الافتتاحية

بقلم
فيصل العش
افتتاحية العدد الثاني عشر

 بسم الله وكفى ،والصلاة والسلام على النبي المصطفى..

نعيش هذه الأيام وضعا سياسيّا واجتماعيّا صعبا، تميّز بارتفاع نسق المناكفة والتجاذب وانخفاض مستوى الحوار والتشاور بين مختلف الأطراف السياسية والفاعلين الاجتماعيين. حيث برزت من جديد ظاهرة العنف كشكل رئيسي لحسم الخلافات، وهو ما قد يؤدّي إلى زعزعة أسس صرح الديمقراطية الذي يحلم التونسيون ببنائه، صرح يقطع مع الماضي ويؤسس دولة المواطنة التي يعيش فيها كل التونسييّن باختلاف  أفكارهم وتوجّهاتهم أحرارا أعزّاء.

 كانت البدايات جيّدة، فبعد الإطاحة بالدكتاتورية، أنجز التونسيون انتخابات تعددية ديمقراطية شفّافة وحرّة، انبثق عنها مجلس وطنّي تأسيسي لكتابة الدستور وبناء مؤسسات النظام الجديد وإعداد البلاد للانتقال الديمقراطي، وحكومة شرعيّة لتسيير دواليب الدولة بصفة مؤقتة، لكن، وبمــــرور الوقــــت، نكتشــــف أن انحرافا قد حصل في مسار الثورة، شاركت فيه أغلب الأطراف بدرجات متفاوتة. فاختفى الحوار والتشاور حول أهم مشكلات الشعب مثل الفقر والبطالة والقدرة الشرائيّة، وغابت الأطروحات حول متطلبات البناء الجديد، ليأخذ مكانها صراع عنيف، لفظي ومادي، حول مواضيـــــع لم تكــــن موجــــودة في أجندة الثوّار.

إن المواصلة في هذا المسار سيؤثّر سلبا على أمل تحقيق مطامح شعبنا، ولهذا فإننا ندعــــو الجميــــع إلى التحلّي بروح المسؤوليّة ونبذ الصراعات الجانبيّة وتجاوز المصالــــح الحزبيــــة الضيّقـــة (التفكيــــر في الاستحقاقات الانتخابيــــة القادمــــة) والإنكباب على البحث عن حلول لمشكلات المواطنين وذلك عبر فتح قنوات الحوار  الجاد ودعوة جميع الأطراف للتشاور حول أهم معضلات هذا الوطن والامتنـــاع عن اعتماد العنف بجميع أشكاله كأداة للتدافع والتنافس.

إن سفينتنا تسع الجميع وإن نجاتها بيد الجميع، وهي تجري بنا في موج كالجبال. فلا تهــــدروا قِوّاكم فيمـــا لا ينفع ولا تضيّعوا بوصلة أهداف الثورة، فقد تغرق السفينة بالجميع، أليس فيكم رجل رشيد؟.