في العمق

بقلم
علي الطرهوني
كيف نساهم في جعل التعليم أكثر جدوى وفاعلية
 مقدمة
شهادة «iso» التي نجدها في كل منتوج صناعي تتحصل عليها بعض المؤسسات وهي تعني المواصفات العالمية للجودة.
هل يمكن أن نتحدث عن هذه المواصفات في منتوج فكري مثل التعليم؟. هل هو جيّد أم نريده أن يرقى إلى مستوى الجودة العالميّة؟ كيف نحسّن هذه الجودة؟ ما دور السّياسة التربويّة وما دور الأستاذ لتحسين هذه الجودة؟.
 وحديثي في هذا المقال عن المردوديّة والجدوى من العملية التربوية ينبع من أمرين:
1) الأول أنّني أتحدث عن رؤية من الدّاخل وذلك من منطلق الخبرة التربوية التي اكتسبتها على أرض الواقع بعيدا عن التّنظير، حيث أبحث عن  الجدوى والفاعلية وعن المعنى فيما أقوم به منذ أكثر من عشرين سنة. تلحّ عليّ خواطر عديدة : كيف أجعل مردودي أكثر جدوى وكيف أضطلع بهذه الأمانة التي أودعني إيّاها المجتمع وهي تعليم أبنائه؟، أمانة من يؤمن بأنّ التعليم يصنع الإنسان وأنّ التربية هي عملية بناء أمّة وليس تعليم فرد الحساب أو الآداب أو العلوم. قد أصاب بالملل والإحباط شأن أي عمل بشري لا يجدّد الإنسان فيه نفسه أو يجد العراقيل التي تمنعه من ممارسة اختياراته وأفكاره.
2) الثاني، ما معنى أن أنتمي إلى وزارة التربية والتكوين؟ الأولوية هي للتربية. فإن كان ذلك كذلك فهل أعطينا التربية ما تستحق من اهتمام؟ وهل هناك في منظمتنا التّربويّة تربية بدون قيم؟ وهل المدرسة فضاء للتّعليم أم للتّربية؟
إنّ العودة إلى جذور كلمة تربية . من ربّى ولده أي حفظه ورعاه ومنه المربّي فهو الذي يقوم بعملية تعليم الأطفال جملة من المعارف والقيم التي تسهل لهم عملية الاندماج في المجتمع فنحن نعلّم التلاميذ اللّغة والسلوك الاجتماعي كالوقوف والجلوس واحترام الآخر والهندام كل ذلك جزء من العملية التربوية التي تبدأ من الأسرة. الأسرة تعلّم الطفل الكلام ومبادئ السلوك لكن من يربّي في الأسرة؟ هل هو الأب/الأم/الجدّ/الجدّة/العم/الخال، كلهم يساهمون في هذه العملية وقد يتناقضون في الأساليب، فهل أننّا نحسن تربية أبنائنا؟
ومن يربّي في المدرسة هل هو الأستاذ أم السّلك الإداري؟ وهل العمل  التربوي مسألة تخصّ المربّيين وحدهم أم هي قضيّة مجتمع يجمعه عقد اجتماعي وبيداغوجي بين المدرسة والعائلة يحدّد حقوق وواجبات كل طرف؟.
إن طرح مثل هذه التساؤلات تحيلنا على العلاقة بين الأسرة والمدرسة ما مدى التكامل أو التناقض؟ فمن يصمّم المناهج التعليمية (الوزارة...) يختص بالإجابة عن سؤال ماذا نعلّم والأستاذ يختص بالإجابة عن سؤال كيف أعلّم، فما مدى الوعي بطبيعة ما نعلم وبأهداف التدريس ومحور كل هذا هو التلميذ؟
I - دور الأسرة في العملية التربوية.
