بهدوء

بقلم
محمد القوماني
التوحيد أساسا للتصوّر وباعثا على السلوك

 عقيدة التوحيد  بين القدماء والمحدثين

 
التوحيد دعـــوة الأنبيــــاء جميعــــا "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ"  (الأنبياء/25)، وهو في علم تاريخ الأديان أعلى مراحل الوعي الدّيني. وفي الإسلام يُعدّ التوحيد أوّل أركان الإيمان وأوّل قواعد الإسلام. وقد عدّه علماء الكلام من أهم أصول الدّين، حتّى سمّــــي العلــــم باسمـــه (علم التوحيد) وأولوه عناية خاصّة، وكان المعتزلة من أهم فرسان هذا العلم ولقبوا أنفسهم بـ"أهل التوحيد والعدل".
ولمّا كان الإسلام قــــد ظهر في بيئــــــة مشركــــة وكان التوحيد عند أهــــل الديانتيــــن الكبيرتيـــن آنذاك قد أصابــــه تحريف كبيـــر، فانتهــــى عنـــد اليهــــود إلى "التجسيم" "وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَــــرُوا مِــــنْ قَبْلُ قَاتَلَهُــــمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ" (التوبـــــة/30)، وآل عنـــــد النصــارى إلى "التثليث"، "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" (المائدة/73)، فإن علماء الكلام المسلمين عندما تصدّوا لهذا العلم انبروا أولا لتوضيح معاني عقيدة التوحيد كما جاء بها القرآن. فأثبتوا توحيد الله في الذّات والصفات والأفعال والعبادة، ودافعوا عن "التنزيه" في مقابل الوثنيّة والتجسيم والتشبيه والتثليث. ومن ثمّ نشأ علم التوحيد متأثرا بظروف عصره وأثار القضايا التي كانت تحدّيات تلك المرحلة أمام عقيدة التوحيد.
أما اليوم، وقد تغيّرت البيئة الثقافية في عصرنا الحاضر، ونشأت تحدّيـات جديــــدة – بعد أن ربحنــــا المعــــارك القديمــــة – فإن على المسلمين المعاصرين المتصدّين لعلم العقيدة أن لا يكرّروا ما قاله السلف، بل أن يستفيدوا من ذلك وأن يفكّروا في قضايا العقيدة موصولة بقضايا عصرنا وتحدّياته. فليس علم أصول الدّين القديم إلا جزءا من تراثنا الفكري الذي يجب أن يشمله التحيين  والتحديث على غرار سائر المسائل التي يطالها اليوم مبحث التراث والتجديد. 
وإن المتأمل في الدراسات الإسلامية الحديثة، وخاصة منها ذات الصبغة التجديديـــــة أو المندرجـــة تحت هذا العنـــوان على الأقل،  فإنه يفاجأ بندرة المؤلفات العقدية في هذا المجال. (1)  ذلك أن جهود التجديد قد تركزت أساسا حول مسائـــــل متصلــــة بالتشريـــع ( الأحكام/ الفقه) ولم تطل العقيدة إلا بصورة سطحيّة في إطار إدانة بعض البدع والانحرافات، دون محاولات نظرية تأسيسية معمّقـــة، بل إن أهم المحاولات في الربط بين التشريعــــات والعقائـــــد، نحت مع الأسف إلى تكريس النظرة التشريعية للإسلام وجعلت من مفهوم الحاكمية لله المعنى الأساسي أو يكاد يكون الوحيد لمعنى التوحيـــد في المجتمعات المعاصرة(2). وكان المفروض أن يحصل العكــــس. أي أن يتم التجديد في أصول الدين أوّلا. فالفكر يسبق العمل والتأسيس العقدي يسبق فقه الأحكام. وإذا بقي التجديد متجها إلى تحيين الأحكام وتطويرها على نفس الأسس الفكرية القديمة، فإن "القديـــم" يظلّ هو الأساس النظري للواقع الجديد، مما يفضي إلى تعثّر مستمر، نظرا لعدم تطابق الموروث القديم مع متطلبات الواقع الجديد.
