الادب الهادف

بقلم
عبداللطيف العلوي
كلمات إلى الله

 ربِّ هذا أنا ، طِينُكَ البشَريُّ ، خليفةُ من لا يَمُوتُ ..

أنا السَّيِّدُ العَبْدُ ، كالماءِ أَنزَلْتَني ، 
وإلى النَّهْرِ عُدْتُ ..
ضئِيلاً ومُنْتَكِسًا وصغيرًا 
كيومِ وُلِدْتُ 
أنا سارِقُ اللَّذَّةِ المُسْتحيلَةِ ، 
علَّقتُ قلبي على خاصِراتِ الصَّبايا ..
وأَسْرَفْتُ في وجعي وانتظارِيَ حتّى زَهِدْتُ ..
أنا من تَرانِي وتَعْرِفُنِي ، 
حَطَبٌ في المواقِدِ أو قَصَبٌ في الموائِدِ، 
ألْقَتْ عليَّ الحضاراتُ أسماءَ من شرّدُونِي 
فَسُلَّتْ سُيوفُ الخَوارِجِ باسْمِي ..
وبِيعَتْ رُفاتُ الصّحابةِ والتّابِعِينَ 
ومن دخلَ البيتَ باسْمِي ..
وسِيقَ المَوالِي إلى غُرَفِ الاغْتِصابِ ،
وباسْمِي تُعَلَّقُ أمعاؤُهُمْ للكِلابِ على كُلِّ بابِ ..
وباسْمِي تُدارُ الكُؤُوسُ ، 
ويَعْلُو النّشيدُ المُقَدَّسُ ، 
يَبني المُثَقَّفُ دولتَهُ المُسْتقِلّةَ في صَلَفِ اللُّغةِ المخْمَليّةِ ، 
يَبْكي الرِّجالُ نِساءً تعِبْنَ من اللاَّرجالِ ، 
ويحتفِلُ الشّعراءُ بِموتٍ جديدٍ وعاهِرَةٍ وكِتابِ ..
أنا ما تراهُ على كُلِّ بابِ
وَلكنّني صاغِرٌ دائمًا وقريبٌ إلى بابِ عَرْشِكَ 
مهما ابتعَدْتُ ..
يُعَذِّبُني ما أَقُولُ وما لم أَقُلْ ، 
ربِّ هذا أنا ..
في الطَّريقِ إليكَ كَبَوتُ كَثيرًا 
ولم أَحْتَمِلْ خُطُواتِي ..
مَررتُ بأَودِيَةٍ يَنبُتُ الموتُ فيها ، 
وَيَنْضَجُ كالخُبْزِ في شَغَفِ الأُمَّهاتِ ...
وَغَرْغَرَ في الحلْقٍ سُمٌّ قديمٌ ، 
أَكُنَّا هناكَ على الرّافِدينِ 
ولم نُشْهِدِ الله أنّا خُلِقْنا بِمَحْضِ مَشِيئَتِهِ وحدها ؟
وعَجَنّا بِمَحْضِ مَشِيئَتِهِ النّارَ و الماء والكلماتِ ..
أكنَّا هناك ولم نَرَ وجْهَ الحُسيْنِ وغائِلَةَ الثَّقَفِيِّ ..
 ولم نعرِفِ الفرقَ ما بينَ رقصِ الدُّيوكِ 
وذَبْحِ المُلُوكِ ؟
ولمْ نرَ زاويةَ البَرْقِ في نَسَقِ العَتماتِ ....
قَصِيرٌ هو العمرُ ياربَّنا ، 
وما عاد يكفي لأَصحُوَ من سَكراتي..
و أركُضَ ثانيةً في الطّريقِ 
إلى بيتنا الجبليِّ القديمِ
وَأَعْثُرَ في حجرٍ نائمٍ
 ثمّ أنهض كالطّفلِ مستصغِرًا كَبَواتي ..
وما عادَ يكفي لأعرفَ أمّي بِرائحةِ اللَّوزِ 
من دون كلِّ النّساءِ 
وأحنِي على كَفِّها كبرِيائي
وما عادَ يَكْفي....وما عادَ يَكْفي
لأَعْقِدَ أحزانها بالوُعُودِ الصَّغيرَةِ و الأمْنِياتِ..
يُعَذِّبُني ما أَقُولُ وما لم أَقُلْ ، 
ربِّ هذا أنا ..
نِصفُ قَبْري هناكَ ونصفٌ هنا ..