بهدوء

بقلم
طه كعنيش
إشكاليات التربية في المحيط العربي و تحديات البناء المجدّد

 وضع الربيع العربي القوى السياسية للأمة العربية في أجواء جديدة وسقف مطالب كبير، من ضمنها إصلاح المنظومة التربوية. وهذا شيء قد يكون فهمته بعض الأنظمة العربية ، وباشرت عملها فيه على ضرب من الوجل والخوف من أن تكون مسارات الاصلاح مشوبة بالإخفاق والتعثّر، جريا على ما أفرزته تلك المسارات في السابق من تدن في المخرجات المعرفية وضعف في الكوادر والقيادات وارتجال في مناويل التنمية وتخبط في الإجراءات والتطبيقات لبعض المقاربات البيداغوجية والزمن المدرسي والمضامين المعرفية... وبإزاء ما يتعرَض له الوطن وأمَّة العرب، من كل أنواع الابتزاز العولمي يبدو أنّنا لن نكون قادرين على تحمّل أرزاء أيّ إصلاح جديد قبل إجراء  تقييم واقعي وموضوعي للوضع التربوي الحالي في ضوء حاجيات الشعوب وتطلعاتها ولو بالاضطرار إلى استبعاد أو تحييد الخبراء والكفاءات الوطنية المرتهنة إلى تجارب ومرتكزات لم نكن معنيين بوضعها لأنّها حشرت ملامح وأفق الاصلاح في إملاءات البنك الدولي  مثل امتلاك مواصفات جودة التعليم وتحقيق تنافسية الموارد البشرية الوطنية داخليا وخارجيا كمؤشر مؤصّل في دول المجموعة الاوروبية، ومثل شعار تفتح المؤسسة التربوية على محيطها بانشاء مواصفات تقييم غير متكيّفة مع بيئتها كرّست التهميش على مدى عقود وأحالت الشباب إلى قوافل من البطالين ...

فإن نحن ذهبنا إلى تحديد إشكالية التربية في التشخيص الآنف الذكر سنقع في تحديات من نوع كيفية تعميم الاعتماد على أحدث الأنظمة الحاسوبية والإنترنت ونشر التعليم عن بعد في مجالات التعليم ومراحله وبناء المواقع الالكترونية بمواصفات تقنية جيّدة كجزء من اقتصاد المعرفة المنشود. وعلى أهميّة بعض الإصلاحات لرفع تلك التحديّات، سنكون معنيين أيضا بتقليص الفروع المدرسية الخاصّة بالعلوم الإجتماعية والإنسانية لفائدة التأكيد على اللغة الإنجليزية والحوسبة والإنترنت منذ السنوات المبكرة للتعليم الأبتدائي. وبالتبع سنذهب للحرص على المناصفة بين الجنسين في مختلف فروع التعليم وتقوية أنظمة التعلّم مدى الحياة والتكوين المهني المستمر ...إلخ
بيد أنّ موضوع هذا المقال لن يتّجه صوب هذا المنحى من التحديّات بل سنؤكّد على ضرورة  استيعاب طبيعة المرحلة الآيلة نحو التّغير ومعرفة كيفيّة التحرّك في ضوء إكراهاتها كي لا نكون دوما محمولين  على استجداء القروض والعمل بمقتضى ما تزكيه المراكز القيادية والفنيَّة من ضرورة جلب الخبراء والاستئناس بكفاءاتهم في تطويع الاصلاحات لما يحفز الاستثمارات الأجنبية (ولو بتحويل أبنائنا حتى الأذكياء منهم إلى أجراء وطوابير من قوى العمل لدى الشركات غير العربية). فمثل هذا النمط من الإصلاح سيكون التعليم فيه غير منتج وهذا في البلدان المغاربية كما هو الشأن في بلدان الخليج التي  امتدّ الاستيراد فيها لعمالة الأعمال البسيطة. وإذن نتساءل في هذا المقال عن كيفية أن  يؤدِّي التعليم إلى تغييرات جذرية في الميول والسًّلوك لرفع التحديات وتأصيل الطُّموح والإرادة لتنمية القدرات الذهنيَّة، وتعبيد السبيل  لأن نبنى الإنسان القادر على المساهمة المبدعة الفاعلة في عملية تنمية شاملة إنسانية مستمرة، فما هي أهمّ التحديات المطروحة؟ 
