نقاط على الحروف

بقلم
شكري عسلوج
ما هكذا تُبنى الأوطان، ما هكذا تنهض الأمم ...
 أبدأ هذا المقال بحكمة هي من أبلغ ما تطرق إلى سمعي وما وقعت عليه عيني وما كان له أعمق الوقع في نفسي. في منفاه في أقصي سيبيريا أو الجحيم المتجمد كما يسميه البعض، كتب ألكسندر سولجينيتسين كتابه «أرخبيل الجولاج»، والذي اقتطفت لكم منه الفقرة التالية: «... ورويدا رويدا، تبيّن لي أن الخطّ الفاصل بين الخير والشر لا يمرّ عبر الدول، ولا بين الطبقات أو الأحزاب السياسية، بل يمرّ مباشرة خلال قلب كل إنسان وعبر قلوب البشر جميعا. وهذا الخط يُغيّر موضعه، فحتى داخل القلوب التي يغمرها الشرّ، يظل هناك رأس جسر صغير من الخير قائما، وحتى داخل أطهر القلوب، تظل هناك مضغّة صغيرة من الشّر لم تُجتث ...»
من أهم خصائص دولة الظلم والاستبداد، أنها تناصب العداء وتقاوم بل وتسعى للقضاء على كل ما هو خَيِّر وجميل ونبيل وفي المقابل فإنها ترعى وتساند وتضخّم كل ما هو خبيث وذميم وخسيس في النفس الإنسانية. لذلك فهي تُعلي من شأن أصحاب النفوس الخبيثة والعقول التافهة والقلوب المريضة، الذين يهرولون لخدمتها والتمسّح على أعتابها لنيل رضاها والتمعش من عطاياها، وتُذلّ بل وتسحق كبار النفوس وذوي الألباب الذين يعارضونها ويقفون أمام أهدافها الهدّامة وأساليبها المُقرفة. في كنف دولة الظلم والاستبداد، أنحسر الخير في القلوب ليضمحل ويتلاشى الإحسان بين الناس. وليس أدلّ مثالا عن ذلك من رجل قدّم مساعدة مادية لأسرة سجين سياسي ترك أهله بدون مُعيل، ليحاكم من أجل ذلك بكل قسوة ويقضي سنوات طويلة في السجون المظلمة بتهمة تمويله للإرهابيين. فقد كان مكتوبا على الحرّة التي تجاسر زوجها على مقارعة الظالم، أن تجوع أو أن تأكل وتُطعم أولادها من ثدييها لا من عطايا أهل البرّ والإحسان. من أبلغ الأمثلة أيضا أولائك الذين لم يجدوا بُدّا من دفع رشاوى سخيّة حتى يتمكنوا من أن يكونوا من بين المحضوضين الذين يُسمح لهم بأداء مناسك الحج. 
شكّل قيام الثورة التونسية واندحار واحد من أعتى الأنظمة الشمولية والمستبدة، الذي كان قد حوّل وطننا إلى دولة مارقة تديرها مافيات الفساد والإفساد، ارتهنت مقدرات شعب بأكمله وعبثت بحاضره وصادرت مستقبله ، حدثا جللا وتاريخا فارقا ليس فقط على الصعيد الوطني وإنما تعدّاه ليكون سمة بارزة على الصعيد العالمي في تاريخنا المعاصر. شاهدنا بأمّ أعيننا معجزات لم نكن نعرفها إلا من القَصص القرآني أو من الأساطير التي درجنا على مطالعتها في قِصص الأطفال ونحن أحداث. شهدنا جبابرة كبارهم وصغارهم، والذين كان مجرد ذِكر أسمائهم يثير الخوف والرعب في الأفئدة، يتهاوون صاغرين مدحورين، وأكتشف أولياءهم وأزلامهم الذين كانوا يستقوون بالطاغية للنيل من بني جلدتهم، أن مَثَلهم كان كالعنكبوت الذي احتمى بأوهن البيوت، رغم مظاهر القوة والمَنَعة الزائفة التي كانت تحيط به. في المقابل شَهدنا المقهورين الذين نَكّل بهم زبانيتهم ورموهم في غياهب السجون وحكموا عليهم بالإعدام، يصعدون إلى سُدّة الحكم في مشهد ذكّرنا بنبي الله يوسف وهو مُلقى في أعماق الجُبّ بعدما رماه إخوته فيه ومن بعد سجينا في غياهب السجن بعدما كادت له النسوة قبل أن يرفعه الله أخيرا ليصبح عزيز مصر والوصي على خزائنها.
