كلمات

بقلم
عبدالنّبي العوني
لحظات شقاء

 ظننت مذ تخلى عني الأسى، ذات مساء.

عندما ظهر الفجر في حبيبات الهواء.
 في ساحات الوطن الجميل المضمّخ بالدماء. 
وعندما سرق الطاغوت منا أحلى أمنيات العطاء و امتطى.
صهوة طائرته يلف بها أفاق... 
ليخادعنا و يرجع إلينا و كأنه اغتسل بالتراب من غير ماء.
لكنه هوى ،على الأرض المقدسة في خيلاء.
و الناموس أبى، أن يعود إلينا  نحن الأبرياء.
ظننت أني تخلصت نهائيا من ذكريات الشقاء. 
و أن الهمة آتية من غير إبطاء
و أن الوطن فتح لي ذراعيه و لأبنائه الأوفياء،
وأن الساحات أشرعت لكل الطاقات من غير تلوين
و لا تصنيف حسب الانتماء.
و في لحظات الانتشاء،  حسبت نفسي من أساطين الهواء
تكافح من اجل خبز و ماء و حرية لكل مطرود من جنان الببغاء،
و من اجل مزارع و قمح و ثمر و زيتون الوفاء. 
و أن الأفق تمدد لي أنا، مع كل الأصدقاء،
من كل مشاربنا، كلنا سواء. 
وأن أحلامنا اتسعت و لم تعد لها الذاكرة وعاء.
 و اختلطت أمنياتنا مع رائحة الغاز المسيل في شوارعنا كل مساء. 
 و فتحنا نوافذنا كل يوم لنستنشق ملء الرئتين شيئا من هواء،
خوفا أن نستيقظ يوما و نجد الفجر قد تأخر عنا لوقت الضحى.
لكن، لحظات من ذكريات شقاء،
أصبحت تأتيني كل ما أنصت لنشرات الإنباء،
من جنوب و شمال أرضنا الخضراء. 
و أحسست بشيء غامض،
يسكنني،
بدا ينمو داخلي،
ويستولي من روحي على بعض الفضاء.
و بدا الحلم يتقلص،
لأن سرقات الأوطان،
تبتدئ ...
عندما نترك...  ساحات الفضاء.