في العمق

بقلم
لسعد الماجري
في المحيط الاجتماعي والديني لنزول الوحي
 إن أهم نقطة في هذا المقال الجديد هي عدم الانخراط في زاوية النّظر التي اتّبعها القدماء والمحدثون فيما يخصّ المحيط الذي تنزّل فيه الوحي ونعته بأسوأ النعوت على مستوى الجهل أو ما سمّي بالجاهليّة. وإنّما التّدقيق في تلك المرحلة التّاريخيّة ومحاولة الإحاطة العلميّة بها دون السّقوط في التّعميم أو محاولة التّعتيم على مجموعة من الايجابيّات.
(1) في  المحيط الاٍجتماعي 
 لقد غالى هؤلاء في وصف تلك الفترة التاريخيّة ونقلوا لنا عنها صورة جدّ قاتمة وكأنه لا يتأتّى لنا الإيمان الصّحيح والرّاسخ إلاّ إذا اعتقدنا أن في فترة ظهور النّبي كان الناس يعيشون كالوحوش الضّارية فلا قويّ يرحم ضعيفا ولا غنيّ يعطي فقيرا، وكان الصّراع بين القبائل على أشدّه وكان قتل النّفس سهلا وكانت المرأة مستباحة وكانت الأخلاق هابطة. وتذهب بعض الأفلام التاريخيّة إلى حدّ إظهار قريش كقوم ذوو جهل شديد لا يتقنون غير شرب الخمور ولعب القمار والمجون وما شابه ذلك. 
ونحن إذ لا ننزّه تلكم الفترة التّاريخيّة من مساوئها انطلاقا من إقرارنا بوجود الفوارق بين الغنيّ والفقير وترسّب مظاهر الاستعباد والعبوديّة ووجود كثير من التّجاوزات الأخلاقيّة كوأد البنات وأكل الجيفة وكل ما ذكره جعفر ابن أبي طالب عند ملك الحبشة بعدما أرسله الرسول صلى الله عليه وسلّم  مع أصحابه في الهجرة الأولى للاحتماء به من سلط قريش عندما قال : «كنا قوما أهل جاهلية ....» الخ. ولكنّنا إلى جانب ذلك نرى أن هناك نوعا من المغالاة والمبالغة في وصف تلكم الفترة وكأنّه لا يمكن للإسلام كدين جديد أن يقنع أو أن يبرّر وجوده إلاّ على هذا الأساس من الوصف المشين للفترة التّاريخيّة التي ظهر فيها. فالمظاهر الأخلاقيّة المشينة لا يخلو منها مجتمع وشرب الخمور ولعب القمار يتواصل حتى هذه الساعة من تاريخنا والاستخفاف بحقوق المرأة لا ينقطع حتى بعد الإعلان العالمي عن حقوق الإنسان ووأد الفتاة التي تولد وإن وجد، فهناك نساء استنقذوا من براثنه وقدر لهنّ العيش رغما عن ذلك وكانت هناك قيم وأخلاق قلّ وجودها اليوم، فالعرب عرفوا مثلا بكرمهم وبحفاوتهم بالضيف وكانوا يقدرون الكبير وكانوا يحتكمون إلى رؤساء القبائل لفضّ النّزاعات فيما بينهم، وكانوا يتصّفون بالحبّ العذري وتنقل لنا قصائد الشّعراء بعض قصص الحبّ الحقيقي المرهف والذي يسمو بأشخاصه إلى درجة الأبطال كعنترة ابن شدّاد وعبلة وقيس وليلى ..الخ وكانوا يقيمون للعهد ركنا فيوفون به ويحتقرون من يخلّ بالعهد ولا يوفّي به وكانوا ينصرون المرأة لأنهم يعتبرونها كائنا ضعيفا.
تلك القيم لا يمكننا أن نسكب عليها الزّيت ونمحوها بجرّة قلم لا لشيء إلاّ لأنّ علماءنا الأوائل ومن حذا حذوهم أخذوا هذا المسلك الغريب في سرد الأحداث وكأنه لا يمكن للدّين أن يبرز إلاّ على أنقاض صرح للأخلاق هدم أو على إثر زلزال قيميّ أخلاقي. بالعكس من ذلك تماما بنى الإسلام صرحه الذي بلغه على أسس هذه الأخلاق وتلك القيم وجاء ليعطيها بهرجها وبريقها ويصحّحها فترتكز على عقيدة ثابتة لا لبس فيها ويصبح لها منبعا تستقي منه رفعتها وسموّها إذ أن الدين يؤكّدها ويدفعها ويحرّض عليها وينزع عنها شوائبها ويلقي بالقيم الهابطة المناقضة لها عرض الحائط. ومن دعائم كلامنا هذا حديث رسولنــا الكريــم الذي يقول فيه : ″إنما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق″(1) وهذا الحديث يؤكّد لنا بما لا يدع مجالا للشّك بأنّ الرّسول وجد قومه على نسبة من مكارم الأخلاق وبعث ليتمّم مشروعا أخلاقيا يكون للقيم فيه نصيب كبير وقد نجح في ذلك أيّما نجاح.
