدّدها، ومن العمل وفقا للأعراف إلى العمل وفقا للقوانين. فالمأسسة إذا هي ثقافة قبل كلّ شيء وهي أفكار تمارس على أرض الواقع داخل هيكل  ما لخلق آليات بقائه وتنمية قدرته على التطوير والتغيير الذاتي حتى لو رحل عنه مؤسّسوه. 
إنّها باختصار تكريس العمل المؤسساتي في ثقافة مكونات المؤسسة وإشاعة روح الفريق و«الميل بقبول العمل الجماعي وممارسته، شكلاً ومضموناً، نصاً وروحاً. وأداء العمل بشكل منسق، قائم على أسس ومبادئ وأركان، وقيم تنظيمية محدّدة»(4) «المأسسة» في النهاية تحويل الهيمنة من فكر الفرد إلى فكر المؤسسة فيتقلص فكر الفرد، ليصير تابعا لفكر المؤسسة وليس مهيمنا عليه. ويصيرالفرد، مهما علا موقعه بالمؤسسة، رئيسا أو مرؤوسا محكوما بقوانين المؤسّسة وفكرها، لا لتكون المؤسسة محكومة بمزاجيته وتصرفاته المستمدة من فطرته في حب التفرد والسيطرة.
 العمل المؤسساتي
العمل المؤسساتي هو: العمل الجماعي المنظّم بلوائح وقوانين مضبوطة، ينبني على التشارك والتوافق،على التشاور والتراضي. يُوزّع هذا العمل ضمن لجان وفرق عمل وإدارات متخصّصة تكون لها المرجعيّة وحرّية اتخاذ القرارات، في دائرة اختصاصها؛ أي أنها تنبثق من مبدأ الشورى، الذي هو أهم خصائص ومميّزات العمل المؤسّساتي حتى تكون آثاره متفاعلة مع أكبر دائرة ممكنة وأكبر مصلحة مرجوة. 
وليس المراد بالعمل المؤسساتي العمل الجماعي المقابل للعمل الفردي، فمن الخطأ الظن أنّ مجرد التجمّع على العمـل، وممارسته من خلال مجلس إدارة، أو جمعية أو مؤسسة يجعله عملا مؤسساتياً، لأنّ الكثير من الـمـؤسسات والمنظمات والجمعيات التي لها لوائح ومجالس وجمعيات عمومية إنما تمارس العمل الفــردي لأنها محكومة بعقلية الرئيس أو القائد ومرهونة بمركزية مفرطة في اتخاذ القرار. 
إن أهمية العمل المؤسساتي تكمن في مجموعة من السمات والخصائص، التي تجعله مميزاً، منها :
أ) تحقيق مبدأ التعاون والجماعية مع التكامل في العمل ممّا يضمن استمراريته ودفعه نحو الوسطية والتوازن إذ اجـتـماع الأفراد المختلفين في الأفكار والاتجاهات والقدرات يدفع عجلة العمل نحو التوازن والجودة.
ب) يضمن العمل المؤسسي عدم تفرد القائد، أو القيادة في القرارات المصيرية، المتعلقة بالمؤسسة ويحافظ على الاستقرار من خلال اتباع مجموعة من نظم العمل، (سياسات وقواعد وإجراءات)، تعمل على تحقيق الأهداف المرسومة وتفرض على جميع العاملين بالمؤسسة اعتماد لغة الحوار، حتى تتلاقح الآراء للخروج بأفضل قــرار، وهكذا يخضع الرأي الشخصي لرأي المجموعة.
ج) استثمار كل الامكانيات والطاقات البشرية، والاستفادة من شتى القدرات الإنتاجية  إذ يوفّر لها العمل المؤسساتي الجو الملائم للابتكار والعمل والإسهام في صنع القرار ممّا يجعل من المؤسسة مركز إشعاع وتخطيط وموقع لامتصاص الخبرات  وتضمن بذلك جاهزيتها في انتاج قيادات بديلة كلما قضت الحاجة إلى التغيير والتبديل. 
د) مواجهة تحديات الواقع بما يناسبها من تخطيط متقن، وتحديد واضح للأهداف، وتوزيع محكم للأدوار، وكيفية الاستفادة من منجزات العصر، دون التنازل عن المبادئ، وهذا الغرض لا يقوم به مجرد أفراد لا ينظمهم عمل مؤسّساتي. 