من هنا إذن تتأكـــــد ضـــرورة اتجـــاه محــــاولات التجديــــد إلى "العقيدة"، وليس المقصـــود بذلك "تغيير العقيدة" بالإضافة  أو بالنقص ،كما يريد أن يقدّم ذلك خصوم هذا المسعى،  بل إعادة النظر في فهم العقيدة وكيفيّة تبويبها وتقديمها وربطها بتحدّيات الواقع. فليست "العقائد" تراتيلا تُحفظ ومؤلفات أو مختصرات قديمة تردّد كما ألف الناس ذلك لمدة قرون، أو كما يفعل ذلك اليوم أغلب الدعاة وكما يحصل بمؤسسات التعليم الديني . بل "العقائد" منطلقات للتفكير وبواعث على السلوك تحتاج لجهود نظرية ضخمة حتّى تتحول إلى تصورات وتساعد على تحقيق أهداف الأمة في التحرّر والعدل والوحدة والتنمية والتقدم وغيرها(3). 
 
عقيدة التوحيد: من التلفّظ إلى التصوّر
 
إذا اعتبرنا كل نظرة عامّة للكون وللحيــــاة تصـــوّرا فلسفيّـــا، فإن التوحيد بهذا المعنى يعدّ تصــــوّرا فلسفيّا . إذ التوحيـــــد يجيب عن أسئلة كبرى متصلة بأصل العالم ومأتى الإنسان ومصيره ومنزلته في الحياة. وهو تصور قائم على البرهنـــــة والاستــــدلال كما يقدم ذلك القرآن.
التوحيد في اللغة "هو عمّا بــــــه يصيـــــر الشـــــيء واحــــدا، كما أن التحريك عما به يصير الشيء متحرّكا" (4) وإذن فالدلالة اللغوية تمدّنا بالخاصية الرئيسيّة للتوحيد وهي ردّ الكثرة إلى الواحد أي جعل الشيء واحدا، وعليه يظهر الشرك نقيضــــا للتوحيــــد. الشرك يقوم على التعدّد الذي يفيد التنافر والتناقض، بردّ الموجودات إلى آلهة متعدّدة، خلافا للتوحيد الذي يردّ مختلف المخلوقات في الكون إلى رب واحد "قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ"(الأنعام/164). وقد عبّر القرآن عن هذا التقابل في التصور  بين عقيدتي الشرك والتوحيـــد، وعن هذا الاختــــلاف الجوهــــري في النظـــر وفــــي العمل، حين ضرب مثلا عن حالة التشتت والعطالة في الأولى وحالة الوحدة والجدوى في الثانية، فقال تعالى "ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُــــلٍ هَــــلْ يَسْتَوِيَــــانِ مَثَلًا الْحَمْــــدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ" (الزمر/29).
ولعل التقابل والتفاضل يتجليان أكثر من خلال استعراض أمثلة عن خصائص التصور التوحيدي مقارنا مع التصور المُشرك في بعض المواضيع المعرفية والاجتماعية. كالنظر إلى الطبيعة وإلى حياة الإنسان وإلى العلاقات الاجتماعية بين العباد.
كما تتجلى معاني التوحيد التي نحتاجها في بيئتنا الجديدة مقارنة مع المعاني الخاطئة المتفشيـــة بيننــــا أو تلك التي استنفذت أغراضها أو صارت معيقة للجديد وللمطلوب. فبعض العقائد الموروثة تبدو على سبيل المثال أقرب إلى اللاهوت العمودي المتعالي الذي يضع الله خارج العالم بعد أن عجز عن تصوره داخله ويسلب الإنسان كل صفة ايجابية  ويردها إلى إله مفارق يتربع على عرش الكون ويشرف على مسرحيــــة الحيـــاة التي حُدّدت أدوارها مسبقا،  ضمن تصور جبري للفعل الإنساني وتفاسير سُلطوية للعقائد تكرّس الخنوع والقبول بالأمر الواقع من الظلم الاجتماعي والاستبداد السياسي. حتى غدا الإيمان لدى أغلب المسلمين مجرّد إقرار بالقلب أو تلفظ باللسان، وهو لدى شق آخر بحث لا ينتهي في شروط التوحيد الخالص ومخاطر الشرك الظاهر والخفي، لا شأن له بتحرير الأرض ولا بإقامة العدل ولا بتكريس ثقافة بيئية ولا بتحقيق أيّ من مطالب الناس الحيوية. بل صار شق من المسلمين، يضغط باسم الحداثة، باتجاه فصل الدين عن السياسة والحياة العامة واعتبار التديّن مسألة روحية شخصية لا غير. وهكذا يكـون إخـراج الله مـن الكون في مستوى التصور، إخراجا له من الواقع في مستوى الممارسة والحياة اليومية. فيطارد الإيمان في الشوارع والساحات العامة والحقول والمصانع والملاعب والمسارح...ويُحصر في القلوب (موضـــــع الإيمــان)، أو في المساجد (بيوت الله) أو يحضـــــر في المناسبات مثل الشعائر والمآتم. (5).
