قرأت لكم

بقلم
كمال بوعوينة
عرض لكتاب «الزعيم السياسي في المخيال الإسلامي بين المقدس و المدنس»
 مثلت مسألة الحكم و السلطة و الملك والامامة و الزعامة والرعيّة من المسائل المهمّة التي شغلت الفقهاء قديما وتشغل المفكرين والباحثين حاليا في حقل الدراسات الحضارية والسياسية .فان كان الفكر الغربي قد درس هذا الأشكال من خلال العودة إلى التراث المسيحي واليهودي والتراث اليوناني من خلال أعمال «ميشال فوكو» و « بول ربكور» فان الفكر العربي المعاصر ظل يعيد إنتاج الماضي بأدوات تحليلية قديمة ولم يتسن له اقتحام هذا الجانب إلا لماما. من هنا يأتي كتاب الأستاذ محمد الجويلي حول الزعيم السياسي في المخيال العربي الإسلامي ليدشن مرحلة جديدة في مجال الدراسات الحضارية الجادة حول تصور الزعيم السياسي في الحضارة العربية الإسلامية من خلال النبش في التراث الفقهي والسياسي العربي الإسلامي بتعابيره المختلفة، سنة وشيعة ومعتزلة ومتصوفة، ومن خلال ما اصطلح على تسميته بالأدب السّياسي عند ابن المقفع وأدبيات الحركات الاحتجاجيّة في العالم الإسلامي سواء أثناء الدولة الأموية أو العباسية أو ما خطّه الفكر الفلسفي العربي الإسلامي عند الفارابي وابن خلدون وما نسجه المخيال الجماعي حول صورة الزعيم.
بحث الكتاب في علاقة المقدّس بالمدنّس من خلال ما رسم عن صورة الزّعيم في كتب المصنّفات انطلاقا من المقدّمة لابن خلدون الى كتب «ابن تيمية» حول السّياسة الشرعيّة واصلاح الرّاعي و الرّعية ورسائل الجاحظ و آراء المعتزلة وكتاب المدينة الفاضلة للفارابي وكتب الشّيعة والباطنية.
ويوضّح الكتاب مسالة التّداخل بين الايديولوجي و«اليوطوبيا» في تكييف صورة الزّعيم الشيعي عند الشّيعة وصورة الملك أو الخليفة في التصوّر السّني.هذا التخّيل ذو النزوع الايديولوجي والطوباوي مازال يحكم العلاقات السياسيّة المعاصرة في المجتمعات العربية الاسلامية.
كما بحث الكتاب مسالة الراعي والرعية في العصر الاسلامي الوسيط من خلال النّصوص السنّية والشيعيّة وبيّن أن هذه العلاقة كانت دائما عموديّة  لصالح الرّاعي الذي يرعى قطيعا من الأغنام تارة بالعصا وطورا بالمزمار وإذا ما همّ القطيع بالخروج عن الصّف وجبت مقاومته والتصدي له.
احتوى الكتاب ستة فصول كانت كالتالي :
الفصل الأول : المخيال والكتابة. 
الفصل الثاني : من الخلافة إلى الملك أو من المقدّس إلى المدنّس. 
الفصل الثالث : الزعيم الرّاعي « ثنائية العصا والمزمار». 
الفصل الرابع : الزعيم بين واقع التاريخ و واقع الأسطورة. 
الفصل الخامس : جدل الايدولوجيا واليوطوبيا. 
الفصل السادس : في سوسيولوجيّة التخيّل الإسلامي للزعامة. 
يُذكر أن الكاتب محمد الجويلي أستاذ جامعي تونسّي حاصل على الدكتوراه في الانتروبولوجيا السياسيّة والثقافيّة من جامعة «السوربون» بباريس عن أطروحة قدّمها حول الزّعامة السياسيّـة في المخيال الإسلامي وألّف العديد من الكتب منها « نحو دراسة في سوسيولوجيا البخل» و«الزّعيم السّياسي في المخيال الإسلامي» و«انتروبولوجيا الحكاية» و«الأم الرسولة» و«البطل في الثّقافة الشفوية التونسيّة» و«ترحال الكلام في أربعين عاما وعاما»، وهو حوار مطول أجراه مع الصّحفي الجزائري الطّيب ولد العروسي ونشر في كتاب بالقاهرة .وقد حظيت كتاباته باهتمام النقاد وصدر حولها كتاب قراءات انتروبولوجية في كتابات الدكتور محمد الجويلي.
الهوامش
(1) الكتاب : الزعيم السياسي في المخيال الإسلامي بين المقدس و المدنس/ محمد الجويلي- 214 ص. -المؤسسة الوطنية للبحث العلمي. -تونس‏.- 1992