تمتمات

بقلم
اسماعيل بوسروال
التلاميذ والاولياء ضحايا وزارة التربية وضحايا نقابات التعليم
 تميّزت العودة المدرسية 2014 /2015 في تونس بارتفاع درجة التّوتر في أوساط العائلات التونسيّة حيث عمدت نقابات التّعليم الى إعلان رفض العودة المدرسيّة وإبقاء المدارس والمعاهد مغلقة الى حين تنفيذ الاتّفاقيات الخاصّة بقطاع المدرّسيـــن وهو أسلوب عمل ( نقابـــي ) لا يتناسب مع الأوضاع الهشّة للعائلات التي تّعاني بطيبعتها من ظروف معيشية معقدة تصاحبها مرحلة زوابـع « إرهابية» تنغّص الحاضر وتشكّك في المستقبل .
وفي وقت متقارب يكاد يكون متزامنا شدّدت وزارة التّربية الضّغط النّفسي على التّلاميذ والأولياء من خلال إعلانها الفجئي ومن جانب واحد عن إعادة العمل بمناظرة الدّخول الى التّعليم الإعدادي المعروفة بالسيزيام وإقرارها باجبارية هذا «الامتحان» في نهاية السّنة السّادسة ، بالإضافة إلى تقديم سنّ تعلّم الفرنسيّة والانقليزيّة ، تدريجيّا . 
وبذلك تظافرت العوامل الاداريّة والنّقابية لتجعل من المدرسة العموميّة، ذلك الصرخ الشّامخ الذي نعتزّ به، كابوسا جاثما على الصّدور بدأ النّاس ينفضّون من حولها نحو اتجاهات أخرى تتمثّل في المدارس الخاصّة ما أمكن لهم ذلك.
خواء وفراغ في الدّواخل  من المسؤول ؟ الوزارة أم النّقابات ؟ 
افتتحت السّنة الدّراسيّة في سبتمبر 2014 وبمجرّد متابعة الأصداء في الجهات نجد أنّ جهات داخليّة بقيت مدارسها دون أن تستهلّ سنتها الدّراسيّة في ولايات الوسط والوسط الغربي والجنوب الغربي والشّمال الغربي وذلك لعدم التحاق المدرّسين ، فهل كان ناتجا عن سوء تصرّف في الموارد البشريّة من وزارة التربية أم فراغ فرضته هجرة الاطار التعليمي من تضاريس الدّواخل وصعوباتها ؟ أم يعود خلل انطلاق العودة المدرسية في المناطق الدّاخلية الى حركة النّقلة النّظامية والانسانيّة وفق المطالب النّقابية فأنتجت انخراما في التّوازن بين الجهات في المجال التربوي ينضاف الى انخرام تنموي واقتصادي وصحي ؟
الضّلع « الثالث» غائب عن « المثلث التّربوي»
كما تزامنت العودة المدرسية سبتمبر 2014 مع تنظيم وزارة التربية لندوة تشاوريّة حول «إصلاح المنظومة التربوية» وهي ندوة دُعيت إليها نقابات التّعليم وبعض الجمعيّات إلى جانب الطرف الإداري المتمثل في «وزارة التربية» ... 
كان الحضور مقتصرا على ضلعيْن من شكل هندسي ثلاثي الأضلاع ... لقد حضر الندوة « الضلع الاوّل» متمثلا في المدرسين ونقاباتهم كما حضر النّدوة «الضلع الثّاني» مجسّدا في الادارة وفروعها، في حين غاب عن المثلث التّربوي « ضلع رئيسي مركزي» وهو المتعلّم أي التّلميذ أومن يمثّله من جمعيّة أولياء على غرار الدّول المتحضّرة التي تجعل «جمعيـــة الأوليـــاء» طرفـــا واجب الحضور، لا يمكن انعقاد جلسات الحوار التّربوي بدونه . 
إن مواصلة تسيير الشّؤون التربويّة في ضوء « تغييب» من يمثّل الـتّلاميذ والأولياء هي عمليّة دفع التّربية نحو مزيد من التجاذبات بين نقابات تسعى لمصالح قطاعيّة لا ترقى إلى رؤية وطنيّـــة وبين قرارات وزاريّـــة إداريّة تفتقـــر إلى رؤية استراتيجية .
ثغرة في الدّستور وجب إصلاحها في إطار قانوني 
يتطلب الوضع التربوي في تونس إحداث «مجلس أعلى للتّربية» لكنّ المجلس الوطني التّأسيسي لم ير فائدة في أن يدرجه ضمن «الهيئات الدستورية». ومن خلال تجربتي الميدانيّة أرى وجوبا أن يتمّ تدارك النّص بأن يتولّى « مجلس نواب الشّعب» المزمع انتخابه إحداث مجلس أعلى للتّربية وفق نصّ قانونيّ يضبط تركيبته وصلاحياته ومهامه ويضع حدّا للتجاذب ( وزارة – نقابة ) ويّنهي أساليب الابتزاز التي تضرّ بالمدرسة العموميّة ويمنح للمتعلّمين والاولياء أدوارهم وحقوقهم المنسيّة . 
--------------
-  جمعية منتدى المعرفة بسوسة
ismail_bsr2004@yahoo.fr