 
التصور التوحيدي للطبيعة
 
يقوم التصور التوحيدي للكون  مبدئيا على اعتبار أن منطلق العالم ومرجعه واحد  وهو" اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ " (الزمر/62‏) وموجودات العالم وفق هذا التصور محكومة بإرادة مدبّرة واحدة وبنظام لا يختلف وهو المعبر عنه بالـ"القدر" الإلهي أو بـ"السنن الإلهية" أو "القوانين الطبيعيّة" "إنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ"( القمر/49). كما أن التصور التوحيدي للطبيعة يقرّ بدقّة صنعها وحبكها وبانتظامها ومنطقيتها "وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ"  (الذاريات/7) "وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَــــازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُـــــونِ الْقَدِيــــمِ لا الشَّمْـــسُ يَنبَغِي لَهَـــــا أَن تُـــــدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِــــقُ النَّهَــــارِ وَكُلٌّ فِي فَلَــــكٍ يَسْبَحُـــونَ" (يس/37ـ40).
فالتوحيد هنا يتأسس على البرهنة والاستدلال من خلال الكشف عن التهافت واللامعقوليّة في التصور المقابل. ومن ثمّ جاء القرآن منكرا للتناقض والتضارب وتعدد الأقطاب في التصور المشتــرك. "مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُون"(المؤمنون/91). وإلى هذا المعنى ذهب المفكر الإيراني المتميّز الشهيد علي شريعتي بقوله:" ثمة كثير من الناس يؤمنون بالتوحيد كنظريّة فلسفيّة دينيّة تعني فقط أن الله واحد وليس أكثر من واحد ، أما بالنسبة إليّ، فالتوحيد هو رؤية للعالم . إنني أنظر إلى الشرك بالأسلوب نفسه، فهو رؤية للعالم تعتبر الكون بمثابة تجمع متنافر مليء بالتناقضات، غير واحد متجانس، له أقطاب مستقلّة ومتعارضة واتجاهات متصارعة ورغبات مختلفة وحسابات وتقاليد وأهداف وإرادات منفصلة عن بعضها البعض . الاختلاف بين رؤيتي للعالم والرؤية الماديّة أو الطبيعيّة يأتي من كوني أنظر إلى العالم  ككائن حيّ له إرادة ووعي ونظر و مثل أعلى وهدف . ومن هذا المنظار يصبح الوجود كائنا حيّا يملك نظاما واحدا متجانسا له حياة وإحساس وهدف"(6).
والتصور التوحيدي حيــــن يؤكّد انتظام الطبيعـــــة ومعقوليّتها إنما يؤكّد غائيتها وتجانسها أيضا. فالله عليم حكيم لا يخلق شيئا عبثا "وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ. مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَــــقِّ وَلَكِــــنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُــــونَ " (الدخـــــــان/38ـ39). كما أن التنوع في الطبيعة مهما بلغ لن يلغي وحدتها. فمظاهر اختلاف الموجودات في الأحجام والألـــوان والأجنـــاس والطعـــوم والروائح والأشكال والوظائف ... إنما يحكمها تناسق داخلي وانسجام وتكامل يرعاه إله حكيم. وليس ما يعبر عنه المعاصرون بالتوازن البيئي إلا مظهرا لهذا الاختلاف في وحدة. وإلى هذا التعدد والتعارض في الظاهر الذي يكشف عن تناسق وتكامل في الحقيقة تشير الآية "مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَـــاوُتٍ" (الملك/3). ومن قبل قال سقراط " الكون عمل فنّي يـــدلّ على أن من ورائــــــه فنان مبدع".