الأسرة من أقدم المؤسسات التي عرفها تاريخ البشريّة والمتمثلة في الزواج. وخارج إطار الزواج لا يعترف المجتمع بالأسرة. فالطفل لا يولد شخصا personne   بل يولد فردا individu أي إننا نقول أنه صفحة بيضاء لم تشكّل  شخصيته بعد، بل تكتسب بفعل البيئة التي يعيش فيها. وإذن لا يمكن دراسة الطفولة  بمعزل عن الظواهر الاجتماعية والتاريخية  للأسرة وهي جزء من الاهتمام بالمستقبل. أن أكون أبا أو أمّا تحدّده الطبيعة والغريزة instint ولكن الأهم من  ذلك أن الأمومة والأبوة  كشعور إنساني هي فعل تربوي لأني اختلف عن سائر الكائنات التي تنجب وتتخلى عن صغارها عندما يكبرون. لكن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يرتبط بعائلة. فما دمت ابني فأنا مسؤول عنك وهذه المسؤولية تمنحني حق السلطة عليك وتفرض عليك واجب الطاعة. أنت تطيعني مادام لي حق عليك وما دمت انفق عليك حتى تكبر. تبقى تطيعني لكنك تستقل بتربية أبنائك. إذن التربية فعل ثقافي وليس طبيعي كالولادة لأن الإنسان هو الذي تميّز عن غيره بالثّقافة ويمتلك لغة قيم تميزه عن سائر المخلوقات.
الكثير من الآباء والمدرسين يعتمدون على تجاربهم الشخصية في تربية أطفالهم ويتناسون دور المجتمع في التأثير على شخصية الطفل.
انه يستند على نماذج سابقة في التربية ويكرس ما تربى عليه دون أن يثقف نفسه بالثقافة المناسبة ونسي قول عمر ابن الخطاب رضي الله عنه لا تعلموا أطفالكم عاداتكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم ( عصرهم عصر الجوال والانترانت وستار أكاديمي).
إذا عندما نتحدث عن دور الأب في الأسرة نعود إلى طفولتنا الضائعة (مازال الطفل يقبع داخلنا في لا وعيينا) وإليك الدليل. نلعب مع أطفالنا الرّضع وعندما يكبر الطفل نتركه لتتولّى المدرسة والمجتمع أمره بعد ذلك.
 ولكل واحد طريقته في تربية أبنائه بين اللّين المفرط والتسامح وبين الغلظة والشدّة والقهر. نعيد إنتاج ما تربينا عليه .إن التغيّرات السّريعة التي تمسّ مكانة الأسرة غيّرت من مفهومنا للأسرة كما عرفها أباؤنا، إذ لم نعد نفهم ما يجري في محيطنا وأصبحنا متفرجين استقالة جماعية. من يربي اليوم؟ لقد حلّت «التلفزة» محلّ الوليّ وجنت على الأطفال الذين يشاهدون برامج العنف والجريمة والميوعة فيحاولون التشبه بشخصيات تقوم بأعمال إجرامية وتقلّدها ممّا يفتح الباب للتلميذ ويساعده على السّلوك المنحرف.
سئل طفل صغير ممّا تتكون أسرتك فأجاب من ماما وبابا وأختي وجهاز التلفزة وهو ما يدلّ على الدّور السلبي للتلفزة في غياب الأسرة.
II - تحديد الصعوبات والجوانب الأساسية لأزمة التربية والتعليم في بلادنا.
هي صعوبات تتدخل فيها عوامل عدّة وأطراف كثيرة منها :
1) غياب الصّلة العميقة بين ما يتعلمه التلميذ في المدرسة وبين التجربة الحياتية وواقع التلميذ في عالم حداثي متطور.
2) اعتماد التعليم عندنا على الحشو والتلقين وليس على بناء الفكر النّقدي لدى التّلميذ.
3) غياب التفاعل بين مكونات المشهد التربوي من مديرين ومدرسين وتلاميذ وقيمين وإداريين وأولياء.
4) غياب عنصر المبادرة في العمل التربوي وتقييد التجديد في الممارسة التربوية تحت ضغط سلطة القوانين والمقررات التربوية مما ينتج عنه قتل روح الابتكار.
5 ) عدم قدرة المدرسة على مواكبة التطور التكنولوجي الهائل ونظام تعدّد الوسائط والثورة المعلوماتية. انفتاح المدرسة على الوسائط الإعلاميّة ثم تجاوز حدود المنوار العاكس أو  «Data show»
6)  المدرسون تعترضهم صعوبات عدّة ، فالقدماء  منهم فقدوا شهية المبادرة ولذّة التّدريس أمام تدنّي صورة المدرس في المجتمع والإعلام بوسائله السمعيّة والبصريّة وحواراته مساهم في اختلاق هذه الصّورة وقد يكون للتّوجه السّياسي للدّولة دور في تهميش صورة المدرّس وإضعاف دوره، فما وجه العلاقة بين المعرفة «savoir» وبين السلطة  «pouvoir»؟ (ظاهرة الانقطاعات المدرسية اليوم 100 ألف منقطع خير دليل على الأزمة).