(2) في المحيط الجغرا سياسي لنزول القران الكريم
اٍنّ دراسة خصائص المحيط الجغرافي والسياسي لفترة نزول الوحي على الرّسول محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم جدير بأن يخوض فيه الباحث حتى يتأتّى له فهم تلك الحقبة من تاريخ أمّتنا والتي تنزّل فيها الوحي. فالوحي في فهمنا لا يوجد خارج التّاريخ وإنّما داخله وكذلك نفهم لماذا نزل هذا الوحي منجّما وليس جملة واحدة. فالوحي تناغم أشد التّناغم مع الواقع التّاريخي للتّماهي معه ولمحاولة توجيهه نحو قيم الحق والخير والرّشاد.
ولم يتنزّل الوحي إسقاطا على واقع مناقض لا يتفهّمه ولا يمتّ له بأي صلة وإنما كانت تحدث الحادثة المعيّنة في حياة الصّحابة أو الرّسول نفسه أو أزواجه أو المشركين من حوله أو أهل الكتاب وينزل الوحي مقدّما موقفا واضحا جليّا من الوضعيّة التّاريخيّة ويصدر حكما فيها أو تحريضا في وجهة معيّنة أو استنكارا لها أو على العكس من ذلك دعما لها وتأييدا. كما نزل الوحي تدعيما معنويّا للنّبي أو للمسلمين في فترات عصيبة من الدّعوة أو قبل الحروب والغزوات عندما كان المسلمون أقلّية والمشركون من قريش أكثرية ساحقة. من هذا المنطلق وهذه النظرة التي لا تتناقض مع أصول العلم الحديث وعلوم التاريخ والاٍجتماع والسّياسة، ننطلق إذا لفهم الحقبة التّاريخية لنزول الوحي وظهور الدّين الجديد الذي فجّر حسب رأينا ينابيع جدّ ثريّة للثّورة على واقع متخلّف وإعادة إنتاج واقع جديد من داخل الواقع القديم.
إنّ أول نقطة نعتبرها هامة على هذا الصعيد هي فهم الواقع الدّيني السّائد حينئذ في المجال الجغرافي للجزيرة العربية قبل الإسلام. إذ أن الجزيرة العربيّة كانت تحدّ من شمالها الغربي بالشّام وكانت إلى جانب مصر تحت النفوذ الرّوماني البيزنطي بينما الشّمال الشّرقي أي العراق ترزح تحت السّيطرة الفارسيّة ومن الجنوب كانت الجزيرة العربية محدودة باليمن والذي كان يميل تارة إلى هؤلاء وطورا إلى أولئك. اٍذا لم تكن الجزيرة العربية بمنأى عن التأثيرات السّياسية والعسكريّة للقوتين العظميين آنذاك روما وفارس وإنما على العكس من ذلك مسرحا للتجاذب السّياسي والدّيني عموما.
(3) النصارى أو المسيحيون الحقيقيون 
إننا لا نجد في القرآن ذكرا للفظة المسيحيين ولو لمرّة واحدة أو للفظة المسيحي كتسمية لمن اتبع الدّين المسيحي ولا نجد سوى ذكر للمسيح أي عيسى ابن مريم النّبي الرّسول عليه السلام. وهذا يدعو فعلا إلى الحيرة. في مقابل ذلك يذكر القرآن النّصارى بالخير وهم حسب ما ورد في القرآن فئة من الحواريّين آمنوا بعيسى ابن مريم ونصروه فسمّوا نصارى كما يقول القرآن: «فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ» (2)  . وفي موضع آخر من القرآن يقول : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ ۖ فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ ۖ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ» (3) .
يظهر من هذه الآيات أن النّصارى أو أنصار عيسى عليه السلام هم فئة من اليهود المؤمنين، إذ أنّ عيسى أرسل إلى بني إسرائيل لا إلى غيرهم، وبذلك يذكرهم القرآن بكل خير ويعتبرهم ورثة الدّين الحقيقيّ في حين لا نجد أي ذكر للمسيحيين.