التحدّي الأول:  ضعف الإمكانيات المادية
هذا التحدّي هو الذي في الصلة بالواقع المادي المنظور من التعليم والذي إحدى تجلياته تزايد الإقبال على التعليم وتضاعف النفقات في ميدان التربية، وهي نفقات تقتطع من ميزانيات الدول بما يتجاوز بكثير إمكانيات دخلها القومي وبما لا تقوى على احتمال سداده في حال توفره في شكل قروض، لأنّه يصطدم  بحاجز ضعف التنمية وبحاجات الإنفاق في ميادين أخرى هامّة لتأمين الإنتاج المادّي على المستوى  القريب والمتوسط المدى. لذلك يوشك أن يصيب الأمة العربية الشلل الكامل بعد سنوات إن لم تعدّ للأمر عدّة ما ستواجه يومًا بعد يوم  من عوز متزايد في إعداد المعلمين المؤهلين، وما ينبغي أن يتهيأ لجموع المتعلمين من مرافق عصرية  لتحقيق مقومات التعليم الأصيل و المتطور، إذ لن توجد التجهيزات الكافية و لن تقوى الدول أن تنشئ الأبنية التحتية التي تؤمّن بيئة التمدرس السليم.
التحدي الثاني: التنمية
يعتري التربية في البلاد العربية خلل في الوعي والرؤى المستقبلية فالخيارات الآنية لا تتجاوز بؤرة تحقيق التوسّع الكمّي بالتشجيع على فتح المحاضن ورياض الأطفال والتحفيز على بناء المدارس والكتاتيب، مهما كان الشكل وأيًا كانت الأهداف، هذا فضلاً عن غياب تقييم حقيقي للجهود المبعثرة في ميادين مكافحة الأمية وتربية الكبار والتكوين المستمر. فلم تدرك حتى اليوم، أن التربية التي تؤدي إلى التنمية ليست أي نوع من التربية وأنّ التوسع في التربية قد يقود إلى أهداف مناقضة لأهداف التنمية.. وأنّه لا بدّ من محاولات جادة في سبيل تنويع التعليم ونشر التعليم الفني والمهني وبث التربية العملية والتكنولوجية وربط المدرسة بالعمل وبالحياة. 
التحدي الثالث: غياب النموذج التحديثي
أي غياب نموذج تحديثي في علاقة بصميم الثقافة العربية فمنذ أكثر من قرن حتى اليوم والأمة العربية تعاني أزمة ذاتية قديمة وجديدة لها جوانبها المتعددة، فالثقافة العربية الإسلامية في عصرنا لم تنجح  في صنع حداثتها لأسباب كثيرة أهمّها عدم الإدراك الواضح للفرق بين التحديث والتغريب، وضعف المشاركة الجماهيرية في بناء نموذج ثقافي عربي. لذلك ينتسب ازدهار الثقافة العربية الإسلامية إلى ماضيها البعيد وهذه الحقيقة تخلق نوعًا من الانتماء الماضوي، وتضخم النزعة الماضوية في التصور يولّد معيقات في التجديد ويجعل محاولات تحديث الثقافة العربية الإسلامية من داخلها وفي إطار هويتها أصعب منالا. وبسبب غياب نموذج التحديث غالبا ما تبدأ محاولات الإصلاح بانتداب خبراء من الخارج وتشريك الكفاءات المحلية في الداخل وتمرّ بازدراء الذات وترك الحبل على الغارب في الاجتهاد، وتنتهي معظم الأحيان إلى الاصطدام بأحكام الثقافة الغازية والوقوع حينا في  تقليدها وأحيانًا أخرى في نبذ منجزاتها كليّة.  
إنّ الإطارات العربية حين خططت لنهضة الثقافة العربية لم تخطط انطلاقًا من الحاضر في ضوء مكوناته، لبديل متصالح مع الذات ومدرك لخصوصيات اختلافه عن الآخر وإنما خططوا لها من خلال نماذج جاهزة آخذة في الابتعاد عنهم باستمرار. 
