نعيم الظاهري
ثقافة المقاومة : العدد 22 - 2013/01/25
الثقافة الدّينية للمقاومة المبنيّة علــــى الموروثـــات الدينيّـــة لن تخلق إلاّ ثقافة التكليـــف الدّينـــي .المجتمعـــات الّتي تعانـــــي عدم الاستقلال في قرارهــــا السياســـــي والاقتصـــــادي تعاني التبعية السياسية والاقتصادية، وأيضا الاحتلال بأشكاله والحروب بأشكالهــــا واحتكـــــار مواردهـــــا وثرواتهــــــا وتدخلا في قضاياها وسيادتها وغير ذلك، وهناك مجتمعات تعانــــي أيضـــا من نظــــم عاجــــزة عن فـــرض خياراتهـــا السياسيــــة والإقتصاديّــــة، وفي تلك المجتمعات تشكل ثقافة المقاومة والمجابهة الرّوح التي تبقيها على قيــــد الحيــــاة وبفقدانهــــــا تهرم وتموت.
اقرأ المزيد
أدب المُفاصلة في الفكر القومي أو في الأصوليّة القوميّة : العدد 17 - 2012/11/16
ارتبط الكـــلام على الأصوليـــة والسلفيـــة بالحركات الدينيــــة التي نشأت، في صيغتها الحديثة، مع الجيل الأول من رواد النهضة العربية. أما الصيغ القديمة فبعضها يرقى إلى مرحلة "العقل العربي" بالتعبير الجابري، أو إلى ما قبله، حيث الصراع كــــان، في أحـــــد وجوهـــه، بين العقـــــل والنــــص، أي بين الإبــــداع والتحجـّــــر، أو بين الثابت والمتحول(أدونيــــس) أو بيــــن التـــــراث والتجديــــد (حسن حنفي)، ثم صار، في زماننا، بين الأصالة (العودة إلى الأصــــول) والحداثـــة (كأن الحداثــــــــــة خروج على الأصـــــول)، أو بيــــن العلـــم والإيمـــان، أو بين الشرق والغرب، وهي كلها ثنائيات مغلوطــــة لا تصلح لتشخيص أزماتنـــــا ولا لوصف العـــــلاج. بل لأن التباس أدوارنا في حل الأزمات العربية، القطرية والقومية ، يقتضي القيام بعملية نقد للنصوص وللأسلاف على حد سواء ، ويكون النقد أكثر جدوى ومصداقية إن هو بدأ بنقد الذات قبل نقد الآخر.
اقرأ المزيد
علي شريعتي راهنا : العدد 16 - 2012/11/02
رغم أنّ مشروع علي شريعتي التغييري والإصلاحي قائم بالدرجة الأولى على« العودة إلى الذات» شأنه شأن معظــــم المصلحيــــن مع فارق الكثافة الإصلاحيّة لصالح « فيلسوف الثّورة» إلاّ أنّه تبقى المقولة الأكثر مركزيّـــة فــــي أفكاره ومشروعه «التفكيكي» لأسباب الأزمة وسبل علاجها هي مقولة «النباهة والإستحمار» والّتي تصنّف مساره الإصلاحي على علم الاجتماع السياسي الّذي أوصله إلى «نباهة فرديّة» مفادها أنّ الإسلام ما هو إلاّ دين اجتماعي وسياسي، لا مذهبــــــــي «صفــــوي» و لا صوفـــــي ولا فلسفي أو غير ذلك بل كان هدفه بناء شبكة العلاقات الاجتماعية المتجانسة بتعبيرة مالك بن نبي. فشهيد عالميّة الإسلام نموذج للمثقّف الإسلامي العضوي المطلوب اليوم وغدا، الجامع بين استيعاب التراث وتمثّل الفكر المعاصر والتشبّع بالرّوح النقديّة، ويبقى التعريف بشريــعتي الّذي يكاد لا يعرفه النّاس اليوم عندنا لأسباب إستحماريّة منها «المذهبيّة الضيّقة» والّذين يعرفون عنه شيئا تغيب عنهم أشياء ويبقى التعريف بسيرته وفكره خطــــــوة ضروريّـــــة هي وحدها القادرة على أن تعطي لحياتنا الثقافيّــــــة ما هي في حاجة إليه من القدرة الذاتيّة على التصحيح والتجديد. فالشّهيد كتب« الشهادة» وكان من الشهداء قبل الثّورة الإسلاميّة بعام، هو شهيد الفكر والثّورة معا، ليس شهيد إيران فحسب بل يعتبر كل من عاصره أمثال « فرانز فانون» شهيد العالم الثالث، شهيد الحريّة والتحرّر . يتميّز معلّم الثّورة بمقوّمات شخصيّة تحمل «ذات ثوريّة» ولا تحمل بعـــــــدا واحــــدا، جمع بين العلم والفضيلة فكان يجسّد الفكرة الّتي قال بها سقراط وهي أنّ المعرفة أساس الفضيلة «الفضيلة علم و الرذيلة جهل» فالعالم لا يكون إلاّ فاضـــــــــلا في تصوّر سقراط وإذا كان هذا التصوّر لا يجد له تطبيقات كافية في التاريخ فإنّ شريعتي أو « المعلّم الحاضر الغائب» بعبارة ميشال فوكو في وصفه لفيلسوف الثّورة، كان من القلائل الّذين إقترن لديهم العلم بالفضيلة، هذا ما جعلــــــه متميّزا عــــن غيــــره من المفكّرين في عصره أنّه جمع بين علم الإجتماع الدّيني والسياسي وبين واقع الأمّـــــــــة الّتي إستبدّ بهــــــــا « مذهب الدُوار». فكان شاهدا على عصـــــره وعلى صراع «الحق والباطل» في معركة التاريـــــخ، فكل الساحات هي كربلاء وكل الأيّام هي عاشوراء، فمسؤوليّة المثقّف وإحدى أولوياته هي الشّهــــــادة على العصر قبل التعبّد والانشغال بأكثر الأعمال قداسة. فتحرّر الشعوب لا يمكن أن يتم إلاّ من خلال فك رباعيّة قوى الإستحمار الجديدة المتمثّلة في « الإستعمار، الإستغلال، الإستعباد، الإستحمار» فكان فقيها عالما أوّلا ثمّ فيلسوفا ومحلّلا للظّاهرة السياسيّة والاجتماعية وكان رجل حركة دينيّة ثالثا من خلال محاضراته في «حسينية الإرشاد» الّتي إستقطبت الآلاف من شباب الجامعات. نحن في أمس الحاجة لثورة فكريّة شاملة، في حاجة إلى بناء جيل ثوري بمفكرين أحرار يحاكون شريعتي ولا أقول يكرّرونه بل يلتمسون روحه وأفكاره ، فالشّهيد كُفّر في إيران الشاهنشاهيّة آنذاك واتّهم بأسلمة أوروبا من خلال نصرته لحركة تحرير الجزائــــر خاصّـــــة، ربّما هذا ما جعل سارتر يقول جملتــــــه الشهيرة فيـــه « لو تعيّــــــــــن عليّ أن أختار دينا لأخترت دين علي شريعتي».
اقرأ المزيد