7) التلاميذ أصبحوا أكثر جرأة ومتمرّدين، يضربون بالاحترام والقوانين المدرسيّة عرض الحائط، فاقدي الرّغبة في التّعلم، أقل عملا، لا ينتبهون في القسم ولا يقومون بواجباتهم المنزلية. النتيجة: تقهقر مستوى القسم والتعليم أمام عزوف الأولياء عن متابعة نتائج وأعمال أبنائهم.
8) التطوّر السّريع للمعارف جعل المدرسة عاجزة عن مواكبة التّحولات والتغييرات الهامّة في العالم فضلا عن القيام بالإصلاحات اللازمة في المدرسة، مغتربة عما يكتشف في ميادين العلم وتكنولوجيا الاتصال. فلم يدفع مشروع المؤسسة بالتلميذ إلى الانخراط في المعرفة، مما أدّى إلى الفشل المدرسي، يعني أنّ مهمة التّعليم بصدد التّغير في عالم  متحوّل. وقد أثبتت الدراسات أن رجال التعليم لم يواكبوا هذه التحولات وهذا يتطلب إمكانيات وبرامج مرصودة. الأكيد  في مجتمع المعرفة أن نصل إلى الحرفية في التعليم  بدء بتغيير البرامج والمقاربات البيداغوجيّة لمزيد فتح المدرسة على الحياة، فالمعرفة اليوم في خطر، خطر التسييس وخطر الابتذال وخطر الدكترة وفقدان المعنى  في مهن المستقبل. كيف ستكون مهنة المدرس في القرن القادم؟ هل سنتخلى عن التعليم العمومي ومجانيته؟ هل يمكن تحفيز كل الأطراف «motivation» لإعادة المعنى إلى  المدرسة بتفعيل دور المثلث التعليمي من مدرس وتلاميذ. فالمعنى أساس الحياة (معنى الكون ، معنى وجود الإنسان) لأن أبناءنا هم المستقبل. نريد أن نؤمن لهم حياة لائقة ولا يتمّ ذلك الاّ بالتربية كما يقول «كانط».
كيف أكوّن شخصيته المستقلّة بمعزل عني وبحضوري أيضا إذا كان هناك موانع تمنعني من القيام بدوري في الأسرة فهذه الموانع تعكس أزمة في صلب العائلة تنعكس آثارها السلبية على المدرسة فهل من معنى للتربية بدون قيم (قيمة الصدق قيمة الحرية)؟ في الحقيقة نحن نربي لصنع الإنسان ولكن ما العمل إذا كان الإنسان نفسه قد تعرض إلى التهميش فساهمنا في نفوره من المعرفة.
III -  دور المدرسة في العملية التربوية.
حين تخلت العائلة عن دورها التربوي التوجيهي لأبنائها أوكلت للمدرسة القيام بهذه المهمة ومن قبلها للحضانة ولرياض الأطفال ولم ترسخ في الأطفال منظومة قيم ممّا جعل علاقة التلميذ بالمعرفة علاقة نفعيّة حسب الضوارب والمواد والامتحان والعدد... دون أن تسأل لماذا وكيف نجح ودون أن تدعوه إلى مراجعة نقائصه. فولي التلميذ مهما كان موقعه مشارك في العملية التعليمية فهل هو ملمّ بالخطوط العامّة لرؤية التعليم؟ وهل هو منسجم مع كافة الأطراف التربوية؟ هل ندفع بالتلميذ في اتجاه أن نزرع فيه روح التساؤل والبحث عن الجهد للإجابة؟ أم ينشغل الأولياء بتحسين مداخيلهم الماديّة لمجابهة مصاريفهم المتعددة (قرض حاسوب، قرض مسكن، قرض سيارة...) مما يجعلهم يدفعون باهضا ثمن تلبية رغباتهم ورغبات أبناءهم . ورغم كل الظروف المتوفرة يسقط التلاميذ في الفشل ويسقطون في مخاطر الشّارع وأحيانا نلقي اللّوم على المدرسة والمدرّس ودروس التدارك (مجانية للفقراء). فالتلميذ الفقير والميسور يتمرّدون في المدرسة بين من يعاني من الفقر والمشاكل العائلية وبين من يعاني من الفراغ والأولياء لا يحضرون للمدرسة إلا بطلب من الإدارة فحالات الشّذوذ والانحراف دليل على عدم التأقلم بين التلميذ ومدرسته.