التحدي  الرابع: العولمة
يتعلق هذا التّحدي بعدم صلاحيّة أو -على الأقلّ - بمحدودية النموذج الغربي للثقافة العالمية، فالنظم الغربية لا تقدّم للمستقبل الصورة المثلى، وتفاقم بتدخلها السلطوي في خيارات شعوب المنطقة  الأزمات الداخلية الذاتية لتلك الشعوب، بتأبيد الصراع مع الأمم وسحق الإرادات الناهضة  سلميّا للتطوير والتعايش الحضاري لبني الإنسان. 
كان الغرب ولا يزال يعارض (التقدم) العربي لتسهل السيطرة على موارده الغنيّة. الغرب اليوم -كما بالأمس- بفصيليه الأوروبي والأمريكي  مهتم أساسًا بمصالحه الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية المباشرة، أكثر من اهتمامه برسالته الحضارية وبالقيم الإنسانية التي يرفعها (الحرية والعدل والمساواة وحقوق الانسان...). 
لذلك  تواجه الأمة العربية أزمتها الشاملة على نحو أشد وأخطر مما واجهته في بدايات اتصالها بالغرب لأن النظام العالمي الجديد في شكله السائد اليوم تحوّل من بسط السيطرة الأمنية إلى قيادة هجمة شاملة تستهدف العقائد واللغة والقيم (المادية والإنسانية والأخلاقية والروحية). وطمس الخصوصيات الذاتية للشعوب برعاية من بعض المنظمات الدولية (بعضها إرهابية ومعادية للأديان)  وأجهزة الإعلام المملوكة للّوبي المتصهين والشركات العملاقة... وحمل الدول الضعيفة على تطويع مناهجها التربوية بما يستديم التابعية لقوى المركز في جميع ما يعرفه ويتعرض له ذلك المركز من أزمات  ( العنف والجريمة المنظمة–المكاسب الديمقراطية وتلويث الحياة السياسية بالمال الفاسد– الأزمة المالية وتداعياتها على أزمة البطالة وتسريح العمال – الهجرة السرية. - الزواج المثلي..إلخ ).
وكما قال أبو يعرب المرزوقي(1) نحن بإزاء «  التحدي الذي يفرضه وجها العولمة الأبشعان : الخصوصية النافية لكل من سواها ( إسرائيل وفلسطين) والعمومية الساحقة لكل من عداها ( أمريكا في العالم ) ، فالتغلب على هذا التحدي صار شرط بقائنا فضلاً عن كونه شرط أدائنـا لدورنـــا في التاريخ الكوني حماية للإنسانية والكون» ( من كتابه آفاق النهضة العربية ومستقبل الإنسان في مهب العولمة ص148)  
التحدي الخامس: ثورة المعلومات وأزمة المعرفة
يتمظهر هذا التّحدي في ضعف الارتباط بالعلم ،  وصعوبة مواكبة التغيّر السريع والمذهل في المعرفة. و المعلومات، التي هي ركيزة البحث. وكما تشبر الإحصاءات، فإنّ المعرفة كانت تتضاعف خلال فترة تتراوح بين 18 شهرًا و24 شهرًا ، والمدّة الآن في تضاؤل كبير قد لا يتجاوز الأشهر المعدودة. وهكذا فالأميّون في القرن الحادي والعشرين لن يكونوا أولئك الذين لا يعرفون القراءة والكتابة، بل هم أولئك الذين لا يعرفون التعلم المستدام. لذلك فالأجدى للتأسيس أن نتواضع ونعترف أنّ الأمّة العربية عمليّا لا تملك ولا تنتج المعرفة -إلاّ ما ندر- والدول المتقدمة لديها عشرة أضعاف العلماء والتقنيين الموجودين في الدول النامية وهؤلاء ينتجون 84 % من المقالات العلمية ويحققون 90 % من براءات الاختراع.  ومقابل نسبة 70 % من السكان في أمريكا وكندا ممن هم متصلون بشكل يومي بالأنترنت لا تتعدى هذه النسبة 5 % في الدول النامية .
