كلمة وكفى

بقلم
فتحي الزغل
بقرة حلوب ينزف ضرعها دما

 ما رأيكم في عصابة من الذين غرّر بهم شيطانهم فأطاعوه، فأصبحوا بنعمة الله إخوانا - لكن كما خبّرتكم - في معصية الله...  فإذا بهم في زلقة صبح، و هم في وكرهم يعمهون، و أطراف حديث شائن يتجاذبون ، نطق كبيرهم ظلما أقنعهم به، مُفاده باختصار أن نشاطهم يحتاج إلى التوسعة و النماء، و عليه، فهم في حاجة ماسّة أكيدة  إلى جواميس جديدةٍ يمتصون دمها... فما لبثوا أن اتفقوا، و على الجريمة اتّحدوا، و على ضحية كأنّي باسمها شعبٌ اقتسموا، و بدأوا بتنفيذ أمرِ كبيرهم الذي و منذ ذلك الاجتماع أصبحوا يُكنّوه بفريد عصره، الثاقبِ رأيُه.

 
وبقوا كذلك لا أجزم كم عدد سنين، لكنهم تجاوزوا على ما أذكر العشرين، وهم يمتصون الجاموسة وهي صامتة رغم الألم ... حتى إذا أخذ منها الرّعاف مأخذه، وأدركت أن لا مناص من دحــر الرهط وزعيمهم ... قلبت قرونها فسال الدم منها سيل الزلال في الفلج... ثمّ  بسيله ذاك ، وبسرعة البرق، هرب كبير السحــرة جزعا، وترك هاماناته في الجحور مختبئين، فما كان منهم إلا أنّهم استكانوا وبالذّلّ استهانوا، وبالمكر استلانوا، فما إن أدركوا غضبها وقوّتها وحدّة عينها، حتى بدأوا في التذلّل إليها، فصدّقتهم - ولا مؤاخذة هنا عليها فالجاموس من البقر- وأخذت تلملم جراحها، وتروي سنين هتك كبيرهم لعرضها ومصّه لدمها، وهي لهم ناسية، ولسعيهم راضية، وعنهم ساكتة، ولأفعالهم التي شاركوا كبيرهم فيها عليها ناسية، بل هاهم اليوم ومنذ يوم قلب القرون، لها مذكّرين كلّ حين بأصل أفعال ”سامحَ“ و”تعايشَ“ في اللغة، ومفعول أداة النفي ”لا“ في فعل ”أقصى ، وسيُقصي“ في نحو اللغة... اللغة التي يُتقنونها منذ عقود بلسان مجّ لا يفهمه منهم الجاموس ولا البقر.
وبأسلوب الخداع خاصّتهم، دارت العصابة ناحية ذيلها، وأخذت في الاصطفاف تحت ضرعها، مدّعين رقّة قلبهم وحرصهم على دمها، فصدّقتهم - ولا مؤاخذة هنا عليها فالجاموس من البقر- وما إن فعلت، حتى انقضوا عليها وعلى ضرعها ولحمها وشحمها، وتنادوا مصبحين ولا يستثنون...  عندها... ما كان من أوسطهم إلاّ أن صاح من داخلهم بأنّ من أوكد ضوابط الوفاء والشهامة أن ينادوا...كبيرهم... ولعلّه آت إليهم على مهل...