الثورة التونسية التي بدأت بعبق الياسمين، كانت مُبهرة للنفوس ومُلهمة للعقول ومُجدّدة للأمل ومُبشّرة بتحقيق الأحلام في تكريس مبادئ الخير والعدل وفي إحداث نُقلة نوعية في العقليات وتكريس ممارسات راقية من أجل حياة أفضل للجميع في ربوع هذا الوطن. كانت ظاهرة التشكل التلقائي للدفاع الشعبي عن الأحياء والممتلكات والأعراض بعد انهيار المؤسسة الأمنية وانتشار المليشيات المأجورة وعصابات الجريمة التي جابت البلاد طولا وعرضا ناشرة الرعب والسلب والنهب والحرق، دليلا ساطعا على تميّز هذا الشعب ووعيه وإدراكه للحظة التاريخية التي يمر بها وحتمية المحافظة عليها. كما كانت جموع التلاميذ الميسورين في عمر الزهور، وهم يتطوعون من تلقاء أنفسهم لتنظيف الساحات العامة، من دواعي الأمل والسرور والثقة بمستقبل تونس، وكان سيل الإمدادات والتبرعات الأهلية المتجهة صوب الجنوب لغوث اللاجئين من الأشقاء الليبيين ومن شعوب العالم كافة، مثالا رائعا على الإيثار والسموّ واللحمة بين أقطار الأمة الواحدة التي فرّقها الاستعمار ووحَّدَتها الثورة، وكان المدّ التضامني من خلال الانتشار الواسع للجمعيات الخيرية التي تُغيث المستغيثين وتمد يد المساعدة للسائل والمحروم، لأحسن تبيان على الخير العميم الكامن في هذه الأرض الطيبة والذي وجد أخيرا متنفَّسا وسبيلا للفعل العلني على الأرض، بعدما كُبت وغُيّب ظلما وجورا وقسرا لعقود خلت، وكانت الجموع الجمّة التي اصطفت يوم 23 أكتوبر 2011 بصبر وجلد  لتدلي بأصواتها وتختار بكل حرية من يحكمها لأول مرة في تاريخ الوطن، محطة تاريخية وضّاءة ومتميزة في الصيرورة التاريخية لثورة تونس المجيدة وإنعتاق شعبنا.
أحس التونسيون وكأن العناية الإلهية تتدخل مباشرة في مجريات الأمور، وأَنّ ما خِلناه في الأمس القريب مستحيلا قد أصبح بقدرة قادر في المتناول، وأن خط الخير قد تقدّم إلى الأمام مكتسحا مساحات الشر الذي كان مستحكما في قلوب الناس وفي معاملاتهم بين بعضهم البعض، واستبشرنا خيرا بأن الشر وأجناده قد بدؤوا في الانحسار بعدما تواروا مشفقين من سوء ما بُشّروا به وهم يخشون نقمة الشعب الثائر الذي يطلب بالقصاص لما لحقه منهم من جور وانتهاكات وقتل وإثخان في الجراح.
كان هذا قبل صدور نتائج الانتخابات وعودة النخب إلى تصدّر المشهد، بعد أن أوكل لها الشعب مهمّة قيادة الوطن إلى برّ الأمان ووضع أسس دولة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، بمعنى دولة تحافظ على هوية الوطن ولا تحاربها من دين ولغة وتاريخ، لكي تستمد منها القوّة العقائدية والفكرية والمعنوية لإرساء نهضة حقيقية شاملة، تكرّس جوهر التقدم والتطور لا قشوره كما حصل في السابق. لكن الطريق كان قد زُرع أشوكا ومِطبّات وعراقيل وحتى ألغاما.