بين التلميذ والمدرسة هناك شراكة وعقد وميثاق يقوم على التفاعل والتواصل هذا العقد ممثل في القانون المدرسي الذي أمضى عليه التلميذ والولي وهو خاص بالنظام الداخلي للمدرسة وبين المدرسة أيضا والدولة يوجد عقد ممثل في القانون التوجيهي للتربية والتعليم قانون 21 جويلية 1991. وبين المدرس والتلميذ هناك عقد وميثاق معرفي وحين يخلّ أحد هذه الأطراف بهذا العقد نسقط في الفوضى وتنتشر ثقافة العنف وتتكرر  ظواهر الغش وانتهاك حرمة الدرس. 
IV - هل نحن مع مدرسة لفرض الانضباط أم دعه يعمل دعه يمر.
الانضباط في كل عمليّة تربويّة هو حجر الزاوية وكلّما كان التلاميذ اكثر انضباطا أصبحوا أكثر قدرة على الفهم وعلى النجاح. ظاهرة العنف في المدارس ظاهرة خطيرة تنتشر لأن المناخ في الأسرة مهيأ للعنف والمناخ  في الشارع لا يدفع إلى الإحساس بالأمن النفسي . هناك خوف من المستقبل.
هناك أزمة جذورها داخلية تتعلق بالحياة المدرسية، فالنجاح المدرسي لم يعد كما كان في القديم مقياسا للنجاح الاجتماعي (اليوم كثير من الفاشلين في الدّراسة نجحوا في الحياة). لماذا تنتهي علاقتنا بالمعرفة بمجرد انتهاء الامتحانات؟ بعدها نميل إلى العبث والتنفس والسهرات الماجنة «Défoulement» في كثير من الأحيان. عمل المدرس يشبه إلى حدّ كبير عمل رجل الأمن يفصل بين المتخاصمين في القسم أو عمل رجل الإطفاء  يحل مشاكل التلميذ العائلية بين والديه التي تصل إلى حدود الانفجار  «يطفئ حريقا في العائلة»
هل اطلع الأولياء على ما يتعلمه  أبناؤهم في المدرسة وهل تابعوا نتائجهم وشاركوهم في إيجاد الحلول  اللّازمة لمظاهر السّلوك الجانح في كنف الاحترام والحوار وليساعدوهم على إعداد جيل واع متمسك بقيمة وتقاليده بعيدا عن التهميش
V- كيف يمكن تفعيل هذه الشراكة بين العائلة والمدرسة؟
على الأولياء التعامل مع التعليم كحاجة مستقبلية لا كوصفة جاهزة حسب ما يقتضيه الامتحان. لا يمكن أن يكون التعليم ذا جدوى عندما يكون بعيدا عن الواقع ينحصر في الدرس والمحتوى وفي الحفظ لرد البضاعة. لماذا نتعامل مع التلاميذ ككائنات للحفظ والتخزين ولا نتعامل معهم ككائنات تفكر وتسأل لتجد أجوبة. 
إن تحديد الهدف من التعليم يجنّبنا الوقوع في التخبط وهدر الوقت. إن التعليم والتربية مفهوم استشرافي للمستقبل  ونتائجه ليست مرتبطة آنيا بالدرس والامتحان إنما نتائجه تنعكس على سلوك المتعلم وشخصيته فنحن نلهث وراء النتائج دون البحث عن المعنى وعن الجدوى والفاعلية. عملية التدريس شاقة لأنها تمسّ جوهر العلاقة بين كل الأطراف المتدخلة في الحياة المدرسية. هل قرأ احد النظام الداخلي للمؤسسة واحترمه؟ لو قراناه لما رأينا ظواهر الصياح في الممرات وقاعات  الدروس والاحتجاجات وإلقاء فضلات الطعام في المدرج وعدم احترام حرمة القسم وحرمة المدرسة.
