الإفتتاحية

بقلم
لطفي الدهواثي
السبيل الوحيد
 هم يناشدونه البقاء وهو يأمرهم أن يناشدوه هذه هي القاعدة التي كانت تدار على أساسها كل الإستحقافات الانتخابية زمن المخلوع ولذلك نرى من المهم التأكيد على بعض المسلمات حتى لا تضيع منا البوصلة فى زحمة الاعداد لمرحلة جديدة تبدأ بالإقتراع الحر ولا تنتهي به:
- نحن لسنا إلا إزاء معادلة جديدة كان للشعب التونسي العظيم كل الفضل بعد الله سبحانه وتعالي في إقرارها وهي معادلة الحاكم والشعب فقد كان المخلوع لا يري في هذا الشعب إلاّ كتلة من المناشدين لا تصوّت إلاّ له ولمن يرغب في فرضهم علي الناس غير أن هذا الشعب استطاع بفضل ثورته العظيمة أن يقطع مع المناشدة وأن يستعيد زمام المبادرة وأن يعيد للانتخاب معناه الجقيقي وهو الاختيار الحرّ وشتان بين ما كنّا فيه وما نحن بصدده الآن.
- كان من المفترض حسب تخطيط الطغمة التي كانت تحكم البلاد وحلفاءها في الداخل والخارج أن تكون سنة 2014 سنة انتخابية وكان المخلوع قد بدأ فعلا في تهيئة الأجواء إعلاميا وسياسيا من أجل ضمان بقاءه لخمس سنوات أخرى مع تصعيد برلمان لا يهشّ ولا ينشّ هكذا ضمن دورة أخرى من دورات الاستعلاء علي إرادة الناس .ولأنّ المخلوع كان قد بدأ يدخل شيخوخته الحتميّة، فقد كان الصراع على أشدّه داخل القصر و خارجه ممّا كان ينذر بعواقب وخيمة على عموم الشعب وعلى نخبه.
-أن يكون لدينا دستور وهيئة انتخابيّة وقانون انتخابيّ بغضّ النّظر عمّا حفّ بكل ذلك من ملابسات كل هذا دليل علي أنّنا دخلنا حقّا مرحلة جديدة من مراحل التّاريخ وأنّنا لم نعد نختلف عن بقية شعوب الأرض التي تختار حكّامها ولا تعطيهم تفويضا يحكمون بمقتضاه على النّحو الذي يشاءون ولكن هذا الانجاز العظيم يجب أن يجعلنا متيقّضين دائما وقادرين على حماية ما أنجز وما سيترتب عليه إذ الانتخابات على أهميتها ليست نهاية المطاف ونحن بحاجة دائمة لليقظة والحذر من أعداء الدّاخل وأعداء الخارج أيضا.
- تستعد كل الأحزاب السّياسية والشّخصيات التي تأنس في نفسها القدرة والكفاءة للتّرشح للانتخابات الرّئاسيّة والتّشريعيّة  والأمور على أشدّها داخل الأحزاب الكبيرة والصّغيرة أيضا وكلّ هذا يأتي في أعقاب جلسات مراطونيّة بين الأحزاب في ما بينها من أجل عقد تحالفات انتخابيّة وبرامج تستميل النّاس ونكاد نبلغ المرحلة ما قبل النّهائيّة لتعلن كل الأحزاب عن مرشّحيها في كلاّ الإستحقاقين، ولكن علينا أن لا نرفع من سقف التّوقعات كثيرا في ظلّ قانون انتخابي يعتمد مبدأ القائمات في التّصويت وهذا المبدأ لا يتيح للشّخصيات المستقلّة وللأحزاب الصّغيرة إمكانية الاختراق إلاّ بصيغة أكبر البقايا وهي صيغة بيّنت التّجربة الفارطة هشاشتها ومقدار ما تحدثه من ارتباك على المشهد البرلماني، هذا عدى عن كونها صيغة للتّرضية ليس إلاّ رغم أنّ من صعدتهم في الماضي لم يرضوا ولا أظنّ أنّهم سوف يكونون راضين في هذه المرّة أيضا.
- كان للمحيط الإقليمي والدّولي تأثيره الكبير على مجريات الواقع في تونس، فقد انتبهت القوى التي خسرت حلفاءها بفعل الثّورة وعملت جاهدة لاستعادة تأثيرها في المشهد السّياسي ونحن نعتقد أن تونس لن تكون في منأى عن التّدخل الخارجي في مرحلة ما بعد الانتخابات وأنّ المطبخ السّياسي الحالي ليس تونسيّا صرفا ولا كانت العوامل التي أنتجته عوامل تونسيّة محضة، وإذا كانت التّرويكا الحاكمة قد أحسنت إدارة الأمور بالشّكل الذي أتاح للخارج النّفاذ للدّاخل من دون قلب الأوضاع رأسا على عقب كما حدث في مصر، فإنّنا بحاجة في المرحلة الحاليّة للاستعداد منذ الآن لخوض معارك جديدة مع قوى الرّدة ومع القوى الخارجيّة التي اعتادت علي إدارة المشهد السّياسي التّونسي بلا رقيب حتّى نستطيع أن نثبت مرّة أخرى أنّنا قادرون على إرساء نموذج خاصّ بنا من دون أن نربح أو نخسر كل شئ دفعة واحدة .
- لن تعود الديكتاتوريّة من جديد إلاّ بإرادتنا نحن و لو أجرينا استفتاء لأتاح لنا هذا الإستفتاء الوقوف على التّحول العظيم الذي حدث في البنية الذّهنيّة للمواطن التّونسي الذي ذاق طعم الحرّية ولم يعد يرضى عنها بديلا ولكنّا أدركنا أن قوى الرّدة لن تستطع أن تعيد إنتاج الدكتاتور رغم الهالة الإعلاميّة وأسلوب التنفير من المشاركة في الشّأن السّياسي والتّهكم على المناضلين الحقيقييّن  ونشر ثقافة التتفيه وصولا إلى تمجيد المخلوع علنا .
- الانتخاب حقّ وهو واجب وهو السّبيل الوحيد لإدارة الشّأن السّياسي بعيدا عن التّسلط والعنف ويبقي الرّهان الحقيقي على الشّعب الذي ثار وعلى المناضلين الحقيقيّين وعلى المؤمنين حقّا بحقوق النّاس لا المتزلّفين والكذّابين منهم.