ومضات قانونية

بقلم
اميمة السافي
القوانين الأساسية للجمعيات

 "ان الجمعيات المكونة بشكل قانوني والتي تسير طبقا لمبادئ الديمقراطية، والمعايير العقلانية، تشكل بدون شكّ أحد الشروط الأساسية لبروز وتدعيم مجتمع مدني مسؤول يشارك بكامل الفعاليّة في النموّ الاجتماعي والثقافي والاقتصادي. وتكون هذه الجمعيات فضاءات للتأمّل والعمل الجماعي الذي تبذل فيه الجهود المشتركة من أجل قضايا مشتركة، كما تشكل مرتعا خصبا تتولد وتختمر فيه الطموحات الجماعية، وتعبّر فيه عن نفسها. وبهذا المعنى تظهر هذه التجمعات المنظمة، رغم تنوعها الكبير، كمصادر ممتازة لاستخلاص العبر والدروس، وعلى جميع المستويات، بالنسبة لكل من يريد الانصات الى انشغالات المجتمع."

وبهذا التعريف تعتبر الجمعيات أحد أبرز المكونات الفاعلة في المجتمع المدني لأنها تشكل فضاء واسع لفهم جانب أساسي من المجتمع المدني مثلما تعتبر اطارت تنظيمها لتأطير المواطنين وتوعيتهم قصد الاندماج والمشاركة في تفعيل عمل المجتمع المدني.
ويعرّف قانون الجمعيات الجمعية في فصله الأول بأنها:ّ ”اتفاق لتحقيق تعاون مستمرّ بين شخصيبن أو عدّة أشخاص لاستخدام معلوماتهم أو نشاطهم لغاية غير توزيع الارباح فيما بينهم.“ 
وتعرّف الجمعية انطلاقا من الدور الذي تقوم به بأنها إطار للعمل من أجل توعية الفئات المستهدفة بمشاكلها وتحفيزها للتفكير والمشاركة في طرح الحلول المناسبة ومساعدتها على تجسيد هذه الحلول على أرض الواقع.
هذا التعريف يعد تعريفا جامعا لكل الجمعيات على أن لكل جمعية أهدافها وفئاتها المستهدفة كما أن طرق العمل تختلف باختلاف الجمعيات.
 
الشكليات القانونية لتأسيس الجمعيات
 
ينص الفصل العاشر من مرسوم عدد 88 لسنة 2011 مؤرخ في 24 سبتمبر 2011 يتعلق بتنظيم الجمعيات.ّ في فقرته الثانية:”على الرّاغبين في تأسيس جمعية أن يرسلوا إلى الكاتب العام للحكومة مكتوبا مضمون الوصول مع الإعلام بالبلوغ يتضمّن :
أ ـ تصريحا ينصّ على اسم الجمعية وموضوعها وأهدافها ومقرّها ومقرات فروعها إن وجدت.
ب ـ نسخة من بطاقة التعريف الوطنية للأشخاص الطبيعيين التونسيين المؤسسين للجمعية أو من بطاقة تعريف الولي عند الاقتضاء ونسخة من شهادة الإقامة في ما يخص الأجانب،
ج ـ نظيرين من النظام الأساسي ممضيين من طرف المؤسّسين أو من يمثلهم ويجب أن يتضمن النظام الأساسي ما يأتي :
1 ـ الاسم الرسمي للجمعية باللغة العربية وبلغة أجنبية عند الاقتضاء.
2 ـ عنوان المقر الرئيسي للجمعية.
3 ـ بيانا لأهداف الجمعية ووسائل تحقيقها
4 ـ شروط العضوية وحالات انتهائها وحقوق العضو وواجباته.
5 ـ بيان الهيكل التنظيمي للجمعية وطريقة الانتخاب وصلاحيات كل هيئة من هيئاتها.
6 ـ تحديد الجهة داخل الجمعية التي لها صلاحية تعديل النظام الداخلي واتخاذ قرار الحل او الاندماج او التجزئة.
7 ـ تحديد طرق اتخاذ القرارات وآليات فض النزاعات.
8 ـ مبلغ الاشتراك الشهري أو السنوي إن وجد.“
من خلال احكام هذا الفصل يتضح أن أول خطوة يجب اتباعها خلال عملية تأسيس الجمعية هي بناء التصور العام ووضع القوانين الأساسية.
غير أن بين هاتين المرحليتين المهمتين هناك بعض الخطوات الإجرائية منها تكوين اللجنة التحضيرية، تقسيم المهام، إعداد لائحة بالأعضاء المؤسسين والاتصال بهم، وانتهاء بتحديد موعد الجمع العام التأسيسي.
و تعتبر الأنظمة الأساسية في الجمعية من بين الوثائق الأساسية في ملف التأسيس وهي تحدد مبدئيا كيفية التأسيس وطرق التسيير والحل ، أما القانون الداخلي فهو يكمل ويوضح المقتضيات الواردة في الأنظمة الأساسية .
 
