متابعات

بقلم
نجم الدّين غربال
ملتقى صفاقس الدولي الثالث للمالية الإسلامية
 أكد ملتقى صفاقس الدولي الثالث للمالية الإسلامية المنعقد تحت شعار «دور المالية الإسلامية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية: الصكوك الاستثمارية والصكوك الوقفية» يومي 18 – 19 شعبان 1435 هـ /16 - 17 جوان 2014 على أن الاهتمام بالمالية الإسلامية هو استجابة إلى:
(1) الحاجة التنموية الملحة لموارد مالية إضافية يستفيد من خدماتها مجتمعنا ومن بينها الصكوك موضوع الملتقى التي تتميز بالتنوع و المواءمة و المرونة و العدالة وباختلافها عن السندات من حيث أنها أصول ملكية حقيقية.
(2)  مطلب شعبي مشروع عكسته مؤشرات سبر الآراء الأخيرة.
كما أكد الملتقى على أن الاهتمام بالصكوك يأتي نتيجة اعتبارات عديدة منها:
• نجاحها في الإسهام المتميز واللاّفت في العمليّة التنمويّة في دول من إفريقيا والخليج وآسيا وأوروبا.
• النّمو المطرد الذي عرفه قطاعها إذ تجاوزت نسبته 27% منذ سنة 2011.
• أنها من أفضل حصون الحماية من الأزمات ومن ارتفاع معدلات التضخم وندرة السّيولة المعيقة للنّشاط الاقتصادي والاجتماعي.
• لجوء دول من الشّرق والغرب إلى الصّكوك للتّخفيف من وطأة الأزمات الماليّة وأثر تداعياتها الخطيرة على شروط الحياة بمختلف أبعادها.
ومع أهمّية الصّكوك للعمليّة التنمويّة برمتها كأداة تمويل متميزة ومبتكرة ضمن الهندسة الماليّة الإسلاميّة، نبّه الملتقى إلى النقاط التالية:
•  ضرورة تقريب وجهات النظر الفقهية في التصكيك.
• تعميق النظر في كيفية التخفيف من المخاطر عند الإصدار.
• مزيد تدقيق وتوضيح الطرح النظري وتطبيقاته العمليّة التي تختلف من تجربة إلى أخرى لكل من ماهية الصّكوك وتصنيفاتها وأنواعها وطرق إصدارها وشروط تداولها.
• ضرورة وجود إدارة كفأة للصّكوك باعتبارها سرّ ربحيتها ونموّها، فبقدر كفاءة الإدارة بقدر ما تجمع تلك الصّكوك بين معضلات ربحيتها والسّيولة والأمان، فضلا عن مراعاة الاعتبارات الأخلاقيّة.
• التّدقيق في مسألة ضمان إصدار الصّكوك و تداولها من طرف جهة مستقلّة عن من أصدر هذه الصّكوك أو أشرف على تداولها.
• ضمان  حقّ حملة الصّكوك في المراقبة عبر إخضاع حوكمتها إلى مراقبة من طرف ثالث يكون مستقلاّ عن الإدارة و حملة الصّكوك في آن والاعتماد على فقه المقاصد الشرعيّة حتى نتجنّب التّلاعب من خلال مخارج فقهيّة.
 كل ذلك ضمانا لمزيد من التّناغم مع روح الشّريعة الإسلاميّة وجعلها أكثر انسجاما وخدمة للمقاصد التّنمويّة للصّكوك.
وتطرّق ملتقى صفاقس الدّولي الثّالث للماليّة الإسلاميّة إلى الإطار القانوني والمحاسبي للصّكوك وتقنية احتسابها وإصدارها وتداولها وضبط أرباحها وتوزيع مناباتها مشيرا إلى ضرورة رفع التّحديات الشّرعيّة والقانونيّة والتنظيميّة التقنيّة في عمليّة إصدار الصّكوك.
وتعمق الملتقى في التّطرق إلى الدّور التّنموي للصّكوك سواء في الجانب الاقتصادي عبر الصّكوك الاستثماريّة أو في الجانب الاجتماعي عبر الصّكوك الوقفية.
 وفي هذا السّياق تمّ عرض للتّجربة السّودانية من خلال إصدارها لصكوك الاستثمار الحكومي كأوراق ماليّة قابلة للتّداول قصد زيادة النّمو بتحويلها إلى معدّات وأصول وسلع وتحقيقا للاستقرار الاقتصادي، لأنّها لا تسهم في حال من الأحوال في التّضخم بما أن الأموال المستخدمة ذات وجود فعلي.
كما مثّلت الصّكوك حلاّ عمليّا لتنمية الأوقاف خدمة للمجتمع من خلال ابتكار أدوات مالية وهي صكوك حصص الإنتاج وأسهم المشاركة والإجارة والتّحكير والمقارضة (المضاربة).
وهناك مجال واسع للاستفادة من آلية الصّكوك الإسلاميّة في مجال الاستثمار في البنى التحتيّة ليس في الدّول الإسلاميّة فقط بل على المستوى العالمي نظرا لأن هذه الآليّة تمتاز عن غيرها من الآليات باعتمادها مبدأ المشاركة في المخاطرة.
وحول قانون الصّكوك في تونس وواقعها وآفاق تداولها سواء في تونس أو ليبيا وقع التّركيز على أنّ القانون المشار إليه هو بالأساس قانون عامّ دون أن يخوض في خصوصيات الإصدار وتدقيقاته.
 وتمّت الدّعوة لاستكمال الإطار التّشريعي بإصدار القرارات الترتيبية للقانون المنظّم للصّكوك في إطار منظومة قانونيّة متكاملة والتي سيكون من أبرز تجلّياتها قانون الأوقاف وقانون بيت الزّكاة والتّأمين التّكافلي.
وتمّت الدّعوة أيضا للشّروع في بدأ تنفيذ الإصدار الأول للصّكوك.                 
 كما أوصى الملتقى أن لا يكون هدف الإصدار توفير السّيولة للميزانيّة سدّا لعجزها ولكن توجيهه لخدمة أغراض تنموية وأنّ لا يوجد تضارب ما بين هيئة الجهة المصدرة وهيئة الوزارة المسؤولة على إصدار الصّكوك السّياديّة.
وأكّد الملتقى على الآفاق الواعدة للصّكوك في كل من ليبيا وتونس وضرورة الاستفادة من تجربة البلدين وذلك عبر تبادل الخبرات في ميدان إصدار الصّكوك وصناديق الاستثمار الإسلاميّة بتونس مع تجربة إصدار قانون الصيرفة الإسلاميّة بليبيا.   
في الأخير لا بد من التّأكيد على أنّ التّمويل الإسلامي لن يحقّق مقاصده التّنمويّة بمجرد وضع منظومة تمويليّة مهما كانت متميزة ومتكاملة إلّا إذا توفّرت إرادة الشّعوب في التغيير «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» الآية 11 سورة الرعد.
-------
- أستاذ وباحث جامعي، رئيس مركز الدراسات التنموية
najmghorbel@gmail.com