التحدي السادس: مشروع الشرق الأوسط
هو مشروع سياسي واستراتيجي وأمني لبسط السيطرة على المساحة الممتدة من المغرب إلى أفغانستان، المنطقة الشاسعة الضاربة الجذور في أعماق التاريخ والحضارة، بشّر بهذا المشروع رجل الحرب الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن متبنيا منهج «الحروب الاستباقية» التي تشكل إحدى الذرائع المعلنة لتدخل الاستعمار الجديد. إذ بعد أحداث 11سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية، وُجهت اتهامات غربية إلى التربية العربية الإسلامية ومناهجها بأنها المسؤولة بالدرجة الأولى عن تنامي ما سُمي بالإرهاب، وتحت دعوى محاربته في عقر داره تدخّل الغرب في هذه البلاد غزوًا عسكريًا وضغطًا ثقافيًا وفكريًا وإعلاميًا. كما ركزت التقارير الدولية المتخصصة، على العرب والمسلمين لافتة إلى أنّهم مدعوون للنهوض وتجاوز أوضاعهم المتخلفة، وكانت المخططات التفكيكية المرسومة في مراكز الأبحاث السياسية والاستراتيجية، ودوائر المصالح الاحتكارية الكبرى جاهزة لمسخ الهوية الوطنية والتراث القومي، ( نهب المتاحف، حرق المكتبات، والسطو على المخطوطات، إضعاف الجامعة وتصفية العلماء، فوبيا الاعلام ، إفراغ المناهج من مضامينها ...) و في ماي 2005 وصف عبد الله عبد الدائم (2) في محاضرة ألقاها بدمشق عنوانها «العرب والهجمة على التربية والثقافة»- ذلك المشروع بأنه «جهد تدميري» وأنّ أهدافه- بنظر عبد الدائم- هي: 
- السيطرة السياسية والاقتصادية. 
- دمج اسرائيل بكيان الشرق الأوسط الكبير.
- وضع اليـد على منابع النفط بامتصاص ثروة البلدان المعنية.
إنّ هذا المشروع ينظر للعرب على أنهم  عاجزون عن إصلاح أنفسهم بأنفسهم وأنّ تعليمهم متخلّف وعاجز وأنّ  العالم العربي صفحة بيضاء يمكن أن تخطّ عليها ما تشاء وجوهر هذا المشروع أن يبسط الغرب « الأمريكي» بعباءة بعض الحلفاء في الغرب «الأوروبي» سلطاته على هذه المنطقة المهمة من العالم، وأن يبتزّ ثرواتها النفطية والطبيعية وسواها من الثروات، وفق أجندات الشّريك الوحيد في هذه المنطقة وهي إسرائيل. 
التحدي السابع: تراكم الأوهام  
الأوهام هي حالات الإدراكً الخاطئ للواقع أو سوء الفهم أو سوء التفسير للمدركات الحقيقية للحواسِّ . وكما  شاعت في عصر الأنوار بالغرب نظرية نقد الأوهام على ما ترجمه بيكن في طروحاته من أنّها تشمل أوهام الحسّ وأوهام الكهف وأوهام السوق وأوهام المسرح (انظر شرحها بالهامش).(3) مما يمكن أن تظلّ بحوثا ناجزة ومنطبقة على ملامح فكرنا العربي، ينبثق لدى العقل العربي  تراكم أوهام  جديد ومن نمط مغاير. وحسب المفكر التربوي والمؤرخ الدكتور محمد جواد رضا (4) فإنّ العرب يعانون من أربعة أوهام أورد د.نعمان الموسوي في صحيفة الوطن - العدد 2463 هذه الأوهام وحدّدها بأنّها أوّلا «وهم الهويّة» الذي يتمثّل في اعتقاد العرب بأنّهم الأقدر على إعادة صناعة العالم، وتلبّس عقولهم بأنّهم أوصياء على إنجاز هذه المهمة من منظور كونهم أصحاب رسالة يؤوّل فيها الاعتقاد بأن الذكر أكرم من الأنثــــى، والعرب أفضل من العجـــم ... وثانيا «وهم الظنّ» كالاعتقاد بعلويّة الفكر الغيبي على الفكر العلمــي التجريبـــي. ( يتجسّد ذلك في احتلال الدراسات اللغويـــة والتاريخيــــة مساحةً أوسع في الكتب المدرسية قياساً بما للعلوم الطبيعية والرياضية) و ثالثا «وهم الخوف من الجديد» كالخوف من الحداثة والديمقراطية ورابعا «وهم الإحساس بالاضطهاد العالمي» لدى العرب وعجزهم عن فهم دورهم في الوضع العالمي الجديد.
