دمتم سالمين

بقلم
عبدالنّبي العوني
ما لايحتاجه الوطن وما يحتاجه
 تونس اليوم ليست في حاجة:
* لفكر وتفكير سياسي انتقائي جل تطعيماته يستمدها من أحداث تاريخية، قابليته للتشكل والتصوّغ مرتفعة وبالخصوص إذا جاءه رافد فكري مشرقي، ويعتمد بشكل كبير في تقديم طروحاته على النصوص الدينيّة. احتفاءه بالنصوص والمقولات تتحوّز عنده الفضاء المعرفي بشكل كبير عوض الاحتفاء بتطوير الممارسات وبالأخص النقدية منها، هيكلته مركزيّة تدور حيث يدور الشّيخ مع إضفاء قدسيّة مصطنعة على تحرّكات الشّيخ وعطوره الفكريّة وزوائده التحليليّة التي تستبق في عدة مواضع عقل الأتباع الذي يحدث الجلبة أينما حلّ. كاستعارة  لحلول القطب والمريدين في إحدى الزوايا.
** و لا لفكر وتفكير سياسي نرجسي يمارس التعالي مع كل منتجات الفرد والمجتمع ويعتقد أن من مهمّاته الأساسيّة أن يقود النّاس ولو كانوا له كارهين. تفكير تربّى في مخابر الانقلابات والعسكريتارية ... وإن أخفق يوما في استدراج النّاس للإقبال عليه وفي  قبولهم له (وفي هذه هو دائم الإخفاق من قبل الاستقلال ومن بعد) ..لعن الناس جميعا ورماهم بالهوى والجهل وقلة المعرفة ... وأعطى لنفسه وظيفة تبرير التعليم القسري « عبر كل الوسائط» حتى وإن وصلت للانقلابات وتأسيس دكتاتورية من أجل تعليم الناس حسن الاختيار فليس لهم خيار إلاّ هو على منهجيّة لا أريكم إلا ما أرى.. وهذا التفكير يجد منبته في مختلف المشاريع التي اعتقدت أنها تحديثيّة، للنّاس في العقود السّت الماضية...تفكير على النسق البورقيبي، وربيبه تفكير القمع التجمعي، وكل الأنساق الفكرية التي ارتمت في خدمة الاستبداد والقمع والفساد من قوميّة ويساريّة هجينة...
تونس اليوم في حاجة لتيار فكري وطني يبني أسسه، من فضاءات الحرّية التي أسّسها، ولو كلّفه ذلك الدّم، وجلّ تطعيماته من الجواهر والمعادن الذاتيّة في فضائه الوطني العام بشخوصه التي نمت على ثراه واستنشقت منه الهواء وامتصت عبر قرون من أملاحه الثقافية والقيمية الغذاء والماء... هي في حاجة لفكر وتفكير فاعل ومتفاعل تغيب من مكامنه الداخلية قابلية التطويع والتشكيل وتحضر في مكنونات عناصره الحياة والنمو والتفاعل الايجابي مع التغييرات والتغيّرات...تنحسر في ساحاته عناصر الفناء وتتجدد في سبله عناصر التجدد والبناء...فكر وتفكير يكوّن تيّارا يحيل كل الأفكار الميّتة في الوطن على المقابر التاريخية التي دفن فيها أجداده كل من أراد أن يدخر الوطن كله لنزواته، تونس اليوم في حاجة لحقول مغنطيسية داخل العقل الوطني، تتمّ فيها معالجة النفايات وإعادة تخصيبها، وحدائق للنقاهة العضوية والنفسية والعقلية والرّوحية .....لعلّ نبض الحياة يدبّ فيها بعد أن يقتنع العقل القطاعي والفئوي والأيديولوجي المخلوط بنخالة السياسوي باحتوائه على بذور فشله الوطني والحضاري وبصوابية النهج الوطني الشامل والسليم...
تونس اليوم في حاجة لتيار وطني مشبع بقيم الحرية والعدالة ومقاوم لمنظومات الفساد المختلفة، تيار يسعى إلى الناس برويّة وهدوء وثقة ....وثقته في شعبه وفي قواه الحية وفي أدائه وأداء إفراده رغم ما تعتريه من هنات في بعض الجوانب وخاصة في خاصرته الرّخوة ..وفي سعيه وكدحه، يكتسب المصداقية والنضج والوثوق ويتعلم ممارسة العدالة والقسط مع النّاس في المكره والمغنم...ولا يجرمنّه شنآن الأحزاب والمنظمات والإعلام ...ألاّ يعدل ..بل سعيه للعدل أوكد مع مخالفيه قبل أحبابه...وهكذا تدوم رؤاه ومبادئه الكامنة بين أفئدة النّاس في العيش على سطح الوطن وفضاءه.
دمنا سالمين ودام الوطن عزيزا، حرّا و كريما.