البداية المتعثرة لمشوار التحيّل على مسار التحول الديمقراطي في تونس، تلخصت في أن رئيس دولة غير منتخب كان قد عيّن رئيس حكومة غير منتخب ورئيسا غير منتخب للهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي. إذا صحّ ما أشيع لاحقا، فإن هذه الشخصيات وغيرها، والتي تولت مصير الديمقراطية في تونس ونصّبت نفسها للقيام بمهمة إرساء الجمهورية الثانية، تجمعها أواصر قرابة عائلية وطيدة سواء أكان ذلك حسبا أو نسبا. هذا علاوة على أن هذه الشخصيات، أقل ما يقال عنها أنها تُمثّل رموزا للجمهورية الأولى. تركيبة الهيئة كانت غير مُمثِّلة للشعب التونسي بقدر ما كانت مُمثِّلة لتوجهات ومصالح وارتباطات من عيّنها، وهذا ما أثبتته الانتخابات لاحقا. وبما أن الشيء من مأتاه لا يُستغرب فإنّ المجلس التأسيسي الذي أفرزته هذه الهيئة بقانون انتخابي يعتمد على مبدأ أكبر البقايا وبأمر رئاسي يُحدّد عمل المجلس بسنة واحدة رغم إدراك الجميع بأن هذا لا يكفي، كان غير تناسبي بالنظر للتركيبة السياسية والفكرية والاجتماعية للشعب التونسي. الهيئة لم تتفطن أيضا إلى تحصين المجلس التأسيسي من أعوان النظام السابق أو حتى إلى وضع شروط لضمان قدر أدنى من مستوى نواب الشعب الذين سيصوغون الدستور، ولكنها سعت في المقابل إلى فرض مبادئ فوق دستورية حتى تضمن ألا يخرج المجلس المرتقب عن الطريق المرسوم سلفا. المجلس التأسيسي كان يحمل إذن جينات فشله وزواله في داخله وقد يكون هذا صدفة أو سهوا وقد يكون أمرا دُبّر بليل وأُريد له كذلك أن يكون. ما جرى فيما بعد في رحاب المجلس كان مسلسلا من الشغب والعراك والسباب والمناكفات والتغيّب وتعطيل الأشغال لأن الأقلية سعت إلى فرض رأيها على الأغلبية، وبذلك أُسقط المجلس في نظر الكثير من التونسيين كتمهيد لإسقاطه الفعلي على يد أعدائه من داخل رحابه ومن خارجها. من الصفاقة أن من حدّدوا مدّة مهام المجلس التأسيسي بسنة واحدة ومن حالوا دونه ودون إكمال مهامه في المدة المحدّدة كانوا على رأس من قادوا الحملة لحلّه بعد أن أعلنوا فشله وفقدانه لشرعيته، ومن سوّقوا لإعادة مبدأ الوصاية على الشعب من خلال مجلس أعلى للدولة يكون معينا ويحلّ محلّ كل المؤسسات المُنتخبة.