ولعلّ هذا التقابل المعرفي بين التصوّرين التوحيدي والمشرك في النظر إلى الطبيعة يكشف عن نتائجه العملية في علاقته المباشرة بشروط المعرفة العلمية ذاتها. إذ حين تغدو الطبيعة منظمة ومعقولة ومنطقيّة ومنسجمة تكون قابلة للملاحظة والقيس والدراسة والاستنتاج. وبعابرة موجزة تكون شروط العلم متوفّرة. ولذلك تردّدت الدعوة في القرآن إلى التأمل والتدبر وإعمال العقــل في نحو 300 آية. أما حين نقطع بين الأسباب والمسبّبات ونعتقـــد في تمائم وصور وأنواع من الحجـــارة والأشجــــار والحيوانــــات كما في العقيدة المشركة، فإن طريق المعرفة تصبح أساسا السحر والكهانة والطيرة والتنجيم. ولذلك رفض رسول الله صلى الله عليه وسلّم المناهج اللاعقلانيّة في المعرفة حتّى ولو صحّت نتائجهـــا عن طريق الصدفة فقال عليه السلام :" من أتى عرافـــاً فسألــــه عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة". (رواه مسلم). وفي الآية "وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى" (طه/69).
وتظهر نتائج التقابل المعرفي بين التوحيد والشرك في علاقة الإنسان بالطبيعة وسلوكه نحوها. فالنظرة السطحيّة المشركة للطبيعة كانت تنتهي بالقدماء إلى تقديس مظاهرها واتخاذها آلهة، بدافع الدهشة أو بدافع الخوف . أما التصور التوحيدي فيرى الطبيعة مظهرا للإبداع الإلهي ولحكمة خلقة، كل ما فيها ينطق بوجود الله حتّى سمي القدماء الطبيعة "كتاب الله المنظور" قياسا على القرآن وهو "كتاب الله المقروء". وبعابرة شريعتي "إن التوحيد يبدي الكون أكبر من الطبيعة المحسوسة للإنسان وأكثر إدهاشا وأشدّ عمقا ممّا هي عليه وأنها ليست آلة عمياء، حمقاء، ذات مجموعة من الحركات المتفرقة العابثة التصادفيّة. ليس هذا فحسب بل يبديها في صورة شخصيّة واعية مفكّرة ذات إرادة وإحساس وجمال وتميّـــــز. وأن الوجــــود ليــس مجموعــــة متراكمـــة من العناصر وليس جسدا ميّتا بلا صاحب، بل جسدا حيّا يرى ويشعر ، له قلب يميّز بين الخير والشرّ والجمال والقبح والعظمة والخسّة..." (7).
من هنا إذن يصالح التصور التوحيدي بين الإنسان الموحّد والطبيعة، فهو لا يخشاها ولا يعبدها لأنها مخلوقة لله، وهو في المقابل لا يعبث بها ولا يبــــــدو لا مباليا تجاهها لأنها مظهر التجلّي الإلهي، كل ما فيها يشهد بالحكمة الالهية ويسبح له تعالى،"أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّـاتٍ كُلٌّ قَـــدْ عَلِــــمَ صَلَاتَـــــهُ وَتَسْبِيحَــــهُ وَاللَّهُ عَلِيـــــــــمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ"( النور/41).  والإنسان مدعوّ لاكتشاف قوانين الطبيعـــة واستثمـــارها في عمـــــــارة الأرض. وكلما اكتشف الحكمة في الطبيعة ازداد إيمانه بربه سبحانه "إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ" ﴿البقرة/164﴾
وليست الطبيعة في التصور التوحيدي جمادا ومصدرا للعيش فقط، بل مظهرا للجمال أيضا وموضوعا للتأمل " وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ " ( النحل/ 5-6). وكثيرا ما يشخّص القرآن الطبيعة ويعبر عن مظاهرها بلغة جمالية أخاّذة  "وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ" ( التكوير/ 17-18). وإذن لا غرابة في تشبيه أسلافنا للطبيعة بالإنسان  حين قالوا أن  الإنسان عالم صغير والطبيعة إنسان كبير. وبعبارة ابن سينا مخاطبا الإنسان:"وتزعم أنك  جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر".