إن المدرّس أشبه بمقاول بناء فهذا يبني حجرا وأنا ابني بشرا فهل يقتصر دوري على تنفيذ البرامج التعليمية فقط؟
هناك مشاكل تعاني منها المؤسسة التربوية كنقص الإطار والتجهيزات والإمكانيات المادية والفضاءات الملائمة خاصة في الساعات الجوفاء. هل علّمنا التلاميذ مهارات الانصات ومعرفة ذاته وقدراته وزودناه بالقيم التي تساعده على أن يكون تلميذا حرّا مسؤولا يدرك حقوقه وواجباته. تلميذ منهجي مستقبلي تلميذ يبحث عن المعنى وعن الجدوى والفاعلية.
VI - كيف نجعل التعليم ذا جدوى؟
مطلوب من الأولياء أن يطّلعوا على ما يتعلمه أبناؤهم في المدرسة وأن يثروهم بالثقافة والقيم والمعاني لبناء شخصيتهم المتوازنة التي تطلب الحقائق ولا تعلّمهم الطاعة العمياء أو قلّة الأدب. يمكن تصوّر العديد من الحلول لجودة التعليم  بدءا باستطلاع آراء الأولياء بخصوص ما تمّ انجازه داخل المؤسسة من خلال  النشريّات الدّاخلية وصندوق الاقتراحات (الفارغ دائما) أو بتنظيم المحاضرات التربوية بمشاركة الأولياء بهدف ضمان جودة الأداء التربوي وتفعيل نشاط الحياة المدرسية أو تمكينهم من تقديم الاستشارات الصحيّة والنفسيّة والتربويّة كل حسب موقعه في مجال تطوير البرامج وتحفيز المدرّسين (منتدى التاسعة سنة 1996 أو أيام الباكالوريا ورصد مكافأة مالية للأساتذة أو شهادات استحسان أو أوسمة)
- تنظيم معارض للكتب وإنتاجات التلاميذ والأولياء وأعضاء الأسرة التربوية بهدف دعم المهارات والحوار.
- إحداث موقع على شبكة الانترانت  لكل مدرسة تسهّل عملية التواصل بين الأولياء والمدرسة.
- تنظيم أسبوع ثقافي  في كل سنة على الأقل يشتمل على فعاليات وعروض ومسابقات وجوائز.
- إقامة حفلات يشارك فيها التلاميذ ولا تقتصر على حفل آخر السنة لتسهيل التعارف بين التلاميذ أو بين الأولياء والإطار والمدرس 
- القيام برحلات منظمة
VII - ما دور المربي؟
- تجنب الحفظ والنقل والتقليد والتكرار الذي يقتل روح الابتكار (تجنب التعليم البنكي).