هذا المشهد التأسيسي المتردي، كان وليد المشهد السياسي الذي لا يقل عنه رداءة، حيث أنه بقي طوال الوقت بعيدا عن كل الانتظارات وما دون المأمول. الطبقة السياسية لم تنخرط في مشروع شعاره «سويّا نوحّد جهودنا ونبني هذا الوطن من جديد» وإنما تصرفت بمنطق «نجاحي يمرّ عبر فشل خصومي السياسيين ونجاتي تمرّ عبر القضاء عليهم» ولا يهم إن كانت تونس تدفع الفاتورة من دمها ولحمها. قطاعات واسعة من الطبقة السياسية الجديدة تصرّفت بطريقة لا تتميز كثيرا عن النظام السابق من حيث أنها سعت إلى نشر اليأس والقنوط  وتأجيج نوازع الشر في نفوس الأفراد وتوسيع الفرقة بين الناس بينما أهملت بل أو قاومت نوازع الخير الكامنة في نفوس الناس وفي المجتمع. لم نرَ الكثير من النماذج في نخبنا التي تصلح  أن يُعتَدّ بها وتكون أمثلة عليا يَحتذي بها عامة الشعب والشباب منهم بصفة أخص، وإنما رأينا فصيلا صعد إلى سدّة الحكم بتفويض واضح من الشعب سعى إلى الحفاظ على الحكم وعلى تماسك الدولة والحيلولة دون انفراط عقد الوطن عن طريق خضوعه للابتزاز والتنازل المتواصل على المشروع الثوري مقابل فصيل انخرط في مسلسل انقلابي للوصول إلى الحكم والإطاحة بحكام تونس الجدد بطريقة تكون مُهينة ومُذلّة قدر الإمكان وهذه الغاية التي بررت كل الوسائل التي تم اللجوء إليها. وكي نأتي على الوسائل المُتَّبعة ذكرا لا حصرا نسوق ما يلي: 
* الدفع نحو الاستقطاب بين التيار الإسلامي والتيار الحداثي عوض الاستقطاب بين مناصري الثورة وأعدائها ودعاة الديمقراطية ومناهضيها بحيث حاد الصراع السياسي عن إطاره الحقيقي وأهدافه المَرجُوّة.
* تأجيج الجهويات والفئويات والخصومات والخلافات وحتى حميّة الانتماءات الكروية الكامنة في المجتمع التونسي التي تكرّس فرقته وتهدد لُحمته 
* الاستقواء بالخارج من خلال الهرولة إلى السفارات والدول الأجنبية والمنظمات الدولية لتلقّي التعليمات وطلب الدعم وتدويل الشأن الداخلي بحيث أصبحت بلادنا مسرحا لصراعات قوى إقليمية ودولية .
* ضرب الشعب التونسي في اقتصاده من خلال المطلبية النقابية المجحفة والإحجام عن العمل والإنتاج في إضرابات لم يشهد لها العالم مثيلا مع حثّ الدول المانحة على الإحجام عن تقديم قروضها وهباتها حتى تتعفن الأمور ويتمّ إسقاط الحكومة أو تنهار ذاتيا، بالتوازي مع افتعال أزمات مع الدول التي وقفت إلى جانب الحكومة وتعمّد ضرب السياحة من خلال تهويل الوضع الأمني. 
* الاستثمار السياسي للجرائم السياسية لضرب وابتزاز الخصوم السياسيين والتهديد بالمزيد إذا لم يتم الانصياع اللامشروط للإملاءات
*محاولة جرجرة المؤسسة العسكرية التي حافظت إلى حدّ الآن على دورها كضامن رئيسي للدولة وتوريطها في الصراع السياسي لترجيح كفّة فصيل دون آخر في مسعى يشي بتوجه انقلابي واضح
* تنفيذ إستراتجية لضرب الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية تتلخص في التكتيكات التالية: التطاول على المقدسات بطرق هي غاية في الفحش بتِعلّة الفن والإبداع  لحملها على ردّة فعل عنيفة تقيم الدليل عليها تمهيدا لقمعها وإقصاءها لاحقا وبصفة نهائية من الحياة السياسية، خلق مناخ من التناحر بين مختلف التيارات ذات المرجعية الإسلامية لتحارب بعضها البعض عملا بمبدأ «فخار يكسّر بعضه»، إلصاق تهمة الإرهاب بالتيار السلفي وابتزاز حركة النهضة لإجبارها على قمعه فإن هي امتنعت فقد ثبت تورطها في دعم الإرهاب وإن هي شاركت فيه فقد خسرت أهم رصيد أخلاقي ومعنوي لديها، كونها كانت الضحية التي تعرضت لمحرقة بعنوان محاربة التطرف والإرهاب أو محاربة الإسلام السياسي بالإضافة إلى إثارة مسائل فقهية خلافية وصراعات مذهبية نحن الآن في غنى عنها .