  
التصور التوحيدي للوجود والحياة
 
إن التصور التوحيدي حين يؤكـــد غائيّـــة الطبيعـــة، كمــا بيّنـا، إنما يؤسس على ذلك غائيّة الحياة. إذ يشعر الموحّد بنفسه جديّا ومسؤولا في هذا العالم الــــذي لــــم يخلقـــه الله عبثـــا "أفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ"( المؤمنــــون/ 115). وعليه فإن التصور التوحيدي يمنح الحياة روحا وهدفا وغنى، ويعطي للإنسان رسالة فيها . ولذلك تقـــوم الفلسفـــة التوحيديـــة في الوجود على المسؤولية في مقابل اللامبالاة واللاأدرية والعبثية والعدمية في الرؤى المشركة والمادية " وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ. "(الجاثية/24).
والتصور التوحيدي بهذا المعنى يبدو ذا جاذبية وقدرة على بعث الحرارة والطاقة في النفوس، ويقدم أهدافا مقدّسة سامية، ويصنع المُضحيــن والمتفانيـــن والاستشهادييــــن. و"التصور التوحيدي هو الشعور الوحيد الذي يجد فيه الالتزام وتجد فيه مسؤوليّة الأفراد إزاء بعضهم الآخر مفهوما ومعنى. كما أنه التصوّر الوحيد القادر على إنقاذ الإنسان من السقوط في هاوية العبثية "(8).
إن تفسير نشأة العالم وتطوره ونهايته على أساس التوحيد يجعل موقف الإنسان في العالم لا غربة فيه ولا ريبة . مما يعطيه نوعا من الاتزان/التوازن ويمدّه بالقـدرة علـــى الخلـــق والإبـــداع . فلا يبقى الإنسان مترددا بين النظريات الشكيّة أو العدميّة ولا يبقى أسيرا للتديّن الزائف والآلهة المصطنعة التي يعجّ بها الشعور المُشرك والرؤى المادية.  فالتوحيد ارتقاء بالوعي الديني وعقلنة له واستجابة لنزعة التديّن الأصيلة في الإنسان الذي عبّر عنها خلال سعيه المستمر في التاريخ من أجل اكتشاف سرّ الوجود، كما تؤكد ذلك البحـــوث الأركيولوجيـــة والأنتروبولوجيّـــة الحديثـــة.(9) "فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ"(الروم/30).
والتصور التوحيدي حين يؤكد أن الله مبدأ العالم ونهايته ويجعل سائر موجودات العالم مخلوقة له، فإنـــه يمنح الإنســان بين سائر هذه الموجودات منزلة متميّزة  ويعطيه رسالة خاصّة. فالإنسان خليفة الله في الأرض "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً" (البقرة/30). والاستخلاف في القرآن يعني إنابة الله النوع الإنساني لتعمير الأرض وإدارتها ومن هنا تتأسس غائية الحياة  ومركزية الإنسان على الأرض في التصور التوحيدي للوجود. لذلك لا ينفك القرآن يذكُر الإنسان ويؤكّد دوره في الحياة ممّا يجعله يستقطب الخطاب القرآني توجيها وتشريعا. لكن الإنسان/ الخليفة يظلّ مشدودا إلى مُستخلِفه وهو الله تعالى، حتّى لا يؤله الإنسان نفسه فيتنكر لأصله ويحــــاول عبثــــا تجـــاوز حـــدوده فيطغـــى "كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى  أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى" (العلــــق/6ـ7). فالإنســــان  في التصور التوحيدي تكون حياته سعيا مستمـــرا وكدحـــا مطّــردا من أجل أن تتحقـــق فــي نفســـه وفي المجتمع قيم الكمال التي يؤمن بتوحّدها جميعـــا في الله عزّ وجلّ "يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيه" ِ (الانشقاق/6). أي أن هدف الخلافة فــــي النهايـــة هو تحقيــــق الإنســـان لصفــات ربّه في نفسه وفي  الواقـــــع، وهــــي صفــــات الكمـــال التي جمعتها أسماء الله الحسنى "وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا" (الأعراف/180). فكأنما حياة الإنسان سعي لا يتوقف إلى تحقيق كماله الذاتي والاجتماعي باكتساب صفات الله دون إدعاء الألوهيّة.
