تمتمات

بقلم
علي الطرهوني
شعب التكنوقراط
 الشعب يريد، الشعب سعيد، الشعب عبيد، من شعار ثوري برّاق الى واقع ثوري فيه الدّماء تراق، ركبت فوق ظهورنا عصبة حاكمة قدّمت لفقرنا قدحا من شراب. ثم صبّت فوقه حبّة تراب لتتمّ سعادتنا ونهرول بعدها للانتخاب...
عجائب الدنيا سبعة وعجائبنا أفيون. تعلّمنا في مدارسنا  أن ما أخذ بالقوّة لا بدّ أن يعود بالقوة ...وجاءت أحداث غزّة ... ولّي زمن الانتصارات وحلّت بنا الهزائم والنّكبات وجهاد نكاح البنات. علّمونا في الكتب والمناهج كيف أن الملوك اذا دخلوا قرية أفسدوها وها أن الملوك دخلوا كلّ القرى ولم يتركوا قرية واحدة الاّ وازالوها. فالرّصاص المراق لم يوجّه الى صدر العدوّ بل لصدور بعضنا البعض ..
ومع كل صلاة يدعو ائمتنا لأوطاننا وحكّامنا بطول العمر وبالموت لإسرائيل ولكن «عزرائيل» لم يقبض إلاّ أرواح القلّة منهم (لاحظوا التماثل بين اسرائيل وعزرائيل). فما جنس الموت حين يكون بخنجر عربي أو صهيوني...لا فرق .. كل شئ يصطبغ بلون الدّماء حتى اللحي الاصطناعيّة تكبّر عند قطع الرؤوس من الوريد الى الوريد ...
نساؤنا تباع في سوق النّخاسة سبايا لأمراء النفط  والمال وشبابنا يقاتل في بلاد الشّام والأرض مقابل السلام والسّلم في أوطاننا صار من الأحلام... 
وجودنا خطأ قاتل ...ليت آدم و حواء لم ينجبا ذرية وإذا لم يبق للحكاية بقيّة . كل شئ هالك إلا وجهه، أما أنتم فوجوهكم ممتدة وحاضرة أمام شاشاتنا العربيّة تمرّغ كرامتنا في الوحل...تعفنتم.. تحللتم وفاحت روائح النّفاق من أنوفكم وروائح «بول البعير» من سراويلكم الفضفاضة كرؤوسكم... تربعتم على الخراب وحرّفتم المعاني وآيات الكتاب... 
سالني عقلي ذات مساء: «هل نملك أن نغيّر حكّام التّعاسة والضلالة والنّجاسة؟ وهل من الأولى أن نغيّر شعوب العمالة والزبالــــة والقــــذارة؟ هل يمكن أن نستورد شعبــــا آخر يدين بالولاء لهذا الوطن ولا يبذّر أوقاتــــه وينصرف الى العمل فرحا مسرورا بصمت المحـــارب؟ شعب مزطول متعب مقهور يدين باللّذة الـــى «ابيقـــــور» ويعشق العيش في الوحل و تلويث الأمكنة والفجور ويطالب بتحسين الأجور ....تمنيت أن أكون بلا عقل فاستريح. فهذا زمان يعيش فيه الغبيّ سعيدا، يدفع فاتورة هواء سيئ السّمعة ومازال يتنفس. أردت أن أكون مهرج الحمير أضربهم على قفاهم... فتنزل... مـــن ... أف... قد تحدث في يوم ما ثورة الأحمرة تعمر الشوارع بالاحتجاجات تطالب بعودة النظام وكنس «خفافيـــش الظّـــلام» ... تقطـــع مع ... تقاطــــع... لا تدفع الضرائب وتبيع الذمم لأول راغـــب... لا تعتصم... لا تتضارب..لا تتناسل...لا تتحابب...تطالب بتحسين الرّاتب..
سيكون الشّعب الجديــد قليـــل الأمــل كثير العمـــل... شعب التكنوقراط يصدق ما يقوله الامير للفقير..سنقضي..على..و..على...سنحارب...سننجز...سيكون وطنا حـــرّا لا يخضع للاملاءات. إنّه من أحفاد علّيسة وحنبعل..سيكون شعب العفو ..عشبا...لا يأكله الآكلون... شعب ينتخب من يريد... طرطـــورا أو مزطــــولا... أو شيخا وقـــورا أو صاحب العمر الطويل...أو الأصلع أو الجميل أو العميل... لا باس هذا ما عندنا لا نملك البديل..عندها سنقضي على كلّ الحمير...
نحن شعب لا مثيل وليس له نظير... سنقضي على... و على... صياح : «تكبير....»... أضيف نقطتين الى حرفي فيجرّني اسمي الى القمّة و يحول هذا الوضع الى مستحيل ثم يسير في جنازة القتيل... مفردا في جمع المسرّات و الولاءات للمدير والوزير وللمعيشة الضنكة وسؤال الحقيقة...
نحن شعب سعيد... لا يرضى بالقليل وإن رضي فليستقيل.....وإلاّ فموعدنا مع الموز و «الروز» في اعتصام الرّحيل... كلّ يدّعي صحّة العقل وما يدري امرؤ ما فيه من جهل من قصيد «إرادة الموت» إذا الشعب يوما.....يا ابا القاسم عذرا ما فهمناك....
-------
-  أستاذ ومناضل مستقلّ
tarhouniali01@gmail.com