* المسّ من مؤسسات الدولة والتطاول على رموزها والدفع نحو العصيان المدني والتمهيد له بإعلان إضرابات عامة بدوافع سياسية.
* إرباك الحكومة من خلال إثارة الرأي العام ونشر الإشاعات  والبلبلة والخوف وتضخيم المساوئ والسكوت على الإيجابيات والمطالبة بالشيء وضدّه.
* استعمال تِعِلَّة استقلالية مؤسسات الإعلام والأمن والقضاء والبنك المركزي وغيرها للحيلولة دون إصلاحها وتطهيرها. هذا غيض من فيض وما خفي كان أعظم.
من نكد الزمان وسخرية الأقدار أن موازين القوى الخفية تحيلنا إلى المشهد الحالي والذي يتلخص في أن الرّاعي للحوار الوطني للخروج من الأزمة الخانقة التي تمرّ بها البلاد هو من أكبر المتسبّبين فيها، كما أن أكبر قوة سياسية في البلاد حسبما بَشّرتنا به استطلاعات الرأي، والتي تساهم بصفة أساسية في تحديد المستقبل السياسي لبلادنا، لم تخضع بعد إلى تزكية الشعب من خلال الانتخابات مما يطرح أكثر من سؤال حارق حول مصداقية وكالات سبر الآراء هذه ومدى صحة الشكوك التي تحوم حولها والتهم الموجهة إليها في كونها أدواة للتلاعب بالرأي العام وتوجيهه حيث يُراد له أن يكون، وذلك لصنع واقع سياسي حسب المقاس. الحراك السياسي الرّاهن أنحسر وتقلّص، ويتلخّص في ظل ما يسمى بالحوار الوطني في أن حركة النهضة تقايض التنازل عن الشرعية الانتخابية وبالتالي الخروج الآمن من الحكم مقابل المحافظة على المسار الديمقراطي وإيقاف المشروع الانقلابي. وحيال فشل حتى المحاولات المحتشمة للنظام الجديد في فرض وجوه غير مُستهلكة وأيدي نظيفة في الإدارة وفي هياكل الدولة ومؤسساتها، أمام المعارضة النقابية الشديدة لكل التعيينات التي وُصمت بأنها تخضع للولاء الحزبي وليس للكفاءة، فهذا يحيلنا إلى حقيقة ساطعة بأن هياكل الدولة ومؤسساتها ولوبيات المصالح والنخب بأنواعها، تعُجّ حتى يوم الناس هذا بهؤلاء المرتشين والمفسدين والمتورطين والعملاء أو ما يُصطلح على تسميته بالدولة العميقة التي تقود الثورة المضادة وتسعى بكل الوسائل وبإمكانيات ضخمة لإعادة إنتاج النظام السابق ولو بشكل مُنمّق وبالتالي إجهاض وإفشال كل محاولة لإعادة بناء الدولة على أسس سليمة، تقطع مع الماضي التعيس وتكرس أهداف ثورة الحرية والكرامة وتؤسس لقفزة حضارية في ربوعنا. في هذه الفترة المفصلية وأمام تقلص هامش الفعل والمناورة أمام القوى التي أتت بها الثورة لصالح قوى الردة، يكتم الخيّرون والصادقون أنفاسهم في انتظار مآلات الأمور، وتبقى أزمة تونس العميقة هي في حقيقة الأمر أزمة أخلاق ومبادئ وقيم وعلم وعمل قبل أن تتحول في ظاهر الأمر إلى أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية ويبقى الأمل في أن يعي الجميع بأن علينا أن نؤسس لدولة الخير في قلوبنا ونفوسنا وعقولنا لكي نراها يوما أمام أعيننا ولكي نعيش في كنفها.