إذ التوحيد الإسلامي القائم على التنزيه يجعل صلة العبد بربّه تتأسس على العلاقة بصفاته تعالى وليس بذاته "لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ"(الشورى/11).  ومن هنا التوازن في التصور التوحيدي .الإنسان الذي يراوح بين "الطين" و"النفخة الإلهيّة" وهو متجه أبدا إلى الكمال والمطلق دون إدعاء تحقيق ذلك في أية مرحلة. وهكذا نقضي على  كل "العوائق المصطنعة والقيود التي تجمّد الطاقـــات البشريــــة وتهــــدر إمكانيــات الإنســان. وبهذا تصبح فرص النمو متوفـــرة توفـــرا حقيقيّـــا. فكل هدف محدود لحركة الإنسان وكل إدعاء لبلوغ سقف التاريخ هو تجميد لحركة الإنسان". (10).
هكذا إذن يجعل التصور التوحيدي للعالم منطقا داخليّا، وللحياة معنى، وللتاريخ غايات، يكون الله تعالى فيها غاية الغايات. "وسيبقى التوحيد قاعدة التصور الإسلامي وصيرورة العالم والمشــــروع الطوبــــاوي للجهـــــاد الإنسانــــي هذا على المستوى الفلسفي، أما في المرحلة الراهنة فسيبقى التوحيد ارتقاء مستمرا ونسبيا من الواقع إلى المثال عبر الممارسة الجهادية لتقليص مجالات التناقض وتكثيف الإنجازات في الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية"(11).
المجتمع التوحيدي اللاّطبقي
 
إن الشّرك الذي كانت تدين به العرب في الجاهلية لم يكن مجرد اعتقاد شخصي أو ممارسات شعائريّة باهتة بل كان تصوّرا وأساسا إيديولوجيّا لحماية مصالح قريش على حساب سائر القبائل بسبب وجود الآلهة الكبرى في الكعبة، وغطاء دينيا لمصالح سادة قريش الذين يتكلمون على ألسنة الآلهة مستخفين بسذاجة تفكير أقوامهم. ولذلك كانت دعوة محمد صلى الله عليه وسلّم إلى التوحيد حربـــا على آلهة قريش، بقدر ما كانت حربا على أنظمتهم الاجتماعية والسياسية. وقد كانت المساواة مثلا كقيمة متألقة في الإسلام وثيقة الصلة بعقيدة التوحيد وهو ما يفسّر غيظ قريش، وخاصة سادتها، وعدائهم للدين الجديد.  وفي هذا المعنى يذكـــــر طـــــه حسيــــن "وقد سخطت قريش أشد السخط وأعنفه على النبي صلى الله عليه وسلّم لما أظهر من ذلــــك، حتّى لأكــــاد أعتقد أنـــه لو قد دعاهـــا إلى التوحيد دون أن يعـــرض للنظــــام الاجتماعـــي والاقتصــــادي، ودون أن يسوّي بين الحرّ والعبد وبين الغني والفقير وبين القوي والضعيف ، أقول لو قد دعاهم النبـــي إلــــى التوحيـــد وحده دون أن يمسّ نظامهم الاقتصادي والاجتماعي لأجابه أكثرهم في غير مشقّة  ولا جدل (...) وقد سخطت قريش على النبي الكريم لأنه عرض لنظامها الاجتماعي وفرض عليها نوعا من العدل لا يلائم منافع سادتها وكبرائها" (12).
