تمتمات

بقلم
رفيق الشاهد
القرد

 في حديقة الحيوانات مر رجل بقرد اجتمع حوله جمـــــع من النـــــاس تعالـــــــت ضحكاتهـــــم وقهقهاتهـــــم على حركــــات بهلوانيـــة يقوم بها القرد من حين لآخر أو كلما رمى له أحدهم بقطعة حلوى أو شيئا مما يشتهيه الأطفال ويحتفظون به بجيوبهم. فكان يجيب كل عطاء وكان الجميع كبيرا وصغيرا يضحك من صنيعه ويقتصد العطاء.

ولما اقترب الرجل وشاهـــــد مــــا رأى لــــم يستطــــع أن يكظم انشراحــــه وضحكـــه. وكان القرد يتفانــــــى في حركاته فيتسلق القضبان الحديديــــة ويتدحرج ممسكا القضيب بذنبه الطويل بكل ثقــــة في النفس. وكان ذنبه يتبعه بكل رشاقـــة ويعينه في كل حركاته. ولما فارق الرجل القــــــرد لم تفارقــــه صورتــــــه وثبت في الصورة ذنب القـــــرد الذي كــــان محــــور حركتــــــه وكاشـــف فرحتــــه. فضحك الرجل من جديد إعجابـــــا بالذنب وقـــــال "قــــــرد دون ذنب كرجل كثير الهمّ".
وفي يوم فـــــّر القرد من الحديقــــة وراح يجـــــــوب الشوارع والأنهج بكل حرية وإذا بــــه يقــــــف فجــــأة أمام شبح تقوقع مطأطئ الرأس جعله بين يديـــــه. اقترب منه ونظر إليه بتأمل فإذا به ذلك الرجل نفسه. فقفــــز القــــرد راقصا وصاخبا يتمرغ أرضا ويلطم وجهــــه الضاحـــك ثم دنــــا منــه وقـــال "ما لي أراك كما أراك؟". 
فقال الرجل: "كبر ذنبي فأثقل كاهلي وصار ذنبي يسخط رأسي بهموم الدنيا."
فلم يكترث القرد لما قاله الرجل وأكمل رقصته المعهودة وصخبه وتابع سيره، فأتبعه الرجل الكلام قائلا :" ليتني دون ذنب فأكون مثلك قردا."
——————