(4) عقيدة التثليث عقيدة الدين الرّسمي للمسيحيين
إن البحث في المسار التّاريخي للدّين المسيحي سواء عبر المصادر التّاريخيّة الإسلاميّة أو المصادر الغربيّة نفسها يرى تقاربا في الرّوايات التّاريخية حول ظروف بروز عقيدة التثليث (TRINITE)  في المسيحيّة الرّسمية.  إنّ الملاحظ للشأن المسيحي يمكنه أن يتوصل إلى حقيقة مفادها أن الأناجيل الأربعة كتبت بعد قرن من الزمان من صلب المسيح وهي كالآتي:
- إنجيل متّى (Matthieu) 
- إنجيل مرقص (Marcus) 
- إنجيل لوقا (Luc ) 
- إنجيل يوحنا(Jean) 
وهذه الأناجيل كلّها عبارة عن روايات نقلها الحواريّون أصحاب عيسى عليه السلام عن أنشطته الدعويّة وعن وصاياه فهو لم يترك بعده كتابا وإنّما سيرة نقلها هؤلاء وبذلك سمّي الإنجيل بالبشري : لأن كل الأناجيل كتبت بيد الحواريين بعد ما يناهز مئة سنة من وفاة عيسى عليه السّلام وبالتّالي تحتمل الزّيادة والنّقصان والتحريف. وكان الدّين المسيحي الأول القيّم يقوم على أساس أن الله واحد وأن عيسى عليه السلام بشر وأمه مريم بشر ولم يكن آنذاك أي اختلاف في طبيعته البشرية. فكيف إذا برزت عقيدة التثليث ؟ 
تفيد جلّ المصادر التّاريخيّة أنّ الأناجيل كتبت باللّغة اليونانيّة آنذاك وهي لغة الفلسفة حيث كانت تسود الأفكار اليونانية وكان الدّعاة المسيحيّون الأوائل يحتكّون بالفلسفة الإغريقيّة والتي كانت في شقها الأفلاطوني أو ما سمّي بالأفلاطونيّة المحدثة تقول بأن الله ذات متعالية عن المادّة والأشياء، ولكن كي يحدث تفاعل مادي هناك حاجة إلى وسيط بين الله المتعالي والعالم أي إيجاد حلّ للعلاقة بين اللاّهوت والنّاسوت بصفة أخصّ وتفرق بين الله المتعالي والله الصّانع فالله المتعالي هو من لا علاقة له بالمادّة مباشرة بينما الله الصّانع هو ذلك الوسيط بين الله المتعالي والعالم الخارجي. تمثل هذه النظرة أقانيم ثلاثة أي عناصر ثلاثة متفاعلة: الله المتعالي والله الصانع والعالم. وتذكر المصادر أن هناك في منطقة الشرق الأوسط وتحديدا في فلسطين كان هنالك أحد العلماء اليهود المتفلسفون ويدعى «شاوول» وكان من الذين يعارضون المسيح الذي ولد في مدينة الناصرة شمال فلسطين وكان يحارب المسيحية بكل ما أوتي من علم وفكر ثم بعد رحيل المسيح أصبح من أكثر الدعاة شهرة للمسيحيّة بعد أن اعتنقها وأصبح من المبشرين بها في مختلف الأماكن وخاصة في العالم الوثني اليوناني الرّوماني خارج المجتمع اليهودي بفلسطين. شهر هذا الدّاعية فيما بعد وعرف باسم «بولس الرّسول» وكان ينشر أفكاره في اسبانيا واليونان وحتى سوريّة وآسيا الصّغرى ثم في روما سنة  60 ميلادي. 
احتك هذا الداعية بالفكر اليوناني وخاصة الأفلاطونيّة المحدثة التي تقول بالأقانيم الثلاثة وكنزعة توفيقية بين المسيحية كفكر ديني والفكر الفلسفي أنتج إجابة على أسئلة تخص طبيعة السّيد المسيح : فالمعلوم أن عيسى هو ابن مريم ومريم أمه فمن أبوه؟ الإجابة هي أنّ الله نفخ في مريم من روحه وهنا يبرز الرّوح القدس كواسطة ومن هنا تبرز الأقانيم العناصر الثلاثة : الأب (الله) والاٍبن (عيسى) والواسطة (الروح القدس) فالله الأب هو الذات المتعالية في الفلسفة والاٍبن هو النّاسوت والرّوح القدس هو الإله الصانع أي الواسطة بين الإله المتعالي والعالم. وهكذا أحدث هذا الاٍتجاه في الدّين المسيحي بفعل عالم يهودي مسلكا جديدا خاصّا للدّين المسيحي يمثل قطيعة مع الدّين اليهودي الدّاعي إلى التّوحيد. ومن هنا برزت عقيدة التثليث كعقيدة رسميّة للدّين المسيحي وهي ذات منحى توفيقي بين الدّين والفلسفة.  