هكذا إذا يبدو التوحيد ثورة على الشرك بقدر ما هـــــــو ثـــورة على النظام الاجتماعي التعددي / التراتبي/ الطبقي من أجل مجتمع توحيدي/ تضامني/لا طبقـــــي. فالتوحيـــد تحريــــر للتصــــور بقدر ما هو تحرير للفرد والمجتمع "الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ"(الأعراف/157).
التوحيد هو الاعتقاد بوجود إله خالق هو رب العالمين. ومن هنا يرى المُوحّد نفسه واحدا من عباد الله الذين يعودون إلى أصل واحد " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء" (النساء/1). وهذه المساواة في الأصل تقوّض أسس التفاضل العرقي أو التمييز العنصري التي كانت تشرّع للاستعباد والاستبداد. فمساواة جميع العباد أمام الخالق الواحد الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، يجعل الفرص متكافئة أمام الجميع في المال وفي الحكم، وتلك مبادئ أساسية في بناء ثقافة اجتماعية وديمقراطية نحتاجها اليوم، "أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ" (يوسف/39).
كما يرى الموحّد نفسه واحدا من أفراد الأمــــة الإسلاميــــة "وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِــــدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُـــونِ"(المؤمنون/52). وهكذا يساهم التوحيد في تأسيس الوعي الاجتماعي لدى الإنسان بنقله من دائرة الوعي الفردي إلى دائرة الإنسانية، ومن الأنانيـة إلى الغيرية ومن سجن الذات إلى رحابة العقيدة والفكرة.
إن رباط العقيدة فــي التصّـــــور التوحيـــدي هو حبل الله المتين الذي يعتصم به المجتمع فيكون كالبنيان المرصوص، ويذكّي العلاقات بين الأفراد فلا يبقى مجال للامبالاة ويضحى الجميــــــــع مسؤوليـــــن "كلّكــــم راع ومســـؤول عن رعيّته"( صحيح البخاري). بل تبلغ الغيرية درجة قصوى حين يصبح الإيمان مشروطا بالشعور بالآخر والسعي لخدمته كما في الحديث " لا يؤمن أحـــدكم حتّى يحب لأخيه ما يحـــب لنفســــه"(رواه البخاري ومسلم).
 والتصور التوحيدي حين يؤسس الوعي الاجتماعي إنما يساهم في توحيد جهود الأفراد وتوحيد توجه الأمة/المجتمع من أجل الارتقاء بالفرد والجماعة والاقتراب أكثر من صفات الله تعالى، صفات العدل والقوّة والرحمة.... وهكذا يصير تطوّر المجتمع غاية ومقياسا للإيمان، وتلك مــــن أهــم دلالات العبـــادة التي خلق الله تعالــــى الإنس من أجلهـــا، كما يذهب إلى ذلك الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور" كما أنّه تعالى جعل نظامه في هذا العالـــم متّصل الارتبـــــاط بين أفراده، فأمرهم بلزوم آداب المعاشرة والمعاملة لئلاّ يفسد النظام، ولمراقبة الدوام على ذلك أيضا شرّعت العبادة لتذكّر به، على أن في ذلك التذكر دوام الفكر في الخالق وشؤونه، وفي ذلك تخلّق بالكمالات تدريجا، فظهر أن العبادة هي طريق الكمال الذاتي والاجتماعي مبدأ ونهاية، وبه يتضح معنى قولـــه تعالى "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"، فالعبادة على الجملة لا تخرج عن كونها محققــــة للمقصــــد من الخلق". (13).
