الافتتاحية

بقلم
فيصل العش
افتتاحيّة العدد 32

 

 يصدر العدد الثاني والثلاثون من مجلّة الاصلاح في أجواء من الإنتظار الممزوج بالتفاؤل في بعض الأحيان والخوف والتشاؤم في أحيان أخرى. هذه الأجواء تشمل تقريبا كل مكوّنات المجتمع بداية من الأسرة ووصولا إلى الأحزاب السياسية والجمعيات
فالعائلات التونسية تعيش هذه الأيام  حالة من الاستنفار القصوى نتيجة اجراء ابنائها إمتحانات آخر السنة وخاصّة «الباكالوريا». إذ اجتاز هذا الامتحان 143 الفا من التلاميذ، نصفهم أو زد عليه سيلتحقون بالجامعة، أما الباقون فسيضطرّون إلى إعادة الكرّة فيالعام القادم أو مغادرة مقاعد الدراسة إلى الأبد والالتحاق بصفوف القابعين بالمقاهي لانتظار المستحيل . وهذا ما يخشاه الأولياء، لأن فشل أبنائهم في اجتياز «الباكالوريا» يعني تكرار معاناة «جيوبهم» مرّة أخرى. فكم من وليّ اضطر إلى الاقتراض لتسديد مصاريف «الدروس الخصوصية» التي تحوّلت إلى واجب  وقدر محتوم أو شرّ لابدّ منه ليستطيع الأبناء فهم دروسهم والتحضير لإمتحاناتهم. أفلا يطرح هذا علينا ألف سؤال وسؤال حول السياسة التعليمية ببلادنا ؟ وفي انتظار جواب قد يطول البحث عنه، لا يسعنا إلا أن نتمنى للجميع النجاح والتفوق واجتياز حاجز الباكالوريا فلعلّ ذلك يساهم في فتح كوّة في آخر النفق تعيد الأمل للعائلات التونسية خاصة الفقيرة منها في مستقبل أفضل لأبنائها.
أما المهتمون بالشأن السياسي فهم ينظرون بخوف إلى مستقبل البلاد وينتظرون إنفراجا قد يحدث وقد يطول انتظاره. ففي هذه الفترة يفترض عرض مشروع الدستور على الجلسة العامّة والحسم في ملفات أخرى حارقة كالهيئة العليا للإنتخابات التي ستكلّف بالاعداد للإنتخابات القادمة المزمع إقامتها في أواخر السنة وهو أمر أصبح صعب المنال، فلم يبق من السنة إلا نصفها ولم يتم الحسم في أمر هذه الهيئة بعد. كما يفترض تمرير قانون تحصين الثورة الذي لا يزال على قيد الحياة بالرغم من المحاولات المتكررة لخنقه من طرف الذين يرفضونه شكلا ومضمونا متمترسين وراء اعتباره مشروعا حزبيّا يهدف إلى تصفية خصم سياسي ومنافيا في جوهره لحقوق الإنسان العالمية والمواثيق الدولية وبعضٍ من الذين رفعوه شعارا لهم في يوم من الأيام واليوم منهم من تنكّر إليه تماما ومنهم من يعمل على اخضاعه إلى عمليات تجميل حتّى لا يحرج الآخرين. لكنّ المتتبع لما يحدث داخل أروقة المجلس التأسيسي من تجاذبات وتراشق بالتهم ولما حدث داخل احدى اللجان التأسيسية مؤخرا من استعمال للعنف، يستطيع أن يقرأ عدّة رسائل بالغة الخطورة ومتعدّدة العناوين قد تجعل مستوى الخوف من القادم يرتفع ليبلغ مداه الأقصى. فهل يعي بعض نواب الشعب خطورة  هذا التمشّي؟ وهل يعرف هؤلاء هشاشة الوضع الأمني في البلاد وانعكاسات ذلك على الوضع الاجتماعي والاقتصادي ؟ نسأل الله أن يحفظ تونس من زيغ أبنائها وترّهات بعض سياسيها