4.1. التثليث رسمي والتوحيد نزعة معارضة
تروي لنا نفس المصادر التاريخيّة أن التّثليث بات العقيدة الرّسمية للكنيسة بعدما ظهرت بعض التّيارات الدّينية من داخل الفكر المسيحي تدعو إلى التّوحيد كأصل ثابت في الدّين المسيحي.
ونذكر من هذه التّيارات ما سمي «بالأبيونية» (Ebionismes) واعتبر المتبعون لهذا المنحى الديني «بالأبيونيين» (Ebionistes) وهم بالمعنى اللّغوي العبري الفقراء ولكن الفقراء فكريّا ودينيّا وليس الفقراء بالمعنى الشّائع أي الفقر المادّي وإنما نعت ووصف للتحقير بهم كونهم فقراء نظريّا لأن التثليث أريد منه أن يعبر عن فكر متطور متناغم مع ما تقول به الفلسفة اليونانيّة. وكان هؤلاء القائلون بالتّوحيد أي «الأبيونيون» هم أناس رفضوا ما قال به بولس الرّسول واتّهموه بالخروج عن النّاموس القديم، ناموس موسى عليه السلام وقالوا ببشريّة عيسى عليه السّلام فهو إنسان بار وأقاموا نواميس الختان وأقاموا السّبت كما كان يفعل اليهود أي لم يخرجوا عن نواميس الله حينئذ واستمسكوا بالدين القيم وأن المسيحيّة ما هي إلا استمرار لدين موسى واعتمدوا على إنجيل «متى» الأقرب إلى النّاموس القديم وتجاهلوا الأناجيل الأخرى. في حين اتهمهم أعدائهم بالجهل وضيقوا عليهم تضييقا شديدا وأصبحت عقيدة التثليث العقيدة المعترف بها في الكنيسة بشقيها الكاثوليكي والأرتدوكسي.  وإذا تأملنا في المصادر الإسلاميّة لا نجد لهذه الفرقة ذكرا مع أن المراجع الإسلاميّة بحثت في كل الفرق المسيحيّة وغيرها بحثا مدقّقا، فلماذا سكتت عن هذا الفريق؟ 
حسب رأينا لم تسكت المراجع الإسلاميّــــة عن  ذكــــر هذه الفرقة وإنّمــــا سمتهــــــا بالنصـــــارى (Nazaréens)  ولم تعتمد التّسمية الغريبة العبريّة التي لقّبوا بها من طرف أعدائهم.
4. 2. موقف القرآن من المسيحية
اٍنه من الضّروري الوقوف عند موقف الإسلام كدين جديد من كل هذا وذلك انطلاقا من القرآن الذي أسّس مواقف مختلفة من كل هذه التّيارات وأراد أن يلتزم بموقف واضح وجلي وهو عقيدة التّوحيد صافية ناصعة لا غبار عليها وهذا يحسب للقرآن كونه مهيمنا على ما قبله من الكتب ومصدقا لما جاء فيها (بطبيعة الحال نتحدث عن الكتب السماوية قبل تحريفها وقبل أن يدخل عليها الزيف والبطلان).
فإزاء عقيدة التثليث التي مثلت إلى اليوم الموقف الرّسمي الكنسي، كان موقف القرآن صارما وواضحا ولم يكن مهادنا فكذّب هؤلاء تكذيبا ووصفهم بالكفر وهذا موقف في أشده :
«لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ۘ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۚ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» (4)  ودافع عن الطبيعة البشرية للمسيح ولأمه مريم :
«مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ۖ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ۗ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُون»َ (5) 
وهكذا يثبت القرآن أن المسيح عيسى هو بشر تامّ الشّروط وهو رسول كغيره من الرّسل الذين سبقوه وقد خلوا أي انتهوا بالموت الذي هو النّهاية الطبيعية للبشر وأن أمّه أيضا ذات طبيعة بشريّة ومرتبتها راقية عند الله فهي صدّيقة ولكنها تبقى بشرا كونها وابنها عيسى يأكلان الطعام، فمن يأكل الطعام كان دون ريب بشرا وليس اٍله ، فالإله لا يحتاج للطّعام ولا يحوزه المكان ولا الزمان المحدثين. 
الهوامش
(1)  أخرجه أحمد في المسند [8729] والبخاري في الأدب (273) والحاكم في مستدركه (4187)
(2) سورة آل عمران الآية 52
(3) سورة الصف الآية 14
(4) سورة المائدة الآية 73
(5) سورة المائدة الآية 75
------
- أستاذ  جامعي في الاٍعلامية الصناعية
وتواصل الاٍنسان والآلة 
mejrilassad@yahoo.fr