الخلاصة
إشكاليات التربيـــة مركبّة متراكمة على الصعيدين النظري والعملي وتحتاج لتأصيـــل جديد والتحديـــات المحيطة متنوعة المنازع فالبعض منها  داخلي وبعضها خارجـــي ولا معنى لتحقيق أي تجاوز طالما وأنّ عمليّات تفكيك الصعوبات تسير على استحياء متلبّسّة بالتكتم عن الاختلالات وبالرغبة في ستر المعاطب الكامنـــة في أرض الواقع وفي الأنفس والذوات وللحديث عن تلك المعاطب عودة و بقية..  
الهوامش:
(1)   من مواليد منزل بورقيبة  سنة 1947م، حائز على إجازة في الفلسفة من جامعة السربون  1972 م ودكتوراه دولة في الفلسفة العربية واليونانية 1991م. متخصص في الفلسفة العربية واليونانية والألمانية , خبر الفكرين الديني والفلسفي، الإسلامي والغربي وله توجه فلسفي عروبي إسلامي في إطار وحدة الفكر الإنساني 
(2) من أعلام الفكر العربي المعاصر احترف التربية تدريساً وتدريباً وإدارةً وبحثاً وشمل نشاطه ميداني الترجمة والتأليف. شارك في كثير من المؤتمرات التربوية العربية والدولية. عدا ما نشر من مقالات كثيرة في مجلة المعلم العربي التي تصدرها وزارة التربية في القطر العربي السوري، وصحيفة التخطيط التربوي ، التي يصدرها المركز الإقليمي لليونسكو في بيروت. 
(3)  أوهام الحسّ هي التي تذهب في تفسير الظواهر الطبيعية نحو تغليب الجوانب الذاتية بعيدا عن الأخذ بالمنطق الطبيعي وبالموضوعية التي تراعي ما هو عليه واقع الأمر وأوهام الكهف التي هي الفردية المتحيّزة للقناعات الشخصيــــة نتيجة تكوين خاص منغلق وطريقة تفكير منمطة  يفكر بها، الفــــرد وتأتي في معظم الأحيان، نتيجـــة  من واقع الثقافة السائدة في المجتمع بعيدا عن التفكير الواقعي والنظـــر للأمور بموضوعية وتجــــرد، وأوهام الســـوق التي تعكس الأفكار المتناقلة التي تفتقـــر إلى الدقــــة والتحديد للمصطلحات ولمعني الألفاظ الشائعة الاستعمال، فتتماهى أوهام السوق مع الثقافة غير العلمية، فلا يقام عليها دليل ولا برهان وتجرّ هذه الأوهام للقضايا المفتعلة والموضوعات الوهمية الناجمة عن ثقافة السماع وتلقي المعرفة شفاهــــة دون عناء البحث والتدقيق فيما ينقل من الأفكـــار أو الأحداث.
 و أوهام المســـرح  وهي التي تتسّم أحكامها بالذوقيّات وتنطبع على الأذهـــــان في قالب أفكــــار ونظريـــات تهيمن لفترة طويلة، دون إمكانية إثارة أي تساؤل حولها، من حيث صحتهـــا أو جدواهــا في الواقع وهي الأفكار المحمولة على هالـــة القداســـــة، للمـــوروث ولبعض القادة ، لدى الحركات الأصولية كأن ما يجري من تطورات في العــــالم لا قيمــــة لها، ولا تعني تلك الفئات في شـــــيء، بما يشل أي نوع من أنـــواع  إعمــال العقل في النظر في المشكلات التفكير النقدي الحر و يسهم في الجمود الفـــكري، و استمرار صراعات تاريخية سابقة. 
(4) من مواليد 1931 بالعراق نال شهادة الدكتوراه في فلسفة التربية المقارنة في جامعة ميتشيغان الأميركية. خبير تربوي من ابرز العلماء العرب المتخصصين في مجالي التعليم  والتربية اهتمّ بقضايا الامة العربية وسبل النهوض بمستقبلها. و تخرج على يده الكثير من الباحثين في مجال التربية.  لديه  22 كتاباً في اللغة العربية، وعدد من البحوث بالانكليزية، آخر إصداراته كتابه «المناهج الدراسية وتسطيح العقل الثقافي»