(1) الأنظمة الأساسية :
 
إن إعداد الأنظمة الأساسية من طرف الجمعية والقيام بإجراءات إيداعها لدى السلطات المحلية يعتبر إجراء قانونيا وشرطا ضروريا لتوفر الجمعية على التصريح القانوني وبالتالي الحصول على الأهلية القانونية .
وبالإضافة إلى هذه المتطلبات القانونية تكتسي الأنظمة الأساسية أهمية قصوى من الناحية العملية ،حيث يمكن اعتبار هذه الوثيقة دستورا لتنظيم وتسيير الجمعية وتعبيرا عن إرادة الأعضاء المؤسسين للعمل سويا وفق أهداف ومبادئ محددة ومقبولة .فالأنظمة الأساسية قبل كل شيء هي عقد بين الأعضاء،وبمجرد قبول هذا العقد يتعين عليهم احترام مقتضاه.
والأنظمة الأساسية تنظم بكامل الحرية مع احترام أحكام تأسيس الجمعية وطرق تسييرها وحلها .
ففيما يتعلق بالتسيير وما دام القانون لا يتعرض لهذا الجانب إلا بصفة عرضية ومقتضبة، فإن الأنظمة الأساسية تلعب دورا معياريا ومكمّلا حيث يمكن للأعضاء بواسطتها ارتقاب كيفية تسيير مؤسستهم بكامل الحرية اعتمادا على التجربة المعاشة .
و لابد من الإشارة إلى أن في إعداد الأنظمة الأساسية من المستحسن تفادي إعداد الأنظمة الأساسية القصيرة والسطحية حتى لا تبقى عديمة المنفعة و لتفادي أن تكون سببا في نشوء نزاعات ومشاكل لا حصر لها داخل الجمعية .
كما يستحسن تفادي إعداد الأنظمة الأساسية الطويلة والدقيقة لأن هذا الإجراء يمكن أن يعرقل تنظيم وتسيير الجمعية ويعوق تطورها، حيث يفرض على الأعضاء القيام بتغيير أو تعديل مقتضيات الأنظمة الأساسية باستمرار وعند ابسط مناسبة .
وتشتمل الأنظمة الأساسية عموما على المقتضيات التالية:
الأهداف
العضوية في الجمعية
موارد الجمعية
التسمية
المدة
مقر الجمعية
هياكل التسيير و الإدارة
الإشارة إلى القانون الداخلي
الجموعات العامة
حل الجمعية
 
( 2) القانون الداخلي
 
إن إعداد القانون الداخلي ليس إجباريا في حدّ ذاته ،غير أن فوائده العملية العديدة تحتم اللجوء إليه لضبط علاقات الأعضاء مع الجمعية وعلاقاتهم فيما بينهم فضلا عن توضيح وتكملة المقتضيات الواردة في الأنظمة الأساسية،لاسيما في مجال التسيير .
فالقانون الداخلي يوضح أمورا دقيقة و مهمة في التسيير لا يمكن التطرق إليها في القانون الأساسي.
اضافة الى انه يتميز بالمرونة مقارنة مع القانون الأساسي بحيث يمكن تغيير بنوده أو إضافة بنود جديدة كلما دعت الضرورة دون عقد جمع عام استثنائي أو القيام بإجراءات التصريح القانوني بالتعديلات.
لذلك من الأفضل عدم الدخول في التفاصيل عند وضع القانون الأساسي و التركيز عليها بشكل دقيق في القانون الداخلي.
ويقوم بإعداد مشروع القانون الداخلي الأعضاء المؤسسون أو المجلس الإداري وتصادق عليه الجمعية العامة العادية .
وبمجرد الموافقة عليه يلزم القانون الداخلي جميع أعضاء الجمعية كما هو الشأن بالنسبة للأنظمة الأساسية.
هذا ولكي يلعب القانون الداخلي دوره كاملا ،من المستحسن إعداده بعد مرور فترة محددة على تسيير الجمعية لتمكين الأعضاء من إعداد بنوده اعتمادا على التجربة المعاشة في ميدان التسيير، وتفادي عدم دقة ووضوح بعض المقتضيات الواردة في الأنظمة الأساسية .
وأخيرا من المستحسن ارتقاب مقتضيات قابلة للتعديل باستمرار كما هو الشأن بالنسبة لمبلغ واجب الاشتراكات السنوية .