الكلمة الحرّة

بقلم
محمد الهميلي
جمهوريات( البلطجية و الخلايق و الشبيحة ) بالوطن العربي

 كانت  المنظمات الحقوقية والحركات المناضلة فى الماضي القريب دائما ما تثير موضوع المتعاونين مع حكومات ما بعد الاستقلال فى الدول العربية التي افرزتها الانقلابات من القومجيين و اليساريين الراديكاليين وكأن المتعاونون يشكّلون جيوشا غير نظامية تعمل عبر منظومة دقيقة سرية ويقتطعون جراياتهم من خزينة الدولة بتعيينات وهمية فى إدارات الشؤون السياسية والاجتماعية والمحافظات، مهمتهم الرسمية هى تقديم المعلومة المخابراتية والانشطة اليومية للمناهضين السياسيين والحقوقيين والاعلاميين  للحكم وتقديم تغطية ميدانية لتدخلات القوات الأمنية بالمناطق الأشد كثافة وزخما للمعارضة القائمة. لذلك كثيرا ما تسجل منظمات حقوق الانسان اعتداءات عنيفة على الناشطين الحقوقيين والسياسيين من أشخاص مجهوليين وتنشر قضاياهم ضد مجهوليين الى يوم القيامة، لأنهم الجيش السرّي لادارات أمن الدولة بالعالم العربي خاصة. 

بعد ثورة الربيع العربي، صعد  الإسلاميون الى سدة الحكم فى  كل من تونس وليبيا ومصر وتعثرت خطاهم في بعض الدول الأخرى واحتاطت بعض الدول الأخرى للأمر باعتماد خطوات استباقية لمحاربة المدّ الإسلامي وإيقافه خاصة فى دول الخليج العربي التي تعتبر أشدّ دفاعا واستماتة ورغبة في المحافظة على حكمهم الملكي الذي لم يعد مقبولا في تصوّر الشباب العربي الذي تطورت منظومته الفكرية والسياسية بعامل التطور والسياسي والفكري والاعلامي خاصة  الافتراضي منه والطفرة الكبرى فى القنوات الاعلامية الحرة التي عرّت دكتاتورية جلّ الدول التي كانت تحفظ وتحمي منظومات الاستبداد عبر التعاون الامني.  
تعرّت عورة الانظمة القمعية والفاسدة وسقطت ورقة التّوت التي كانت تخفى العلاقة القذرة بين عصابات الاجرام والمخدرات والمال الفاسد وبعض من الأجهزة الأمنية الفاسدة وهذا التحالف كما أسلفت القول هو زواج مصلحة متبادلة وتسهيل للمهّات القذرة. واليوم نعيش أشنع وأقذر مظاهر التعري لهذا التعامل والتشاركية الإجرامية في الدفاع عن آخر قلاع الفساد والتآمر على الثورات العربي  فى مصر خاصة وشاهد العالم بأسره جحافل البلطجية فى مصر والإرهاب المنظم  فى تونس والشبيحة في سوريا تستميت فى حماية الثورة المضادة والوقوف جنبا لجنب جيشا واحد لمهاجمة المعتصمين والقيادات الاخوانية والمتدينين بكل شراسة وإجرام، حتى اختلط المشهد ولم نعد نفرق بين البلطجي والامن. هذا المشهد المخزي فى عالمنا العربي أصبح ينبّىء بمستقبل أسود تسيطر فيه العصابات والمافيا على الحكم وربّما يقع اقصاء كل القوات الرسمية كالجيش والامن وتصبح جمهوريات بلطجية بمفهومها الأصح،  فالأمن الجمهوري يصبح أمن بلطجى والجيش  يصبح مرتزقة وعندها نكون قد رجعنا الى  فترة  القرون الوسطى التي لا تخضع لأية قوانين ولا تشريعات  ولكن تسير حسب غريزة البقاء والوجود.
فهل  هذا ما يبشر به الانقلابيون  ضد ثورات الربيع العربي؟