حديقة الشعراء

بقلم
د.خالد بنات
دونك قدسي
 في آخر علب الخنوع
عشت مدينتي وحيدة تهذي... 
لا وصال يرويها،
و في آخر محطات الوداع 
تلحفت غربتي يتيمة...
كسيرة الأجنحة عاجزة..دونك
و في أعلى درجات قدسيتك 
أولى قبلتي.... رأيت جرحك 
جوهرتي ينزف من شراييني...
تجففني حروف آهاتك 
تفقد ألأوزان ..... دونك 
و إنفجار آذانك يهيمني بك
و أجراس شفاهك الحبيسة 
و فسيفساء قبابك الجورية...
تبهت أمام عيوني، معان
رصعها قصص عنان
وغزل صوفي من رحم 
مدائحك تقشعر لها الأبدان
فهل يفقد أهلك العنوان؟ 
صنفوك حبيسة الأزل 
دون صلة رحم، حُرِّم زائرين..
و رُتِّبَ مُصَلّوك الضعفاء 
وفي الشوارع دون الخمسين
لن تصبحي سليبة الهوية ...
و آه من الجرأة على الله؟
فكوني كما أرادك الله....
هلالٌ خَصيبٌ قلبكِ؟
رذاذ زيتونك يُدْمِعُ يَسمينِك 
و الفقدانُ من رحم التراب 
الطاهر يُجبل لكِ به الهيام 
كنعانيٌ أنا أمي يبوسية
دوشارا الأنباطُ عُمقك،
بلقيس سبأ عشقتك، 
نفرتيتي الكنانة مجدتك، 
زباء تدمر آثرتك...
عليسة الأمازير صادقتك
و كليوبترا صافحتك..
يا تاج صلاح الدين محررك 
هو التاريخ لك روحا... 
حق مكانتك و هويتك 
و في دنان الأشعار 
لا شعر يحيا زمانا دونك 
و أمام يصلي بالمرابطين 
تحت قبتك يقتله فتان 
في دولة بين رصاصتين 
كيفَ قتلَ الأخُ بالمالِ إخوان
دونك يا مركزُ الأرضَ 
و يا مركزُ السماءَ ...القتل إدمان 
وفي معانيك تقرأ الكبرياء السواري 
و قوافيك لهن لمع براقٍ و ضوءُ 
ليلِ إسراءَ و معراج...... 
صخرَتُكِ غُبِّرَتْ لمَعاتَ عِيونِها
و مغارةُ الأنبياءَ عليهُمْ السلامْ
شُحَّ دِفءِ الأنفاسَ في مَحاريبَها
تَرطَّبت.... و أختَلطت زُكى 
عِطْرَ سيدنا يَحيى، 
و مِحرابَ سيدنا موسى غَميم...
و أسدفَ مِحرابَ محمدا 
ليفقدها الغاشِمُ سِراجَ الإمام
القبلة الأولى أنتِ،
قدس الأقداس و الفرج المفراج ..
آه يا من تنادي... حادية طريقي
آه يا يابوس و إيليا....
يا دار السلام يا قدس 
يا أميرتي، بيرقتي و رفيقتي
يا أم الثقافة العالمية 
تجرأ البترودولار ليدمرك... 
مدينة حضر خاوية...... 
فلا فرق عندي دونك،
إن قتل الظلم أخي، بيتي، 
معتقدي أو هويتي
أن آتي الموت لك عمدا 
لأجلك أو دونك...
أي إشراقة حب رسمت 
في عينيي قاصديك
أولادة أسمك بين دمار الألآم 
يا أم الأنبياء، الصالحين 
والأكثر من سبعين ألف 
شهيد جائز؟
جبل المكبر لله يشكو 
ناحر أخيه لن يغيثك... 
وفي قتل البرائة كبَّر
نهب، سلب العِرضَ 
دمَّر و تجبَّر....للأقصى.... 
أدارَ الظهر و تنكر، 
همش القبة، المسلمين ودونهم كفَّر
فهل أسرجت قلبك.... 
إلى الشرق أم الغرب؟
إلى الشمال ، إلى الجنوب 
إلى السماء أم إلى الأرض 
لله درك، فأي قدر ينتظرك؟
سأسرج خيلي إلى جهاتك الست 
قدسي مع الله و لن أمتطي 
إلا صهوة شهادة أصيلة
فلا محطة براق بين سماء 
و أرض .......... دونك
-------
-  باحث وشاعر - برلين - المانيا
kudus@drkhalidbanat.com