- التفكير في الجدوى مما يدرسه والبحث لتحسينه
- التحرر من الانغلاق والتعصب والانحياز لأحد على حساب آخر والاستماع لمختلف وجهات النظر دون إقصاء
- الإخلاص وروح المسؤولية
- حسن توظيف الوسائط الإعلامية كالحاسوب والتلفزة، فبالنسبة لأستاذ العربية مثلا ليست الغاية التي يشتغل وفقها في مادة شرح النّص ضمان جودة درس القراءة والكتابة، إنّما بناء موقف قرائي إزاء النّصوص وإثارة اهتمام التلميذ لما يقرأ أو يكتب وخلق لذّة الاستمتاع بدرس القراءة. نحن نبذل جهدا لأننا ننشد تغيير الإنسان وتعليمه مهارة الإنصات والتذوق (المعرفة مشتقة في اللاتينية من معنى التذوق). لنقضي على العنف والانحلال ونجعله يحترم الإطار والمؤسسة وواجباته، علينا أن نصون العملية التعليمية  من الانحلال وهذا يتمّ بتعاون كل الأطراف فجودة التعليم تفترض هذه الشراكة للحدّ من التناقض القيمي الذي يحدث للتلميذ نتيجة اختلاف طرق وأساليب التربية بين الأسرة والمدرسة وبالتالي يتسنى توحيد ذلك بدء بتضافر جهود الأسرة مع المؤسسة التي عليها أن تتحمل مسؤولية تربية أبناءها وأن يطمئن المجتمع على طرق الأداء المدرسي لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية كالعولمة وثورة المعلومات لمجابهة العوامل العائلية والاجتماعية، فما تنتظره العائلة من الطفل ليس هو ما يريده لنفسه. والمدرس يعلم طرق التفسير والتأويل وليس إسناد عدد لينجح. فما فائدة ذلك في غياب الوازع والقيم؟
- علّمت ابني الصغير حين يخطئ  في حقي أن يقدّم لي اعتذار مكتوبا ومشفوها يعترف فيه بخطئه ويطلب الصفح وطبقت ذلك مع تلميذ من السنة الثامنة أساسي، فأقلع عن المشاكسة (إني الممضي أسفله) أو أن أحرمه وقتيا من المصروف لأعلّمه تحمّل المسؤولية واحترام الآخر ولأرسّخ فيه ثقافة الحوار ومراجعة النّفس. حين بقيت المدرسة منشغلة بتلقين المعارف على مستوى البرامج بقيت الكثير من المشاكل في العالم بلا أجوبة. والمدرسة مطالبة بالإجابة عن مشكل التلوث- مشكل الصحة – مشكل الأمن والحرية ...
VIII - وضع المدرسة في المستقبل المنظور؟
حين يتصادم الواقع مع القيم تأتي التربية لتبرز لنا أهمية القيم التي تؤمن بها ونرسخها في أطفالنا. فحين نتخرج من المدرسة نخرج منها وقد تعلمنا الكثير عن التاريخ والعلوم والفلسفة ولكن هل نحن قادرون على أن   نجيب عن  سؤال ما التاريخ؟  ما الفلسفة؟  ما العلم؟.
- ماذا تقدم العائلة والمدرسة للطفل؟
- نشترك مع العائلة في توفير الحماية للطفل – العائلة توفّر له ما يطلبه ليكبر والمدرسة لا تبخل عليه بالمعلومة ليحلق بجناحيه فيصبح له شأن في المستقبل. لقد ساهمت من موقعي في تكوينه ثم حين يكبر يبادل عائلته بالعقوق ومدرسته بالنكران ومدرّسيه بالتجاهل!!!
- ما عساني أن أقول لهذا الطفل أكثر من قوله تعالـــى: « واخفض لهما جناح الذّل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا» ولأستاذك أقول: «علمونا تسعدونا فإنّ في الجهل الشقاء».
- وحتى لا نشقي جميعا بتربيتنا لكم فنحن ماضون وانتم باقون لحمل المشعل ولحمل الرّسالة، رسالة التغيير، رسالة صنع الإنسان الذي يحدّده التساؤل التالي:  ماذا اعرف، ماذا آمل، ماذا يمكنني أن أعمل؟ بهذه الأسئلة أكون إنسانا ولا أكون الإنسان الذي أريد إلاّ بالتربية، فيها تتحقق الجدوى وبالتربية تتحقق فاعلية التعليم.
معلم أبنـــــاء البــــلاد طبيبهــــا 
يداوي سقام الجهل والجهل مسقم
فلو قيل من يستنهض القوم للعلا
إذا ساء محياهم لقلت المعلــــــــم
 
إنّ المدرسة اليوم مطالبة بالإجابة عن الثورات الثلاث التي تقع في العالم، الثورة العلميّة: هل قدمت لنا المعرفة؟ إجابة عن مكانة الإنسان في الكون والثورة التكنولوجية المعلوماتية: كيفية توظيف الوسائط الإعلامية  المتعددة في العملية التعليمية والثورة الاجتماعية عن طريق فهم الإنسان لذاته وتدريبه على تمثّل معاني الحرّية والدّيمقراطية وأساليب الحوار البنّاء. وبدون هذه الرؤية المستقبلية لا يمكن أن نتحدث عن مفهوم الجدوى والفاعلية.
-----------
أستاذ ومناضل مستقلّ
tarhouniali01@gmail.com