يقوم العمل المؤسّساتي على أربعة عناصر هي التّخصص والتّكامل والتّشاور والتّخطيط. فالتّخصص سبيل إلى الدقّة والاتقان وضمان الجودة المطلوبة بالإضافة إلى تحديد الأولويّات بشكل مفصّل ودقيق مع سرعة الإنجاز. والتّكامل هوالجمع بين الاختصاصات المختلفة التي يكمِّل بعضُها بعضًا، وتتعاون في الوصول إِلى غرضٍ واحد والتكامل الثقافي هو توافق متبادل بين سمات ثقافيّة مختلفة يكوِّن نسقًا ثقافيًّا منسجمًا. أمّا التّشاور  فهو تبادل الآراء ووجهات النظر في قضية من القضايا أو موضوع من المواضيع وتقليبها نقدا ومناقشة  وعرضها على أصحاب الرأي والخبرة لاختبارها، وصولاً إلى الصواب، وأفضل الآراء، من أجل تحقيق أحسن النتائج. والهدف من التشاور هو الاستفادة من جميع الخبرات والتّجارب واجتماع للعقول في عقل واحد وبناء يساهم الجميع في تشييده ويتحملون معا مخاطر الدفاع عنه. أمّا التخطيط فهو أسّ العمل المؤسّساتي كلّه فلا مستقبل ولا بقاء لأيّة مؤسّسة مهما كان مجال عملها إذا غاب التخطيط عن إدارتها.
ففي مجال السينما مثلا، لا أمل في إنتاج أفلام ذات جودة عالية قادرة على استقطاب المتفرج والمنافسة في سوق السنيما العالمية إذا لم يتحوّل إلى عمل مؤسساتي يتجسّد في مختلف مراحل الانتاج انطلاقا من الفكرة ووصولا إلى التسويق. فبالتخطيط السليم المحكم نضمن إنجاز العمل في وقته ونقلل من الصعوبات التي تعترض عادة أهل هذا القطاع وبتكامل اختصاصات الهندسة الصوتية وهندسة الفيديو والإخراج وكتابة السيناريو وهندسة الديكور والتنظيم اللوجيستي يمكن أن نضمن جودة المنتوج، والتشاور بين مختلف الفاعلين من شأنه أن يؤدّي إلى تحقيق النتائج المرجوّة وتجنّب الأخطاء القاتلة. أمّا أن يكون الانتاج السنيمائي موكولا للفرد فهو المنتج وكاتب السيناريو وفي بعض الأحيان البطل الذي تدور حوله الأحداث، فهذا إنتاج لا مستقبل له وليس بمقدوره ضمان الاستمرارية أوالمنافسة حتّى لو حقّق بعض النجاحات هنا وهناك.  
مأسسة الثقافة عبر ثقافة المأسسة 
إن مأسسة الثقافة ليس بالأمر الهيّن واليسير وليست وصفة جاهزة وقابلة للاستعارة أو الاستيراد، إذ يتطلب إرساء قواعدها في واقعنا المتأزم بطبعه جهدا كبيرا ومتواصلا وتخطيطا محكما تكون الأولوية فيه إلى نشر ثقافة المأسسة أي العمل الجماعي المؤسّساتي القائم على التعاون والتشاور وإعادة الاعتبار إلى القيم الكبرى التي تؤكّد قيمته وترسيخها في الأذهان لتتحوّل إلى سلوك يومي  وتقاليد متجذّرة في حياة المجتمع. 
إنّ نشر ثقافة المأسسة يقوم على نشر قيم الشورى والحرّية والسّلام والعدالة والتعاون وهي قيم تتعارض مع الفردانيّة والأنانيّة وتؤسس للعمل الجماعي. ونحن مطالبون ضمن عملية الإصلاح الثقافي بتأصيل هذه القيم في حياتنا الاجتماعية وإبراز مدلولاتها انطلاقا من مخزوننا الثقافي والفكري وما تتضمنه هويتنا العربية الإسلاميّة وديننا الحنيف من عناصر تترجم هذه المبادئ والقيم (6) بالإضافة إلى الاعتماد على ما يوفرّه الفضاء المعرفي الإنساني حتّى نحقق الوعي المطلوب والمنسجم مع متطلبات اللحظة التاريخيّة الراهنة، القادر على الانتقال من نمط الاختزال في العقلية الفرديّة إلى نمط العقل الجمعي في التفكير وإدارة الأمور. 