 
   تنوّع في إطار الوحدة
 
هكذا إذن يتّسع مفهوم التوحيد وتتعدد دلالاته وأبعاده ليشكّل تصورا متميّزا في جميع المجالات المعرفيّة والواقعية. ولئن اقتصرنا هنا على إثارة بعض أبعاد التصور التوحيدي في النظر إلــــى الطبيعــــة وإلى الحياة وإلى المجتمع ، فإنما قصدنا بذلك إعطاء المثال وإثارة الموضوع، على أن هذه المحاولــــة يمكن أن تتسع لتتناول آثار التوحيــــد فــــي النظــــر إلى الشخصية وإلى التاريخ وإلى مناهج العلم والمعرفة وغيرها من المسائـــل المعرفيــــة أو الاجتماعيـــــة" ولا يعني التوحيد هنا مجرد عقيدة دينيّة دعا إليها الأنبياء، بل التوحيد تصوّر للعالم وموجّه للسلوك  يقوم على مبادئ نظرية عامة لا ترتبط بجنــــس أو بشعـــب أو بمرحلة تاريخية محددة أو بمكان وزمان معينين. فالتوحيد مبدأ ميتافيزيقي يجعل الإنسان يرى كل شيء بعيـــــن الوحــــدة دون التشتــــت والتضــــــــارب والاختلاف"(14).
هذا التأكيد على طابع الوحدة في جوهر عقيدة التوحيد لا يعني نفي/منع الكثرة والتعدّد، ولا خطر فيه على التعددية الفكرية والسياسية المطلوبين اليوم. إذ يبقى التوحيد إطارا يتحقق ببقاء التنوع، لكن دون تشتت أو تضارب، ويظــــــلّ في النهاية أساسا عقديّا وخلفية ثقافية مميّزة للأمّـــــة دون تعسّف أو تكفير. وبعبارات موجزة نرى التوحيد كما يقدمه القرآن وحــدة في تنوّع وتعددا في وحدة، وحدة الطبيعة وتعدد المخلوقات واختلافها في الأجسام والألوان والوظائف، وحدة الإنسانية واختلاف الشعوب والقبائل واللغات والثقافات، وحدة الأمة واختلاف الأمصار والأحزاب والتجارب، وحدة العقيدة واختلاف الفرق، وحدة الشريعة واختلاف المذاهب، وحدة الحقيقة واختلاف الآراء، وحدة النص/المرجع واختلاف القراءات والتأويلات، وحدة المعرفة واختلاف المناهج، ووحدة الموضوع واختلاف المقاربات.
 
الهوامش 
 
(1) تظل رسالة التوحيد ، للشيخ محمد عبده يتيمة في هذا الباب.
(2) انظر التأثير الكبير لكتابات أبي الأعلى المودودي والشهيد سيد قطب في موضوع الحاكمية.
(3) نشير هنا إلى محاولة الدكتور حسن حنفي في مؤلفه الضخم "من العقيدة إلى الثورة" ضمن مشروعه "التراث والتجديد".
(4) القاضي عبد الجبار، شرح الأصول الخمسة . تحقيق عبد الكريم عثمان ، مكتبة وهبة، ط (1965) ص 128.
(5) انظر مقالنا "من الإيمان الميت إلى الوعي الاجتماعي والتاريخي"، مجلة 21/15 عدد18، تونس، فيفري1989.
(6) هكذا تكلّم شريعتي،ترجمة فاضل رسول، دار الكلمة، ص 168.
(7) علي شريعتي،" العودة إلى الذّات"، ترجمة إبراهيم الدسوقي سقّا، القاهرة (1968)، ص 364.
(8) مرتضى مطهــــري، "المفهـــــوم التوحيـــــدي للعالـــــم"، تونس (1990)، ص 15.
(9) راجع عراقة المعابد في الاكتشافات الأثرية، وموقع الديــــــــن ضمن التعابير الثقافية.  
(10) محمد باقر الصدر، "خلافة الإنسان وشهـــــادة الأنبيــــاء"، مكتبة الجديد، تونس، ص 19.
(11) مؤلف جماعي"المقدمات النظرية للإسلاميين التقدميين"، صياغة صلاح الدين الجورشي ومحمد القوماني وعبد العزيز التميمي، دار البراق للنشر، تونس1989، ص 45.
(12) طه حسين "الفتنة الكبرى"
(13) محمد الطاهر ابن عاشور، تفسير التحريــــر والتنويــــر، الدار التونسية للنشر، تونس1984، ج1، ص 182.
(14) حسن حنفي، "الدين والثقافة الوطنية"، مكتبة مدبولي، القاهرة (1988)، ص 143.