نقاط على الحروف

بقلم
مصطفى التومي
المرحلة الإنتقالية في تونس : متى و إلى أين تنتهي ؟
 لقد مرت الآن سنتان عن انتخابات المجلس التأسيسي في تونس و أصبحنا على مشارف الذكرى الثالثة لثورة الكرامة و الحرية . هذه الذكرى التي كان العديد ينتظر بفارغ الصبر استقبالها وقد انجز الدستور وأجريت الانتخابات التي تؤكّد نهاية ما سميت بالمرحلة الإنتقالية. لكن وللأسف نجد أنفسنا كمواطنين ومواطنات مقيمين داخل الوطن وخارجه في حيرة من أمرنا والعديد من الأسئلة تشغل أذهاننا وتؤرقنا، نسوق البعض منها: 
ما هي الأسباب الحقيقية لتأخر المسار التأسيسي ومن هم المسؤولون عنه ؟ و هل هناك نيّة مبيّتة لإفشال هذا المسار حتى تعجز القوى الثوريّة على التحوّل إلى مرحلة ما بعد الدستور باستصدار القوانين التي من شأنها حماية مكتسبات الثورة من ناحية وتفعيل منظومة المحاسبة والمصالحة من ناحية أخرى؟ ثم هل هناك خطة انقلابية فعلية حيكت ولا زالت تحاك لإرباك المؤسسات الشرعيّة ثم الإطاحة بها ومن يكون يا ترى وراءها؟ وهل أن الحوار الوطني سيعطي دفعا إيجابيا للمسار الإنتقالي ويكون صمّامة ضد الثورة المضادة والإنقلاب على الشرعية أم سيكون فقط مطيّة لمن خسر الإنتخابات وللتجمعيين للعودة من نافذة ما سميت بالشرعية التوافقية بعد ما أخرجهم الشعب من باب الشرعية الانتخابية من خلال صناديق الاقتراع  في انتخابات نزيهة  لم نر مثلها في تونس منذ الاستقلال؟ هل المستهدف في تونس هو المشروع التحرّري برمّته أم أن الغاية  هي ضرب التيار الإسلامي وإعادة إقصائه واستئصاله بخطة تعتمد شيطنته من خلال تأجيج نار التطرف والإرهاب واتهام الإسلاميين المشاركين في الحكم بالضلوع فيه؟
لو أننا قمنا بعملية عصف ذهني بين المواطنين والمواطنات من جميع الشرائح الإجتماعية، بقطع النّظر عن مقرّات إقاماتهم داخل تونس أوخارجها، لأفرزت هذه العمليّة كمية أخرى من التساؤلات يعجز القلم عن سردها. إن الوضعية السياسية التي تعيشها تونسنا الحبيبة تتأرجح بين النجاح والفشل. وكان من الواجب فيها تذكير القائمين على الشأن السياسي في البلاد بأن الثورة قام بها شعب وشباب ولم تقم بها نخب وأحزاب. بل أن هذه الأخيرة كانت أول المستفيدين منها بعد فرار المخلوع ونجاح الحراك الشعبي في مشاركة قوات الجيش في حماية مؤسسات الدولة والممتلكات العامة والخاصة وحالة الارتباك الذي شهدتها في ذلك الظرف دوائر الحكم من بقايا النظام السابق.
إن الظرف التي تمرّ به بلادنا يدفعنا جميعا، كل من موقعه،  للسعي إلى الخروج من المأزق السياسي، والإقتصادي، والاجتماعي ومن حالة الضبابية، والشكوك ، وعدم الثقة المتبادلة ، وتبادل التهم المجانية بين مختلف الخصوم السياسيين بالفشل تارة، وبالعمالة والتبعية تارة أخرى إلى واقع ومناخ ديدنه تحقيق أهداف ومكاسب الثورة، واللإلتزام بقيم الوطنية، والمواطنة، واحترام حقوق الناس، وتحقيق الحريات الأساسية، والعدالة الاجتماعية، والتنمية. 
آن الأوان لاستكمال المرحلة الانتقالية بإنهاء كتابة الدستور الجديد وصياغته والتصويت عليه في أقرب الآجال والمرور إلى إعداد انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة تليها مباشرة انتخابات الجماعات المحلية لتفعيل ديموقراطية الجوار التي تجعل المواطن يختار  يتابع ويراقب وينصح أويقدح من اتخذ على عاتقه مسؤولية إدارة الشأن العام.