الإبداع ومأسسة الثقافة  
يعتقد البعض أن مأسسة الثقافة والعمل المؤسساتي من شأنه أن يقضي على الإبداع الذي هو في جوهره فردي وربّما تؤدّي المأسسة إلى مزيد من البيروقراطيّة في العمل الثقافي أو طغيان صوت المؤسسة الثقافية على كل صوت ثقافي آخر بحيث يصبح صوتها الغالب الذي لا يشاركه في القوة أي صوت آخر، ويصبح بالتالي المصدر الثقافي الوحيد، والمانح لشرعية الأصوات الثقافية ووجودها، فيقل عندئذ هامش الحركة ويخبو دور الفرد في بناء الحركة الثقافية أو ينعدم. 
هؤلاء يرون أن المأسسة تحوّل المثقف من مبدع إلى موظف ومن فرد يحمل رؤية وهمّاً يخدم المجتمع من خلال المساحة المتاحة له إلى فرد يخدم  المؤسّسة التي ينتمي إليها. 
ويذهب البعض الآخر إلى أنّ تضخم المؤسسة ذات الطابع الرسمي هو في الحقيقة تضخم للأفراد القائمين عليها بكل نقائصهم وعيوبهم، وهو ما يسمح بزرع داء «الاختزالية» من جديد ولكن بشكل خفي، إذ يُسوَّق تصرّف القائمين على المؤسّسة، برغم فرديته، كإحدى منتجات المؤسّسة على أنه صادر عنها وهو نتاجها.
إن مأسسة الثقافة لا تعني بناء المؤسّسات فقط  وإنّما تعني أيضا ترسيخ مبدأي الشورى والحرّية في فلسفة تسيير تلك المؤسّسات، مع ضمان آليات محدّدة متّفق عليها لتمثيل الأفراد في المؤسسة والانضمام إليها، وضمان التعاقب على تسييرها. إن من بين أهداف مأسسة الثقافة تحقيق التوازن، بين الروح الفردية، والروح الجماعية، بطريقة لا تحيل الناس إلى أصفار، ولا تنمي فيهم الفردية الجامحة، بل توفر لهم المناخ المناسب لللإبداع الذي يرتقي إلى أفضل أشكاله نتيجة آليات التعاون والتكامل بين مكوّنات المؤسسة. 
إن التكامل والتعاون بين المبدعين والمثقفين داخل مؤسّسات متطوّرة ترتكز على التّشاور والاختصاص من شأنه أن يخلق الأمل في إصلاح ثقافي يقود إلى إصلاح شامل في كلّ القطاعات ويحوّل المجتمع المتخلّف إلى مجتمع رائد قادر على تحدّي الصّعاب والعوائق التي تقف في طريق تنميته وارتقائه في سلّم التطوّر والازدهار. وإذا كان الاصلاح الثقافي هو القاطرة التي تقود قطار التنمية فإنّ «مأسسة الثقافة» هي الوقود الذي تتحرّك به تلك القاطرة. 
لكنّ من سيقوم بهذا العمل الجبّار في واقع ثقافي مهترئ؟ هل الدولة وأجهزتها هي المسؤولة عن «مأسسة الثقافة» أم أن ذلك من مشمولات «المثقفين» والمجتمع المدني؟ 
للحديث بقية 
الهوامش
(1) المأسسة : Institutionnalisation 
(2) محمد جاسم محفوظ، كاتب سعودي، مدير عام مركز «آفاق» للدراسات والابحاث ومدير تحرير مجلة «الكلمة» وهي مجلة فصلية تعنى بقضايا الفكر والتجديد.
(3) محمد جاسم محفوظ، الفكر الإسلامي المعاصر ورهانات المستقبل، المركز الثقافي العربي، بيروت - ط1، 1999م - ص. 98
(4) محمد أكرم العدلوني، العمل المؤسسي،  دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت- لبنان، (1423هـ - 2002م)، ص (20) .  
(6) حثّ القرآن الكريم على الشورى كمبدإ أساسي للحياة الجماعية وحثّ على التعاون والتكامل والتآزر في كل أنشطة المسلمين وفي هذا نذكّر بقول الله تعالى : «وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ» (الشورى الآية 38) وقوله «وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ»(آل عمران الآية 159) وقوله «وتعاونوا على البرّ والتقوى»(المائدة الآية 2) ...