زاوية نظر

بقلم
جيلاني العبدلّي
التّحالفُ الديمقراطيُّ: خيارٌ ثالثٌ لأفق واعد

 انعقدتْ بنزل أفريكا بالعاصمة تونس يوم 8 نوفمبر 2012 ندوة صحفية للإعلان عن ميلاد حزب التحالف الديمقراطي، الذي تشكّل أساسا من حزب الإصلاح والتنمية والتيار الإصلاحي للحزب الديمقراطي التقدمي، وبعض الشخصيات المستقلة من المجتمع المدني والسياسي.

ولئن عرف هذا الحدث إقبالا كبيرا، وتغطية إعلامية واسعة، فإنّ ذلك قد عبّر وفق كثير من الملاحظين، عن حاجة الساحة السياسية في تونس إلى أفق سياسي جديد، يتجاوز حالة الوهن والركود والاحتقان والاستقطاب، التي خيّمت على المشهد السياسي الراهن، والتي قد بدتْ تجلياتُها في:
1- تشكُّل أحزاب سياسية وقيامُ تحالفات انتخابية على أسس ايديولوجية وضوابط عقائدية، تغذّي بين التونسيين روح التنافي والإقصاء والتكفير والعداء.
2- سقوط الخطاب السياسي لدى عموم الأحزاب التونسية في الشحن والتخوين وتغذية الاحتقان والتشنج وإثارة الحميّات المذهبية والقومية والجهوية. 
3- شيوع مظاهر العنف اللفظي والمادي والمعنوي، وتنامي التهديدات المباشرة والمبطّنة، تجاه العديد من رموز المجتمع المدني والسياسي ومن الشخصيات الاعتبارية.
4- عجز الائتلاف الحاكم عن تنفيذ وعوده الانتخابية وتحقيق إصلاحاته الاقتصادية التي رفعها في انتخابات 23 أكتوبر الفارطة، وانتشار شعور الإحباط والسخط بين المواطنين، وتذبذب مواقفهم واتجاهاتهم إزاء وضع الانسداد السياسي والركود الاقتصادي والتدهور الاجتماعي.
5- فقدان المعارضة للقدرة على اقتراح الحلول البديلة والإصلاحات المُجدية، وانخراطها الكامل في تهجين التحالف الحاكم وزعزعة ثقة المواطنين به.
خيارٌ ثالثٌ لأفق واعد
في خضمّ هذه الأوضاع السياسية والاجتماعية المتردية، وفي ظلّ تراجع ثقة عموم التونسيين بالأحزاب السياسية القائمة وبخطاباتها الخشبية ووعودها المعسولة، يُولدُ حزبُ التحالف الديمقراطي كتلبية لحاجة سياسية مُلحّة، وكخيار سياسيّ ثالث يكسر الاصطفاف الايديولوجي والاحتراب العقائدي والتنافي السياسي، وتقوّض أسس التكفير والتخوين والإلغاء والاستعداء والتهميش والتفقير، وينتصر لأهداف الثوّار والشهداء والفقراء والمعطلين، في التنمية والحرية والكرامة والعدالة والمساواة والأمن، ويؤسّس لسياسة واقعية، لا حالمة، ولا مخادعة، ولا كاذبة.
ومن أبرز العوامل التي ستساعد على تجسيد هذه الرؤية، وتحويل هذا الخيار إلى خيار جماهيري حائز على ثقة المواطنين وعضدهم ودعمهم نذكر:
أنّ التحالف الديمقراطي يضمّ في صفوفه عشرات النخب السياسية، التي تتمتّع بالكفاءة والصدق والنضالية والرصانة والفاعلية والواقعية.
 وأنّ عشرات العناصر القيادية والقاعدية في صلب التحالف الديمقراطي، تتميّز بكثير من التناسق فكرا وأداء، بحكم تجربتها المشتركة سابقا في صلب الحزب الديمقراطي التقدمي. 
وأنّ التحالف الديمقراطي، يخلو من المشيخية السياسية، التي غالبا ما ترهن المؤسسة الحزبية لحساباتها الجهوية أو العشائرية أو العقائدية أو الانتخابية.
هذه المعطياتُ مجتمعة، أعني بذلك تردّي الأوضاع السياسية والاجتماعية من جهة، وطبيعة التحالف الديمقراطي قيادة وخطابا وممارسة من جهة أخرى، ستفتح أفقا واعدا لكثير من التونسيين من خارج التنظيمات الجاهزة والأحزاب المغلقة، وستغذّي خيارا ثالثا لعمل سياسيّ واقعيّ رصين، يقطع مع الاستقطاب الايديولوجي والتكفير العقائدي والتنافي السياسي.
 وهذا بدون شكّ، سيضع حزب التحالف الديمقراطي أمام مسؤولية جسيمة وتحديّات كبرى، تعكس انتظارات عموم التونسيين في حياة سياسية واجتماعية أفضل.
فهل يكون التحالف الديمقراطي عند التوقعات وفي مستوى التحدّيات، فيستجيب لانتظارات المواطنين، ويكسب ثقتهم، ويفوز بمساندتهم؟؟